إن الدين عند الله الإسلام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
ثمة آيتان، أثر تفسيرهما أو تأويلهما بشكل خاطئ، أيما تأثير على سلوك المسلمين، خصوصا في النظر إلى الآخر و بناء العلاقات معه، و بدل أن يكون التفسير أو التأويل عاملا لتوسيع أفق الفكر والتواصل الإنساني لدى المسلمين، دفع الإصرار على تبني المفاهيم المنغلقة والمتعصبة إلى الحروب والعداوات والكراهية و الصراع بين الثقافات والحضارات.
الآية الأولى هي الآية 19 من سورة آل عمران، حيث يقول الله تعالى " إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ "، أما الآية الثانية فهي الآية 64 من السورة نفسها، أي آل عمران، والتي تحمل معنا مشابها، ويقول فيها المولى عز وجل": وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ".
و رأيي أن كلمة "الإسلام" الواردة في الآيتين السابقتين، لا تعني الإسلام بالمعنى الضيق، أي الدين الجديد َ الذيَ أتى به الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، إنما تعني التوحيد، فكلمة الإسلام تتطابق هنا تماما مع كلمة التوحيد، وثمة أدلة على مصداقية هذَا التفسير من القرءان الكريم نفسه، حيث يستغنى عن أي جهد في تبين المقصود من قول الله جل وعلا الذَي لا يمكن أن يظلم عباده ممن لم تبلغهم الرسالة المحمدية لاختلاف في الزمان أو ابتعاد في المكان أو عجمة في اللغة، وهو القائل " وما ربك بظلام للعبيد" (سورة فصلت، الآية 46)، وبالتالي فإن المطلوب من العبد هو توحيده للخالق، أي إقراره لله بالخلق والوحدانية، فمن آمن بوجود الله فهو مؤمن، ومن لم يؤمن فهو خاسر ومرده إلى الله هو من يتولاه وفقا لحكمته.
و قد جاء عند كثير من علماء الإسلام، أن القرءان يفسر بعضه بعضا، وأن خير تآويل القرءان ما أتت من القرءان نفسه، و قد ثبت تطابق كلمتي الإسلام والتوحيد، والمسلم والموحد، والمسلمين والموحدين في عديد الآيات القرءانية، مما يعني أن الإيمان بالله الواحد الأحد لا يمكن إقصاره على أتباع الديانة المحمدية فقط، بل يشترك معهم في هذَه الصفة كل من أسلم وجهه لله، أي آمن به و سلم بأمره في الخلق.
يقول الله تعالى في الآية 112 من سورة البقرة " بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ"، كما يقول في الآية 125 من سورة النساء " وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا"، و لا شك في أن العبارة القرءانية "أسلم وجهه لله" المتكررة لا يمكن أن تحيل إلا على معنى التوحيد السالف وتؤكده.
و معروف أن الرسالة التي جاء بها محمد صلى الله عليه وسلم، هي تعهد قيمة التوحيد التي جرى الانحراف عنها، و تجديد الحنيفية الإبراهيمية التي سبقت إلى دعوة البشرية إلى توحيد الله المتعالي المفارق الإله الخالق الواحد الأحد، ومن هنا قوله تعالى " مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِين (الآية 67 من سورة آل عمران)، ومن الإجحاف في رأيي أن يقال اعتمادا على هذِه الآية أن إبراهيم كان مؤمنا برسالة محمد صلى الله عليه وسلم بالمعنى الحرفي، وهي التي أتت لاحقة على رسالته، إنما الرأي أن إبراهيم كان مسلما بمعنى أنه كان موحدا، وأن إيمانه بالرسالة المحمدية هو إيمان الالتقاء في جوهر التوحيد.
و تزكي هذِا الفهم آيتان أخريان هما الآية 84 من سورة آل عمران يقول فيها الله تعالى "قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْـزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنْـزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ"، والآية 128 من سورة البقرة " رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ".
لقد لفتت انتباهي مرة إشارة عميقة أرسلها مرة أحد عقلاء طائفة الدروز، التي يفضل أهلها تسميتها بطائفة " المسلمين الموحدين"، في رد على سبب إغلاق دعوتهم و القعود عن التبشير بها، أن على كل عاقل أن يبحث عن التوحيد في عقيدته، وسيجده فيها، فالمهم عند الله يوم لقياه هو توحيدك إياه، و لا يخلو جوهر دين من التوحيد لأنه أصل ثابت فيه، وما دون ذِلك زيغ وانحراف.
و يقوي هذِا الاعتقاد أيضا قوله صلى الله عليه وسلم " ما من مولود يولد على الفطرة إلا وأبواه يمجسانه أو يهودانه أو ينصرانه"، فقد طابق الحديث أيضا بين الفطرة والإسلام، و قياسا بين التوحيد والإسلام، فالفطرة التي يولد عليها الإنسان هي الإيمان بالله، و خلافها، أي الكفر، فهو نتاج موقف فكري عقلي.
و إن من أخطر الانحرافات في العقيدة أن نضيق ما وسع الله، وأن نحول الدين الذِي هو وسيلة إلى غاية تعبد من دون الله، و أن نقصر التوحيد على طريق واحد، بينما أنعم الله على خلقه بطرق إليه متعددة بقد عددهم، لا تعد و لا تحصى، وأن نجعل من الطريق المحمدي أسلاكا كهربائية شائكة بدل أن تكون ملجأ و مستجارا لكل لاجئ حيران من الإنسانية قاطبة، فالإسلام ملك للبشر كلهم، باعتباره ضوءا من رب العالمين الأجمعين و لن يكون حكرا على المسلمين.
