فضاء الرأي

الجيش العراقي وميليشيات ملوك الطوائف!

-
قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك


أن تزعم أي حكومة أو دولة مواجهة الإرهاب ومحاربته بشتى الطرق والأساليب، فهذا أمر لم يعد مثار جدل أو نقاش في ظل الظروف الراهنة التي تعصف بمنطقة الشرق الأوسط، وتمدد ما يسمى تنظيم "الدولة الإسلامية" في كل من العراق وسورية، ومواجهته تحالفاً دولياً مكوناً من عشرات الدول والجيوش من دون أن يتمكن من إيقاف تمدده وتغوله!
الدولة العراقية ومؤسساتها الأمنية التي تعرف تهلهلاً وتضعضعاً كبيراً جراء عمليات تنظيم الدولة في مناطق نفوذها، لكنها تشهد حالياً تهديداً خطيراً، يتمثّل بالهجرة الواسعة من صفوف قوات الجيش العراقي التابع لوزارة الدفاع، إلى الميليشيات، وهو خطر توسّع في الفترة الأخيرة بسبب الامتيازات المالية والمعنوية والحصانة الممنوحة لمليشيات "الحشد الشعبي"، ما يُنذر باتساع ما عُرف أخيراً بحكومة الظل الدينية في العراق أو "دولة المليشيات".
يلقي الكثير باللائمة على الحكومة في الفشل بإعادة الهيبة للجيش العراقي ودعمه مالياً وعسكرياً ومعنوياً في ما آلت إليه الأمور من تذمّر كبير في صفوف الجيش النظامي الذي يجد نفسه متراجعاً أمام البشمركة الكردية وتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) ومليشيا "الحشد الشعبي".
واقع الحال أن المئات من عناصر الجيش العراقي، وبحسب تسريبات من داخل وزارة الدفاع العراقية، التحقوا بصفوف الميليشيات وتركوا الجيش بشكل نهائي، واتسعت هذه الظاهرة مؤخراً في عدد كبير من وحدات وألوية الجيش العراقي، إذ يترك الجنود الجيش ويلقون أسلحتهم وهوياتهم العسكرية ليذهبوا إلى صفوف الحشد الشعبي، حيث المال والراحة وعدم التقيّد بالقوانين العسكرية والإدارية، فضلاً عن مكانة اجتماعية لعناصر هذه المليشيات داخل بلداتهم وعائلاتهم أيضاً.
يحصل عنصر الميليشيا على ضعف ما يحصل عليه الجندي العراقي من مال، إذ يقبض مرتبين؛ الأول من إيران والثاني من الحكومة العراقية، فضلاً عن هبات وهدايا من رجال الدين، كما أن عنصر المليشيا يرتكب ما يحلو له من دون أن يُحال لقضاء أو يُحاسِب على عكس الجندي النظامي.
قوات الحشد الشعبي هي من تنفذ عمليات الإعدام الميدانية والحرق والسحل والسرقة، وهذا بحد ذاته مصدر دخل إضافي لها، إذ تحصل على ما يُعرف بـ"الغنائم" من معاركها تلك، ما أدى إلى تسرّب أكثر من 2700 عسكري من الجيش إلى المليشيات بمختلف فصالها خلال شهر واحد تقريباً، بحسب مسؤولين في وزارة الدفاع العراقية.
وتعاني وزارة الدفاع العراقية إهمالاً كبيراً من قِبل الحكومة، وسط مساعٍ لتهميش دورها في المعركة على الإرهاب، ولا تحظى المؤسسة بأي دعم مادي أو لوجستي، فضلاً عن أنّها تعاني حالة تسيّب كبيرة بسبب سيطرة المليشيات على كافة مفاصلها. ويتغيب مئات الجنود عن الخدمة بشكل مستمر، ولا أحد يستطيع أن يعاقبهم أو يتخذ بحقهم أيّ إجراء قانوني، لأنّهم عند عودتهم إلى وحداتهم يجلبون معهم كتاباً رسمياً من إحدى فصائل الميليشيات يخاطب الوحدة العسكرية بأنّ المنتسب منتمٍ للفصيل المسلح وكان في واجب رسمي، الأمر الذي أوجد حالة فساد كبيرة داخل المؤسسة العسكريّة.
واقع الحال أن مساعي تقويض الجيش العراقي هي قضية متفق عليها داخل الحكومة العراقية وبالتفاهم مع دول إقليمية تسعى لذلك. فالحكومتان الحالية (حكومة العبادي) والسابقة (حكومة نوري المالكي) عملتا باتجاه واحد بالتعاطي مع الجيش العراقي ووزارة الدفاع، والمالكي تسبّب بانهيار وهزيمة للجيش خلال دخول داعش إلى الموصل، وهذا الأمر لم يحدث مصادفة، بل تم التمهيد له والاتفاق المسبق على ذلك. وجاء العبادي ليكمل ما بدأه سلفه المالكي تجاه المؤسسة العسكرية، ودفع باتجاه تبنّي مشروع الحشد الشعبي ودعمه بكل ما يحتاجه من مال وسلاح على حساب الجيش العراقي، فضلاً عن رسم هالة مقدّسة تحيط بالحشد على اعتبار أنّها المؤسسة الأقوى في العراق، والتي لا ترتكب الانتهاكات، وأنّها الجهة الوحيدة التي تستطيع قتال داعش.
استمرار المساعي والتوجهات نفسها من المالكي إلى العبادي، يرجع إلى الجهة التي تدعم هذا الاتجاه، والتي تسعى إلى تحطيم الجيش العراقي، وهي إيران، فإيران تحاول من خلال أدواتها في العراق أن تأخذ ثأرها من الجيش العراقي الذي أذاقها طعم الهزيمة خلال حرب الثمانينيات من القرن الماضي، وثأرها لم يكن فقط من الجيش بل شمل حتى مقابر شهداء الحرب العراقية - الإيرانية في تكريت، والتي نبشتها وسوّتها بالجرافات إبّان معركة تكريت ضد داعش التي قادها الحرس الثوري الإيراني.
كل ذلك تسبب بانهيار معنويات الجيش ضباطاً وجنوداً، والذين فقدوا الرغبة بالعمل في هذه المؤسسة، ما انعكس سلباً على أداء هذه المؤسسة وهمّش دورها خلال المعركة مع تنظيم داعش، وهذا هو المطلوب بالنسبة للحكومة العراقيّة، المليشيات اليوم في العراق تمر بعصر ذهبي لم تعش مثله في السابق، لا في العراق ولا في غيره. فالمليشيات في العراق، والتي صُنّفت اليوم على أنّها مؤسسة عسكرية تعيش فترة غير مسبوقة، من خلال حصولها على الشرعيّة والجهة الرسميّة، وأنّها المؤسسة الوحيدة في العراق التي لا يستطيع أحد أن يحتك بها، من خلال الدعم والحصانة التي حظيت بها من قبل الحكومة والمرجعية، الأمر الذي جعلها وكأنّها مؤسسة مقدّسة.

هشام منوّر... كاتب وباحث

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
شكرا ايلاف
السلطان عبد الحميد -

خيرا فعلت ايلاف اذ لم تنشر تعليقي . لان المقالة غير موضوعية ولاتستحق التعليق .

الى ـ هشام منور
كريم الكعبي -

لم اجد في مقالتك حقيقه واحده لكي يصدقها عقلي. قلبت الحقيقه رأسا على عقب . لم يكن هنالك جيش عراقي مهني يريد حماية ارض العراق من العدوان الخارجي توضيحي للقراء في السابق زمن البعث كان بيد صدام قتل الملايين من الشيعه في الانتفاضه الشعبانيه والاكراد لخدمة البعث ومجرميه واليوم رهن بيد القاده البعثيين من الضباط الكبار الذين اغلبهم من السنه العرب وانهم من المناطق التي تسيطر عليها داعش وبما لايقبل الشك هم يتعاملون مع داعش في الخفاء وامثله كثيره في هذا الباب ومنهم من سلم ثلث العراق وسرق ميزانية القوات المسلحه بعشرات المليارات من الدولارات نتيجة استخدامهم من قبل المالكي للاغراض الانتخابيه . ومن ثم بالمطلق من قيادة الجيش والوحدات والافواج والسرايا ينسحبون من المعركه بساعات دون اعلام مراتبهم بحجه عندهم اجتماع مع امرائهم فيبقى الجيش بدوان ضباط مما يسهل لداعش احتلال مناطقهم ومنهم من يصدر الاوامر لوحدته بالانسحاب اوسرقة ارزاقهم او وضع اسلحتهم في مشاجبها وكثير من الضباط ترك وحدته اثناء الهجوم والتحق بداعش هذا هو السبب الحقيقي لترك بعض المراتب من الجيش ترك الجيش والالتحاق بالحشد الشعبي فعل خيرا العبادي بفصل الجنود والضباط الذين تركوا المعركه واحالتهم الى المحاكم. لم اسمع في حياتي ان قادةجيش يذهبون خارج بلدانهم في اجازاتهم مثل مايفعل هؤلاء القاده الى تركيا او الاردن او قطر والامارات الم يكن من السهل شرائهم من قبل مخابرات هذه الدول أو يعملون لحسابها . ان الحشد الشعبي مكون من الشيعه ومن السنه بقيادة عشيرة الجبور العريقه في صلاح الدين وبعض العشائر الاخرى ودفعت الالاف من ابنائها وبعض عشائر الدليم في الانبار من عشيرة البوفهد والجغايفه والعبيد والبوعلوان وكثير من عشائر الانبار الاخرى حتى وصلوا اكثر من 6 الاف مقاتل بعد قتل ابنائهم من قبل داعش وهناك لواء من الاخوه المسيحيين بقيادة ريان الكلداني والايزيديين والتركمان والصابئه كلهم يريدون افشال مخططات الامريكان بتفتيت وحدة العراق . اي مجازر شارك بها الحشد اذكر لنا واحده

صدام فوبيا
ابن بغداد -

كم انت كبير يا شهيد الاضحى...بعد 12 عام و ما زال اسمك يقضّ مضاجعهم ..لا يصحّ الاّ الصحيح ..العراق بلد عربي و سيبقى كذلك رغما عن المتفرّسين الى ماشاء اللّه