تصدير الثورات الفاشلة ومستقبل الشرق الأوسط
قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
من مفكرة سفير عربي في اليابان
ليسمح القارئ العزيز في هذا المقال أن أعرض عدة مختطفات من الصحافة العربية التي لفتت نظري في شهر أكتوبر الماضي، والتي في تصوري تحتاج لحوار بناء. فقد تساعد منطقة الشرق الأوسط أن تخرج من إرهاصاتها، لتلحق بركب التطور الذي أخذ ينتشر من عالم الغرب المتقدم إلى عالم الشرق الصاعد. وقد كان واضحا ذلك في الأسبوع الماضي، حينما أطلقت الهند مركبة فضائية في رحلة للمريخ، والتي ستستغرق 300 يوما ولتقطع هذه الرحلة ملايين من الكيلومترات، بينما نرى بعض حكومات الشرق الأوسط منهمكة في تصدير ثوراتها المفلسة لجيرانها، بل توفير نواب برلماناتها المتطرفين صكوك غفران لمواطنيها لدخول الجنة، وهم يعانون من الفقر والبطالة والجهل، بدل اهتمام هذه الحكومات بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية، لرفع مستوى معيشة المواطنين وتطهير عقولهم من الخرافات الثيولوجية.فقد أبرزت الصحافة العربية تصريح للسيدة مرضية افخم، باسم وزارة الخارجية الايرانية، تفند فيه الاتهامات التي وجهاتها سلطات المنامة لعدد من المعتقلين البحرينيين بارتباطهم بإيران. كما أوضحت بان على السلطات البحرينية تلبية المطالب المشروعة للمواطنين، بدل تسويق مشاكلها على الاخرين، وجددت التأكيد بأن الحل هو حل بحريني-بحريني، مع نبذ التوجه الامني، وبناء الثقة، وتمهيد الارضية للحوار الجاد والبناء مع المواطنين. والسؤال للسيدة مرضية أفخم: لماذا يتدخل الحكم الإيراني في أمور مملكة البحرين إذا كان الحل بحريني بحريني؟ ألا يعني ذلك أيضا بأن الحلول العربية في العراق وسوريا ولبنان هي حلول عراقية-عراقية، وسورية-سورية، ولبنانية-لبنانية، فلماذا تمتد يد الحكم الإيراني على هذه الدول؟ ألا يكفي ما سببه حكم المجموعة اللاعقلانية المتطرفة في إيران بزعامة أحمدي نجاد من حروب، ودمار، وفقر، وبطالة، للشعب الإيراني؟ كما لفت نظري خبر نشرته صحيفة الاتحاد، يطالب فيه الرئيس الاصلاحي الأسبق محمد خاتمي، بإطلاق سراح زعيما المعارضة الاصلاحية الايرانية، مير حسين الموسوي والشيخ مهدي كروبي، معربا عن تعجبه واستغرابه إبقائهما رهن الاقامة الجبرية بمنزلهما في طهران، بعد تولي الرئيس الايراني الجديد، المعتدل نسبيا، حسن روحاني. فقد قال خاتمي في تصريح صحفي بعدما زار منزلي موسوي وكروبي والتقى بذويهما: "كانت هناك أخبار مؤكدة سابقة، بأنه سيتم إطلاق سراح زعماء المعارضة في عيد الأضحى، ولكن لا ندري لماذا تغيرت الأمور؟ ولماذا اتخذت السلطة القضائية قرارا بإلغاء فكرة اطلاق سراح زعماء المعارضة في اللحظات الأخيرة؟ ومن يقف وراء ذلك؟ وأضاف بأنه يأمل في ظل حكومة روحاني بأن تنظر وزارة الأمن في الأمر وتطلق سراح زعماء المعارضة.والغريب أن يرد في المقابل على ذلك مسئول إيراني متشدد، وهو السيد مجتبى ذو النور، مساعد ممثل المرشد الأعلى للجمهورية الإيرانية على خامنئي في الحرس الثوري الإيراني، بقوله: "إن قضية احتجاز موسوي وكروبي تخص مجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، ولا يحق لخاتمي المطالبة بإطلاق سراح زعماء المعارضة، لأن القضية لا ترتبط به، بل كان مفترضا أن يكون خاتمي مع هؤلاء السجناء، إلا أن سعة قلب النظام حالت دون ذلك." تصور عزيزي القارئ تنصح السيدة مرضية أفخم، الناطقة باسم وزارة الخارجية الايرانية، مملكة البحرين بتجنب الحل الأمني، بينما زعماء النظام الإيراني من قيادات سياسية، أو قيادات دينية، تقبع في سجون الإقامة الجبرية.وأما الخبر الثالث فهو مقال كتبه الاستاذ عبد الجبار العباسي بصحيفة ايلاف يصف فيه اسلوب مبتكر للحصول على الاصوات من مرشحة عراقية الى البرلمان العراقي تضمن الجنة لناخبيها. حيث كتبت مرشحة عراقية للبرلمان على صفحتها بالفايسبوك تقول: "اخيتك في الله، وصافيتك في الله، وصافحتك في الله، وعاهدت الله وملائكته وكتبه ورسله وانبياءه ... على أنني إن كنت من أهل الجنة والشفاعة، وأذن لي بأن أدخل الجنة، لن أدخلها إلا وأنت معي، ومن أخاني يكتب قبلت." تصور عزيزي القارئ كيف حولت ثوريات الحكم الإيراني في الشرق الأوسط الدين لتجارة انتخابات، يضمن فيها المواطنين دخول الجنة، بانتخاب من يعتقد بأنه سيشفع لهم بدخولها. والخبر الرابع كتبته السيدة الايرانية منصوره فرهان، في جريدة الشرق الاوسط، تقول فيه: كان موضوع الحجاب الاختياري من الامور الجدلية في ايران، حتى في زمن الشاه رضا بهلوي إذ منع الحجاب بالقوة، ولكن بعد اعوام من عهد ابنه الشاه محمد رضا بهلوي كان الحجاب في ايران طوعيا ... وبعد الثورة الاسلامية في عام 1979 جرى نقاش حول شروط الحجاب، وجعله اجباريا بصورة جدية في المجتمع ... وفي 8 نوفمبر عام 1978 عقب اية الله الخميني في جوابه على السؤال صحفي غربي حول: هل ستتمكن النساء من الاختيار بحرية بين الحجاب والملابس الغربية؟ فقال: "إن للنساء الحرية في اختيار نشاطهن، ومصيرهن، وكذلك ملابسهن، مع مراعاة المعايير." لذلك حملت أول مسيرة في مناسبة يوم المرأة في عام 1979 شعار رافض الحجاب الاجباري، وتظاهر الكثيرون وهم متجهون من جامعة طهران إلى المحكمة العامة، وهم يرفعون شعار: "لا نريد عباءة اجبارية." وقد تعرض هذا التجمع النسائي إلى هجوم من القوات المتطرفة الموالية للحكومة الايرانية التي رفعت شعار:" اما وشاح الرأس، أو ضربة على الرأس."وقد رد على تلك التصرفات الغير مسئولة من متطرفي النظام الإيراني، اية الله طالقاني بقوله: "الإسلام، والقران، والدين، يريدون المحافظة على شخصية المرأة. المهم هو أن الامر ليس اجباري ابدا. ليس بإجباري للمرأة المسلمة، فما بالك بالأقليات مثل الزرادشتية، واليهودية، والمسيحية، وغيرها." ... وقد فرضت المادة 102 من قانون عقوبات النظام الايراني في عام 1984 بأن يكون الحجاب الكامل اجباري على النساء، وأن خلع الحجاب أو لبس الحجاب بطريقة غير مناسبة جريمة، تستحق العقاب بالجلد. في الوقت الذي طالب الرئيس الإيراني السابق، هاشمي رفسنجاني في عام 2005، بحذف شعار "يسقط غير المحجبات." كما أكد بأن النساء من حقهم أن يخترن شكل ولون ملابسهن بحرية. كما صرحت ابنته فائزة رفسنجاني بقولها: "برأيي يجب أن يكون الحجاب في إيران، كما هو في باقي الدول الاسلامية الاخرى طوعيا ايضا لا إجباريا." ...وقد صرح الرئيس الإيراني الجديد، الدكتور حسن روحاني بقوله: "سأفعل أمرا يجعل البنات يشعرن بالأمان، فلن أدع شرطي مجهول الاسم والهوية يسأل أحدا عن شيء. بنات المجتمع هن يحافظن على حجابهن وعفافهن."تصور عزيزي القارئ كيف تتعطش شعوب الشرق الأوسط للحرية والحكومات البرغماتية، لتحقق لها التنمية الاجتماعية والاقتصادية، لتأتي مجموعات تدعي الثورية، وتنتهي بالانشغال في تصدير ثوراتها الى الخارج، وفي الوقت الذي تدمر الاقتصاد، وتحرم المواطنين، ليس فقط من الحرية والتنمية السياسية والاقتصادية والاجتماعية، بل حتى من حريتهم الشخصية، وكل ذلك كذبا وبقناع الدين. كما انه من المحزن أن نرى بعض الفئات اللاعقلانية المتطرفة في المنطقة تريد أن تستورد هذه التجارب المريضة، لتنقلب على الدستوريات الملكية، التي حققت لشعوبها التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ووفرت لها خدمات الرعاية الصحية والتعليمية المجانية، بالإضافة لنظم تقاعد وتعطل وإسكان متقدمة.لقد ضاع القرن العشرين في الشرق الأوسط بين مغامرات الغرب التوسعية، وبين نضال شعوبها في تقرير مصيرهم. ولم يتوقف خبث الاستعمار البريطاني عن زرع جسم غريب في قلب الشرق الأوسط، محاولا تخليص الغرب من تبعاته الاخلاقية، من تفرقة دينية غربية ضد اليهود، وحتى المحرقة النازية، التي قضت على ما يقارب ستة مليون يهودي. وما أن بدأت حركة التحرر في الشرق الأوسط إلا ليبدأ الاستعمار بالتلاعب بمصير شعوب المنطقة، بين خلق كيانات متناقضة لتوفير بيئة لخلافات مستقبلية، أو القضاء على حكومات وطنية. وقد أدى ذلك لخلق ظروف مناسبة لنمو أنظمة انقلابية عسكرية، ادعت جميعها بأنها ثورات نهضة عصرية، ولم ينتهي القرن العشرين، حتى تظهر هذه الانظمة على حقيقتها، انظمة دكتاتورية مغلفة بجلد خروف وديع، ولتنهار الواحدة تلو الاخرى، أو لتستمر دكتاتورية ثيولوجية، مجملة قبحها بقناع الدين. وخير مثل لهذه الزعامات الكاذبة الرئيس الإيراني السابق أحمدي نجاد، والذي أنهى ولايته بإفلاس دولة شرق أوسطية عظيمة التاريخ، بعد أن قتل، وشرد، وسجن، الكثير من أبناء الشعب الإيراني، لا بل حتى قياداته الدينية والسياسية. ولم تنتج حماقته وجهله ولاعقلانيته في محاولاته للحصول على القنبلة النووية إلا المعاناة والفقر للشعب الايراني، وتدهور تعليمه واقتصاده. ولنا لقاء. سفير مملكة البحرين في اليابانالتعليقات
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف