فضاء الرأي

حول خطر تقسيم العراق

-
قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك


من حين لأخر، ترتفع في العراق بين الأوساط السياسية، ضجة تؤجج المخاوف من تقسيم البلاد. المخاوف تصعد وتنزل فيما العراق في حرب حقيقية مع وحوش داعش وذلك منذ ان تسلموا من المالكي الموصل، لقمة سائغة بلا إطلاق نار. ومنذ ذلك والتنظيم الإرهابي يشن حرباً تجمع بين حروب المواقع وحروب العصابات، وتحتل وتتراجع ولتعود للهجوم. انسحبت من تكريت لتحتل الرمادي على مشارف بغداد. وهكذا دواليك.
الوضع خطير وارواح العراقيين وسلامة العراق في خطر اكيد. ان المتساجلين عن الوحدة والتقسيم، بأكثريتهم الساحقة، لا يقتربون من صلب الموضوع وجوهره، وأعني الوحدة العراقية لا تعني فقط الوحدة الجغرافية-الإدارية، واما هي قبل كل شيء وحدة المجتمع القائمة على مبدأ المواطنة بين المكونات، لها خصائصها ولها حقوقها الخاصة، ولكن ما يجمع بينها، انها تعيش في وطن واحد، إذا مُس جزء منه بضرر، أصيبت بقية الأجزاء.
ان ما حصل في العراق هو قبل كل شيء تراجع المبدأ الوطني الذي هو ما يجعل الشعب لحمة واحدة، في الضراء والسراء، وهو ما يصون البلاد من التقسيم. ان تراجع المبدأ الوطني امام استفحال التقوقع على الانتماءات الفرعية ونسيان ما يجمع العراقيات والعراقيين على اختلاف الدين والمذهب والعرق، قد قوض اهم شروط المقاومة الناجحة للعواصف التي تهدد وحدة البلاد محلية او إقليمية او دولية.
ان العراق في حالة حرب كبرى، وفي الأوضاع الطبيعية فان حماية الامن والسيادة تتم بجيش وطني مسلح جيداً، وبقوات شرطة وامن وطنية. والحال ان جيشنا بوضعه الراهن قد اخترقته الطائفية وطاعون الفساد، وزجوا أحيانا فيما لا يجب. الوضع الطبيعي هو الاعتماد على الجيش وبإسناد الشرطة وقوى الامن، ولا حاجة حقيقية لحشود شعبية او عشائرية. ولكن الوضع الحالي هو ما يفرض الحاجة الى هذه القوات، لان اوضاعنا كلها غير طبيعية.
ان أعظم مصائبنا، غياب روح التماسك الوطني، التي كانت سائدة في معظم العهود السابقة للعراق الحديث. في الثلاثينيات جرى نفي زعامات كردية الى الفرات الأوسط، فاستقبلهم شيوخ العشائر بالترحاب والحماس. وثمة صور تذكارية بذلك في كتاب (تاريخ الوزارات) لعبد الرزاق الحسني. وفي كلية دار المعلمين العالية، كان صفنا في أواسط الاربعينيات مكوناً من8 طلاب، بينهم 4 يهود، ومسيحيان ومسلمان أحدهما كردي شيعي والأخرى عربية سنية لم يكن يعوزنا غير آخرين من الصابئة المندائيين والتركمان والايزيدين، ليتجسد العراق المتضامن في صفنا، وهذا ما حدث في السجن فيما بعد. وعندما اندلعت وثبة 1948 ضد معاهدة بورتسموث (وقد شاركت فيها كجندي من جنودها) كان الحماس الشعبي من النجف والكاظمية لا يقل عنه في الاعظمية وبغداد وبقية مناطق العراق.
وفشلت مناورات طائفية حاولت إرجاع الوثبة الى طائفية سنية ترفض وجود رئيس الوزراء الشيعي (صالح جبر) في منصبه. وهنا اذكر ان الحماس العام كان جارفا وكل القوى الوطنية موحدة حول الأهداف، سواء كان موقفها من المعاهدة سليماً او كان يجب ان تطالب بتعديلها وتحسينها. وبعد سقوط الوزارة وقيام وزارة محمد الصدر وبمناسبة أربعينية الشهداء، شهدت بغداد مواقف ومناظر رائعة من التآخي الشعبي، كزيارات وفود من الكاظمية لمسجد أبي حنيفة وبالعكس وزيارات وفود رجال الدين اليهود والمسيحيين للمساجد للتعزية. وكانت مبادرات وطنية صادقة وصميمية، لا كما يجري اليوم من مشاركة صورية لغير المسلمين في المواكب الحسينية، وذلك تحت الإحراج وبعامل الخوف.
ان ما يصد رياح التفكك والتبعثر هو شعور الجميع بان البلد بلدهم وان الحكام لا يميزون بين مواطن وأخر على أساس الدين والقومية والمذهب وما حل بنا إنما العكس، وهو الاحتقان الطائفي والتقوقع على الذات، والتهالك على الامتيازات ومواقع الدولة.&&&&
ان ترديد شعار الاكثرية العددية لا يتفق مع المبدأ الديمقراطي، لان الأكثرية الديمقراطية هي الأكثرية البرلمانية، مثلا ان السود في الولايات المتحدة لا يزالون أقلية. ولكن الرئيس الأمريكي اسود.
وحين تركت الإدارة العراقية كردستان، زمن صدام. وقامت الفدرالية، أيدتها كل القوى الوطنية المعارضة (آنذاك). وصار الإقليم ملجا لهم. ذلك لان فدرالية كردستان قائمة على فوارق اللغة والعرق والتاريخ والجغرافيا. أما حين نادت الأحزاب الشيعية بإقليم الوسط والجنوب، فقد عارضها كثيرون من الساسة والمثقفين، لأنهم رأوا انه مشروع يقوم على وحدة المذهب ويهدد بالانفصال.
اجل، ان الطائفية والنزعات العرقية المتطرفة هي من مقوضات وحدة البلاد، لقد فقد العراق تضامن سكانه، وعم فقدان الثقة وتبودلت الاتهامات وهذا هو الخطر الذي يهدد الوحدة الوطنية. وهذا ما لا نريده على أية حال للعراق، بل نريده عراقا واحداً، ديمقراطيا علمانيا اتحاديا، تتم فيه تلبية كافة الحقوق المتميزة. عراق بلا محاصصات، وبلا أقاليم طائفية وبلا حديث عن المظلوميات والاكثريات، وتعيد للعراق وحدته الوطنية الراسخة والوطيدة والعصية على الانهيار.
بعد اعداد هذا المقال صدرت عن السيد المالكي تصريحات ذات طابع طائفي صارخ ومثير ضد سنة العراق مما يدخل في باب التحريض على العنف والإرهاب. أمثال هذه العقليات والتصريحات والمواقف هي في مقدمة مقوضات الوحدة الوطنية.

