فضاء الرأي

"الداء" السعودي و"الدواء" الروسي

-
قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
قبل عام ونصف العام كتبت مقالا في صحيفة "الشرق" السعودية (العدد 131) عنوانه "واشنطن وموسكو تسعيان لإعادة ترتيب علاقاتهما وتجاوز الخلاف حول بشار الأسد" جاء فيه: "يوحي تباين مواقف روسيا والولايات المتحدة حول ما يجري في سوريا بأننا أمام تحولات ldquo;استراتيجيةrdquo; في منطقة الشرق الأوسط وليس مجرد عملية تغيير لنظام سياسي، فسوريا ليست مصر أو تونس أو ليبيا أو غيرها من الأنظمة التي أسقطها ما عُرِفَ بالربيع العربي، في المقابل فإن صراع القوى في هذه البقعة من العالم لا يشير بالضرورة إلي خلافات دولية مستحكمة بقدر ما يكشف عن إعادة ترتيب لتوازنات قادمة"."روسيا" هي لاعب محوري في القضايا العالمية وأهمها الأمن النووي، سواءً كان ذلك متمثلا في منع الانتشار النووي أو تعزيز سلامة وأمن المواد النووية. وفيما يخص إيران، سبق وأن وافقت روسيا علي عقوبات دولية ضد التكنولوجيات الخطرة ذات الاستخدام المزدوج، كما ألغت بيع صواريخ متطورة للدفاع الجوي لإيران. وإذا كان التهديد النووي الإيراني هو مبعث للقلق الدولي إلي جانب إسرائيل وبعض دول الخليج، فإنه لا يشكل - في الحقيقة - " خطرا وجوديا " علي الولايات المتحدة التي سبق وتعايشت مع النووي السوفييتي إبان الحرب الباردة، وهي تتعايش اليوم مع كل القوي النووية في العالم (شرقه وغربه)، وعلي العكس يشكل الطموح "النووي الإيراني" في المنطقة شعورا متزايدا للقلق عند الروس تحديدا، لإن هذا الطموح يتجاوز بحر قزوين والقوقاز ووسط آسيا، و "روسيا" الصاعدة بسرعة الضوء لا تريد - في النهاية - منافسا إقليميا لها في المنطقة.السياسات الخارجية الأمريكية في الشرق الأوسط (والأقصي) "تقلق" الجميع منذ عام 2011 وليس اليوم فقط، فقد عبرت السعودية (صراحة) عن عدم رضاها (ليس فقط لإلغاء ضرب سوريا أو التقارب الأمريكي مع إيران) وإنما منذ الإطاحة بالرئيس "مبارك" ومساعدة الإخوان المسلمين وأخيرا "الضغوط" الحالية التي تمارس علي الحكومة المصرية بعد "عزل" الرئيس مرسي. أما الرسالة الأخيرة التي بعث بها الأمير " ندر بن سلطان" رئيس الاستخبارات السعودية للأمريكان (عبر أوروبا) والتي تلوح (بتقليص) التعاون مع الولايات المتحدة، فهي تعزف علي شجن نفس اللحن حين رفضت المملكة إلقاء خطابها في الاجتماع السنوي للجمعية العامة للأمم المتحدة، و(انتهاء) بإستلام مقعدها كعضو غير دائم في مجلس الأمن الدولي.أمريكا تتعرض لأكبر انتكاسة " جيو - سياسية " في الشرق الأوسط من قبل الحلفاء التاريخيين، بسبب أخطاء سياساتها الخارجية وسوف تكشف الأيام القادمة انه بدون "السعودية" و"مصر" و"إسرائيل" لن يتحقق التوازن والاستقرار المنشود في هذه المنطقة، ذلك لأن (تعارض المصالح) يقوض أسس (العلاقات الخاصة) وإمكانية استمرارها في المستقبل بنفس القوة والزخم.أهمس في أذن المخلصين في السعودية (وليس الوهابيين أو المتأخونيين) علينا أن نطوي "صفحة الحرب الباردة" و(حرب أفغانستان)، وأن نبدأ (دون تردد) في إقامة علاقات مميزه مع "روسيا" مبنيه على "المصالح المشتركة" لأن أزمنة التحولات الاستراتيجية تحتاج "الحكمة" لا "الحمية" و"المرونة" لا "الجمود"، وكلما كان التحرك أسرع (وبرشاقة) كلما كان المردود الإيجابي في العلاقات الدولية أكبر. وسوف تكشف الأيام القادمة (بالوثائق) كيف سعت - وما تزال - "دويلة خليجية فضائية" إلي إقامة علاقات (استثنائية) مع روسيا - عبر بشار الأسد نفسه - (أي والله) وهي علي استعداد لإعادة العلاقات الدبلوماسية "فورا" مع نظام الأسد الذي (لم يرد حتي الآن)، من أجل هذا الهدف العاجل.روسيا في توازنات القوي القادمة في المنطقة والعالم لمن "يعرف" ليست "دولة عظمي" فقط، وإنما هي - في العمق - ومن الناحية العملية هي قناة مركزية (متجددة وواعدة) مفتوحة علي الصين وكوريا الشمالية وإيران والولايات المتحدة وأوروبا في نفس الوقت، فضلا عن خبرتها التاريخية الطويلة بشعاب ثلاث قارات آسيا وأوروبا وإفريقيا. dressamabdalla@yahoo.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف