فضاء الرأي

"إصلاحات" العبادي تعزز نفوذ المرجعية الدينية بالعراق

-
قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك


&

&

قدمت قرارات رئيس الوزراء العراقي "الإصلاحية" الدليل الكافي على مدى تغلغل المؤسسة الدينية في العراق في آلية اتخاذ القرارات، ومدى قوة قراراتها أو إرادتها مقابل قرارات البرلمان والدستور والحكومة أو العملية السياسية برمتها منذ التغيير العراقي الذي بدأ في عام 2003. فقد يكون من الصحيح أن القرارات "الإصلاحية" لرئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي قد عكست، إلى حدا ما، عدم القدرة على تجاهل غضب الشارع العراقي نتيجة التردي في وضع الخدمات العامة واستشراء الفساد، إلا أنها لم تأت إلا بعد إعطاء تلك المرجعية الضوء الأخضر للعبادي نفسه.
لم يكن أحد من النخب السياسية أو رئيس الحكومة نفسه يستطيع أن يطالب نائب رئيس الجمهورية، نوري المالكي، بإخلاء القصر الرئاسي الخاص برئيس الوزراء والذي لا يزال يشغله منذ تركه لمنصبه، بسبب ما يملكه الرجل من نفوذ مليشياوي فضلاً عن سيطرة نجله أحمد وصهره ياسر صخيل على مفاصل حساسة في وزارة الدفاع. وهو ما جعل قرار العبادي عزل المالكي من منصبه كنائب لرئيس الجمهورية وسحب نحو 1200 عنصر حماية مخصصين له، فضلاً عن امتيازاته المالية مفاجئاً، لكن سرعان ما زال اللبس بعدما كشف المتحدث باسم الحكومة، سعد الحديثي، أن العبادي استند إلى "توجيهات مباشرة من المرجعية"، في إشارة إلى الدعم الذي حظي به من المرجعية الدينية في النجف، وتحديداً المرجع الديني علي السيستاني.
"الإصلاحات" الجديدة تشمل ثلاث مراحل: الأولى أقرت إلغاء نواب رئيسي الجمهورية والوزراء، في حين تتضمن الثانية دمج الوزارات وترشيق قسم منها. أما المرحلة الثالثة فتشمل إلغاء بعض الهيئات المستقلة والمواقع والمناصب. مصادر مقربة من العبادي ذاته أكدت أنه لا يمكن الإعلان حالياً عن تفاصيل المرحلتين الثانية والثالثة، خشية الضغوط السياسية التي قد تمارسها الكتل على رئيس الوزراء لكي يتم تسويف القضية بشكل كامل، ما يعني أن هذه القرارات سوف تكون متبوعة بحزمة أخرى ربما تزلزل كيان المشهد السياسي في العراق.
العبادي وضع خطة لتعديل الوزارات عبر دمج عدد منها ليصبح عددها 15 وزارة فقط، بدلاً من 27 وزارة كما هو الوضع حالياً. كما سيطرح خطة الترشيق الوزاري على مجلس الوزراء للتصويت عليها، إذ يسعى العبادي للحصول على تصويت مجلس الوزراء من دون أن يكشف لهم عن أسماء الوزارات التي ألغيت والتي دمجت.
نالت قرارات العبادي بمجملها ولأول مرة إجماعاً شعبياً عراقياً حتى تكاد تكون القرارات الوحيدة التي حظيت بهذا الإجماع. كذلك حظيت القرارات بأغلبية سياسية مريحة، ترجمت بمواقف الكتل السياسية. وهو ما يشير إلى أن الكتل البرلمانية لن تقف عائقاً أمام تطبيقها، وخصوصاً في حال تطلب تمريرها تعديلاً بالدستور الذي ينص على أن لكلِ من رئيسي الجمهورية والوزراء نائبين يحلان مكانهما في تنفيذ مهام الدولة عند السفر أو المرض.
من الناحية القانونية تخالف القرارات تالف الدستور بالفقرة الأولى من نظام الحكم، الذي يؤكد أن لرئيس الدولة نائباً ولرئيس الوزراء نائباً، ويمكن أن يختار كل من رئيس الجمهورية والوزراء نائبين، الأمر الذي يتطلب أن يصوت البرلمان أولاً على تعديل هذه الفقرة. وهو ما يعزز المخاوف من تأخير تنفيذ القرارات، وقد يكون طوق النجاة للمسؤولين المستبعدين، ولا سيما مع إتقان الكتل السياسية التسويف والمماطلة. لكن ورقة تأييد المرجعية الدينية للقرارات قد تؤدي دوراً في القفز على كل هذه العوائق، فإرادتها أقوى من الآخرين. ويبدو ان رئيس الوزراء العراقي، قد درس جميع التبعات لقراره، واعتبر موقف المرجعية المؤيد له سيساعد في تمرير تلك القرارات بل وفرضها.
الصورة التي خرجت بها القرارات تثير "المخاوف" لدى العديد من التيارات العراقية حتى التي دعمت تظاهرات المواطنين في الشوراع، فالقرارات تاريخية، لكن العبادي لم يكن قادراً على اتخاذها لولا سلطة ونفوذ المراجع الدينية، وهذا بحد ذاته خطر يرسخ بشكل أو آخر ولاية الفقيه الموجودة في إيران اليوم، ولا يبعث برسائل اطمئنان للأكراد أو السنة والمسيحيين وباقي الطوائف العراقية.
القرارات الأخيرة من قبل العبادي لا تعدو كونها محاولة لامتصاص غضب الشارع الذي ملّ من الأحزاب "الدينية" في العراق التي لم تقدم شيئاً له حتى الآن سوى الوعود ومزيد من الفساد والثراء على حساب الفقراء. فالقرارات لم تتخذ إلا بعد تعالي الأصوات ضد الطبقة الدينية الحاكمة للعراق. وهو ما يهدد الأحزاب الإسلامية ومستقبلها بالعراق، لذا لا مانع من التضحية بعدد منهم مقابل إسكات الشارع أو إبلاغه أنهم يصلحون الآن.
والحال أنه كان على رئيس الوزراء العراقي سلوك طريق آخر إن كان يريد الإصلاح الحقيقي كما زعم، فعلى الجميع أن يعي أن العراق يجب أن يحكم من نظام وطني يؤمن بمبدأ الأمة العراقية. أما غير ذلك فكله يعد ترقيعاً، لكنه ربما لم يجد وسيلة أفضل من المرجعية الدينية نفسها للتخلص من خصمه "المالكي" قبل الشروع بأي إصلاحات وحدها الأيام كفيلة بالتأكد من صدق النوايا واستمرارية الأفعال والأفعال.