&

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
two arab states
Hilawi -

The only problem with dividing Iraq is that it will lead to the creation of two more arab states this has got to be a very bad news

الغباء موهبة
السلطان عبد الحميد -

اعتقد من غباء ابو بكر البغدادي انه سمى السنة بالمرتدين . ولم يحاول ان يكسبهم الى جانبه بالسياسة . كان الغبي مستعجل لتوسيع امبراطورية غير قادر على حمايتها . والان انقلبوا عليه السنة بعدما ايدوه . وحتى الذين تحت سيطرته لم يامنهم . اذ بين فترة واخرى نسمع باعدام اعوانه من السنة لانهم يتعاونون مع القوات الامنية العراقية . يدخن يعدمه, يحلق يعدمه, ياكل همبركر يعدمه, لابس جبنز يعدمه . حقيقة انا اتخيل البغدادي مصاب بالشيزوفرينيا والانفصام عن الواقع .

المرجعيه التي تقول
كريم الكعبي -

لاخوف على العراق من التقسيم او انسلاخ جزء منه ماداموا الشيعة اغلبية ومرجعية الامام السبستاني لها القول الفصل بهذا الشأن والباقي هراء من السياسيين والمحليين والاعلام الداعشي

داعش
قارئ تفسير -

داعش يطبق الاحكام الاسلاميه من السذاجه ان نسميهم باسماء مختلفه فاما داعش الاثنان ارهابى ام الاثنان غىر ذالك

دولة مقسمة منذ ١٩٢١ , لول
Rizgar -

دولة مقسمة منذ ١٩٢١ , لولا تناغم مصالح العنصرية العربية مع الانكليز , ما كان بامكان عاصمة الانفال اصدار حكم الاعدام على ملك كوردستان.اخفاق الثورة الكوردية ١٩٢٦ الى ١٩٤٢ كان بسبب دفاع الانكليز عن الدولة اللقيطة , والا ما كان بامكان العرب العراقيين تدمير الثورة الكوردية , وبلرغم من بشاعة عنصرية الدويلة اللقيطة ولكن اندلع ثورة بارزان ١٩٤٢ مرة اخرى , واليوم الاغبياء الامريكان ينفخون في نفس الجثة الهامدة الميتة , فهل بامكان الامريكان صيانة الدولة الشيعية العراقية اليوم الى الابد ؟

كلمة حق
حقي -

الخوف من تقسيم العراق ؟ الخوف ن تطبيق الدستور ؟ عجيب !! الدستور جعل العراق فيدراليات ، اليوم الأكراد والسنة والشيعة لا يطيقون بعضهم ، يتقاتلون ويتحاربون ويغزون بعضهم فينتج عن كل ذلك ثغرات يترعرع فيها المتطرفون ( الارهاب !!) فلماذا لا يتم فك الارتباط وانهاء الاشتباك سلما والتخلص من كل هذه البلاوي وعلى رأسها الارهاب ؟ ايران تعارض ذلك لان اختفاء الأكراد والسنه من ساحة المواجهات يحول المواجهات الى شيعية - شيعية ، بين اتباع ولي الفقيه وومعارضيه ، وفي العراق بل في كل مكان آخر الغلبة ستكون لمعارضي الولي الفقيه وهذا هو السبب الرئيسي لعدم تطبيق الحق الدستوري بالفدراليات