كتَّاب إيلاف

لماذا فشل مؤتمر جنيف؟

-
قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك


أشعر بأن الكثيرين قد صدموا من فشل الأمم المتحدة في الخروج بنتائج ايجابية من مؤتمر جنيف للبحث عن حلول للأزمة الراهنة في اليمن، حيث ثارت شكوك حول انحياز ممثلي المنظمة الدولية ضد المصالح العربية وانحيازهم للحوثيين مراعاة لإيران وبالتبعية لحسابات الولايات المتحدة الأمريكية وتصوراتها الاستراتيجية المستقبلية في منطقة الخليج العربية. وما يؤجج هذه الشكوك أن المبعوث الأممي اسماعيل ولد الشيخ أحمد قد رفض أن تكون قرارات الشرعية الدولية أرضية انطلاق للحوار في جنيف، ما يعني بالتبعية أن المنظمة لا تعترف بالقرارات التي تصدرها ولا تبذل أي جهد من أجل تنفيذها والزام أطراف الأزمة بها، فكيف يمكن لهذه الأطراف أن تحترم القرارات الأممية؟
أحد القرارات التي استبعدها ممثل الأمم المتحدة في جنيف هو القرار رقم 2216، الذي ينص على ضرورة انسحاب الحوثيين من المدن والمناطق التي سيطروا عليها منذ 21 سبتمبر 2014 وتسليم أسلحتهم، ومن هنا فإن استبعاد القرار كأرضية انطلاق لمفاوضات جنيف يعني إضافة نقاط سياسية مجانية للحوثيين ولا أبالغ حين أقول أن استبعاد التفاوض على أرضية هذا القرار يعني بمفهوم المخالفة اعتراف بالواقع على الأرض، من ثم التفاوض حوله!!.
هناك تحليلات ترى في "ليونة" المبعوث الأممي إزاء غطرسة الوفد الحوثي في جنيف انعكاس لموقف أمريكي يستهدف تقديم "جزرة" لإيران الراعي الرسمي للحوثيين مقابل انتزاع مواقف إيرانية أكثر مرونة في مفاوضات البرنامج النووي التي يقترب موعد توقيع اتفاقها النهائي المرتقب من دون بزوغ بوادر ايجابية على التوصل إلى صيغة توافقية يتطلع إليها الرئيس أوباما بشغف شديد وواضح.
الواقع يؤكد محدودية قدرات الأمم المتحدة في تسوية الأزمات واحجامها عن لعب دور فاعل في المناطق الساخنة من العالم، حيث تحولت المنظمة الدولية إلى ساحة للجدل والنقاش وإصدار القرارات ضعيفة الأثر والمردود في افضل الأحوال والتقديرات! وهناك عدد لا بأس به من الأمثلة والبراهين على ذلك، وفي مقدمتها الوضع في سوريا التي بات شعبها في صدارة لاجئي العالم من دون أن تتحرك الأمم المتحدة قيد أنملة على طريق البحث عن تسوية جادة للازمة عدا إصدار بيانات بروتوكولية لا تسمن ولا تغني من جوع. القضية الفلسطينية هي الأخرى تظل الشاهد التاريخي المزمن على عدم فاعلية دور الأمم المتحدة في انهاء الصراعات وتسوية الأزمات والبحث عن حلول عادلة ونهائية للقضايا الدولية.
السؤال الذي يطرح نفسه إذاً هو: لماذا تتحرك الأمم المتحدة في الملف اليمني طالما أنها لا تمتلك الطاقات الدبلوماسية اللازمة لبلورة حلول وطرح تسويات ملزمة لأطراف الصراع؟ إجابة هذا التساؤل تحتاج إلى تحليل معمق للنظام العالمي القائم والديناميات والآليات التي يتحرك ويعمل وفقاً لها، ولكن المنظمة الدولية لم تعد طرفا فاعلا في النظام العالمي، وهذه حقيقة قائمة منذ أن تحولت الأمم المتحدة إلى أداة لاضفاء شرعية دولية مزعومة على قرارات وسياسات القوى الكبرى وبما يراعي مصالح هذه القوى ويحقق أهدافها.
قناعتي الذاتية أن الإشكالية لا تكمن في الأمم المتحدة كمنظمة ولا في انحيازها ولا فاعلية ممثليها في الأزمات، بل في هيكل النظام العالمي الحالي، الذي يخضع لإرادة قوة عظمى وحيدة جعلت من الأمم المتحدة إحدى المؤسسات التنفيذية لسياساتها الخارجية، وهذا الأمر ليس فيه تحامل على المنظمة الدولية ولا اتهام لها بل هو توصيف لواقع قائم، وإلا فليفسر لي أحدهم مغزى الالحاح الدائم من القوى الاقليمية والدولية على إصلاح الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي بما يخلق نوع من التوازن في هيكلية العلاقات الدولية.
ومن ثم، لا استطيع اتهام الأمم المتحدة بالانحياز ضد قضايا العرب، فمنذ أسابيع قلائل شهدت اروقة المنظمة الدولية انتصارا دبلوماسيا وسياسيا غير مسبوق للدول العربية في الأزمة اليمنية من خلال إصدار قرار مجلس الأمن رقم 2216، الذي أصدره مجلس الأمن الدولي في الرابع عشر من ابريل الماضي بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، ويفرض فيه حظرا للسلاح على الحوثيين وأنصار الرئيس اليمني المخلوع علي عبد الله صالح، ويدعو الحوثيين إلى الخروج من المدن والمناطق التي استولوا عليها بما فيها العاصمة صنعاء.، وقد صوتت 13 دولة لصالح القرار، ولم تعارض أي دولة، بينما امتنعت عن التصويت دولة واحده فقط هي روسيا. وبالتالي لا يصح أن نكيل ـ على المستوى التحليلي ـ بمكيالين ونتهم الأمم المتحدة ونبرىء ساحتها وقتما نريد وحسب النتائح واتجاهات الأحداث.
أزمة فشل مؤتمر جنيف ليست ناجمة عن "تحيز" مزعوم للأمم المتحدة، بل في تدخل اطراف خارجية مثل إيران ليس من مصلحتها إطلاقا تسوية الأزمة اليمنية في التوقيت الراهن، فطهران تريد لليمن أن يتحول إلى مستنقع لاستنزاف طاقات السعودية ومواردها وصرف أنظارها عن قضايا وأزمات اقليمية أخرى مثل سوريا والعراق، كما أن إيران تريد صفقة مقايضات شاملة حول مجمل الأزمات التي تمتلك وكلاء فيها مثل سوريا والعراق واليمن، فضلا عن البرنامج النووي الايراني الذي يعد الطرف الغائب الحاضر الذي يخيم على أجواء أي نقاشات أو مفاوضات حول الأزمات الاقليمية.
من الصعب تصور حصول الحوثي وجماعته على ضوء أخضر إيراني لتسوية الوضع في اليمن من دون أن تطمئن طهران على انتزاع ماتريده في مفاوضات البرنامج النووي وأزمتي سوريا والعراق، وبالتالي فإن مواقف الحوثيين المتغطرسة في جنيف لم تكن سوى انعكاس لرغبة طهران في إطالة أمد الأزمة اليمنية حتى ترى الدخان الأبيض من داخل قاعات التفاوض حول البرنامج النووي!!.
في ضوء ماسبق، استطيع القول أن فشل مفاوضات جنيف هو انعكاس واقعي لتعقد الأزمات الاقليمية، وتأكيد فعلي على أن ثمة لاعب واحد يربك حسابات الأطراف الاقليمية والدولية جميعها، ويتسبب في تشريد ملايين العرب ومعاناتهم في الملاجىء والصحاري، هذا الطرف هو إيران، الدولة التي تجد في اللحظة التاريخية الراهنة فرصة مثالية لتحقيق طموحاتها الاستعمارية التوسعية على حساب العرب.
&