هشام منوّر... كاتب وباحث

&

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
زعيم حزب الدعوة
المالكي -

إنه أمر يثير الشجون ويخنق البلعوم أن يكون المالكي رئيسا لعراق الأدباء والمهندسين وكأننا قد أستولدنا صدام آخر. تذكروا صخرة عبعوب وكيف فاضت الكاظمية والزعفرانية ومناطق بغداد لأن صخرة واحدة سدت المجاري في الصليخ فصدق المالكي وكررها بغباء للناس على التلفزيون ومنها أدركنا كم هو غبي حزب يرأسه غبي. ملاحظة: السيد العبادي ربيب المالكي.

العكس هوالصحيح
علي البصري -

المرجعية هي التي دعمت العبادي وسحبت البساط من تحت اعداءه فكانت مع الشارع طوفان لايقاوم،مرجعية الشيعة في النجف مهمة في ضبط ايقاع الشارع الشيعي ومنع التطرف فعقلانيتها مهمة وهي الملاذ الاخير والراي الاصوب عند الشيعة في العراق اخذة في الاعتبار الحقائق الدولية والاقليمية ولاشك ان الامريكان قد نسقوا معها قبل الغزو للعراق بطريقة او باخرى او ان الشيعة على العموم لم يكونوا مستعدين للدفاع عن دكتاتور اذاقهم الامرين كما ان حيادية المرجعية والنأي بنفسها عن الحكم زاد من تقدير الشارع رغم المآخذ من ان دورها كان يجب ان يكون اكبر في التصدي للظلم والفساد للحكومة ،المرجعية والعبادي هم الافضل الان لمنع الانزلاق للاسوء ولجم المتطرفين والرديكالين وترتيب الوضع في العراق لطمئنة الجوار والقوى الدولية في نقلات مدروسة لترتيب البيت العراقي.

إلى من يهمه الأمر
ن ف -

المرجعية لا يهمها شوية الصعاليك الموجودين في المنطقة الخضراء، ما يهمها هو استمرار الحكم بيد الشيعة.

