دور سعودي إقليمي فاعل
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
كان قرار إطلاق عملية "عاصفة الحزم" ضد الحوثيين في اليمن بمنزلة إعلان عن تحول نوعي في السياسة الخارجية السعودية في التعاطي مع الأزمات الاقليمية، ولم تتوقف هذه التحولات على الموقف السعودي إزاء ما يتعرض له الشعب اليمني الشقيق بل امتد ليشمل تفعيلا لدور المملكة في أزمات إقليمية عربية أخرى في مقدمتها الأزمة السورية.
اختار خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز التوقيت الاستراتيجي المناسب لتنشيط الدور السعودي واستعادة زمام المبادرة إقليميا لمصلحة المملكة وبالتبعية الدول الخليجية والعربية. ولنا أن نتخيل تأخر قرار "عاصفة الحزم" قليلاً لأصبح الوضع في هذا البلد الشقيق، الذي يمثل عمقا حيوياً لدول مجلس التعاون وبوابة جنوبية للعالم العربي، في غاية التعقيد، لاسيما بعد توقيع الاتفاق النهائي حول البرنامج النووي الإيراني، وتفرغ الدبلوماسية الإيرانية لحصد ثمار هذا الاتفاق، ومايعنيه ذلك من تفاقم التدخلات الايرانية وتنامي الرغبة في التوسع والتوغل في العمق العربي تحت لافتات وشعارات وبدعاوى مختلفة.
لاشك أن قادة جماعة الحوثي والرئيس المخلوع علي عبد الله صالح والجانب الإيراني، الراعي والشريك والمحرض لهم، قد تحركوا من أجل هدم كيان الدولة في اليمن بناء على تقديرات استراتيجية خاطئة أقنعتهم بأن المملكة العربية السعودية وبقية الدول الخليجية والعربية، لن تحرك ساكناً في حال انقلاب الحوثي وقوات الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح على الشرعية الدستورية في البلاد، وأن القيادة السعودية لن تقدم على خطوة جريئة للتدخل العسكري الفاعل لوقف هذه الاعتداءات بحق الشعب اليمني، وهذه التقديرات تماهت بدورها مع توقعات بعض المراقبين، ممن استسلموا وشعروا بالاحباط أمام نعرات الزهو الايراني بالسيطرة على أربعة عواصم عربية!!! .
ولكن غاب عن هؤلاء أن الزعامات التاريخية تولد عادة في أوقات الأزمات، بحسن إدارتها للأزمات بما يضمن مصالح دولها وصعوبها ويؤكد مقدرتها على بلورة الرؤى والتصورات الناجعة في التعامل مع الظروف الصعبة، ومن هنا فقد كان قرار خادم الحرمين الشريفين بالتدخل الحازم من جانب تحالف دعم الشرعية في اليمن بقيادة المملكة العربية السعودية مفاجأة استراتيجية غير محسوبة لمخططي التغول الحوثي في اليمن الشقيق.
حتى لاننسى، وكي يتم تقييم المردود الاستراتيجي الايجابي بالغ الأهمية للموقف السعودي، لابد من استعادة سياقات هذا الموقف التاريخي، فلم يكن تصريح حيدر مصيلحي وزير الاستخبارات الإيراني السابق خلال شهر أبريل الماضي بأن "إيران تسيطر فعلاً على أربع عواصم عربية" وتبجحه بأن "جماعة الحوثيين في اليمن هي إحدى نتاجات الثورة الإيرانية" هو الأول من نوعه، بل سبق ذلك بنحو عام مواقف وتصريحات إيرانية عدة بالمعنى ذاته، منها مقولة الجنرال حسين سلامي، نائب قائد الحرس الثوري الإيراني، التي قال فيها إن "المسؤولين في إيران لم يكونوا يتوقعون هذا الانتشار السريع لـ(الثورة الإسلامية) خارج الحدود لتمتد من العراق إلى سوريا ولبنان وفلسطين والبحرين واليمن وأفغانستان"، كما استخدم مسؤولون إيرانيون عديدون مفردات أشد قسوة في التعبير عن آراء مماثلة مثل "فتح بلدان المنطقة" و"إمبراطورية إيران الجديدة" و"جهاد إيران الأكبر"، فيما تحدث خبراء استراتيجيون غربيون عن تبلور ملامح "محور امبراطوري إيراني جديد" يتجاوز فكرة الهلال الشيعي، ورأى آخرون أن "الهلال الشيعي" يتحول تدريجيا إلى "طوق شيعي" يحكم سيطرته على دول مجلس التعاون ويخنقها استراتيجياً!!.
هذه وغيرها& من مواقف وتصريحات وآراء اعتبرها مسؤولون عرب صادمة ولكن هذا الانزعاج والقلق العربي كله لم يحرك ساكناً على صعيد الإجراءات الفعلية للتصدي لهذا التوغل الإيراني في عمق الأمن العربي. وفي مواجهة هذا التمدد الاستراتيجي الايراني على حساب العرب، طرحت أفكار عدة من بينها ضرورة وجود مشروع عربي يتصدى للمشروعات التوسعية الأجنبية في المنطقة، ولكن عوامل عدة كانت ـ ولا تزال ـ تحول دون تبلور هذا المشروع العربي الطموح، ولذا كان وجود استراتيجية مدروسة للتصدي لهذا الانهيار المتسارع في أسس الأمن العربي بمنزلة طوق انقاذ للعالم العربية بأكمله، وهي الاستراتيجية التي بدأت بقرار "عاصفة الحزم"، التي وضعت أساس تحرك عربي فاعل ضم القوى العربية الرئيسية الفاعلة والمؤثرة بقيادة المملكة العربية السعودية.
تحولات السياسة الخارجية السعودية تحمل في جوهرها الثوابت القيمية والأخلاقية والاستراتيجية للمملكة العربية السعودية منذ تأسيسها كما وتضيف إليها ديناميكية فاعلة تصون الأمن العربي، والمؤكد أن مايتحقق الآن على أرض اليمن من اندحار للحوثيين يعكس صواب التخطيط الاستراتيجي في إدارة الأزمة وخطأ حسابات وعدم دقة مدركات بعض المنظرين العرب المتحاملين على المملكة ودورها الاقليمي، حين تسرعوا في إطلاق ادعاءات وأقاويل غير صحيحة تم الرد عليها عملياً على أرض الواقع في اليمن بانتصارات عسكرية متتالية، وعما قريب تتجسد نتائج هذا التحرك العربي النشط في ملفات عربية أخرى مأزومة.
&
التعليقات
هناك مؤمرة تحاك
احمد الشمرى -يعتقد الكثير ان ردود السعودية هى الدواء الناجع لوضع العربى ولدرا الخطر الايرانى الاعلام المرئى والمسوع كلة يتجة فى هذا الاتجاة لكنى اشك ان يكون هذا التهويل ورود الافعال الى مقدمات كما فعلو مع صدام حسين بشكل تدريجا لحلب اكثر وادخال السعودية فى وحل الصراعات التى لا تنتهى لكنها تتشضى و تتكاثر ك الطحالب وبهذا يستنزفون المال والشباب اللهم اكون مخطا بنظرى وتفكرى ليكون الشعب السعودى بخير وسلامة مع جميع الشعوب العربية
القوة وحدها لا تكفي
نتمنى ولكن -عزيزي الكاتب، طبعا السعودية تملك السلاح والمال ولكن هذا وحدهه لا يكفي كي تكون قوة إقليمية مؤثرة، وخاصة ان اجيال الانترنت تخطوا الحواجز النفسية للتعبير، في هذا الوقت السعودية لا تربح في حربها ضد مليشيات، حتى أميركا خسرت في فيتنام. لقد اعتمدت السعودية على حليف لا يمثل احدا تقريبا في اليمن وهو رئيس نتيجة توافق وليس شعبية. برأي المتواضع قد تكون المملكة دخلت او ادخلت في مستنقع اليمن وإيران تتفرج وتتضحك من بعيد. الان، لنفكر جيدا، عاجلا ام اجلا سيستطيع الحوثيون الحصول على صواريخ متطورة ولو من السوق السوداء كما حصل ايام ايران غيت، وعندها قد يكون إطلاق صواريخ على منصات البترول او محطات التحلية امر ليس مستبعد. ان السعودية تعتقد خطأ انها تستطيع تركيع الحوثيون، فالشعوب لا تركع وخصوصا ان معهم دولتين غنيتين ايران والعراق. إيقاف الحرب يعني كسر هيبة السعودية وإيقاظ الاٍرهاب داخلها، واستمرار الحرب يعني الاستنزاف المالي والخطر الحدودي الدائم. ولكن الحل كما يبدو موجود في ايران، على السعودية ان تفاوض ايران لان ايران تعرف جيدا قواعد اللعب وليست ارتجالية. يجب اقتناع العرب ان ايران قوة عظمى او على الطريق، غير الجيش وحسب المقابلة التلفزيونية قالت ايران ان عندها ٢٣مليون رجل مدرب كتعبئة لحين الحاجة، فهل تقدر كل جيوش العرب بل العالم على ٢٣مليون جندي مدرب ومعبأ ايديولوجيا مثل حزب الله اللبناني. وشكراا ايلاف
أين تعليقي يا إيلاف؟
عراقي متشرد -لم أخالف شروط النشر بل كل ما قلته يعرفه كل عربي.العربي ليس غبيا كحكامه وما كل ما يقرأه يصدقه خاصة إذا كان من الترهات التي يكتبها بعض مداحي الطغاة .تلميع صورة الحكام وسياساتهم صار مهنة لبعض المحسوبين على الصحافة.لو أنني شتمت في تعليقي دولا وأشخاصا تختلف معهم دول الخليخ لنشر تعليقي.إنه الزمن العربي الرديء الذي يريد فيه البعض غسل أدمغة العرب عبر الكذب والدجل.