التطورات التكنولوجية ولياقة شباب المستقبل
قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
من مفكرة سفير عربي في اليابان
لقد أدت الثورة الصناعية في القرن الثامن عشر، باستخدام الالة، والاعتماد على الفحم الحجري لتوفير الطاقة، لتغير نمط حياة الإنسان المعاصر. فقد أدى ذلك لانخفاض استخدام الجهد العضلي، بينما زاد استخدام التفكير العقلي، وترافق بتحديات نفسية معقدة. كما بدأت تتغير أنماط حياة البشر مع التقدم التكنولوجي في القرن التاسع عشر، وما أن بدأ القرن العشرين حتى تجلت نتائج الدراسات العلمية والأبحاث التكنولوجية في اختراعات، حولتها الصناعة لأجهزة، وفرت للإنسان راحة إضافية في الحياة العملية وفي أعماله المنزلية. كما ترافقت الاختراعات التكنولوجية الجديدة بتطور الكومبيوتر والانترنت، ليبدأ الإنسان الاعتماد عليهما في الكثير من مسئوليات عمله، ولتصبح عملية التزلج على صفحات الانترنت طريقة متطورة لاصطياد المعلومة. كما تطورت تكنولوجيا المتعة البشرية بعد أن تقدمت تكنولوجية التلفزيون، وارتبطت بتكنولوجية الانترنت. وترافق كل ذلك بتطور التصوير الرقمي مما ادى لتطوير الصناعة السينمائية، وتوفر الافلام المجسمة دو الابعاد الثلاثة.وتطورت التكنولوجيات الزراعية لتحقق انتاج اليات جديدة، توفر منتجات غذائية بالزراعة وبدون تربة، لتخلق للإنسان ما لذ وطاب من الاطعمة الشهية. كما تطورت خدمات المطاعم، لتتحول وجبات تناول الطعام، إلى مناسبات اجتماعية، يجتمع فيها الاصدقاء للتمتع بأحاديث شيقة، أو لتلاقي رجال العمال لعقد صفقات تجارية. ولتؤدي كل هذه التطورات التكنولوجية لقلة الجهود العضلية بين البشر، وزيادة التفكير العقلي، وارتفاع نسب القلق النفسي، وتضاعف الساعات التي يقضيها الإنسان في الجلوس أمام شاشات الكومبيوتر والتلفزيون للعمل أو الترفيه.وقد لفتت هذه الظواهر الجديدة في حياة الانسان المعاصر نظر صحيفة اليابان تايمز لتنشر مقالا وفي صفحتها الأولي في 21 من شهر نوفمبر الجاري وبعنوان: الأطفال أقل لياقة بدنية من ذويهم، نتائج دراسة عولمية. فكتبت الصحيفة تقول: "في تحليل عولمي، يضم دراسة ملايين الأطفال من مختلف أنحاء العالم، تبين بأن أطفال اليوم لم يستطيعوا منافسة ابائهم، فسرعتهم في الركض أقل منهم حينما كانوا في سنهم. فيحتاج أطفال اليوم في المتوسط 90 ثانية أكثر من ما احتاجوه ابائهم قبل 30 سنة للركض مسافة ميل واحد أو 1.6 كيلومتر. كما انخفضت اللياقة القلبية عند أطفال العالم التي تتراوح أعمارهم بين 9 وحتى 17 سنة بنسبة 5% مع كل عقد مضى، ومنذ عام 1975."وقد أكد البروفيسور ستيفن دانيالس، استاذ طب الأطفال بجامعة كولورادو، والمتحدث باسم جمعية القلب الأمريكية، بأن الأبحاث التي نوقشت في مؤتمر جمعية القلب الأمريكية، بينت بأنه، وللمرة الأولي، يعرض بحث يبين انخفاض اللياقة البدنية بين أطفال العالم وفي كل مكان، خلال العقود الثلاثة الماضية. كما إكدت أبحاث منظمة الصحة العالمية بأن 80% من شباب العالم لا يمارسوا كمية كافية من الرياضة. لذلك ينصح خبراء الرعاية الصحية بأن يقوموا الأطفال، فوق السن السادسة، بتمارين بدنية متوسطة الشدة ولمدة ستين دقيقة كل يوم، ومع الأسف نجح فقط ثلث الأطفال الأمريكيين تحقيق النتائج المطلوبة.