فضاء الرأي

أيهما أهم شكسبير أو زوجٌ من الأحذية؟

-
قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

&

1
االسؤال الذي ضمنته عنوان المقال هو& احدى& اسئلة& ثيودور دوستويفسكي و قد طرحه في احدى حواراته، و الجواب كان زوج من الاحذية اهم من شكسبير، هذا الجواب& لا يفقهه سوى الفقراء الحفاة العراة& المنتعلين لخشونة الارض و صلابتها، و هو جواب& ممتعض عند المترفين الفوقيين الذين يعيشون في قصور عاجية متناسين عالم البؤس و الشقاء الذي يكابد فيه مقهورو ا هذا العصر وغيره من العصور الغابرة.

الادب بشقيه النثري و الشعري عند بزوغه كان وسيلة& ترفيه و تسلية& لبث الفرح و السعادة على قلوب الملوك و الامراء ،& الشعراء و الادباء كانوا يجتمعون في ضيافة احد الاباطرة و النافذين بالحكم كي يلقوا عليه ما افرزته قريحتهم من مدح و وصف& اغلبه كان كذبا في كذب و من اجل مصلحة ذاتية، و هذا لم يقتصر على الشعراء و النثريين العرب فقط بل تعداه الى اخرين من قوميات اجنبية، خذ مثالا افلاطون في كتابه المدينة الفاضلة و نيكولا مكيافيلي في كتابه الامير و شكسبير في روايته تاجر البندقية، تجد عند هؤلاء الثلاثة تشويها و بصورة ادبية نثرية& للواقع و تزويرا له لصالح اباطرة و ملوك وقتهم، الادب انذاك لم يجلب للفقراء سواء عذابات اكثر، بؤس اشد و& عوز و ذل امر. عليه& كان جواب نصير الفقراء دستويو فسكي بان زوج الاحذية اهم من شكسبير، و طبعا شكسبير رمز لكل كاتب و شاعر ينافق الملوك و الطغاة على حساب المقموعين، في اي عصر و في اي زمان كان.

2
بعد انتشار الفكر الثوري& و تناميه& تغيرت وظيفة الادب و اصبح احدى وسائل مقاومة الطغاة و الظالمين، و بعد ان كان وسيلة تسلية لهم& اصبح مصدر رعب يدك اواصل قلوبهم ، ناتي برواية الام لمكسيم غوركي مثالا في التاريخ القريب& هذه الرواية كانت احدى المهيأت و الدوافع النفسية لقيام الثورة البلشفية، مثال اخر قصائد& و مدرسة اللافتات الشعرية التي اسسها الشاعر العراقي الكبير احمد مطر حيث شنفت قصائده اذان الثوريين الحدثاء و لا تجد ثوريا و فقيرا و مسكينا الا لسانه يلهج بلافتة شعرية من لافتات احمد مطر، وهو يعتبر شاعر الثورات الحديثة في العالم الاسلامي و العربي بامتياز.
لو كان دستويوفسكي لا يزال حيا و قرا رواية الام و لافتات احمد مطر لما قال عنهما ما قاله بحق شكسبير، ادبهما و من ماثلهما جعل الفقراء شاعرين حاسين بالظلم الذي يقع عليهم، ادبهما& حرض المضطهدين& و دفعهم كي ياخذوا حقوقم& و ثمن زوج من الاحذية من الطغاة&& بعكس ادب شكسبير المختص بدائرة الظالمين.
صديقي القارئ لا اعني بكلامي الاستهانة و التقليل من شكسبير و ادبه كلا بل هو من اعظم الادباء الذين لا يتكررون، و لا يوجد وجه مقارنه بينه و بين غيره، لكن ادبه كان موجها للطغاة على حساب الفقراء.

3
الطامة الكبرى انه& و منذ عصور غابرة جاء اناس مدعين كتابة الشعر و النثر يسطرون& الكلمات الى جانب بعضها البعض و يطالبون الناس قراءتها و هم بذلك يبغون سماع كلمات المدح و الثناء و الاطراء، و ان خالفهم احد و قال لهم انه ما يكتبونه غير مفهوم و غير مؤثر وهو يشبه احاديث شخص سكران او ممسوس من قبل الجان،& الصقوا به تهمة الغباء و الجهل و قصور عقله و فهمه و عدم امتلاكه محتوى ثقافي يؤهله فهم ما كتبه الاديب الفطحل، و الادهى و الامر انهم يقولون عن تقياحتهم و& خرابيطهم الكلامية انها عميقة لا يفهمها شخص عادي، و كاني بهم& يعتبرون الكتابة هي& تصعيب للامور و تعقيدها و لوي طياتها، بحيث ان المرء بات يعتقد غموض الكلمات و عدم سهولة فك طلاسمها اصبح& قياسا للكتابة الجيدة من عدمها.
الادب الحقيقي& تعبير عن الحياة اوبعضها بعبارة جميلة يسعى الاديب من خلاله تفسير الحياة واستخراج معانيها& بلغة سهلة واضحة يفهمها غير المتعلم قبل المتعلم تؤثر في الفقير قبل الغني تؤتس فؤاد المظلوم و تقض مضجع الظالم، وهو من ناحية التاثير ينقسم الى قسمين& اما& ان يدفع& المرء& الى البقاء في زاوية مظلمة من زوايا الدنيا غير مأسوف عليه و هذا النوع دوما& ما يدعوا له ادباء و كتاب الطغاة و الفاسدين و ما اكثرهم في عصرنا هذا و العصور التي سبقته،& واما ان يصبح& وقودا للشخص يدفعه& الى ان يصعد قمم الدنيا ويحفر اسمه عليها لا تقدر السنون ولا الايام ان تمسحه مهما طال الزمن و هذا ما يدعوا له شعراء الشعب و الفقراء و المساكين و ما اقلهم على مر العصور، مع الاسف الشديد.

4
ما لاحظته منذ فترة ليست بقليلة انتشار عدد كبير ممن يسمون انفسهم شعراء و ادباء وهم يمدحون بعضهم البعض و يتزلفون بكلمات الاطراء و المديح الفارغة لما يسمونه نتاجهم و دوواينهم، و هذا ما يتلمسه المرء جليا في مواقع التواصل الاجتماعية، حيث انك ترى صفحات كثير كزبد البحر كلهم شعراء و ادباء، ينشر احدهم جملة او جملتين و بعدها بدقائق تنهال عليه الاعجابات و التعليقات التي لا تجد فيها& نقدا لما كتبه،& الجميع يشكرونه و يبجلونه لما كتبته انامله و هوبدوره& يذهب لاحقا لصفحاتهم كي يرد المدح و الثناء لهم و كلن في فلك الاطراء الكاذب يسبحون، و هذا ما يفسر لنا عدم& بروز شاعر و كاتب حقيقي في هذا العصر من مواقع التواصل الاجتماعية& الا ما رحم ربك، نصيحتي للقارئ ان يتعلم السباحة و يتقنها كي لا يغرق لان الجميع يقولون له ان ما كتبوه فيه سحر يجب ان يتعمق فيه كي يفهم و يعي و يستنبط الدرر الكلامية و الفكرية& منه.
الكتابة الحقيقة هي التي تثير فيك مشاعر لم تك تعرفها قبل قراءتها، تستفزك و تجعل لسانك ينطق و عقلك& يفكر و يدك تكتب ، هي التي تجعلك تقترب من الموت حتى ملامسته فقط كي تعبر عن نفسك و عن رفضك& للتعاسة التي تعيشها& انت او يعيشها غيرك، هي التي تجعل الانسان العادي البسيط ان يدرك و يتعلم ان& له كرامة و شخصية& لا تقل عن كرامة و شخصية& الذي يحكمونه و يسيرون اموره، هي التي تبصره بحقوقه و واجباته& و تجعله يتذوق ما يريح روحه و نفسه و قبلهما ما يشبع بطنه و يحفظ كرامته، و الا فان زوج من الاحذية دوما تكون احسن من شكسبير.


mahdi.m.abdulla@gmail.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
ايتام شكسبير .........
هوزان خورمالى -

الاخ الاستاذ مهدي تحيه طيبه . احفادوأيتام شكسبير لازالوا يمرحون في الارض ويتلذذون طيبات الدنيا على حساب الفقراء والمساكين يبيعون سطورهم واحاسيسهم بكم من الدولارات وباادبهم المسموم يقلبونه الحقيقه الى وهم والوهم الى حقيقه .أولئك وظفوا ضميرهم وكلماتهم في مؤسسات الانظمه الرجعيه وبتالى وقبضوا ثمن ادبهم السلطوي المادح لطغيان الطواغيت وفواجعهم ........ عزيزي هنا في العراق وكردستان يوجد الكثير من ايتام شكسبير حيث بالامس كانوا شعراء لقائد الامه يمدحونه بنصره وشجاعه .وهم نفسهم شعراء لثوار اليوم وطواغيت الغد .باعوا اقلام بثمن رخيض لا يجني ثمن الحبر الذي كتبه به القصائد والنثرهم .. يجب ان يصنع الطواغيت شعرا لهم كي يوهموا المجتمع بانهم فوق كل شئ ولهم في كل شئ شئ .. كردستان ايضا لم تستثنى من هذه القاعده العامه فكل حزب بما لديهم فرحون من شعراء وملقي القصائد التى جعلت من ثوار الامس اصناما عجز فاس ابراهيم عن كسرها هناك ايتام شكسبير واحفاده بلون جديد لكن بنفس المنطق والهمجيه هدفهم سماع صوت الطبول الذي يدقونها لاسيادهم كي يستنشقوا الهواء بحريه مزيفه ولا مسؤليه فيها ولا يحزنون ............... محبتي

سلام كاك عثمان
مهدي مجيد -

اتفق مع ما جاء في تعليقك كاك عثمان , و الله زمان مشتاقين لايام حلبجة الجديدة و كزورات المساء . تحياتي اخي العزيز . مودتي و محبتي الاكيدتين .

سيتذكر التاريخ العظماء
سعد -

شكسبير, فلتة من الزمان.إذا كنت جاهل في الانكليزية فلا عتب, او الظاهر لم تقرأ اية اعمال من اعماله الادبية. لقد جَسمَ الحب والغضب والايثار والجشع , بصورة مختصرة سبر شكسبير اغوار الانسان بصورة لم يدانيه لحد يومنا هذا قط. انه المتنبي في وصفه قيس في حبه امرو ببلاغته الشعرية زهير في حكمه وهلم جرا. كتب شكسبير لعامة الناس قبل خواصها, خلده الزمان لقرون من السنين. ولكن رحم الله المتني حيث قال إذا...

كفى !!
عراقي متبرم بالعنصريين -

أعتقد أنّ قولك في نشوء الأدب (لترفيه وتسلية الملوك والحكاّم) هو قناعة شخصية تخصك ولا يشاركك هذا الرأي الغريب أيّ مؤرخ للأدب ولا حتى معظم الناس شكسبير هذا الفذّ الذي ملأ الدنيا وشغل الناس والنّضار الذي يُظَنّ به لو قلّبته أيادي عمالقة المنتقدين!! أما زعمك بانّ العملاق الكبير الآخر دستويفسكي قد تفوّه بذلك التصريح ( ) فقد جهدتُ لأجد له أثراً يُذكَر في كتب النقد المعتبرة فلم أوفّق!

حول تعليقي رقم ٤
عراقي متبرم بالعنصريين -

ليتكم يا إيلاف لم تنشروا تعليقي بعد أن قطّعتم أوصاله وجردتموه من أي طعم أو لون ..... لقد اقتطعتم أهم جزء من تعليقي وهو اتهامي للكاتب بأن دافعه الرئيسي من تجريحه للخالد شكسبير ليس لأنه كما وصفه بأنه نصير للطغاة على حساب المستضعفين وحسب وإنما لأنه ـ أي الكاتب ـ كمعجب بآل صهيون ومسبّح بحمدهم دائماً عَزَّ عليه أن لايواسيهم في حقدهم وملاحقتهم للأدباء الذين كانوا يفضحون مكرهم وغدرهم وفجورهم كما قعل ذلك شكسبير في شخصية شايلوك عبر مسرحيته تاجر البندقية .. والله أنا في غاية الدهشة والاستغراب منكم يا إيلاف .. لا أعرف ما هو سبب حذف هذا الجزء من تعليقي وأين فيه موضع الإساءة للكاتب .. الكاتب جعل شكسبير أقل من زوج من الأحذية وأنا لم أتطاول على مقام الكاتب وأتلفظ بمثل قوله ولم أورد في تعليقي كلاماً يستنكف منه الكاتب بل أجزم بأنه يفتخر به ألم يكن هو الذي قال في إحدى مقالاته (ليتني كنت إسرائيلياً)؟ !!!

يا معلق رقم 4
سيروان -

اني لست عربي و لا اجد العربية مثلك يا معلق رقم 4 بس فهمت موضوع الكاتب, ...فقط يريد ان يقول في الوقت التي انت جوعان لا يهمك اي شيئ الا وانت تبحث عن رغيف .و العنوان اصلا مقتبس من دوستويفسكي. صدق انت عنصري .مع اني معجب كثيرا باعمال المسرحية لشكسبير.

كاكا
تستكرد التاريخ يا ..كاكا -

كاكه مهدي لا تتطاول على عمالقة التاريخ وأسجد لشكسبير شاكراً إنه نقش ملاحظاته على ذاكرة التاريخ عندما ذكر الحقيقة في تاجر البندقية ، ؟