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
It''s not fare walla
دايح -

اعتقد ان المندوب الاممي ولد الشيخ احمد شيعي مجوسي فارسي والا ليش ما يوگف مع السعودية

معلومة
متابع -

الامم المتحدة ومجلس الأمن كيانان منفصلان. انت كاتب سياسي والمفروض تعرف هذا الشي

الحقيقه
ابو يوسف -

اﻻمم المتحده كمنظمه هي مسخره لخدمه الدول اللتي تمتلك الفيتو فﻻيمكن ان نتهم امريكا فقط واللكل يعرف بالفيتو الروسي قبل الفيتو اﻻمريكي. اما عما يحدث اﻻن في اليمن وتصرف اﻻمم المتحده المتناقض فهو اكبر من ان تكون ورائه ايران فقط. اسرائيل مثلا تحب ان تستنزف طاقات المنطقه وفي مقدمتها السعوديه. ايران مجرد دوله غبيه وسقوطها وشيك ان شاء الله. السعودية ممكن ان تقود العرب في هذه المرحله. مشكله اليمن وهي كمشكله سوريا والعراق ولبنان سوف لن تحل سياسيا او منطقيا او حتى اخﻻقيا او اسﻻميا ﻻن هذه ليست صفات ايران واصدقائنا هم اقرب ﻻعدائنا الينا. الحل العسكري العربي واتحاد العرب اصبح غرض وجودي قبل كل شيى. نريد وﻻده جيش اﻻتحاد العربي او حتى جيش الحشد العربي لتحرير بﻻد العرب من براثن ايران و المليشيات المتطرفه اللتي انتجتها ايران سنيه او شيعيه فالكل يعمل لخدمه ايران. امتلاك جيش عربي موحد لتحرير بدا باليمن وسوريا والعراق ولبنان هو سوف يكون فيتو العرب في اﻻمم المتحده وسيمنع اعداء اﻻمه بالتطاول على العرب وبلدانهم. ارجو من قاده العرب ان ﻻيفسرو هذا الشي كحلم او كغرض بعيد المنال وتجربه عاصفه الحزم هو خير مثال على فعل المستحيﻻت.