فساد المرجعية والعبادي
عراقي متشرد -

منذ التحرير والفساد يتفاقم في العراق ولم تتكلم المرجعية ولا العبادي الذي كان أحد أقطاب الحكم منذ التحرير إلا بعد المظاهرات الأخيرة.مليارات الدولارات تبذر سنويا على المسيرات والزيارات إلى كربلاء والنجف وسامراء وتتعطل الدولة لستة أشهر بسبب هذه الطقوس المسيئة لآل البيت.كان الأجدر بالمرجعية أن تصرف هذه الأموال على ملايين اليتامى والأرامل والثكالى لكن ذلك لم يحدث.أليس هذا فسادا واضحا ولا معمم واحد إعترض عليه؟عاد عمار الحكيم وأبوه إلى العراق بعد التحرير وقال عند وصوله أنه لا يملك هو وأبوه سوى عباءتيهما.اليوم عمار يملك نصف كربلاء ونصف سدة الهندية ونصف الدورة وعدة قصور في المنطقة الخضراء،هل سأله العبادي أو أي معمم في النجف من أين له كل هذه الأموال؟بهاء الأعرج كان جنديا مكلفا في جيش صدام أثناء الحرب مع إيران وفي إحدى إجازاته هرب إلى الشمال ومن هناك إلى طهران ثم إلى لندن وعاش على الصدقات وقبل أن يعود إلى العراق عمل في أحد حوانيت الهواتف المحمولة صبيا للسخرة،اليوم يملك قصرا في بيروت وآخر في طهران وواحد في الكاظمية على نهر دجلة وكل عصر يشاهد من الجهة الثانية من دجلة يسوق زورقا ملكيا وهو يرتدي نصف سروال،هل سأله العبادي أو معممو النجف من أين له هذه الأموال.العبادي كان مسؤول اللجنة الإقتصادية فيما يسمى مجلس النواب ومنصبه يفرض عليه معرفة كل شاردة وواردة في تخصيصات المشاريع علما أنه لا علاقة له بالإقتصاد لا من بعيد ولا من قريب،وفي زمانه وزمان من سبقه صرفت مليارات الدولارات على مشاريع وهمية أو مشاريع أعيد تنفيذها عدة مرات وهو ما شاهدته في مدينتي عندما قمت بزيارة إلى بقايا وطني ووجدت أن مشروعا ينفذ وبعد شهرين يتم تهديمه ويعاد بناؤه من جديد وأمام مرأى ومسمع الناس وحتى الحكومة تعرف ذلك ولم تتكلم المرجعية الغارقة هي الأخرى في الفساد إلا بعد قيام التظاهرات الأخيرة.قال العبادي قبل قيام تلك التظاهرات بإسبوع إن الذين يتكلمون عن الفساد هم المفسدون وهو إنكار لوجود الفساد في حكومته وكان نائما عن الفساد خلال عام كامل من حكمه ولم يستيقظ إلا بعد المظاهرات وكلامه هذا يعني أن أولئك الذين قاموا بالمظاهرات هم أيضا مفسدون.هل يعود العراقيون إلى وعيهم ويزيحوا هؤلاء الفاسدين؟

تهمة جاهزة
كريم الكعبي -

مع شديد الاسف جميع الكتاب العلمانيين تهمتهم جاهزة للاحزاب الدينية ان وجدت في العراق ، فالحكم بالعراق واضح للجميع ليس اسلاميا ولا لاحزاب دينيه انما مشترك به الجميع احزاب تدعي التدين والدين براء منهم واحزاب علمانية ومستقلين بالمجمل حكم العراق حكم علماني خالص وليس له علاقة بالدين لو نظرنا الى منتسبي جميع الوزارات العراقية من مدراء عامون الى اصغر موظف فهم علمانيون واغلبهم كانوا بعثيين وهم اليوم سبب الفساد المالي والاداري ولو كان فيهم متدين حقيقي لايسرق .ان من يخاف الله لايمد يده لجبل من ذهب ، فالمرجعية الدينية في النجف لو وجد نظير لها في الطائفة السنية لما دخلت داعش العراق وما كان السنة حواضن لها فمرجعية النجف هي الاب الروحي لجميع العراقيين والسنوات الماضية اثبتت ذلك بوقوفها مع المظلومين وليس مع الطبقة السياسية وهي رسالة سلام واطمئنان لجميع العراقيين

كلامك غير دقيق
المتظاهرين والشعب -

ذهبالمتظاهرون الى امام بيت الوافد غير العراقي المدعو سيستاني ونظاهروا امام باب بيته مطالبين اياه بتاييد مطالب المتظا هرين والا اعتصموا امام باب منزلة مما اضطر ه الى اصدار فتوى بتاييد الاصلاحات اما ادعائك بان المظاهرات تعزز نفوذ هذا المدعو سيستاني فهو ادعاء كاذب__________________________________________انت تريد ان تحيي خشبة ميته سيستاني هو عراب المحاصصة الطائفية في العراق اتباعه الان يضربوت بالقنادر لانهم مجموعة سراق وحرامية

السياسي الذكي
ابو رامي -

السياسي الذكي من يستطيع استخدام النفوذ ايا كان مصدره للاغراض والمنافع الوطنية ..فإذا كان موقف مرجعية النجف اليوم تساند الاصلاح وتدعم الجماهير في مطالبهم العادلة والوطنية فلا شك القائد المخلص الذكي سيستخدم هذه الورقة كما يفعل العبادي اليوم وكما فعلها قادة عراقيون في العهد الملكي.. الامر الملفت للنظر أن المرجعية التي تكلم عنها الكاتب لا تتدخل في الشأن السياسي وبتفاصيل كيف تٌدار الدولة بل بالعكس مرجعية النجف تحديدا تساند اقامة الدولة المدنية المبنية على المواطنة وحقوق الانسان وهذا هو عكس ما يدعو اليه علماء السلف الطالح من دولة دينية على غرار الخلافة الاسلامية والخلف الفاسد على طول التأريخ.. الملخص المراجع الدينية أيا كان مذهبها ودينها إذا كانت تساند الدولة المدنية فمرحبا بها وبتوجيهاتها وإلاّ فالتنزوي في زوايا التكايا وتكفينا شرها.