أصداء

الصياد التركي يتحول الى طريدة!

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك


لنتابع الوقائع الاخيرة بشكل منطقي وهادئ: عند انطلاقة الثورة السورية قبل عام ونصف كان الجميع وفي مقدمتهم المعارضة السورية يعتقدون جازمين بان تركيا هي القوة الوحيدة القادرة على اسقاط النظام السوري. لاحقا تبين ان كل الاستراتيجية التركية لم تكن تتعدى التهديدات الكلامية ظنا منها ان التاريخ سيتكرر باستسلام النظام كما حدث في عام 1999عندما تخلى الاسد الاب عن كل وعوده لحزب العمال الكردستاني وزعيمه السيد عبدالله اوجالان.

في الاشهر التسعة الاخيرة بدأت الحقيقة تظهر بان الوضع التركي ضعيف وان سوريا هي التي تتحرش بتركيا وتريد جرها الى الميدان بعدما تأكدت من حقيقة الوضع التركي المهزوز ولعدة عوامل منها:

اولا: القضية الكردية في تركيا والحرب الدائرة مع حزب العمال الكردستاني منذ ثلاثين عاما.
ثانيا: وقوع تركيا بين الكماشة الطائفية السورية الايرانية.
ثالثا: الاقتصاد التركي القوي القائم على اساس الاقتصاد الحر والرأسمال الخارجي. مثل هذا الاقتصاد قابل للانهيار خلال ايام عند الازمات، واليونان واسبانيا وغيرها امثلة لاتحتاج الى المزيد من الايضاح.

سوريا اسقطت الطائرة بشكل متعمد وأكدت في الوقت نفسه ان هذا سيكون مصير اية طائرة اخرى تسلك نفس الطريق وبكل تحدي.

اسقاط الطائرة اصابت الحكومة والشعب التركي بالذهول. قال بعض المحللين السياسيين ان الحكومة التركية اصابها الغرور في السنوات الاخيرة وصارت تعتقد وتتصرف كانها دولة عظمى بدءأ من الوساطة بين سوريا واسرائيل ومن ثم التصغير من حجم الدولة العبرية سواء عبر الهجوم الذي شنه السيد طيب اردوغان على الرئيس الاسرائيلي السيد شمعون بيريز في دافوس، وبعدها محاولة ارسال سفينة مرمرة الى غزة ومن ثم لعب دور الوساطة في ازمة الطاقة النووية الايرانية. كل تلك الادوار انتهت بالفشل الذريع، واقساها كان مقتل الاتراك على يد الجيش الاسرائيلي في المياه الدولية في المتوسط وليس في المياه الاقليمية الاسرائيلية في حادثة سفينة مرمرة الشهيرة.

في بداية الانتفاضة السورية ايضا شمرت تركيا الذراع للعب دور الدولة الكبرى ولكن باسترتيجية التهديد والوعيد ضد النظام السوري، ووصلت الامور بتركيا الآن الى الاستغاثة بحلف الناتو حسب البند الرابع والخامس وذلك بعد تخبط وبلبلة هزتا انقرة على مدى يومين كاملين من اجتماعات متواصلة. النتيجة جاءت بعد اجتماع الحكومة لمدة سبعة ساعات متواصلة، وانتهى بان تركيا سوف تتصرف بعقلانية ومن خلال القوانين الدولية وان الرد العسكري او الحرب مرفوضان تماما، وجاء ذلك على لسان السيد بولند آرنج نائب رئيس الحكومة.

الكثيرون ولاسيما المعارضون السوريون كانوا يوزعون الاماني والاحلام الوردية بقرب تدخل حلف الناتو وذلك بتفعيل المادة الرابعة والخامسة للحلف، والتي تنص على ان اي اعتداء على اية دولة من اعضائها يُعتبر اعتداء على كل الدول. عدد اعضاء دول الحلف هو 28 دولة. هذا الحلف التاريخي العريق وتجاربه منذ ايام الحرب الباردة تقول انه لا يمكن ان يُقدم على خطوات ارتجالية بسبب تهور احد اعضائه. هذا ظهر واضحا بعد الاجتماع الاخير بلحلف والذي انتهى بكلام يطيب الخواطر والعواطف التركية.
لماذا تصرف الحلف بهذه الطريقة ولم يلمح الى اي اجراءات عسكرية رادعة؟.

