فضاء الرأي

عليكم برأس الحية (كامب ديفيد).. يا قادة مصر!!..

-
قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

بعد أن تطهرت مصر أو في طريقها الى التطهير الكامل من رواسب تلك الكوارث التي كانت سبباً مباشراً في تمزيق العرب، أكثر مما كانوا ممزقين، وتحديداً بعد اتفاقية كامب ديفيد، لابد لنا من وقفة مصارحة مع القيادة المصرية الجديدة التي أفرزتها ثورة الشعب المصري على ما كان سائداً قبل تلك الثورة المباركة.

إذ لابد لهم من إعادة الحيوية لوحدة المصير العربي، مع الادراك بإختلافات طبيعة التركيبات المجتمعية، أو مستوى التنمية الاقتصادية، أو حتى اختلافات الأنظمة. فكل هذا يبقى خاضعاً لمستلزمات المصير العربي الواحد.فموقف دول الخليج العربي الرجولي - كما وصفه الرئيس المصري المؤقت في الرياض منذ أيام - وغيره من مواقف الدول العربية الأخرى المناصرة للثورة المصرية الجديدة، يحتّم إعادة هيكلة العلاقات العربية العربية مهما كانت شدة العقبات التي كانت تحول دون ذلك.لقد أثبتت التجارب أن أعداء التقارب العربي يدركون أهمية اتفاق العرب إذا ما تم تحت أي مظلة، سياسية كانت أم اقتصادية، وسيكون له من الآثار الايجابية التي تشد من عزيمتهم وتقوي من مواقفهم السياسية أمام العالم - وعام 1973 ليس ببعيد عن ذاكرة العالم - وهو ما يقوض أهداف الذين يتربصون بهم من أعدائهم، فأمن العرب مرتبط ارتباطاً وثيقاً بإتفاقهم حول الكثير من القواسم المشتركة التي تجمع فيما بينهم.لذلك فإنه يجب على قادة مصر الجدد تعميم الشعور بالارتباط القومي بيننا شعوباً ودولاً على الساحة العربية ككل، حتى لا يُتاح المجال للاستفراد بإتخاذ القرار كما فعل أنور السادات!!.. أو ما تفعله سلطة التخاذل الفلسطينية التي تقف على بوابات الاسرائيلين والأمريكان وغيرهم، لتستجدي منهم وعوداً، وهم يدركون ألا فائدة مما يفعلون!!.. بعد أن أثبتت التجارب أن الوعود كلها كاذبة!!..ومن هنا يأتي موقفنا من كامب ديفيد، فحين فقد العرب مصر عقب تلك الاتفاقية الكارثية لحقبة من التاريخ المعاصر!!.. مالت كفة الميزان في كل النواحي لصالح اسرائيل، والذي جرى تسويقه في العالم أن هذه الاتفاقية إنما هي مدخل للسلام ؟!.. أي سلام هذا واسرائيل قد كثَّفت من عدوانها، حتى بلغ أشده على العرب عقب كامب ديفيد ؟!..احصائية بسيطة لتنشيط الذاكرة لما حدث من اعتداءات :bull; حلَّق سرب من الطائرات الاسرائيلية فوق سماء بغداد لمسح المفاعل النووي في العراق من الوجود!!..bull; تم ضم الجولان بعد أن كانت موضع تفاوض بموجب قرارات الأمم المتحدة ومنها قرار 242!!..bull; ضم القدس، وهذا فيه مخالفة صارخة لكل قوانين الأمم المتحدة واتفاقيات جنيف!!..bull; ثم تم غزو بلد عربي برمته، يوم سقطت الجمهورية اللبنانية تحت قنابل الطيران الاسرائيلي ومدافع مدرعاته!!..وهناك الكثير من الجرائم التي يصعب احصائها تمت تحت غطاء كامب ديفيد!!.. وتحت سمع وبصر القيادة المصرية - آنذاك - والشعب المصري ينظر كالأم التي ترى أولادها يُصرعون دون أن تستطيع تحريك ساكن لنجدتهم!!..