فضاء الرأي

حيدر العبادي تغيير أم تخدير؟

-
قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

ليس سهلا أن يتخلص الإنسان مما ورثه من عقائد ومباديء وأفكار آمن بها صغيرا، وحافظ عليه فتى، وظل أمينا عليها وهو بالغ.

ونصادف في حياتنا أشخاصا تغربوا طويلا، وتعلموا في بلاد غير بلادهم، ودرسوا علوما وثقاقات تخالف علومهم وثقافاتهم، وبرعوا في تعلمها وإتقان الحديث عنها، وحملوا الشهادات العليا فيها، ولكنهم ظلوا، رغم ذلك، لا يعتقدون إلا بما شبوا وشابوا عليه من أفكار ومفاهيم تعتبر التماثيل أوثانا، والموسيقى حراما، والمرأة مخلوقا ناقصا، وكافرا من يخالف الولي الفقيه ولا يلطم في عاشوراء.

مثالنا الدكتور حيدر العبادي. رجل درس العلوم الحديثة وآخر مبتكرات التكنالوجيا، وتغرب طويلا في بريطانيا، وتدرج في معاهدها وجامعاتها، وعاش (علميانتها)، ورأى كيف تتحق العدالة في ظل الدولة غير الدينية، وكيف تُحترم العقائد كلها، والأديان كلها، وكيف يعرف فيها رجل الدين دوره ومكانه في هداية الناس وإقناعهم بدينه أو طائفئته، في كنيسته أو مسجده أو حسينيته، دون أن يتدخل في السياسة، ودون أن يفرض على الدولة، وعلى مواطنيها، قوانينه ومقاييسه ومفاهيمه الخاصة حول الإيمان والكفر، والوطنية والشرف والأمانة والصواب.

في حياته التعليمية الغنية لابد أن يكون العبادي قد اكتشف أن الشمس ثابتة والأرض والنجوم تدور حولها، وعرف الجاذبية، والنسبية، وقرأ أو سمع عن قيمة حرية الرأي والعقيدة في حياة إنسان القرن العشرين والحادي والعشرين، وعلم بأن هناك شموسا وأقمارا ونجوما عديدة أخرى، وشاهد الإنسان يحط بركابه على نجوم السماء التي خلقها الله رجوما للشياطين، وفوجيء، مثلنا، بسفن الفضاء ومحطات المراقبة التلسكوبية الأمريكية والأوربية والروسية والصينية واليابانية الجائلة في أرجاء السماء بحثا عن حياة وعن مخلوقات، وربما حضارات، لم تخطر على بال أحد من أجداده وأجدادنا.

لكن حيدر العبادي، برغم كل ذلك، ظل في حزب الدعوة الديني الطائفي، من أول شبابه إلى كهولته، ليس عضوا عاديا فقط، بل قياديا فيه.

والعبادي لابد أن يكون قد لمس تعصب حزبه لفكره وعقيدته، وأدرك عمق كراهيته لجميع الأفكار والعقائد الأخرى التي يؤمن بها مواطنون آخرون في وطن متعدد الأطياف والملل والشرائح، وظل رغم كل ذلك عضوا ملتزما فيه ينفذ أوامره وقراراته، بإخلاص.&

وعاش العبادي إلى أن وجد حزبه يحتكر السلطة، ويضع واحدا جاهلا وأحمق وطائفيا متعصبا وظالما يضع في سجونه ومعتقلاته آلاف المواطنين، بالشبهة، دون تهم ولا محاكمة، ثم يُطلق سراحُهم بعد أن أقرت الحكومة ذاتهُا بأنهم أبرياء، وظل ممسكا بقيادة حزبه، وحاميا له، ومانعا أي قانون وأي عدالة من أن تمس شعرة واحدة من رأس أي واحد من قادة الحزب أو أي أحد آخر في ال؛زاب والمنظمات والمليشيات المستظلة مثله بخيمة الولي الفقيه.&

ولابد أن يكون العبادي قد اكتشف معنا أن أوائل وهم مؤسسي حزب الدعوة إيرانيون متعصبون لقوميتهم الفارسية، أو عراقيون من أصول إيرانية فارسية غير عربية وغير عراقية، ومنهم محمد مهدي الآصفي (مرشد الحزب)، وكاظم الشيرازي الحائري (فقيه الحزب)، وعلي التسخيري، وهو فارسي الأصل والجنسية، ومرتضى العسكري، و محمد صالح الأديب، وعلي الكوراني، فلم ينسحب من هذا الحزب المؤسَّس والمحتضَن في إيران، والخادم الوفي لمصالح الدولة الإيرانية، دون غيرها، فلم ينسحب.

وفي أيام الجهاد السري لحزب الدعوة لابد أن يكون العبادي علم، وهو القيادي المتقدم فيه، أن حزبه اختار الإرهاب والاغتيال وتفجير المفخخات وسيلة لتحقيق أهداف ومكاسب حزبية وطائفية بإشراف ورعاية وتدريب وتسليح من أجهزة الأمن والمخابرات الإيرانية، ولم يغادره على الفور.&

ولابد أن يكون قد تحقق من قيام قياديين في حزبه بعمليات أغتيال وأختطاف عراقيين وأجانب في العراق ولبنان ودول أخرى، وشاركوا في محاولة أغتيال أمير الكويت السابق، وفي تفجير وزارة التخطيط العراقية منتصف الثمانينيات، وتفجيرات الجامعة المستنصرية في نيسان عام 1980، وظل عضوا فيه.

ولا يمكن ألا يكون العبادي قد سمع قائد حزبه، نوري المالكي، وهو يتحدث عن دور حزبه في تفجير السفارة العراقية في بيروت عام 1981 وقتل بلقيس الراوي زوجة نزار قباني، وآخرين أبرياء ليسوا بعثيين ولا يمتون لصدام حسين بصلة، فلم يحتج، ولم يعترض، ولم يخرج على الملأ ويعلن براءته من الإرهاب والإرهابيين.

ورغم كل حملات التلميع لرئاسة حيدر العبادي، وكل محاولات إضفاء صفة الاستقلالية والوطنية العراقية عليه لم يشهد المواطن العراقي النبيه، منذ منتصف آب أغسطس الماضي إجراء واحدا حقيقيا وجذريا يجعله يصدق أن حيدر العبادي مؤهل وقادر وراغب حقا في محاربة الإرهاب واجتثاث الفساد وإعادة الهيبة للقضاء وسلطة القانون واحترام السيادة الوطنية للعراق، ومنع أي دولة أو قوة أو مليشيا من العبث بأمن الدولة العراقية وكرامتها ومصيرها.

وعليه فإن كثيرين من العراقيين لم ولن يصدقوا بأن حيدر العبادي يمكن أن يصبح قائدا لما يسمى بـ (التغيير).

فأول قرار كان ينتظره العراقيون من قائد التغيير، بعد خراب الوطن على يد سلفه المالكي، لم يصدر عن حيدر العبادي لحد الآن.&

إن تنصيبه، بموافقة إيران ومباركتها، رئيسا للوزراء وقائدا عاما للقوات المسلحة مجرد تخدير للجماهير، وغسل هاديء ومبرمج لتاريخ حزب الدعوة، وحفاظٌ على هيمنته على الدولة، وترسيخ عملي حاذق لاحتلال إيران العسكري والأمني والثقافي والاقتصادي والسياسي.

ربما يكون الضمير الوطني لحيدر العبادي قد أفاق من غفوته التي امتدت نصف قرن، ولكنه لا يستطيع أن يفعل شيئا حقيقيا وجذريا، حتى لو أراد ذلك، حقيقة، وليس ظاهريا فقط.

ولهذا سببان، الأول أنه ما زال عضوا عاملا وقياديا في حزب الدعوة، والثاني أنه عاقل جدا ومدرك لخطورة التمرد على قيادة قاسم سليماني وهادي العامري والحرس الثوري والمليشيات التي ابتدعت لها القيادة الإيرانية والمرجعية صفة (الحشد الشعبي) لإكمال الاحتلال الإيراني للعراق، بوراثة خلافة داعش في محافظات صلاح الدين ونينوى وديالى، بعد أن كان دخول حذاء جندي إيراني واحد إليها أشبه بحلم من أحلام العصافير.&

&

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
الاحذيه
محسن -

بعد أن كان دخول حذاء جندي إيراني واحد إليها أشبه بحلم من أحلام العصافير. -::::::::::::هنياء لكم الاحذية لجنود جيش الدفاع الاسرائيلي وكذلك ضيوفكم الدواعش في المنطقه الغربيه

ليس نقداً موضوعيا
عراقي -

ليس هذا نقداً او تحليلاً موضوعياً.. بل كان سيلاً من الشتائم التي تنم عن عقلية بعثية وضيعة جرّمها العراق الجديد.. فكلمات من قبيل (الطائفية والإرهاب والصفوية..الخ) أو من قبيل الجاهل الأحمق والمتعصب والظالم وإلصاقها برجل بحجم المالكي الذي أذلّ هؤلاء الشراذم ومن يدعمهم من أمريكان وعرب المنطقة والأكراد.. هذه ليست إلا ردة فعل لضياع (تكريت) كموطئ قدم لداعش والبعثيين بسبب صولة أبناء العراق من قوات امنية وحشد شعبي! هذا نواح الثكالى وولولة الولايا

إلى من يهمه الأمر
ن ف -

قبل فترة قصيرة وصلتني على عنواني البريدي صورة فيها ثلاثة فساتين مختلفة ألوانها.. الاول من اليمين أزرق غامق وأسود؛ ولون الفستان الذي في الوسط أبيض ولون آخر أقرب إلى الزراق الفاتح جداً. أما الفستان الأخير فكان لونه ذهبي وأبيض. الألوان التي ذكرتها تواً هي الألون التي رأيتها بأُم عيني (والله على ما أقول شهيد). وقد عرضت نفس الصورة على صديق لي فقال إن لون الفستان الاول هو ذهبي وأبيض ولون الفستان الأخير ذهبي وأبيض أيضاً.. فعجبت من ذلك فعرضت الصورة على صديق آخر وآخر وآخر وكل واحد منهم رأى لون الفستان غير الذي رآه غيره وهكذا. قلت في نفسي هكذا يرى الناس الأشياء إذن! إذ هناك مَن يرى في صدام بطلاً قومياً وأخو هدلة وشهيد أيضاً، ويراه آخر ديكتاتور ومجرم..إلخ. فلا عجب إذن حين يرى المعلّق الثاني، عليه أفضل السلام، رئيس الوزراء السابق على أنه شمشون الجبّار وحامي الحمى والعامل على بيت مال العراقيين الذي لم يبق فيه درهماً واحداً في نهاية حكمه اللامبارك..لله في خلقه شؤون وشجون!

