حكومة نتنياهو الرابعة.. إستعمارية وعنصرية
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
اصطدمت جكومة نتنياهو الرابعة في اول اجتماع لها ( الإثنين 11 مايو ) بأحزاب المعارضة، عندما عرضت مشروع قرر يمنحها حق زيادة اعداد وزرائها، تعترض عليه بشدة وتطالب بتقرير شامل يوضح التكلفة المالية لهذا المشروع..&
نتنياهو قدم هذا المشروع تحت ضغط من حلفائه الذين طالبوه بالوفاء بتعهداته لهم، لكن أحزاب المعارضة التى رضيت منه أن يروج لمجلس وزراءه " المحدود المتقشف " علي حسابها!! طالبته بان ببيان أمام الكنيست يعرض فيه بالتفصيل مبررات هذا التوسع " غير المبرر " من وجهة نظرها..&
ازعم أن رئيس وزراء إسرائيل مضطر لبذل مزيد من التنازلات للمعارضة من ناحية وللأحزاب المتحالفة معه من ناحية ثانية لكي يتمكن من تمرير مشروع التوسيع الوزاري حتى يتلافي أو صدام علني علي مستوي الشارع الإسرائيلي بعد ان إستبق الإعلان عن التشكيل الجديد لحكومته بالتأكيد " عملياً " أنه صار أكثر تصميماً علي مواصلة سياسية إحتلال اراضي الشعب الفلسطيني وأكثر عنصرية تجاه إبناءه جميعاً بلا إستثناء..&
لماذا؟؟..&
لأنه ببساطة خضع للإبتزاز علي يد مجموعة من الأحزاب الأكثر تعصباً والتي تعمدت أن تعتصره حتي النخاع!! لدرجة أنه إضطر إلي إصدار موافقته المباشرة لبناء 900 وحدة سكنية في مستوطنة " رمات شلومو " التى تقع شمالي القدس الشرقية المحتلة إغتصاباً من إراضي بلدة عربية يعيش فوقها المستوطنون في حماية حرس الحدود..&
كان في إمكانه أن ينجو من هذا المصير!! ولكنه استهلك فترة الـ 42 يوم الُملزمة له دستورياً لكي يشكل حكومته، في كر وفر بين رؤساء عدد من الأحزاب ذات الثقل مثل يتسحاق هرتسوج و افيجدور ليبرمان، ولكنه لم يتوافق معهما، ليس لأنهم علي غير شاكلته العنصرية، ولكن لأن ما عرضه عليهما أقل كثيرا مما يطمعان في الفوز به..&
نقول ذلك..&
لأن تجارب حكومات إسرائيل االمتعاقبة منذ أكثر من أربعة عقود تؤكد أنه لا يوجد بين ساستها حمائم مناصرون للسلام وفق قواعد القانون الدولي كما تراه المنظمات الدولية والإقليمية!! كلهم بلا إستثناء صقور متشددون يخططون لمواصلة الإحتلال وتطبيق سياساته العنصرية، بإستغلال حالة الإنقسام المتعقمة داخل الساحة الفلسطينية التي لم تعد قادرة علي ممارسة سياسات النضال من أجل التحرر والإستقلال بوجهيها العسكري والسياسي..&
ونقوله..&
لأن حكومة نتنياهو هذه، كما تقول التقارير التى خرجت حتي اللحظة من داخل إسرائيل " هشة وقابلة للسقوط ربما في وقت قريب " لأنها تجمع خليطاً من ذوي الأيولوجيات المعادية للفلسطينيين خاصة وللعرب عامة من جانب، ولأن الأحزاب التى شاركت فيها لن تسعي للسلام ولن تعمل من أجل الإستقرار في المنطقة ككل من جانب أخر..&
فرئيس حزب " البيت اليهودي " نفتالي بينيت الذي تولي وزارة التربية والتعليم معروف في الداخل والخارج بآراءه العنصرية وأفكاره المعادية ليس فقط للفلسطينيين في الأراضي التى تحتلها حكومة بلاده، بل ايضا للأقلية العربية التى تعيش بين جنبات مجتمعه اليهودي.. لذلك لا يتوقع المراقبون من وراء إختياره إلا مزيد من التشدد والتطرف علي مستوي المناهج التعليمية خصوصاً في مراحل التعليم الأولي، وعلي مستوي العلاقة بين المدرس وتلاميذه، وعلي مستوي الإدرات التعليمية والمدرسية تجاه الطلاب العرب بالذات..&