في الاجتماع تم التحقيق مع تركيا بانها هي المسؤولة عن تصرفاتها بناء على:
اولا: ان تركيا تعلن وبصريح العبارة عن دعمها لاسقاط النظام السوري.
ثانيا: تركيا فتحت حدودها امام الجيش الحر وقدمت له كل الدعم اللوجستي الممكن.
ثالثا: تركيا لعبت الدور الاساسي في تشكيل المجلس الوطني السوري ووو.....الخ.

الحلف اثار انتباه تركيا موضحا بان كل ماورد اعلاه انما هو اعلان حرب على سورية، وفي الحروب ستكون هناك معارك بما فيها اسقاط الطائرات.

بالمختصر اراد الحلف ان يبين لتركيا انها تتحمل مسؤولية تصرفاتها ومواقفها وان الحلف ليس على استعداد لفتح معارك مع روسيا والصين والعودة الى ايام الحرب الباردة والتي تتمناها الدولتان للانتهاء من هيمنة القطب الواحد اي امريكا.

تركيا في ازمة حقيقية والسيد اردوغان سوف يتعرض الى حملة شعواء من قبل خصومه بعد ان تهدأ العاصفة وزوال الهيجان العاطفي هذه الايام. وكل فرد في تركيا يشعر بهدر عميق في كرامته بسبب الضربات التي تتلقاها تركيا من النظام السوري، والتي لم تعد محصورة فقط في اسقاط الطائرة، بل سبقها الاستهتار السوري باتفاقية اضنة، والتي تمنع القوات العسكرية السورية من الاقتراب خمسة كيلومترات من الحدود، ولكن هاهي تجول وتصول وتقتل السوريين حتى في داخل الاراضي التركية.

لماذا هذا الوضع التركي المهلهل؟.

السبب هو القضية الكردية. ادعائي هذا ليس سببه هو انتمائي الى القومية الكردية. اذ ان كل واحد من ثلاثة من سكان تركيا ينتمي الى القومية الكردية. الدولة التركية حاربت الكرد لمدة قرن وانكرت حتى مجرد وجودهم، وقالت لهم: انتم اتراك غصبا عنكم. حاربت الكرد في لغتهم وفرضت عليهم الفقر والتخلف وووو...الخ. هل يمكن للكرد ان يقفوا الى جانب من انكر وجودهم وحاربهم في هويتهم؟. هذا هو مصدر الهلع التركي.

الدولة التركية تعرف جيدا هذا الواقع وتعلم جيدا مدى الخطر الذي يهدد وجودها في حالة الدخول في حروب في المنطقة.

نحن نريد حل القضية في تركيا والحقد والانتقام لن يحل اية مشكلة. حل القضية سوف يفك الاصفاد التي جعلت تركيا اسيرة هذه القضية. بالعكس تماما نريد الاستفادة من التقدم الحاصل في تركيا مقارنة بجوارها المتخلف.
لهذا ايضا وقع الصياد، اي تركيا، في المصيدة التي وضعتها للنظام السوري.

لقد خسر الكرد والترك الكثير لمدة ما يقرب من قرن وحان الوقت لشطب هذه الصفحة السوداء وبناء الدولة المشتركة مع المساواة التامة في كل شيء.عندها فقط تصبح تركيا دولة كبرى، وتصبح قبلة الكرد في الجوار ايضا.

للمزيد حول الوضع التركي نشرت "ايلاف" حديثا لي في نيسان تحت عنوان: تركيا من دولة كبرى الى دولة مشلولة.