بكائية بعثية
المهندس حسن احمد -

ماتصيرلكم جارة وماتنسون عنجهيتكم الفارغة لسنين موتوا بغيضكم فلا عودة للبعث وفكره وخصوصا بعد تحالفه مع الارهاب -- تبقون تحلمون -- العبادي دكتوراه هندسة من لندن مو سيدك عزت ابو الثلج لو القائد صدام

النفق العراقي والدعوة واي
مواطن -

وانه ليس من السهل ان يتخلص الانسان من معتقداته . الدعوة اسس اساسا بتاثير الاخوان المسلمين الداعشيين الان . ثم جائت الطامة الكبرى ايران الخمينية من جهة وهنا نظام المقبور صدام حسين من جهة اخرى لتكتمل عصا الارهاب على راس الشعب العراقي . ان حيدر العبادي او غيره لايستطيع مثله مثل المالكي التحول الى تيار معتدل او التخلص من الشرنقة الايرانية . على اية حال ان ايران تناور بهم ومن جهة اخرى تضغط داعش والارهاب وازهر الاخوان المسلمين علينا وعلى العالم . لقد فوت المالكي الفرصة على الشعب العراقي للخلاص من الارهاب وكذلك سيفعل العبادي ان الحكومة العراقية مطلوب منها ان تدعو القوات الامريكية والتحالف للعودة الى العراق ان الارهاب الداعشي قوي وصلب ومدعوم ويجتذب انصارا . ان العبادي يحاول اكمال دور المالكي في تطويق ايران للعراق واخراجه من معادلة السلام في الشرق الاوسط مستقبلا . ليس المهم ان تكون تعلمت في اوروبا اذا ماكان حزبك طائفيا

افضل من في الساحة
علي البصري -

العبادي افضل من غيره لان سوف يفتح ابواب جهنم والتطرف عند ازاحته لانه بالامس غازل البعثيين لستر حال العراقيين فميز بين من تصدى ولم يتصدى لداعش للارهاب واعتقد ان المتطرفين الشيعة امتعضوا جدا من كلامه ..والذي يريد الان للعراق علماني قائد يجهل قواعد السياسة ،المرحلة تحتاج دعم العبادي في وجه التطرف والمليشيات التي تدعمها ايران لانها تريد ثمن هزيمة داعش وليس الاطاحة بالعبادي الان ان كنت تفهم الفباء السياسة ،واعتقد ان الغرب يفهم الامر وبالمستقبل قد يتعاون اكثر لهذه الستراتجية في العراق.

الاحزاب والايدلوجيات
المذهبية والدينية والقوم -

والقومية والبعثية والشيوعية منذعا 58 هتكت عرض العراق

الطيور على اشكالها تقع
OMAR OMAR -

صدام لم يكمل الاعداديه ولم يخدم العسكريه وبقدرة قادر اصبح مهيب ركن وفيد مارشل ولكن لحد الان المثلث الارهابي لحد الان يقدسه ويعتبره عبقري لان الطيور على اشكالها تقع

أصبت في الصميم
مضاد للمتورّمين بالعنصرية -

هذه المقالة رائعة ، ولكن ليست لصالح المتورّمين بالعنصرية والطائفيين وخدم و منتفعي المالكي وملالي ايران ، عاش يداك .

؟؟
صبحي -

لم يعجبك تعليقي فلم تنشره، اين الشجاعة الأدبية ؟

الى رقم ٢
Zmnako -

اذا كنت انت عراقي وسيدك المالكي عراقي فأقرء على العراق السلام وبالمناسبة اهدي اليك قول الشاعر:( ياغراماً كان مني في دمي .....قدراً كالموت او في طعمه..... ماقضينا ساعةً في عرسه......وقضينا العمر في مأتمه). تحياتي الى الغراءة إيلاف.Zmnako Kurdistan.

شكرا للكاتب البعثي
الدفاعي -

لم اقرأ تحليلا منطقياً لواقع ودور القيادي في حزب الدولة الحاكم بامر ايران والامريكان مثل هذا التحليل البسيط والواضح والمعبر عن حقيقة ما يجري في بلدنا والعقلية الطائفية التي جاءت بها البساطيل الامريكية برعاية المرجعيات الفارسية .... شكرا للكاتب البعثي حسبما يروج له المنافقون مادمت تملك حساً وطنياً شريفاً، وتباً لعديمي الضمائر الذين باعوا العراق وخانوا الله ورسوله واهل بيته ومن يتبعهم ويواليهم .