وعلينا أن نتذكر معاً أن وزارة التربية والتعليم كانت دائماً حاضنة لخطط تنفيذ سياسات التعليم العنصرية المتعاقبة التى تعمدت من خلالها دولة الإحتلال طمس الهوية العربية وإعلاء شأن الشخصية الإسرائيلية وتهميش التاريخ العربي لحساب تاريخ جماعات الإغتصاب الهودية منذ اواخر القرن الثامن عشر، وأنها لم تحترم في يوم من الأيام التقارير التى نشرتها هيئة اليونيسكو تباعاً إعتراضاً علي هذه السياسات الفاشية..&
وبرغم كثرة المعترضون علي تولي أييلت شكيد زميلة نفتالي المقربة لمنصب وزيرة القضاء وكثرة المعترضين علي توليها رئاسة لجنة التشريع في الكنيست، إلا أن حزبها ومعه مكتب نتنياهو لم يعيروا أذاناً صاغية لأي من الفريقين.. مما ساهم في تزايد عدد المحللون الإعلاميون الذين توقعوا أن ينعكس تطرفها وتشددها علي أكثر من جبهة.. صلاحيات محكمة العدل العليا وكذا مساحة حريات التعبير والتظاهر التى أعلن نتنياهو قبل بدأ الحملة الإنتخابية الأخيرة انه ضاق ذرعاً بها!! وتنمي أن يتبني الكنيست مشاريع قوانين تَحد من مثل هذه الظواهر التى تسئ في رأيه " للمجتمع الإسرائيلي وصورته في الخارج "..&
بقية الجوائز الوزراية التى فاز بها حزب البيت اليهودي تبرهن علي أنه نجح إلي حد كبير في أخضاع رئيس الوزراء لإرادته.. فمنصب وزير الزراعة وكذا منصب نائب وزير الأمن يعبران عن قبول من جانب نتيناهو لتنفيذ سياسات استيطانية مستقبلية من شأنها ان تقضي تماماً علي أي أمل للفلسطينين في إعلان قيام دولتهم علي كامل الأراضي التى إحتلتها في أعقاب حرب يونية 1967 أو حتي نصفها.. لأن ما كانت تعرضه إسرائيل منها قبل أربعة اعوام ضمن مباحثات " حل الدولتين " لا يزيد عن 22 % من مساحتها الأصلية!! وليس من المتوقع أن تبقي هذه المساحة علي حالها مهما كانت درجة التفاؤل عند البعض، لأن مخطط الوزير الجديد أوري أرئيل في هذا الخصوص يقوم علي ثلاثة محاور معروفة.. توسيع مساحة المستعمرات ( المستوطنات ) الحالية و الإستلاء علي مزيد من أراضي العرب لبناء مستعمرات جديدة فوقها و العمل علي تهجير العدد الأكبر من عرب ‘سرائيل خارج القدس وخارج النقب، وإن إستطاع فخارج إسرائيل نفسها..&
وزارة المالية ذهبت إلي موشي كحلون رئيس حزب " كلنا " الذي إنشق عن تجمع الليكود بسبب الخلاف علي سياسات نتنياهو، اليوم تتوائم التواجهات وتتوافق السياسات بين الرجلين لتحقيق مجموعة من الأهداف المالية التى تخدم سياسات الإحتلال.. فمن ناحية علي وزير المالية أن يعمل علي إرضاء الدراسون للعلوم الدينية وتأجيل أعفائهم من تكاليف دراستهم التى تثقل كاهل ميزانية الدولة، ولا بد من التحرك بهدوء ناحية زيادة الضرائب دون إثارة حفيظة رجال الأعمال والشرائح الأعلي من الطبقة المتوسطة، و لابد من العمل علي جذب المزيد من التبرعات الشخصية والهبات الحكومية لتغطية عدد من المشاريع الإنمائية الخدمية التى ليس لها بنود في ميزانية الدولة للعام الحالي والعام القادم..&
