حلول مبتكرة لمقاومة التطرّف والارهاب (١٩)
الفساد والجشع والظلم وقود لتطرف الشباب
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
الفساد موجود في كل زمان ومكان، ولكن في بعض الدول الفساد يكون محدود ويكون هو الاستثناء وليس القاعدة، اما في بلادنا فالفساد هو القاعدة والنزاهة هي الاستثناء، ومن يعتقد ان الفساد هو فساد الحكام وفساد بعض رجال الاعمال فقط قد يكون واهما والأمثلة على الفساد كثيرة:
المواطن الذي لا يحترم إشارات المرور هو مواطن فاسد
المواطن الذي يستعبط ويحاول قطع الطابور لكي يأخذ مكان غيره هو مواطن فاسد
المواطن الذي يستخدم الواسطة لكي يعين ابنته او ابنه في وظيفة لا يستحقها هو مواطن فاسد
المواطن الذي يستخدم الرشوة سواء بدفعها او اخذها هو مواطن فاسد
الاستاذ الجامعي الذي يحرم طالب متفوق من درجات مستحقة بسبب دينه او جنسه او مذهبه هو مواطن فاسد
رجل الاعمال الذي يستخدم نفوذه او امواله للحصول على عقود وصفقات لا يستحقها هو مواطن فاسد
التاجر الذي يغش في تجارته هو مواطن فاسد
رجل الأمن الذي يتقاضى المال لكي يغض الطرف هو رجل أمن فاسد
القاضي الذي يغير ضميره بسبب سياسي او مادي او شخصي هو قاض فاسد
المحامي الذي يستغل موكله بدون ان يؤدي وظيفته هو محام فاسد
الطبيب الذي يجري عملية او يصف دواء لا لزوم له هو طبيب فاسد
المهندس الذي يغش في مواصفات البناء هو مهندس فاسد
رجل الاعمال الذي يتهرب من الضريبة هو مواطن فاسد
والفساد اصبح يغرقنا من الرأس حتى القدم ومن الغفير حتى الوزير، لقد عشت في أمريكا (الكافرة) ٢٥ عاما لم ادفع دولارا واحدا لإنهاء معاملة حكومية او للحصول على وظيفة او لتفادي غرامة او للحصول على عقد او اجراء صفقة او الحصول على وظيفة لابنتي.
اما في بلادنا الجميلة (المؤمنة) فمن منا لم يدفع رشوة للحصول على رخصة قيادة سيارة او لتفادي دفع غرامة، ومن منا لم يستخدم الواسطة لإنهاء أعماله او تعيين ابنه في وظيفة لا يستحقها، ومن منا لم يحاول ان يقطع الطريق على السيارات أمامه لكي يصل اولا، ومن منا من لم يحاول ان يخترق القانون بشكل او باخر، وبعد هذا كله، من منا لم يجلس على المقهى مع أصدقاءه المزوغين من العمل مثله وينتقدون فساد الحكام؟؟
وعلى رأي عمنا نجيب محفوظ في رواية الكرنك على لسان بطل الرواية: "كلنا مجرمون ... وكلنا ضحايا"
...
طيب ما علاقة كل هذا بمقاومة التطرّف والارهاب ؟
مع انتشار الفساد حتى النخاع وحتى اصبح له موءسساته في كل مكان، يظهر الشباب الرومانسي الغاضب مدفوعا بمشايخ التطرّف الذين يقنعونه بان الفساد قد انتشر في البر والبحر لأننا ابتعدنا عن ديننا، وناسين او متناسين ان الطهر والشفافية والنزاهة كلها تنتشر قي بلاد غير مسلمة وكلها بلاد علمانية تؤمن بفصل الدين عن الدولة وتحتفظ بالدِّين في الكنائس او المعابد والتي تشتكي من قلة الزبائن.
ويقتنع الشباب المتحمس بان السبيل الوحيد لهذا هو تكفير هذا المجتمع الفاسد وبناء مجتمع جديد مبنى على تعاليم الدين الحنيف واقتداء برسول الله وبالصحابة الاخيار والذين لم يرتكبوا اي خطا وكانهم ملائكة اطهار، ويقرا هذا الشباب الكتب الصفراء والذين تزين له التاريخ القديم وكأنه مدينة أفلاطون الفاضلة ويريد العودة برومانسية غبية الى تلك المدينة الفاضلة، حيث يريد اعادة الخليفة عمر بن عبد العزيز الذي انتشر الطهر والعدل والخير في عهده الى درجة انه وجد فائضا في أموال الزكاة لم يستطع ان يوزعها لقلة الفقراء المستحقين للزكاة. وكل تلك القصص الخيالية ترفع روح الشاب وتشعره بانه ينتمي الى الدين الحق والذي لو اتبعه الحكام الكفرة والمجتمع الكافر لاختفى الظلم والفساد وانتشر العدل والنزاهة.
...
وطبعا انتشار الفساد والظلم والمحسوبية والجشع يحدث خللا في اي مجتمع ويزداد الفقراء فقرا ويزداد الأغنياء جشعا وغنى، والفساد افة الافات فهي تخل بالسلام الاجتماعي في الدول وتجعل الفقير والضعيف متربص بالغني والقوى وتجعل الغنى متشكك وقرفان من الفقير والضعيف، ولا يدرك العديد من الأغنياء انهم ربما هم من أسباب فقر هذا الفقير لسوء توزيع الثروة في المجتمع.
...
وبالطبع محاربة الفساد ومحاولة نشر ثقافة النزاهة والشفافية سوف تنزع احد أسلحة التطرّف وسوف تحد من غضب الشباب، وإذا وجد الشاب الفقير انه يتنافس على قدم مساواة مع الشاب الغني للحصول على وظيفة او مركز او تجارة ، فان كثير من أسباب غضبه ونقمته على المجتمع ربما تتلاشى.
&وكما استطاعت بلاد كثيرة في العالم مثل البلدان الإسكندنافية خلق مجتمع اكثر رقيا وتحضُّرا ونزاهة من مجتمع عمر بن عبد العزيز نفسه، فلماذا لا نستطيع ان نخلق مثل هذا المجتمع في البلاد الاسلامية بدون العودة الى الوراء الف واربعمائة سنة.
ان محاربة الفساد تبدأ من الرأس كما انها تبدأ من القاعدة، تبدأ من الرأس بتقديم القدوة الصالحة وبتحقيق العدالة السياسية والاجتماعية، وتبدا من القاعدة بالتعليم واحترام القانون، وهذا قد يستغرق اجيال ، ولكن لا بد ان نبدأ لأنك اذا لم تبدأ بالصعود الى القمة فحتما سنجد نفسك في القاع ودائماً تنعي حظك وتتذكر اجدادك الذين كانوا يوما ما في القمة!!
التعليقات
شوية تعمق ياسامى بك
عادل حزين -يعنى مافيش فى سيرة العدل فى التاريخ الإسلامى غير أربع سنوات عمر بن الخطاب وسنتين هما حكم بن عبد العزيز؟ ياسامى بك العدل مش أفراد أو فرد أو تصرف, العدل منظومة وقيمة إجتماعية تبدأ من الرأس حتى أخمص القدم.. (بتحمب أخمص إنت ياصديقى العزيز) . ياسمسم العدل منظومة مجتمعية وليست إختيار فردى لحاكم أو غفير. وألا لعن الله قوما ضاع الحق بينهم؟ لذلك اللعنة تطارد بلادنا التعيسة.
نعم عمر وعمر
adel -ما تلخبطلناش معلوماتنا ياأستاذ, عمر أبن الخطاب وعمر أبن عبد العزيز, همة دول إللى قالولنا عنهم فى المدرسة وأحنا مبسوطين كدة, أما الخلفاء الوحشين زى يزيد بن معاوية الذى قتل معظم رجال المدينة المنورة وأستباح النساء لجنودة أو أبو جعفر المنصور إللى أمر بشوى أبن المقفع فى الفرن, دول خارج المنهج المقرر ولا نريد أن نعرف عنهم شئ.
ليس ردح ديني، بل تساؤل عن
عدالة عمر بن عبد العزيز ؟ -با أستاذ سامي ارجو ان لا تعتبر تعليقي الطويل هذا ردح ديني، الذي دفعني الى كتابته هو توضيح و تعقيب على ما حاء في مقالتكم عن كون فترة خلافة عمر بن عبد العزيز اتسمت بالعدل و بان الأموال فاضت في تلك الفترة و ما في هذه المسلمة من زيف و ظلم و اجحاف ناتج عن الخلل المتأصل الملازم للتفكير الاسلامي و في نظرتهم االمشوهة و الناقصة الى العدل و ان العدل عندهم فقط يعني ان يكون المسلمين مرتاحين و على حساب آلام الآخرين (الغير مسلمين )!!! و كتوضيح لفكرتي أنا اسأل يا ترى هل في فترة خلافة عمر بن عبد العزيز لم تحدث غزوات و لم يجري قتل الناس الأبرياء الغير مسلمين و سبي نساءهم و بيعهن في الأسواق ! هل منع عمر بن عبد العزيز غزو الدول الامنة و قتل رجالها اذا رفضوا اعتناق الاسلام ؟ أكيد حدثت غزوات و ربما آلاف الأطفال تيتموا و آلاف النساء ترملن و آلاف الأمهات ثكلن؟ فهل هذا هو العدل الذي يتحدثون عنه ؟ هل من العدل غزو البلاد الامنة و قتل رجالها و سبي نساءها و سلب أموال شعوبها لتوزيعها على المسلمين، الذي يتبين لنا من هذه المسألة ان المسلمين ينظرون الى جانب واحد من المعادلة او ما يعتبرونه الجانب المشرق الذي يفيدهم و يهملون التظر الى الجانب الاخر الاخر المليء بدموع و دماء الاف ضحايا الأبرياء الذين قتلوا لا لذنب سوى لأنهم كانو غير مسلمين و رفضوا اعتناق الاسلام( هذا نفس ما جرى للإيزديين في أيامنا هذه ) !! ،و النقطة الاخرى هي انه من الظلم و الاجحاف الشديد المقارنة بين فترة حكم عمر عبد العزيز بنظام الحكم الراقي في الدول الاسكندنافية او اي دولة غربية معاصرة ، هل السويد تهاجم على بلاد المسلمين وتقتلهم و تسرق ثروات شعوب الدول المسلمة لتوزيعها على أبناءها ؟ الدول الاسكندنافية تحترم الانسان مهما كان دينه لا بل تغدق الأموال الطائلة المستوفية من عرق جبين و من جيوب الكفار على المسلمين الذين يكفرون المجتمعات الغربية بينما المسلمون ينزلون اللعنات يوميا من منابر المساجد على الكفار و على النصارى و اليهود ، ، أنا أريد ان يدرك للقارئ المسلم و يعرف و يكتشف الخلل البنيوي الموجود في الاسلام و في نطرته العدوانية للاخر والذي يتمثل في تقسيمه للعالم الى فسطاط الكفر او (دار الحرب )و فسطلط الإيمان او ( دار السلام ) و الذي يحلل للمسلمين غزو بلاد الكفار و قتل و سلب و نهب كل ما تطاله اي
هناك خلط للأمور
فول على طول -هناك خلط للأمور وأعتقد أنة غير مقصود من عزيزى سامى . الوظيفة الأساسية للدين هو تهذيب النفوس والارتقاء بالمستوى الأخلاقى للناس وتحريم الغش والسرقة والقتل وكل الخصائل الانسانية الحميدة وليس اقامة دولة . أما الاسلام يسعى لاقامة دولة دينية اعتقادا بأن اقامة دولة دينية تصلح النفوس . القانون العادل الذى يساوى بين كل البشر واقامة العدل ودستور عصرى وقانون مدنى محترم بعيد عن الشعوذة الدينية والمشعوذين وتعليم محترم وليس تعليم دينى عنصرى هم أهم الوسائل لاقامة دولة عصرية وهذا يتعارض مع الاسلام . و اقامة دولة دينية يخلق بشر منافقون ومخدوعين وخادعين ومرعوبين ..يتظاهرون بالورع ومن داخلهم لصوص لأنهم يخافون أكثر مما هم مقتنعون ..يرتكبون كل الموبقات ولكن المهم فى الخفاء لأنهم يخشون الناس فقط ويخشون الحدود . واقامة دولة اسلامية هو مطلب أغلب الذين امنوا وقد حدث منذ بدء الاسلام وواجب دينى أيضا وهذة هى المعضلة الكبرى . وكلما تعرض المؤمنون للمشاكل يقولون بسبب الابتعاد عن الاسلام ...ولا أعرف ما الذى يمنع كل فرد مسلم أن يلتزم باسلامة ؟ هل لابد من وجود قانون يلزمة بذلك ؟ وهل لابد من وجود دولة دينية للالتزام بالاسلام ؟ وماذا عن المسلم المقيم ببلاد الكفار ..هل يترك اسلامة أم أن اسلامة منقوص ؟ ولماذا لم يشتكى أصحاب العقائد الأخرى من نفس مشكلة المؤمنين ؟ بالتأكيد هناك خلط للأمور ..اصلاح النفوس وتهذيبها دينيا لا يحتاج للدولة الدينية بل بالعكس يحتاج للحرية المطلقة فهى المقياس الحقيقى لاختبار ايمان الفرد أما اقامة دولة دينية لا يصلح من الفرد بل يخلق النفاق والرعب والقتل والتقاتل . الاسلام دين ودولة هو معضلة كبرى ولا تستطيع أن تمحوها من العقول . خلاصة تعليقى أرى أنكم تسيرون عكس الاتجاة ...تعتقدون أن الدولة الدينية هى الحل وهى التى تصلح من الفرد والعالم يرى أن الحل هو فصل الدين تماما عن الدولة والتاريخ والجغرافيا والواقع يؤكدون أنكم مخطئون ولكنم تصرون أنكم تملكون الحقيقة ..معضلة .
الفساد في نظر الإسلام
Sam -الاخ سامي بعد التحية أشكرك علي تعليقك علي مقالك الأسبوع الماضي وأنا اعتبرته مصالحة مع القراء الذين اتهمتهم بالردح الديني. اما مقالك هذا الأسبوع فهو واضح وواقعي والشيء العجيب ان تجد مع كل هذا الفساد الإعداد الكبيرة للمصلين يوم الجمعة حتي أن ساحات الجوامع مع اتساعها وازدياد عددها المتطرد لا يكفي لإعداد المصلين فيضطرون الي فرش الشوارع. وفي الأعياد ابتدعوا الصلاة في الساحات الكبيرة. اما عن الحج فهناك ٢ مليون حاج سنوياً غير العمرة وفي بعض الأحيان يكون الكرباج هو الدافع الأساسي للصلاة. اما عن الصوم فهو واجب قومي علي المسلم وغير المسلم تغلق المطاعم وتعطل المصالح وتوصم بالكفر ان أظهرت افطارك وقد تحاكم قانونياً . وفي الجانب الاخر انت تذكر انه في الدول المتقدمة تتناقص عدد المترددين علي أماكن العبادة . بدون شك أننا لا نستطيع ان نضع كل هؤلاء الناس في سلة واحدة فهناك من يحب الله محبة حقيقية ويريد ان يتواصل معه ولا يسلك بالفساد . وهناك الذي يعلم داخله ان ما يرتكبه من فساد هو شيء خطاء ولكن لا يعرف البديل فهو رب أسرة ويريد ان يوفر لها القوت اليومي او شاب يريد الزواج ولا يجد مصاريف الزواج ومثل هؤلاء لو توفرت لهم البيئة الصالحة أي إذا كان دخله مناسب لاحتياجات المعيشة فلن يرتكب هذا الفساد. وهذه هي مسئولية الدولة ان توفر للمواطن مستوي معيشةإنساني . اما النوع الثالث فهو فاسد من اجل الفساد فهذا لا يضبطه غير القانون. الشيء العجيب ان في مصر قبل ثورة ٥٢ "المجيدة" كان من يضبط مرتشياً يشهرون به في الجرائد والآن الذي يرفض الرشوي هو من يذكر اسمه في الجرائد كنوع من التكريم. الشيء العجيب ان كل ما ذكرته عن ما يردده شيوخ الفساد هو نفس المضمون الذي كان يردده الشيوعيون في ستنات القرن الماضي . انها السياسة ياسيدي التي من الممكن ان تضبط المجتمع بخلق مجتمع ديمقراطي ، عادل ، حر تتوفر الحياة الإنسانية الكريمة لأقل فرد فيه ولكن ماذا إذا كان السياسيون والحكام فاسدين "حاميها حراميها " لا يجد الفرد غير الله ليلجيء اليه ليحل له كل المشاكل. كل ما ذكرته سابقا ينطبق علي أي مجتمع ولكن ياعززيزي الإرهاب الحالي قد يكون عامل من عوامل الشباب للانضمام الي المنظمات الإرهابية ولكن ماذا عن الذين ياتون من المجتمعات الغربية وكل ما ذكرناه سالفاً لا ينطبق عليهم. وماذا عن الأعمال الإرهابية التي تنفذ في الغرب . ه
الفساد داء وخيم
صاحب تعليق رقم ٢ -فاتني ان أحييك يا أستاذ سامي في تعليقي رقم ٢ و أنا اتفق مع كل ما جاء في مقالاتك الجميلة عن أشكال الفساد المنتشرة بين كل فئات المجتمع من الفراش الى الوزير الى المواطن العادي الذي يتوسط ، الحقيقة الفساد هو الداء الذي ينخر في المجتمع و هو احد ألاسباب الذي يدفع الشباب للالتحاق بداعش لتصورهم ان في الدولة الاسلامية لا يوجد فساد