الخليج الفارسي إلى الابد
منصور العمادي -

الكاتب العزيز نسي ان الأمم المتحدة دعمت العدوان الصهيو وهابي على اليمن الشقيق بسبب فشلكم في العدوان على اليمن وانتم تبون الخروج من المستنقع اليمني بأي طريقة اتقول على نفسك كاتب أو محلل سياسي ايش دخل الموضوع النووي الإيراني بالموضوع اليمني الملف النووي الإيراني اكبر من كل الملفات في المنطقه مالها أي علاقه بجميع الملفات في المنطقه أما الأخ يقول ان إيران دوله غبية هي غبيه ومبهدلتكم انتم خايفين منها وتصرخون في قنواتكم واعلامكم اربع عشرين ساعه من الخطر الإيراني والتمدد الايراني في المنطقه ومسؤولين في دول الخليج الفارسي يوم في موسكو ويوم في باريس يستنجدون زعماء العالم ويوقعون صفقات بمليارات الدولارات إيران نجحت بغبائكم يالعرب دخلتم في حرب استنزاف في اليمن وان شاء الله الاتفاق النووي الإيراني صاير غصب على العرب أحفاد ال سلول ومشركين قريش الجدد المتمثله في دول الخليج الفارسي

االى اﻻخ منصور العمادي
ابو يوسف -

ارجو ان تسمح لي ان اشرح مفهوم الغباء اﻻيراني. ايران دوله توسعيه ﻻشك فيه تعتمد على مفاهيم قديمه كمفاهيم اﻻحتﻻل المغولي لبغداد قبل الف سنه. الغرض هو القياده اﻻسﻻميه وتركيز حكم المﻻلي اللذي لم يحقق اي شي للشخص اﻻيراني او المنطقه او اسﻻميا. بذو الشر اﻻيرانيه في المنطقه وتكريس الطائفيه هي سبل النجاة فقط لحكام ايران ومرحلي فقط ومن هنا اتى مفهوم الغباء. اخذ مثﻻ بلدان مثل اليابان والصين وحتى اﻻوربيه قد احتلت العالم بقدراتها ومفاهيمها اﻻنسانيه. وحتى اﻻسﻻم اﻻول قد انتشر في العالم بالمفاهيم السﻻم والتعاطف واﻻنسانيه. لماذا ايران اتبعت سياسه الفرقه في المنطقه. لماذا الولي الفقيه لم يتبع سياسه غاندي او مانديﻻ؟ الغباء اﻻيراني لم يقتصر هنا بل ان اﻻيرانين قد دمرو كل طرق التواصل في العاام العربي واﻻسﻻمي وحتى عالميا الشخص اﻻيراني منبوذ بعض الشي في كل مكان ولك مثال في استراليا تريد ان تعيد الﻻجين اﻻيرانين. المذهب الشيعي ممنوع في بعض بلدان الشرق اﻻدنى والعالم يرى في ايران كدوله ارهابيه ومريبه. الغباء اكثر بان ايران تعتبر اﻻتفاق النووي هو انجاز للثوره اﻻيرانيه والكل يعلم هو سوف يكون نقطه تدمير لﻻيران وكشف اسرارها واسرار عمﻻئها. هذا كﻻم وليك الفقيه. كل هذا الدمار للشعب اﻻيراني ودوﻻن المنطقه وبعدك تشك بكلمه الغباء اللتي اطلقت على سياسه ايران, سامحك الله. اما اذيه ايران للمنطقه وللعرب فانت محق تماما ولكن هناك مثل عربي يقول بان ماياكله العنز يجده الدباغ والسﻻم

ياراجل عيب
ابوحسين -

كيف الامم المتحدة ومجلس الامن كيانان منفصلان يارجل؟ هما يعملان ضمن كيان واحد وهو مؤسسة الامم المتحدة سودت وجهنا

كلام صحيح
ابو حسين -

اتفق مع الكاتب لان الجميع يتهم مبعوث الامم المتحدة بالتحيز والمسالة اكبر من الرجل بكثير فهو نظام دولي لا يمكن ان يحقق اهداف بعيدة عن مصالحه