فضاء الرأي

نترك الحزب للرفاق

-
قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
&أكثر سعيد، زبال بلدتنا الصغيرة أيس، من مراجعته رئيس البلدية، ومسئول المنظمة الحزبية؛ يرجوهما زيادة راتبه الصغير، وزيادة علاوة حماره الذي ينقل عليه أوساخ وزبالة البلدة. وكان صادقا تماما في عريضته التي أملاها على ابنه الطالب في المتوسطة " نظرا لارتفاع تكاليف المعيشة،وغلاء سعر علف الحمار، نرجو زيادة مخصصاتنا، أنا والحمار، بمبلغ مناسب" لكن مدير البلدية ومسئول المنظمة الحزبية أبلغاه أنهم في المجلس البلدي؛ قرروا زيادة مخصصات الحمار مبلغ نصف دينار شهريا، ولا يستطيعون زيادة مخصصاته هو، لأن البلد في حالة حرب، وفي تقشف! صدم السيد سعيد، لم يتفوه بكلمة، لكنه وهو يزاول عمله كان يشعر إنه ظلم كثيرا، وصار ينظر إلى حماره بشيء من الحسد، رغم إن ما احتسبوه له من مخصصات لا يكفي لتغذيته في كده اليومي الطويل؛ فأصابه الهزال والوهن! صار سعيد كلما رفع كومة من الزبالة من أمام محل أو مقهى أو بيت يميل إلى صاحبه ليهمس بإذنه " أسمعت؟ رفعوا الحمار درجة، أعطوه علاوة في الراتب، ولم يعطوني أنا أي شي!&ـ لماذا؟&ويجيب بصوت خفيض، كأنه يبوح بسر خطير:&ـ الحمار صار عضوا بالحزب،أنا تدري ضد الحزبية والتحزب!&لم يلبث كلامه أن وصل إلى مسئول المنظمة، ورئيس البلدية. استدعياه، وبخاه بشدة، وأبلغاه بقرار فصله وحماره من الخدمة في البلدية. قال مسئول المنظمة: "رأفنا بحالك، لو كتبنا في وقاحتك تقريرا للجهات العليا، لألقوك في السجن سنوات طويلة، وربما أعدموك! احذر أن تفتح فمك ثانية!"&لم يتقدم أحد لشغل وظيفة سعيد، ليس فقط كونها شاقة ومزرية، لكن بعضهم قال أنهم تضامنوا معه بصمت. تراكمت الأوساخ في البلدة الصغيرة، كثر الذباب والبعوض، وملأت الروائح النتنة الأمكنة! قال رئيس البلدية: "يبدو أننا لم نكن نعرف قيمة سعيد، به كانت بلدتنا تشع نظافة!" تفتق ذهنه عن حل عبقري؛ نقل مخصصات الحمار إلى راتب سعيد القليل، وجعل اسمها "مخصصات معيشة للزبال" بدلا من "مخصصات علف للحمار"! في مقر المجلس البلدي؛استدعوا سعيد وأبلغوه قرار إعادته إلى الخدمة،وأمروه بأن يتراجع أمام الناس، ويسحب كلامه غير اللائق بحق حزب مناضل،ذي تاريخ مجيد، يقود الدولة! وعدهم بتنفيذ ما أرادوا؛ فهو لابد له أن يعمل؛ لكي لا يموت أطفاله جوعا. صار سعيد كلما رفع كومة زبالة من أمام محل أو مقهى أو بيت؛ يميل على أذن صاحبه هامسا:&ـ الحمار ترك الحزب!&ـ لماذا؟&ـ الحمار يقول؛ شغل الحزب مسؤولية كبيرة ،ومهم كثير، اجتماعات وخطب وتصريحات، وأنا كبرت، وما عندي حيل، نترك الحزب للرفاق، فيهم البركة!

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
الأنسان الحر
عبد العظيم فليح -

الأنسان الحر لايمكنه العيش تحت مضلة التنظمات المؤدلجة أي كانت حزبية أو دينية لأنه سوف يخضع للتفكير الجمعي الذي ربما لاينسجم من رأيه .قصة معبره من كاتب كبير.

تعليق
سعاد -

أرى أن التواصل بين الكاتب والمتلقي بات ضرورة، لذا حبذا لو أن الكاتب يُذيل ما ينشره بعنوان بريده أو موقعه الإلكتروني. قصة جميلة، نأمل أن يُتحفنا الكاتب الرائع والمتميز بالمزيد.

شكرا لتواصلكم
ابراهيم -

كنت سابقا اضع عنوني الالكتروني جاءتني شتائم واحيانا تهديد من المؤسف البعض يضيق صدره بالراي المختلف يسرني تواصلكم على الخير