وقد بين البروفيسور دانيالس بأن هناك عدد كبير من المدارس لا تتوفر في برنامجها الدراسي أية برامج رياضية تعليمية، بسبب تردي الوضع الاقتصادي. كما علق سام كاس، مسئول بالبيت الأبيض، بقوله: "نعاني اليوم من أكثر جيلا كثير الجلوس في التاريخ." وقد قام بروفيسور جرانت تومكنسون، وهو أستاذ علوم فيسيلوجية الرياضة، في جامعة جنوب استراليا، برئاسة الفريق الذي قام بتحليل عولمي لي 50 دراسة عن لياقة الجري البدنية، والتي ضمت 25 مليون طفل، تتراوح أعمارهم بين 9 وحتى 17 سنة، ومن 28 بلدا، وخلال الفترة من عام 1964 وحتى عام 2010. وقد قامت هذه الدراسة بقياس المسافة التي يستطيع الأطفال ركضها خلال 5 دقائق و15 دقيقة، كما درست مدي سرعة ركض الأطفال لتغطية مسافة من نصف ميل وحتى 2 ميل. وقد بينت هذه الدراسة بأن أطفال اليوم أقل لياقة بدنية بنسبة 15% عن ابائهم. وقد تطابقت هذه النتائج بين الأولاد والبنات، وبمختلف الأعمار، ولكنها اختلفت باختلاف المناطق الجغرافية.ويبدو بأن انخفاض نسب اللياقة البدنية وصلت لنسب عالية في أوروبا، واستراليا، ونيوزيلاندا، وربما أيضا امريكا الشمالية في السنوات القليلة الاخيرة، بينما استمرت في الانخفاض في الصين، بينما حافظت اليابان على نسب اللياقة البدنية المقبولة، والجدير بالذكر بأن 20 مليون من أطفال هذه الدراسة كانوا من القارة الأسيوية. كما بينت الدراسة بأن اطفال الصين اصبحوا أقل نشاطا وأكثر بدانة خلال العقدين الماضيين. ويعتقد الباحثون بأن السبب وراء انخفاض اللياقة البدنية في الصين إصرار الأطفال الحصول على علامات عالية في الدراسة الثانوية، لتحقيق قبول في جامعات لها سمعة دولية، بالإضافة لزيادة توفر الالعاب الإلكترونية، مع تزايد التزلج على صفحات الانترنت.وقد بينت دراسة لوزارة التعليم الصينية في عام 2012 بأن الطلبة الذكور في الجامعات الصينية يركضون مسافة 1000 متر في مدة تزيد بحوالي متوسط 15 دقيقة عن طلاب العقد الماضي، بينما يركضون طالبات الجامعات الصينية مسافة 800 متر في مدة أطول بمتوسط 12 دقيقة عن زميلاتهم في القرن الماضي. وصرح السيد موتوأكي نيتو بأن احصائيات وزارة التعليم والثقافة والرياضة والعلوم والتكنولوجيا في اليابان أكدت بأن اللياقة البدنية بين الشباب الياباني انخفضت منذ الثمانينيات. وقد عملت اليابان في الدفع بمسئولي البلديات والمؤسسات التعليمية لتشجيع الطلبة على الرياضة لتحسين مستوى اللياقة البدنية، مما ادى لزيادة اللباقة البدنية في اليابان.تلاحظ عزيزي القارئ كيف أدت التكنولوجية الحديثة مع متطلباتها الدراسية لتغير نمط حياة الأطفال، مما أدى لزيادة نسب البدانة وارتفاع الوزن لتصل إلى نسب غير مسبوقة في دول الخليج والولايات المتحدة، ولتشمل حوالي ثلثي السكان، كما ترافقت كذلك بقلة النشاطات الرياضية، ليؤدي كل ذلك لانخفاض نسب اللياقة البدنية والتي تنتهي عادة مع تقدم السن للإصابة باختلاطات أمراض السكري والضغط وزيادة الكوليسترول، والتي ترهق ميزانية الرعاية الصحية، وتؤثر على الميزانية العامة للدولة. ويبقى السؤال لعزيزي القارئ: هل ستبدأ دول الشرق الأوسط بدراسة تغيرات اللياقة البدنية بين أطفالها؟ وهل ستضع خطط تعليمية للتعامل مع تحدياتها؟ ولنا لقاء. سفير مملكة البحرين في اليابانالتعليقات
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف