العراق: الإعتدال الضائع بين المتشدّدين
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
سهولة الإنقياد وراء نزاعاتنا المتناسلة هي أيضا ثقافة محلّية لم تخضع بتاتا للمعالجة والمراجعة والرصد والإختبار. الإستقطاب والإنحياز مطلوبان من قوى اجتماعية وسياسية لا زالت قوية ومؤثرة. هي ليست كبيرة سوى بأحجامها. الحجم يختلف عن الوزن.
&الأوزان الحقيقية هي للتعلّق بالأرض وبجاذبيتها الوطنية وبالإنتماء للأنهار والنخيل وبالإنسان والأصالة والتراث والدين والأثنية والطائفة والتعايش بينها جميعا وضمن نسيجها الإجتماعي العامّ وكحصيلة لبصماتها التاريخية الطويلة والقصيرة. المنسيّة والمحكيّة شعرا وغناء ولحنا على الدوام. وفي صراعها الدائم نحو الأفضل والأصلح والأعدل والأجمل.
&قواعد هذه القوى الإجتماعية والسياسية مسلوبة الإرادة والقرار منذ عقود. مسحوقة وضائعة وفي الغالب هي مدمنة للإستسلام والخضوع& لسياسات ومفاهيم ومسلّمات وعقائد ملتبسة وغير مفحوصة. وضعها بشر معرّضون للخطأ، ثمّ تسلّل اليها لصوص الطوائف من هذا الخطأ ليحتموا بها كستار أخلاقي يبرّر السرقة. الشرع والتقليد والأعراف والسلف الصالح وطاعة أولي الأمر والسادة والمشايخ والرؤساء والزعامات. كيف عادت وكيف عادوا؟. وبأية آليات؟. الفشل في بناء الدولة الحديثة. دولة المواطنة والقانون والمؤسسات. قد يكون هو الجواب.
&الزعامات التقليدية القويّة هي بقوّة الجراثيم الفتّاكة التي لا تتعافى منها الأجسام إلاّ بالحداثة. ولكنّ التقليد حين يستهدف النفوس ويغزوها، فالتحرّر سيكون أصعب وأطول.& المجتمعات ذاتها هي التي ينبغي أن تنشط، وادراكها للحقائق هو أولّ دروس العلاج.
الحقيقة يتيمة وضعيفة ومحشورة بين أكاذيب كثيرة. قوّتها استثنائية لأنّها قابعة في الداخل وفي الأعماق. ولأنّها خطّ الصدّ والحماية الذاتية وحصنها الأخير الذي ينبغي أن يقاوم حتى النهاية.
هي الطفولة والبراءة والعفوية والسلام والإبتسام التي ستبقى وتقاوم وتولد وتموت في كلّ منعطف تاريخي. وهي استجاباتنا الأولية حين وُلدنا على الحصران أو في العراء أو في الزنازين أو القصور. تحت أشعة الشمس الحارقة أو تحت رذاذ المطر أو تحت ظلال الزيزفون. ليلا أم نهارا وُلدنا معا وكنّا عراة أمام الله والعالم قبل أن تفرّقنا الجماعات بصراخها الأعلى من صرخة الولادة الأولى. أفراح قصيرة لحقتها خيبات طويلة جدا.&
الفرد هو جماعة أيضا ان ترك لوحده يفكّر. بإمكانه أن يبني جماعات جديدة لوحده لأنّه أكثر ميلا للتقارب والإجتماع والألفة. هي من طبيعته البشرية بإعتباره أرقى المخلوقات دون منازع.
&ثمّة جماعات بشرية في عصرنا تعيش بلا زعامات ولا قيادات ولا حكومات. مجتمع "الاسكيمو" مثلا. الدستور في القلوب. الدستور هو الأعراف والدفاع المشترك والمصير الواحد والبياض المشترك.
&وفي دروس الثلوج عبر الفصول والأزمان التي تخلّلتها هزائم وانتصارات مشتركة ظلّ فيها انسان الشمال البعيد الحزين، محافظا على وحدته وعلى جماعته معا.
الجغرافيا مسرح دائم للعمليات. والتاريخ غالبا ما يتجنّب الحقائق ويدوّن انتصارات الملوك والأباطرة والزعماء. كلاهما مصنوع ومزوّر. موضع اختلافات وخلافات وتأويلات وتفسيرات، تضعف كلّها وتتراجع وتنحسر حين يكون الإنسان في مركز الإهتمام. وبالعكس هي تقوى وتطغي حين يكون الإنسان في مركز الأرقام والمعادلات الباردة على جبهات الحروب وفي خطوطها الأمامية. المواطن الجيّد هو المواطن الميّت. شهادة الوفاة هي بطاقته الوطنية الوحيدة.
شهادة الوفاة هي شهادة الميلاد الوحيدة المعترف بها من قبل الطوائف وأمراء الفشل والمخازي. مات على احدى الجبهات المتقاتلة وما أكثرها. ذلك الكائن الذي وُلد من رحم الإبتسام ولم يكن يعلم بأنّ تابوته جاهز في مكان قريب من مكان الولادة. رقم زائد أو ناقص في سلّم الترتيبات والرواتب. لم يعد مشكوكا في أمره. لقد أُزيح. "هات اللي بعده".
الديكتاتور أُزيح لكنّ الديكتاتورية قابعة عقلا وتفكيرا ومنهجا وسلوكا وإن بصورة مسخرة. دولة الخرّدة والخردوات تقتلنا بجرعات. مَن يموتون مرّات عديدة كلّ يوم يعرفون ذلك. سيموتون ببطء شديد في خنادق الظلام وعلى الأنغام الجنائزية لأناشيد الذئاب وأهازيج الطوائف. نحن بحاجة لرمز وطني يكون بمثابة شمعة. فالشمعة يمكن لها أن تقهر كلّ الظلام.&
باريس
sulimaner@yahoo.fr
التعليقات
قراءة جميلة
ابو فرات -نعم .. انها قراءة جميلة ودقيقة , رغم مسحة الألم الحقيقي الذي رسمت كلماته على نحو دقيق . احسنت .
انظر الى أنظمة العراق
انظر الى أنظمة العراق -انظر الى أنظمة العراق الشيعيه الحالية واسأل نفسك من يقوم بأدارتها وهدر كرامة المنافقين والاتجاهات الشيع .. .انتم لو فعلا أصحاب حق وحقائق .لاصبح العراق جنة خضرا ء بين ايديكم ..ولكن فسد البحر والبر بما فعلت ايديكم .. دين الملالي المظلم الأسود الذي استغل فقراء ايران وتم بيع نساءه وكبتهن ودفنهن في البيوت واستغلالهن واستغلال البنت الصغيرة وتفخيذ الرضيعة هذه فتاويكم الشيعيه نريد مسحها ولن نسمح بنشرها بأسم الاسلام ..وسرق قوت الشعب بالخمس المبتدعة وغير الفتاوي المضلله البعيدة عن الإسلام الحقيقي
عدونا الفرس
كامل -لقد تبين وظهر للعيان ان المذهبية المجوسية الحاقدة التي تفور وتثور منذ مئات السنين هي ليست الا عفن او فطريات او طفيليات تعتاش على السموم وعلى الكره وهي اليوم تتوزع على ساحات الكانتونات التي ظهرت فجأت كالموميات الفرعونية الفاقعة الالوان
إلى من يهمه الأمر
ن ف -النظام المافيوزي في بغداد يستخدم كل ما لديه من قوة لردع المواطن أو لجعله مستضعفاً أو متخلفاً في أحسن الأحوال. ليس في هذا النظام كما نعرف من الحداثة، فهو يحاول أن يُعيدنا إلى القرن الهجري الأول وما حصُل فيه من هيجان سياسي. ويحاول في الوقت عينه أن يُحمّلنا مسؤولية ما حدث في تلك الفترة. هو إذن يلعب على وتر الطائفية ظنّاً منه أنّها ستدعم أركان حكمه، ولكن هيهات. فالباحث عن ثقافة الإنتقام يجدها في مفردات أبو وجه الطويل (نوري المالكي). ومَن يبحث عن ثقافة الإحتيال يجدها لدى عمّار الحكيم. ومّن يبحث عن ثقافة الزعرنة والزعططة يجدها في خُطب المراهق السياسي مقتدى. أما الباحث عن القبيلة فيجده في تشريعات البرلمان القرقوزي. لقد باتت عقليّة النظام تُشكّل مشكلة ثقافية لطيف واسع من الشعب، لا سيما بين العرب الشيعة أنفسهم. السؤآل الذي يطرح نفسه هنا، هل نحن بحاجة للإنتقام أم بحاجة إلى الخُبز. وهل نحن بحاجة لإحياء ذكرى الأموات، في الوقت الذي يموت فيه الأحياء كلّ يومٍ موتاً بطيئاً؟ وثمة الكثير من الأسئلة التي بحاجة إلى أن نُجيب عليها قبل فوات الأوان.