التعليقات
polish
mayfeed -Polish as you like.
...
الاســ بقلم ــــتاذ -مخالف لشروط النشر
انت حر لك فقط
ابو ماجد -ان عنوان مقالتك هو لك انت ان كنت مقتنعا به فلا احد يجبرك على تغييره ولكن لا يحق لك او لغيرك ان تصدر لهم او تجبرهم على الاعتقاد الذي تعتقده انت وهذا مهم جدا لان الكثير من المشاكل ضد غير المسلمين تحدث بسبب ما تعتقده هو الصح
اشكرك يا اخى
مسيحى -اشكرك يا اخى العزيز على هذا الفكر المستنير وهذا هذا التفسير الانسانى الروحى العميق الذى يجذب كل انسان بدون تفسير ضيق لمعانى الايات التى ياخذها المتعصبون ذريعة لتعصبهم ولو تم التفسير الصحيح لكل الكتب فى جميع الاديان لما وجدنا التعصب والمشاكل ولصار جميع الناس اخوة
محاولة أخرى
الاســ بقلم ــــتاذ -عندما تجد في يدك صلصال، تبدأ في تشكيله كما يحلوا لك، واحنا بقى وحظنا، لو حظنا حلو: لكم دينكم ولي ديني، ولو حظنا فقري: قاتلوهم حيثما وجدتموهم.....
صحيح جدا
Farid -و فق الكاتب في تحليله و ان الدين الذي نزل على الرسول محمد (ص) لم يشار الية على انة بالتحديد الدين الاسلامي و انما اشار القرآن الكريم الى ان كل الرسل قد اتوا بالاسلام اي التسليم الى الله عز وجل
لا تعليق
عربي -قبل ان تكتب عن الإسلام وتدعي مخافة الله هل انت كذلك ايها الكاتب؟ قبل ان تكتب عن الدين اتمنى ان تفهم ما هو الإسلام ....
مغالطات
سالم -القران كتب للعرب وليس للعجم ويقول انه قران عربي لااعجمي يعني ان الناس في فترة النبي محمد هم اهله وقبائله التي تتكلم العربية وتفهم معناها تماما وتطبق حرفيا ماورد وكل الحوادث ا التاريخية وحتى الغزوات الاسلامية التي سببها العنائم والسبايا من الجواري وليس سببها الايمان كلها مع تفاسير الاولين تثبت ان الدين عند اله الاسلام هو الاسلام فقط وعليه يجب ابادة من لايؤمن بالاسلام وهذا مافهمه العرب اثناء دعوة الرسول وحتى بعد وقاته وطبقوه والدليل الحروب التي قاموا بها لنشر الاسلام بالسيف وقتل من لم يؤمن بالاسلام وكلامك ياحضرة الكاتب ماهو الا ذر الرماد في العيون وهو ما يسمى التورية والتقية لانك تعيش بين الكفار وتطبق الاية ثمانية وعشرون من سورة العمران لان الاسلام في حالة حرب دائمة الى ن يصبح الارض وعليها مسلمين وبالتالي ينتقل مثلث الفقر والتخلف والجهل لكافة المعمورة بسبب هذه الدعوة العالمية التي شعوبها كلها الا ماندر تشترك بهذه القواسم والتي بسببها هاجرت انت من بلدك تونس الى بلاد الكفار يا حضرة الكاتب
فسر الماء بالماء
سام -مهما حاول الكاتب تفسير كلمة (الاسلام) فكل التفاسير والتاويل ومعانيها هي احتكارا مطلقا للمسلمين ولا لاحد غيرهم من البشر
فسر الماء بالماء
سام -مهما حاول الكاتب تفسير كلمة (الاسلام) فكل التفاسير والتاويل ومعانيها هي احتكارا مطلقا للمسلمين ولا لاحد غيرهم من البشر
كلام جميل
منهصير -انت رائع يا استاد خالد
صحيح
Adam -كلامك من جهتي لاغبار عليه و سبحانه و تعالى زكر لنا بكتابه الحكيم باول صورة *الفاتحة*. الحمد لله رب العالمين. أي ليس رب فئة معينة من خلقه و اليه التدبير. مناقشة سمعتها دارت بين رجل مسلم و اخر مسلم متدين وبخ الاول لجلوسه بالمقهى لشرب بعض القهوة بعد نهار طويل بالعمل.... علما بأن المتدين لا يعمل ليتفرغ بالتزمت على غيره و القاء الوعظ.
إيلاف ورقم 8
واحد من الناس -لا أعلم الحقيقه لماذا تنشر إيلاف شروط للنشر طالما أن رقم 8 .. يتمادى في جهله وتعصبه المقيت ضد الأسلام .. ولا توقف تعليقه ولا تقوم بأي ردة فعل ضد التعليقات السخيفه المتنائره في الموقع هنا وهناك ..!؟ لسالم أقول الزم الصمت ، وأقول لموقع إيلاف طبقوا ما تقوله .. وأقول لله سبحانه اللهم رد كيد المكيدين .. أنشر يا إيلاف يا من تقولون حرية التعبير