مختص بالشأن التركي
bengi.hajo48@gmail.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
رائع
سردار شيخاني -

مقال رائع كل دول التي فيها الامة الكردية لهم نفس مشكلة بسبب عنصريتهم وعقليتهم متحجرفة وعدم تفهمهم للواقع و بانهم لن يستطيعوا الى ابد طمس هوية امة بكاملها مهما لديهم من القوة لان الامة كردية امة اصيلة منذ فجر التاريخ وان جذورها قوية على ارضها وهي كوردستان وكما قال المؤرخ الروسي مينورسكي في كتابه(ان كثير من امم والقوميات والشعوب ابيدوا اواصبعوا اقلية ضئيلة بسبب الحروب والغزوات في شرق الاوسط والعالم ولكن الامة الكردية بقى على ارضها شامخا ومحافظا على هويتها حتى الان وعليه يجب ان نفتخر بأمتنا

كلام آبوجي ممل
لوران سليم -

مايتحفنا به السيد بنكي حاجو الذي يبدو أنه تحول بين ليلة وضحاها من (طبيب كردي سوري) إلى (مختص بالشأن التركي) هو نسخة طبق الأصل تقريبا عن (مرافعات) أبواق النظام السوري من أمثال الأخوين قنديل وفيصل عبدالساتر وغيرهم الذين يفعلون المستحيل من أجل إقناع ذواتهم قبل الآخرين بأن النظام الأسدي الطائفي المجرم المتداعي للسقوط يمكن ، بحكم معجزة ما ، أن يخرج من عنق الزجاجة التي وضع نفسه بها. القضية الكردية في تركيا بالطبع هي أم مشاكل هذا البلد ، والسياسة التركية ، بما فيها سياسة أردوغان وحزبه قومجية وعقيمة وغير مقبولة على الإطلاق ، ولكن من قال أن أوجلان وجماعته المتحالفة مع نظام الأسد الإجرامي يريدون حل القضية الكردية؟ وهل يستطيع السيد حاجو أن ينورنا بسياسة الحزب الأوجلاني عن حل القضية الكردية؟ هل الإدارة الذاتية الديمقراطية الهلامية مثلا هي الحل ياترى؟ وكيف يمكن لحزب ستاليني شمولي قائم على عبادة الفرد وذو نزعة كوسموبوليتية واضحة تعادي جهارا الحقوق القومية الكردية أن يتكلم بإسم الشعب الكردي ، ناهيك عن الديمقراطية التي هو منها براء براءة الذئب من دم أيوب. بالأمس هاجم مريدوا أوجلان أبناء الشعب الكردي ممن قاموا بالتظاهر السلمي ضد نظام حليف الآبوجيين بشار الأسد في شوارع عفرين وكوباني ، وأطلقوا النار فوق رؤوسهم لترهيبهم ، وأعتدوا بالإهانات والضرب عليهم ، وقاموا وهم ملثمون ، كما يفعل عادة قطاع الطرق ، بإختطاف العديد من شباب الحراك الثوري ، فهل أن إحقاق الحقوق القومية الكردية يتم عبر التحالف مع بشار ضد الشعب الكردي والثورة السورية ومنع الشعب من التظاهر السلمي؟ لقد سقطت عنكم ورقة التوت ياسيد بنكي ، فأنتم بندقية النظام المجرم المصوبة ضد الثورة السورية وأبناءها ، وأنتم مع الأسف الشديد رأس الحربة في مخطط مشبوه ضد الشعب الكردي يشرف عليه حلف غير مقدس يضم بالإضافة إليكم قطعان الفاشيين الأتراك من جماعة أرغنكون وباخجلي ، والمخابرات السورية البعثية ، وعصابات حزب الله المأجورة ، ومجرمي فيلق القدس والمالكي والصدر ، وكل قوى الإرهاب والإستبداد في العالم. أنتم مصيبة حقيقية حلت بالشعب الكردي لم تجلب له سوى الدمار والويلات ، ولكن العزاء هو أن هذا الشعب الصابر قد عرفكم تماما ، وهو لن يصفح عنكم بعد الآن تحت أي طائل ، بل أنه سيقوم يوما بمحاسبتكم في محاكم عادلة كمجرمي حرب جنبا إلى جنب مع بشار وزباني

المصيبة
shahriki kurdo -

مقال رائع ولكن قدر الشعب الكوردي هو الصراع المرير مع غباء ووباء جنون العظمى عند التورك وضعف الذكاء التوركي واعتمادهم على العضلات الهرمونية الهشة والخطاب المشحون ب العاطفة القومجية الفاشية بدلا من لغة العقل والحكمة في حل الصراعات يبقى العاق في ايجاد حل عادل للقضية الكوردية

اضافه
صادق -

يوجد في تركيا على الصعيد العرقي ما يقرب 66 قوميه يتراوح عددها بين الملايين وبضعة الاف من الاشخاص الا ان 21منها تعتبر اعراقا اساسيه مع غلبه واضحه للعرقين التركي والكردي والمسلمين يناهز عددهم 99%الا ان الخريطه المذهبيه في تركيا تتوزع بصوره رئيسيه على الطائفتين السبيه والعلويه وكلتا الطائفتين تحضر بهذه النسبه او تلك لدى معظم الاعراق التركيه واذا كانت التقديرات تشير الى ان اكثر من ثلث السكان هم من العلويون فان الطائفه السنيه تمثل الاغلبيه او هكذا . يتوزع العلويون اساسا على ثلاث اعراق العرب والاكراد ثم الاتراك حيث الاكثريه يطلق على العلويين العرب اسم النصيريه [نسبة الى ابي شعيب محمد بن نصير النميري من علماء القرن الثالث الهجري ] لغتهم الام العربيه ثم التركيه اما العلويين الاكراد فيقدرون بحوالي 35%من مجموع الاكراد ويتواجدون في محافظات بينغول وتونجلي ,ارزنجان ,سيواس ,يوزغات, ايلازيغ ,ملاطيا, قهرمان, ماراش, قيصري وتشوروم . يتواجد العلويين الاتراك في منطقة الاناضول الداخلي وفي غربه مع تواجد قليل على البحر الاسود كما يوجد علويون تركمان في مناطق قارص سيواس يوزغات طوقات اوردو تشوروم باليق اسير مانيا ازمير ومغلا غالبية التقديرات تشير الى ان عددهم يناهز 35 الى 40مليون هم يسمون انفسهم بالعلويين وتسمية السنه [ الرؤوس الحمر ] والعلويين يطلقون على السنه احيانا [ الروؤس السود ] وانا اقول الرؤوس حمراء كانت او سوداء فالقلوب انشاء الله بيضاء ومتوحده تحت خيمة الاسلام

إلى الأخ لوران سليم
عادل -

أريد أن أتوجه بالتحية والتقدير للأخ لوران سليم على وطنيته الصادقة وموقفه النبيل تجاه الثورة السورية والنابع من كونه أولا وقبل كل شيء مواطن سوري أصيل يدرك، على خلاف بعض الإخوة الأكراد، أن مشكلة الشعب السوري الآن ليست مع تركيا بل هي مع نظام خائن مجرم فاسد إستباح سوريا بجميع طوائفها عرباً وأكراداً، مسلمين ومسيحيين، ويدرك أيضاً أن الوقت الآن ليس لتصفية حسابات جانبية، أو الإصطياد في الماء العكر بينما شعبنا يدك بالدبابات والطائرات وبشتى صنوف الأسلحة على يد العصابة الأسدية الغاشمة. موقف السيد لوران سليم يعبر أصدق تعبير عن عمق الرابطة بين أبناء الشعب الواحد ويعزز من تلاحم السوريين أمام تلك العصابة المارقة.