فضاء الرأي

الولايات المتحدة والتسليم بإيران قوة إقليمية!

-
قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

لم يكن ارتباك الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، إزاء دعوة إيران وتلقف الدعوة التي أعلنها وزير الخارجية الأمريكي جون كيري خلال مؤتمره الصحفي المشترك مع وزير خارجية روسيا والمبعوث الأممي العربي الأخضر الإبراهيمي، لم يكن ارتباكاً مفهوماً في ظل تراجع الولايات المتحدة عن مضمون الدعوة التي طلابت بها روسيا، ووافقت عليها الولايات لامتحدة بشرط "هزلي" هو الموافقة على مضمون جنيف واحد والذي الى الان لا يعلم أحد ما هيته وثناياه الحقيقية؟!
التراجع عن الدعوة لن يعفي روسيا والنظام السوري بطبيعة الحال من طرح أفكار تم التوافق عليها مع إيران، بوصفها اللاعب الجديد المتوج في الشرق الأوسط مع إعلان الولايات المتحدة تخليها عن حلفائها في المنطقة. وهي خطة يرى فيها كثير من المراقبين في حال إقرارها التنصيب الرسمي لإيران كلاعب أساسي ومهيمن على المنطقة.
في تقرير نشره موقع "ديبكا" الاستخباري الإسرائيلي، اعتبر الموقع أن تاريخ 16 يناير 2014 سيسجل في التاريخ على أنه اليوم الذي أدارت فيه أمريكا ظهرها أخيرا، في موقف لا مثيل له، لنفوذها الطاغي في الشرق الأوسط، وفتحت الطريق لروسيا للتدخل في المنطقة. وفي هذا اليوم أيضا، تعاملت واشنطن وموسكو مع إيران كقوة إقليمية وصانعة قرار، ورفعت الجمهورية الثورية الشيعية (كما وصفها التقرير) فوق رؤوس القوى السنية و"إسرائيل".
أفاد التقرير أن رحلة مبكرة من دمشق إلى موسكو في 16 من يناير الجاري كانت بمثابة رمز لتغير الزمن، بسبب ركابها غير العاديين: وزيرا خارجية إيران وسوريا، محمد جواد ظريف ووليد المعلم، سافرا معا لحضور الاجتماع التاريخي مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وذلك، كما تفيد مصادر "ديبكا"، لأن الوزيرين قد جلبا معهما وثيقتين محورتين:

واحدة كانت مخططا إيرانيا لمستقبل سوريا السياسي، وُضعت لمساته الأخيرة من طرف ظريف وبشار الأسد. ويقول التقرير إن الرئيس الروسي طلب إضافة اسمه إلى الوثيقة استعدادا لتقديمها إلى مؤتمر جنيف2 في سويسرا.
أما الورقة الأخرى، فهي خطة إيران لتشكيل حكومة لبنانية مستقرة، التي أعدَ ظريف تصورا عنها هذا الأسبوع في بيروت بعد جولة من الاجتماعات مع زعيم حزب الله اللبناني، حسن نصر الله، والشخصيات السياسية الرئيسية الأخرى في لبنان.
وكان على الوزيرين أن يحصلا على موافقة الرئيس الروسي لمقترحاتهم، في تغير هادئ تشهده منطقة الشرق الأوسط، ينطلق من تمكين أمريكا وروسيا لإيران كقوة إقليمية.
يقول التقرير إنه منذ وقت ليس ببعيد، كان على المسؤولين السعوديين والإسرائيليين والفرنسيين أو والأتراك السفر بشكل منتظم إلى واشنطن لعرض أي قرارات بشأن السياسات أو اتفاقات للنظر ومراجعة على الخارجية الأمريكية ومجلس الأمن القومي وغيرهما من الدوائر الرئيسة التابعة للبيت الأبيض، ثم انتظار رأي الرئيس الأمريكي ووزير خارجيته.
ولكن اعتبارا من هذا الأسبوع، وفقا للتقرير، فقد تحول هذا المشهد من واشنطن إلى الكرملين، على الأقل في فترة الرئاسة الأميركية الحاليَة. ويقول التقرير إن هذا التغيير صًمَم على ثلاث مراحل، بدءا بالمفاوضات حول النووي والانفتاح على الغرب وأمريكا وشمل البحرين، اليمن، العراق، الأردن، لبنان وسوريا.
المحطة الأخيرة سوريا، حيث انتقل إليها وزير الخارجية الإيراني، ظريف، ونال موافقة الأسد على خطته المشكلة من أربع نقاط، كما أفاد التقرير، الأولى، بما أنه ليس هناك أي فرصة للوصول إلى تفاهم بين نظام الأسد والثوار بعد ثلاث سنوات من المواجهة، فإن الحل السياسي يجب أن ينضج على مراحل: المرحلة الأولى تكون هدنة (ويُلاحظ، كما نوه التقرير، أن وقف إطلاق النار كان قائما بحكم الأمر الواقع في أجزاء كثيرة من سوريا خلال الشهرين الماضيين)، سيتم فتح ممرات إنسانية لإيصال المساعدات الأساسية الأمريكية والروسية والأوروبية، خاصة منها الأغذية والأدوية ولوازم الطقس البارد، إلى المناطق التي يسيطر عليها الثوار في سوريا. لن يكون هناك أي اتفاق مع تنظيم القاعدة، ولذلك، وفقا للتقرير، يجب على القوات السورية وكتائب الثوار الاتفاق على التعاون في محاربة المجموعات الجهادية في المناطق الخاضعة لسيطرتها، وأشار التقرير إلى أنه يجري العمل لمحاولة جرَ المملكة العربية السعودية لركوب موجة هذا التغيير.
فيما يتعلق (بإسرائيل) في ظل هذا الوضع، فإن أفضل شيء يمكن أن يحصل لها هو أن تبقى هامشية في الحراك الدبلوماسي في الأيام القريبة المقبلة. فتحسن العلاقات بين الولايات المتحدة وإيران لا يتعارض بالضرورة مع المصلحة الإسرائيلية، على فرض أن الولايات المتحدة ستبقى ملتزمة بمبادئها وتعهداتها بعدم السماح لإيران بامتلاك سلاح نووي، ولكن ماذا إذا لم يلتزم الرئيس الأمريكي بوعوده؟
الولايات المتحدة تدخل الآن معارك سياسية - اجتماعية منهكة، وتريد التخلص من دور شرطي العالم. ولذا فهي مستعدة لإقصاء الشك والتعاون أيضا مع شخصيات مشكوك فيها "من ناحيتها" مثل بوتين وروحاني. وهي تشعر أن على حليفتها (إسرائيل) أن تراعي الوضع السياسي والاقتصادي الجديد، وأن تعمل على التكيف معه قدر الإمكان، أو على الأقل، عدم معارضته وإفشاله بمغامرات عسكرية أو ضغوط سياسية، وهو الأمر نفسه الذي ترغب في فرضه على الشعوب العربية وأنظمتها، ما سقط منها او هو على طريق السقوط الفعلي.

هشام منور.... كاتب وباحث

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف