فضاء الرأي

النعيم في هلاوس المؤامرة

-
قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك


أعترف أن القارئ الكريم، قد يمل من عودتنا مراراً وتكراراً، إلى الحديث عما يصح تسميته "فيروس نظرية المؤامرة"، المتفشي بين شعوب منطقة الشرق الأوسط، عامة ونخبة على حد سواء. نعرف أيضاً أن حديثنا هذا، قد يستفز البعض ويستثير غضبه، باعتباره مجرد دفاع عن سياسات العالم الغربي، التي تستهدف مص دماء الشعوب، وتفتيتها وبث الفتن والقلاقل فيها، لتظل تحت رحمته وهيمنته.
ولأن الأمر غير هذا تماماً، ولأننا لا نستهدف إلا وضع أيدينا على أصل الداء الحقيقي، الذي يجعل شعوبنا في مؤخرة دول العالم، من حيث التحضر والاستقرار. ولأن التشخيص الصحيح لأي داء، هو المقدمة الضرورية، للوصول إلى دواء وعلاج. فإننا لا نرى مناصاً من مقاربة الأمر مرات بلا حصر ولا تحديد، حتى يشاء القدر أو شعوبنا، أن تغادر كهوف الغيبوبة اللذيذة الممتعة، لتخرج إلى نور الشمس والهواء النقي، لترى نفسها والعالم، كما هو في الحقيقة، وليس من خلال أوهام وخيالات سقيمة.
مريح هو ورائع، تصور أننا كنا "أمة عربية واحدة، ذات رسالة خالدة"، كما يقول شعار "حزب البعث العربي الاشتراكي"، ذلك الحزب الذي لعب دوراً محورياً في النصف قرن الأخير، في إفشال أي جهد كان من الممكن بذله، لتطوير وتحديث المنطقة، عبر تأسيس دولة وطنية حديثة. ممتع أيضاً اختصار أسباب حالتنا المتردية، في أن الاستعمار وأعداء الإسلام قد تآمروا علينا، وقسموا بلادنا إلى دول مختلفة، في "اتفاقية سايكس بيكو". يقول هذا من لم يكلفوا أنفسهم الاطلاع على نص الاتفاقية، ليروا إن كانت هي التي صنعت هذه التقسيمات بالفعل، أم أنها لم تتعرض لمثل هذا الأمر من الأساس. مريح أيضاً النظر لما يحدث الآن من انهيارات، للكيانات التي حكمتها أنظمة ثورية عروبية واشتراكية، قامت باضطهاد شعوبها، وتبديد ثرواتها في مغامرات حمقاء، وتحولت أنظمتها الجمهورية، إلى ملكيات وراثية ثورية ممسوخة، أن نتصور الأمر باعتبار مؤامرات الغرب، هي التي تستهدف أنظمتنا الماجدة، لتفتيتها إلى دويلات وشيع متناحرة.
هي عبقرية من شعوبنا ونخبتنا، أن يذهبوا هذا المذهب من التصورات والهلاوس. فالحقيقة مرة شديدة المرارة، بحيث لا يتحملها من تربوا على قصائد الفخر والعنتريات، وعلى أننا أمة علمت العالم الحضارة، التي أخذها الغرب عنا، ليرتد علينا بالمؤامرات والاستهداف، فلا تقوم لنا بعدها قائمة. الحقيقة أن أغلب شعوب المنطقة، كانت مجرد قبائل وعشائر بدائية وحشية، تتعيش على الرعي والنهب والسلب (باسم الغزو)، مما يجاورها من قبائل. ثم قامت باكتساح ما يجاورها من حضارات، بالعراق ومصر والشام، فكان أن حولتها إلى خرائب وأطلال. الحقيقة أن ما نسميه ازدراء "الاستعمار"، بذل ما وسعه من جهد، منذ القرن التاسع عشر، لوضع أسس لنظم سياسية مستقرة، تجمع الشتات المبعثر والمتقاتل المتناحر. بداية لتأمين طرق التجارة العالمية مع الهند والشرق الأقصى، وتالياً لتأمين منابع البترول، الذي قام باكتشافه واستخراجه، ويقوم بشرائه، مقابل أن يعطينا ما كان كفيلاً، بتقدم وتحديث شعوب، تمتلك الحد الأدنى من الرغبة والقابلية للتحضر. الحقيقة أن الكيانات التي شكلها "الاستعمار"، من الأشلاء المبعثرة، التي استطاع تجميعها بشق النفس، قد فشلت لأسباب ذاتية. بعضها يرجع لطبيعة إنسان المنطقة، وبعضها لنوعية الأفكار والأيديولوجيات السائدة، وبعضها نتيجة لنمط الحياة وكسب العيش، الذي فشلنا في تطويره، بما يناسب دولة وطنية حديثة. فشلت هذه النظم في التحول من حالتها العشائرية الطائفية البدائية، باتجاه بناء أوطان حديثة، تحترم فيها حقوق وإنسانية كل من تضمهم هذه الكيانات. الحقيقة هي أن ما يحدث الآن، ليس مؤامرة لتقسيم كيانات جديرة بالحياة، ولكنها الردة إلى البدائية الأولى، لتثبت شعوب المنطقة، أنها عسيرة على التحضر، وممانعة للتقدم والحداثة.
لا يحتاج المثقفون والمتثاقفون العرب، لأكثر من بعض من الإخلاص، وبعض من قراءة تاريخ المنطقة، هذا إن أرادوا أن يكونوا بالنسبة لأوطانهم وشعوبهم، ليس أداة هدم وتغييب وتضليل، لكن مرشدون وحملة مشاعل تنوير، تساعد شعوبنا على أن ترى العالم المعاصر كما هو بالفعل، وليس كما يشاء الهوى، أو الارتزاق بالشعارات، في معية أو مواجهة حكام، فاقدي الرؤية والشرعية الموضوعية، ممن يستندون في بقائهم إلى فوبيا الاستهداف.
الغريب الوحيد في الأمر هنا، أن ينساق الشعب المصري، عامة ونخبة، إلى من يستدرجونه ليدرجونه، وهو صاحب الحضارة العريقة، والبلد الموحد الأقدم في العالم، ضمن هذا الشتات والتشرذم العربي (إن صحت التسمية). فمصر أمة موحدة منذ فجر التاريخ، ولا أحد في العالم يتصورها غير ذلك. وما مؤامرات تقسيمها إلا هلاوس منافقين ومرتزقة وسذج. ستظل مصر موحدة، لكن مريضة وكسيحة، حتى ينتبه شعبها، لانتهاء صلاحية أفكاره ومفاهيمه، ومجمل عاداته وتقاليده ونمط حياته، ويبدأ مع نخبة تتمتع بالحد الأدنى من الإخلاص والوعي، في شق طريق جديد، يخرج به من مستنقعات الجهل والأوهام، إلى حقائق العصر الراهن.
kghobrial@yahoo.com
&