فالخلل الذي أوجدته اتفاقية كامب ديفيد لم يكن بسبب كونها اتفاقية فقط، حتى وإن قال البعض من محترفي العلاقات العامة المتأمركين : بأن الاتفاقية قد أدت الى استرجاع سيناء!!.. إلا أن القضية الرئيسية والمركزية في المجابهة مع العدو الصهيوني لم تكن يوماً سيناء، بل كانت قضية فلسطين، وبالتالي فقد تمكنت الاتفاقية أيضاً من أن تزيح القوة الأقوى من الوجود العربي في أن يكون لها رأي من القضية المركزية. فإتفاقية كامب ديفيد أصابت منا مقتلاً!!.. وعندما يتعاطى الفكر العربي مع هذا القضية، ينبثق عنها مسلسل من القضايا الفكرية، والعقائدية، والسياسية، التي تحتّم علينا مراجعة نقدية واستعداداً لمجابهة الذات، لأن ما أفرزته هذه القضية أيضاً هو ذهنية حوَّلت السيادة من عملية نسبية للدول، الى سيادة مطلقة أدت الى (طلاق) بين دولة عربية ومسؤولياتها القومية!!.. هذه الذهنية التي امتلكت التأثير لفترة، شكلت غطاءاً لكل التيارات الانكماشية والانفصالية، وبررت تعددية المصائر حتى كادت تصبح اسرائيل العدو الثالث للعرب بعد أن أصبحنا أعداء أنفسنا ثانياً، والتركيز حالياً على ايران بإعتبارها العدو الأول.من هنا يتبين لنا منطق السيادة المطلقة، وهو من أخطر المداخل الصهيونية في ذهننا، لأن الصهيونية ليست حركة مختصرة على استجلاب اليهود واستملاكهم لفلسطين، فالكيان الصهيوني صوَّر الفلسطينين من خلال إقامة المستوطنات لا كأعداء أو خصوم، بل حواجز بشرية أمام استمرار تحقيق ذاتهم ومصيرهم، وهذا ما يفسر السلوك الآني والمرحلي لسياسة اسرائيل في المنطقة، الذي أوصل بعض العرب - ممن ينادون بالأعتراف بالأمر الواقع - أن يتبجحوا بأن العدو للعرب هو ليس اسرائيل، وإنما هم الفرس المجوس، والصفويين، الى آخر هذه الاسطوانة التي برعت اسرائيل في ترسيخها في أذهان البعض.أعود الى كامب ديفيد وأتساءل : ما هو الموقف إزاء هذه الاتفاقية ؟!..bull; إن حتمية التاريخ تقتضي، أن تعيد القاهرة وهجها القومي - الخمسيني والستيني من القرن الماضي - وأن تدعو الى استئناف الحوار القومي، وعلى ما يبدو فإن زيارة الرئيس المؤقت الى المملكة العربية السعودية وغيرها قد فتح الباب نحو هذا الاتجاه، لأن أساس القضية هو القضية الفلسطينية، وهذه القضية إنما هي فلسطينية مرحلياً، وإن الفلسطينين كانوا أول الضحايا!!.. ولكن القضية المركزية هي قضية المجابهة العربية مع الكيان الصهيوني!!..القضية فلسطينية مرحلياً وعربية بشكل ثابت، لأننا إذا سلمنا بفلسطنة القضية، حولنا المسؤولية القومية الى مسؤولية تضامنية، إذا كان قد وقع بعض الفلسطينين في مصيدة القول بأنهم صاحبو القرار، فإن هذا لا يعني أن يكون القرار منسلخاً، بل إن الاستقلال في القرار الفلسطيني في المرحلة الراهنة هو لجعل القرار الفلسطيني بمنأىً عن التناقضات العربية وليس رديفاً لها أو بديلاً عن القرار العربي المطلوب.bull; فيا قيادة مصر المتحررة من كل رواسب التناقضات التي فرضت كامب ديفيد، وما تبعها من كل أشكال التطبيع، أعيدوا لمصر دورها أن تكون قوة لردع الاعتداءات التي مزقت أمتكم العربية وأوصلتها الى أحط مكانة بين دول العالم!!..