أما حزب شاس الديني الأكثر تشدداً وتطرفاً ففاز بثلاثة وزارات.. الأديان و الإقتصاد و شئون النقب والجليل!! وبرغم أنها ليست وزارات سيادية من الدرجة الأولي، إلا أن هذه النوعية من المسئوليات تمنح ( وزراء شاس ) يد عليا تلي مباشرة أقطاب حزب الليكود الذين سيتولون وزارات الدفاع والخارجية والداخلية والأمن الداخلي.. الخ.. فوجود كوادر لأحزاب شديدة التطرف علي رأس وزارات التربية والتعليم و العدل والأديان والمالية يعني مباشرة إن حظ الافكار السلمية صفر، وحظ الخدمات التى تخص الاقلية العربية سيهبط إلي ادني مستوي، والدفاع عن حقوق الانسان وحرياته الأساسية سينكمش إلي أبعد حد..&
من ناحية أخري وضع حزب " يهدوت هتوراة " يديه علي وزارة الصحة بالإضافة إلي رئاسة اللجنة المالية بالكنيست، وهذا يشير بقوة إلي أن نصيب الأقلية العربية داخل إسرائيل من الخدمات الصحية سيتراجع ومن المتوقع ان تصدر تعديلات قانونية عن طريق اللجنة التشريعية الجديدة بالكنيست ترفع عنهم ما بقي من خدمات مجانية في العلاج والخدمات الطبية التى من المفروض انها متساوية بين مواطني الدولة الواحدة التى لا زال البعض يصر علي وصفها بانها " واحة الديموقراطية في الشرق الأوسط "..&
إذن لا نتجاوز الحقيقة عندما نقول.
نجحت الأحزاب المتطرفة في إحكام قبضتها علي عنق نتنياهو أو في تحويله إلي بطة عرجاء كما قال تحليل سياسي في أكثر من صحيفة أوربية، بل هناك من التعليقات من توقع أن يُعلن رسمياً عن دفن خطط السلام التى عبرت عنها اتفاقية أوسلو عام 1993 كما تنبأت صحيفة الإندبندنت البريطانية يوم 8 مايو الجاري، لأن الأحزاب الخمسة المشاركة في تشكيل حكومة إسرائيل الجديدة " تتبني مواقف سياسية تبتعد كثيراً عن المطلب الفلسطيني الأساسي الذي يتمسك بضرورة إنسحابها دولة الإحتلال إلي حدود عام 67 ".. وذكرت الصحيفة قرائها أن نفتالي بينيت رئيس حزب " البيت اليهودي " لم يكتف إبان فترة معارضته لسياسات حكومة نتنياهو السابقة قبل بعضة اشهر برفض حل الدولتين، ولكنه طالب عبر جلسات الكنيست بضم الأراضي المقام عليها مستوطنات بالضفة الغربية إلي دولة إسرائيل بشكل نهائي.
ولا نتجاوزها أيضا عندما نؤكد.
أن رفض افيجدور ليبرمان للمشاركة في حكومة نتنياهو الرابعة لا يدل علي تعفف أو تغيير جذري في توجهات حزبه " يسرائيل بيتنا " أو لرفضه التنازلات التى قدمها رئيس الوزراء للأحزاب المتطرفه، لأنه واحد منها، ولكن لأنه يتوقع مع أول تعديل وزاري ان يفوز بمكافأة أكبر منها جميعاً، وكذلك حال زعيم حزب العمل يتسحاق هرتسوج الذي إستنكر كلية إسناد وزارة العدل لحزب البيت اليهودي، ووصفه بأنه يمثل " إزدراء بالقانون وبالمواطن الإسرائيلي وبالديموقراطية "، إذ تشير التقارير انه سيلعق اقواله هذه إذا عرض عليه منصب نائب لرئيس الوزراء..&
فهل بعد ذلك هناك من لا زال يتوقع من هذه الحكومة سلام مع الجانب الفلسطينى وإستقرار مع الجوار العربي؟
* استشاري اعلامي مقيم في بريطانيا drhassanelmassry@yahoo.co.uk