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
فكرة المؤامرة
خوليو -

الفكرة قديمة نشأت مع الاصطفاء من قبل إله لشعب معين، فقد اختار ذلك الإله شعب معين واعطاه أرض الاخرين وقد اختار أيضاً قبائل معينة وأرسل منها رسوله الأعظم من جميع الرسل الآخرين، هذا الاختيار وهذا الاصطفاء هو موضع حسد كما يظنون، والحسد دافع كبير للتآمر على المختارين والمصطفين، هذه الفكرة أعجبت تلك العقول المختارة والمصطفاة الراكنة الخاضعة للتلقي والتطبيق لما يأتيها من فوق متجنبة تفعيلها وحثها على البحث عن الحقيقة، فهو عمل مضني ومرهق ويسبب صداع هم بغنى عنه، ما حدث فيما بعد هو أن المختارين كشفوا كثير من الحقائق فبدلوا بوصلة اتجاهاتهم وفعّلوا عقولهم واكتشفوا وتقدموا وغيروا وجه التاريخ، بقي أهل الاصطفاء الذين ارتضوا بمن اصطفاهم، ولايزالوا ليومنا هذا يطبقون التعاليم الخارجة عن الزمان والمكان، أي تقوقعوا وتكلسوا فانقض عليهم أصحاب العقول الحديثة الذين اكتشفوا سر الكون والحياة، أما الذين اصطفاهم وأمام هذه السيطرة الفكرية الحديثة من قبل الذين تمردوا على فكرة الاختيار، لم يجدوا سوى فكرة المؤامرة لتبرير فشلهم الدائم المزمن والذي لن يخرجهم منه سوى تحطيم جدار الشرنقة التي حصروا أنفسهم فيها ولايزالون، إن لم تصدق فانظر لدواعش العصر.