ومصر الآن تجابه الكثير من المشاكل، وإذا كان هناك من يظن أن كامب ديفيد أو اسرائيل بمعزل عما يجري من أحداث ومواجهات في مصر، فإنهم يجانبون الصواب!!.. ولكن المحتم أن قيادة مصر الحالية مصممة على ترتيب البيت المصري، وتستعيد قدرتها على اتخاذ القرار السياسي الذي سيمثل كل طموحات الانسان العربي، وستتفرغ القاهرة لترتيب أمور الفلسطينين، بعيداً عن نكسات المفاوضات غير المجدية، بعد أن أدرك الانسان الفلسطيني قبل غيره أنها مفاوضات الضحك على الذقون، بدءاً من أوسلو وانتهاءاً بما يجري هذه الأيام!!..ولتتبنى القاهرة حواراً جديداً لعرب ما بعد التجارب المريرة لإثراء ونضج طبيعة ذلك الحوار، ولا أظن أن هناك مجالاً للعودة الى إفتراق وتشرذم كما كان يحدث في مسرحيات جامعة الدول العربية!!..نريد البيت العربي أن يستعيد مقومات العافية فيه الى مساحة ملتزمة، لتتحول القاهرة من ساحة تصفية حسابات كما أرادها الصهاينة وساندهم عليها المتخلفون في بلادنا، الى ساحة تصفية الصهينة التي توغلت خلال عقود ما بعد كامب ديفيد.. ووالله إنكم لقادرون على إقفال كل الثغرات التي تستنزف منا مصداقيتنا أمام العالم.bull; لقد أصبح ضرورياً أن نزيل من ذهن الغرب أن العروبة وهم!!.. وأن نزيل من أذهاننا أن العروبة حلم!!.. وأن نبدي حقيقة العروبة مجدداً آخذين بعين الاعتبار الأخطاء الكثيرة التي ارتكبها جيلنا، وأن تكون لدينا القدرة على محاسبة أنفسنا، وأن ندرك أن الحوارات المفتعلة هي جزء إضافي من عملية الاستنزاف لقدراتنا على التفكير الواضح، عندئذ نتعامل مع العالم ليس بالضرورة من موقع إتحاد يضمنا، أو وحدة تجمعنا، ولكن من موقع الهوية التي نحملها جميعاً (العروبة)، إضافة الى طموحات الأغلبية من شعوبنا ممن يتطلعون الى أن يروا أنفسهم في مصاف الدول التي تتمتع بالقوة وتفرض احترامها على العالم.bull; لا سياسة دولية إلا ما هو انعكاس للواقع، فإذا ما أدخلنا أنفسنا أو دخلنا بحوارات سفسطائية، هذا معتدل ضد ذاك المتطرف، هذا ثوري ضد رجعي، هذا تقليدي ضد عصري.. الخ.. جعلنا المواطن العربي ضائعاً وهو يمتلك الاستعداد للاعتدال والتطرف، ويؤمن بتراثه ولكن مع ضرورة الانفتاح على الغير، ويؤمن بضرورة التطور، لكنه مستعد للتمرد والثورة، وهذا ما ثبت بعد الربيع العربي في عدة مواقع من بلادنا.فإذاً : إن أهم التحديات التي ستواجهونها - يا قادة مصر - هي أن تدركوا أن وحدة المصير التي تمكننا من (لملمة) المرحلة لبناء المستقبل!!.. ولكن لن يتم لنا ذلك واتفاقية كامب ديفيد تُطل برأسها كغول يخيفنا عند أية محاولة نقوم بها لاسترداد كرامتنا التي أهدرتها هذه الاتفاقية.. ولست متفقاً مع من قال لي : أن كامب ديفيد وُجدت لتبقى!!..أما أنا فأُناشد أحد قادة ثورة مصر الجدد الدكتور نبيل فهمي - وزير الخارجية - : كان والدك المرحوم اسماعيل فهمي وزير خارجية مصر قد قدَّم استقالته اعتراضاً على كامب ديفيد!!.. وأنت الآن وزيراً لخارجية مصر، وبين يديك هذه الاتفاقية.. فماذا أنت فاعل ؟؟!.. ولا تنسى أن من شابه أباه فما ظلم!!..

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف