العراق: العبادي والقائد الضّرورة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
لا بدّ أنّ الكيل قد طفح برئيس الوزراء العراقي حين استعار الوصف الأشهر لصدّام حسين كي يصف به سلفه المالكي في خطابه الأخير يوم السبت الماضي. لا مكان للتراجع ولامجال للترّضيات. لم تكن زلّة لسان عابرة. فحتّى زلّات اللسان تعبّر عن المكنونات. الاوضاع المأساوية بحاجة الى فصاحة أكثر وتشخيص أدّق وفتح لملفّات الفساد المتراكمة، قبيل البدء بالمعالجة والحديث عن الإصلاح. التلميح يفسح المجال للتأويل. رغم أنّ الوصف جاء في سياق عابر للتلميح. فهل قرّر العبادي أخيرا التصويب باتجاه أعتى الرموز واكثرها بشاعة؟. الكلام وحده لا يكفي.
العبادي لا يكتشف أسرار طاحونة الفشل والفساد. فالأمور معروفة& للمراقبين منذ سنوات. ولذلك فإنّ اكتشاف المكتشف في تصريحه العلني، ليس اجتراحا للمعجزات. بل الكشف والإحالة الى قضاء عادل، هما في& صميم واجبه وفي جوهر المطلوب انجازه. ما عدا ذلك، فالكلام والتصريحات والخطابات حتى لو كانت صادقة، فهي مجرّد تعزية ومداراة& لآلام الضحية الموجوعة.
العاقل أصبح في مواجهة صريحة مع الأهوج. لكنّ العقل العاجز بحاجة الى جسم اجتماعي فاعل يعوّض عجزه ويجسّد ارادته. أمّا الجنون، فهو بلا قواعد. قوالب المجنون من صنعه هو، وتصوّراته هي القاعدة الوحيدة. وهو أسير لها. ولا يرى فيها سوى إبداعات خارقة، زورا أو جهلا.
&القائد الضرورة أو مختار العصر أو المرشّح لجائزة نوبل أو الفلتة النادرة من فلتات الزمان. كلّها وغيرها من الصفات المجانية لم تكن فلتات لسان من قبل أتباعه والمستفيدين من حكمه. وحين وصف بها خلال ولايتيه، كانت تحدث في السرّ وفي العلن، أسوأ ما يمكن حدوثه& للعراق. الكثيرون من البسطاء وعامّة الناس، ترحّموا على الديكتاتور الأصلي.
&وفي سنوات حكم المالكي حدثت أكبر عمليات السطو والنهب المنظّم للمال العامّ في التاريخ الحديث.& ولسوء طالعه فقط، لا توجد جائزة نوبل للفشل كي تمنح له دون منازع.
&العبادي يحاول متأخرا أن يرسي بعض القواعد على لعبة منتهكة من كلّ الجهات، وهو بدون خطّة وبدون تخطيط. القواعد السياسية المعمولة بها اقتحمتنا من الخارج منذ وقت طويل. الخارج يقرّر وحده& لما ينبغي أن يكون عليه الداخل. الساحة العراقية مفتوحة وبواباتها مشرّعة على مصراعيها لكلّ من يودّ اللعب والتلاعب واقتراح الألعاب الجديدة.
&عواصم القرار الكبرى لعبت بالمُلك، وتجّار الدين والمذهب والطائفة أدركوا، أنّ لا كتاب جاء ولا قرآن نزل. والمصائر صارت على كفّ العفاريت الروس والأمريكان والإيرانيين وغيرهم.
الذهبّ الرنّان عابر للمذاهب. الأرصدة الخيالية تعمي البصر والبصيرة ببريقها اللامع. لائحة الإدانة تكاد أن تطال الجميع. السابقون واللاحقون. مليارات النفط كانت دون حساب. وجيوب المناضلين قبل أفواههم، كانت جائعة من قرون. واكتشفنا أنّ المظلومية لم تكن سوى ستارا أخلاقيا خادعا ومقبولا للدهماء. سادة القوم عندنا لا يشبعون. وكلّ هذا من فضل ربّي. شعار ديني يعلو مكاتب المنحرفين دينيا ووطنيا وأخلاقيا. ما أسهل تبرير النهب والسرقات بإسم الدين.
لم يكتف الأهوج الضرورة بما ارتكب من حماقات خلال ولايتيه، بل أرادها وربّما مازال& يحلم بها، ولاية ثالثة. لم لا؟. فما دام سروال السلطة فضفاضا لهذه الدرجة. وما دامت الخدعة الكبرى لم تنته بعد. فكلّ شيء عند العراقيين صابون. أليس كذلك؟.
الرفاق في حزب الدعوة حائرون. والعبادي بدوره حائر ومحيّر للكثيرين من العراقيين وغير العراقيين. الشكوى من ميراثه المفخّخ والمثقل بالديون والأزمات، مفهومة. هي حيرة الإرادة العاجزة. هو يريد الإصلاح والتغيير ولكنه لا يستطيع رغم صلاحياته الكثيرة. الخطوط الحمراء لا يمكن تجاوزها. لا هو ولا غيره على كلّ حال. قفص الفئران المربوطة من ذيولها محكم الإغلاق. الإصلاح هو شأن المتضررين أولا وأخيرا.
باريس
التعليقات
ميزان الزعفران
جبار ياسين -يكتب ع.ر .دارا وهو يزن كلماته بميزان الزعفران . كل ورقة لها وزنها وعطرها . هو قد تناول ، حد الآن ، في مقالاته الثلاثة الأخيرة الحالة الروحية للعراق اليوم . لكن العراق اليوم " عراقات " متعددة . هناك عراق بغداد وحواشيها ، وهناك عراق غرب وعراق الشمال او كردستان العراق . حبذا لو زحفت نظرته نحو الشمال ، الحزين هو الآخر ،باستعارة تعبير فيروزي .فالكل هو وحدة الأجزاء والاجزاء " خربانة " بدورها ، بين فسادها المالي والقبلي والعائلي ،وفتائلها التي قد تلهب نارا قادمة كتلك التي جاء وصفها في كتاب " الملاحم والفتن ". لنقرأ له قبل ان يتدخل زركار ويفسد الجلسة .
كان شريكا فعالا في الحكم
عراقي متشرد -العبادي ومنذ عودته من لندن كان شريكا رئيسيا وفعالا في الحكم مع المالكي،وكان رئيس اللجنة الإقتصادية في مجلس ما يسمى زورا وبهتانا بمجلس النواب،وعادة رئيس اللجنة الإقتصادية يعرف كل شاردة وواردة عن صرف الأموال والموازنات لكنه لم يتكلم يوما عن الفساد لا هو ولا من يسميهم المرجعية مما يدل على أنه شريك فيه.أكثر من ذلك وقبل قيام المظاهرات بأسبوع سمعته يقول إن الذين يتكلمون عن الفساد هم المفسدون،ومعنى هذا أنه لا يوجد فساد في دولتهم المزعومة،كما يعني فيما بعد أن أولئك الذين خرجوا يطالبون بمحاربة الفساد من المتظاهرين هم أيضا مفسدون.وبعد قيام المظاهرات شمر عن ساعديه وأصبح عنتر محاربة الفساد ولحد الآن لم يقم بخطوة واحدة تستحق الذكر في محاربة الفساد.هو في الحكم منذ عام ولم يسأل عن لجان التحقيق التي شكلت،سواء في فضيحة البنك المركزي الذي كان بطلها بهاء الأعرجي الذي كان رئيس هيئة النزاهة في البرلمان والذي قال عنه يومها المالكي إن رئيس هيئة النزاهة دفع عشرة ملايين دولار لطمسها أو في فضائح التسليح وسقوط الموصل زمن حليفه المالكي عندما هربت خمس فرق أمام بضعة عشرات من البيكبات تاركة أسلحتها غنائم لجاحش ،أو سقوط الرمادي في زمانه عندما هرب سبعة آلاف جندي أمام مائتين من جاحش وصارت أسلحتهم غنائم لجاحش،أو غيرها من الفضائح،بل أكثر من ذلك حتى أن تقرير اللجان المشكلة تم وضعها على الرفوف وآخرها تقرير لجنة سقوط الموصل والرمادي.قبل أن يتكلم عن إصلاحاته لدي سؤال أسأل:هل تستطيع يا عبادي أن تخرج المالكي الذي يشاركك مكتبك منذ أكثر من عام؟إذا استطعت فتكلم يومها عن الإصلاحات المضحكة.