اتفق معك
باحث-خليجي -

لايمكن احد ان يقسم مصر--لانها ليست دولة طارئه--انها من اقدم حضارات العالممع ان الان هي دولة ليست غنية--لكن بوسعها ان تعمل بدون كلل وتنتج-على شرط-لا للفساد واحترام القانون والبعد عن التشدد الديني لانه سبب مشاكل-مصر تريد ان تهدأ–شعب 90 مليون–يحتاجون الى هدوء حتى يستطيع الناس الاحساس بالامن والامان–في مصر عشرات الملايين الفقراء والمرضى والمعوقيين والارام والايتام من سيلبي طلبهم ويصرف عليهم اذا الفوضى مستمره من اجل فكر وعقيده لاتنتج عيش- من يريدالدين -يذهب لدور العبادة–حياة الناس اهم من اي فكر–مهما كان– لكي يحصل ويرجع السواح والاستثمار وهو امرهام للاقتصاد ولحل البطالة ملايين بدون عمل–لا اعرف هل الدين هو عمليه جاء لتدمير الشعوب والفتن والارهاب-او التسامح–كلما كان الدين بعيدا عن السياسة والمدنية-كان افضل للجميع-وهناك الدليل–الدول الاقليمية-من الصومال الى العراق واليمن وليبيا وغيرها-فين مصر زمان الدولة المدنية ودولة المواطنه-حيث الرقي والتحضر والاتيكيت والتحضر والانتاج والابداع والحركة الثقافية العلمية والعلمانية والفنية والتطور – وحرية النساء بملبسهن العصري ايام زمان؟ الان بالقاهرة 85% حجاب-نقاب مستودرد من الصحراء-بعدما كانت مصر اوائل الدول بالعالم تحرير المرأة مع الاسف ذهبت جهودهم–هل من متعظ -

معلومات
كاميليا -

الحقيقة أن أغلب شعوب المنطقة، كانت مجرد قبائل وعشائر بدائية وحشية، تتعيش على الرعي والنهب والسلب (باسم الغزو)، مما يجاورها من قبائل. ثم قامت باكتساح ما يجاورها من حضارات، بالعراق ومصر والشام!!!!!!! و هل سكان العراق و مصر و الشام جاءوا من الفضاء. سكان مصر كانوا خليط من العرب (الساميون اصلهم من الجزيرة العربية) و الافارقة و الامازيغ. سكان الشام عرب (ساميون, حضارة Ebla) و سكان العراق سومريون (ليسوا من المنطقة) و عرب. المصريون كانوا دائما ضد الاحتلال: الهكسوس الفرس الاشوريون الاغريق الرومان....فمصر أمة موحدة منذ فجر التاريخ!!!!!!!! هذا غير صحيح.

وجهة نظرك
وجهة نظرك -

إذاً من وجهة نظرك إن ما يفعله الاخوان والسعار الذي أصابهم وأصاب اردوخان والقرضاوي ليس له ما يبرره بل هو ليس بموجود وكأن مصر وباقي الدول العربيه تحارب طواحين الهواء و إن ما حدث بليبيا والعراق والسودان ليس بتفتيت و تقسيم وإن ما يحدث في سوريا ليس إلا هزار بين الأسد والارهابيين ومع انك بنفسك هاجمت الاخوان والفواجع التي حدثت للمسيحيين أيامها لكنك تري الآن إن موضوع التقسيم والتفتيت غير موجود لأنه بالرغم من كل الدلائل علي أرض الواقع لكنك ترفض موضوع التقسيم والتفتيت فقط لأن من ذكره وأكده - وأي عاقل يعلم إن ذلك صحيح - هم من تحاربهم: رئيس الجمهويه "العسكري" و شيخ الأزهر وبابا الكنيسه الذين تعتقد دوماً انهم غلط وأنت الصح دائماً ..... المؤامره موجوده يا سيد وليس عدم ذكر أمريكا واوباما لها انها ليست موجوده وإلا لماذا كل هذا السعار من الاخوان وحلفاؤهم لطردهم من كرسي الحكم ؟؟

تراجيديا المشرق العربي
سامر -

تراجيديا المشرق العربي - باستثاء مصر - تتمثل في أن مكوناته لا هي قادرة على الانصهار في الفضاء المعنوي الموحد لتشكل في اطاره كيانا مؤسساتيا واحدا ثابتا، أي دولة- أمة، ولا هي تنفصل وتنفك عنه نهائيا لتؤسس كيانات منفصلة ومستقلة بذاتها. إنه الانفصال في الوحدة، والوحدة في الانفصال.. ضمن تعاقب لا ينتهي. والتحدي الذي يواجه المكونات المتصارعة والمتعادية، من شيعة وسنة وعلويين وحوثيين وغيرهم، هو : كيف سيكسرون هذه الحلقة المفرغة، ويخرجون من هذه الدوامة؟

الاسقاط لة سبب مقدس
فول على طول -

الذين امنوا يعانون من الاسقاط وهذة المرة لأسباب مقدسة وردت فى اللوح المحفوظ حينما قال لهم : لن ترضى عنك اليهود ولا النصارى بالطبع فان اللوح المحفوظ زاد عن ذلك كثيرا بأن أمر المؤمنين بالقتال حتى يصير الدين كلة للة أو جمع الجزية من الأصاغر ولذلك ينشأ المؤمن وهو يؤمن ايمانا تاما بأن الكفار لن يرضوا عنة بل يتربصون بة مع أن اللوح المحفوظ يقرر العكس . ..ولا أعرف لماذا تغاضى اللوح المحفظ عن البوذية والهندوسية والاخرين ؟ اشمعنى اليهود والنصارى ؟ ويتوالى وصايا الوحى بأن يحث أتباعة على الجهاد الأصغر والجهاد الأكبر واليهود والنصارى لا يشغلون بالهم بما يقولة الوحى المقدس وينشغلون فى العمل والابتكار الى أن وصلوا أعلى مراحل التقدم الانسانى ولكن الوحى يقول أن اللة سخر الكفار لخدمتنا ... . ..وكما قال العزيز خوليو فان الذين امنوا يؤمنون بأنهم خير أمة اخرجت للناس حتى مع تخلفهم وانحطاطهم ولكن يعزون هذا التخلف والانحطاط الى تامر الكفار عليهم أو عدم تطبيقهم الدين الحنيف بسبب مكر الكفار أيضا ولا يختلف المثقف العروبى عن الجاهل العروبى لأن المثقف العروبى يحتاج الى محو أميتة أولا وهذا هو المستحيل بعينة بسبب تعاليم الوحى الأولى التى تقول : ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى ..أى نعود للمربع صفر ولا عزاء للذين امنوا ...لا تتعب نفسك يا كمال فى الكتابة لأن اللوح المحفوظ لن يتغير ..

لا مؤامرة ولا يحزنون.
برعى -

الكثيرين من الأمريكان يدمنون نظريات المؤامرة مثل مؤامرة أغتيال JFK ومؤامرة أختفاء ألفيس برسلى ومؤامرة أخفاء حادثة مصرع زوار الفضاء فى نيومكسيكو, أما نحن فلا نعشق نظريات المؤامرة ولكننا فقط بنحب نستهبل ونعتقد أن الأستهبال حداقة.. مثل هجمات 11 سبتمبر 2001 , الناس الذين قالوا (بن لادن ضرب بوش على قفاة) هم نفسهم قالوا بعد غزو أفغانستان والعراق (هوة أحنا عارفين مين إللى عملها أكيد الموساد وال cia ).. ويبدو أن أسلوب الأستهبال ماشى أخر حلاوة معانا, العالم أصبح يعاملنا بأحترام كما يعامل الأباء أطفالهم بأحترام وحتى أوباما ذهب الى القاهرة وألقى خطابة فى جامعة القاهرة وقال ما معناة ( أنتم يامسلمين ياحلوين وكويسين خالص, بس بطلو الشقاوة وخطف الطائرات والأحزمة الناسفة والسيارات المفخخة),