فضاء الرأي

التظاهرات العراقية : متغيّرات جديدة ومعالجات تقليدية

-
قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك


في خضمّ التظاهرات الشعبية الجارية في العراق، لابدّ من الإشارة الى جملة من العناصر والمتغيرات الجديدة التي أفرزتها ومازالت تفرزها كلّ أسبوع، قياسا بما سبقتها من تظاهرات ومن حراك واعتصامات منذ 25 شباط عام 2011، ومن الضروري أخذها بنظر الاعتبار من قبل الناشطين والمراقبين عموما، للاستفادة من دروسها المستخلصة، حاضرا ومستقبلا.
العنصر الأول هو حدوثها في مناطق الوسط والجنوب "الشيعي" الموالية افتراضا لحكم الإسلام السياسي ولرموزه الطائفية التي طالما تبجّحت بتمثيلها لهذه "المعاقل"، وللأسف كان للإعلام الحكومي وكذلك للإعلام المضادّ، دورا بارزا في تضليل الرأي العام لتكريسهما معا، فكرة الانقسام المذهبي والطائفي على أساس جغرافي بحت، وتغاضي النظر عن التكوين الاجتماعي العميق لهذه المناطق التي أسبغت عليها قسرا صبغة مذهبية واحدة تشمل قاطنيها جميعا رغم ألوانهم وانتماءاتهم ومشاربهم واختياراتهم الحقيقية والمتنوعة، وكانت هذه الصبغة على الدوام تخدم أمراء الطوائف من جهة، وفي صالح أعدائهم من جهة أخرى. كما كانت هذه البضاعة الكاسدة في سوق الطوائف هي البضاعة الوحيدة التي يتمّ الترويج لها باستمرار، وخصوصا في مواسم الانتخابات، حتى بلغ الأمر حدّا من الصفاقة بأحد هؤلاء المتأسلمين من الدعاة قوله علنا:" حتى لو كان الشيعي فاسدا ولصّا فهو أفضل من غيره وينبغي إعادة انتخابه".
والعنصر الثاني هو الموقف الوطني لمرجعية النجف وتعبيرها عن سخطها المستمرّ وإستيائها من& الإداء الحكومي السابق والجمود السياسي اللاحق الذي يخيّم على البلاد وينذر بمخاطر جدّية. الجديد هو أنّ تحذيراتها هذه المرّة قد كانت بوضوح أكثر من ذي قبل، بالإضافة الى موقفها الداعم لمطالب المتظاهرين المشروعة بما فيها مطلب الدولة المدنية، ودعوتها لمحاربة الفساد والضرب "بيد من حديد" للفاسدين ومحاسبتهم. الدلالة الأقوى في هذا السياق، هو الرفض القاطع من قبل مرجعية دينية لحكم ديني فاسد ولإسلام سياسي فاسد ولرموز دينية فاسدة، باتت& تمعن دون رحمة في الإساءة المستمرّة للدين الإسلامي الحنيف من أجل مصالحها الضيّقة والمرتبطة بأجنّدات وشبكات داخلية وخارجية، لا علاقة لها بالدين ولا بالسياسة ولا بالوطن ولا بالقيّم والأخلاق والضمير.&
أمّا العنصر الثالث الجدير بالملاحظة، هو بداية لخروج الأغلبية الصامتة عن صمتها وانخراطها الواسع في ميدان الصراع واهتمامها بالشأن العامّ، الذي أرادوه حكرا على طبقة سياسية فاسدة، لا تلبث إلاّ إعادة إنتاج نفسها وتدوير مواقعها ومناصبها العليا في الدولة فيما بينها، وهي أغلبية متضرّرة من الأوضاع العامة ومن سوء الإدارة وتردّي الخدمات، وتشمل جمهورا واسعا من الفقراء وذوي الدخل المحدود والخريجين العاطلين عن العمل وعوائل الشهداء والمتقاعدين والأرامل الذين تتزايد أعدادهم دون توقّف بموازاة إرتفاع أرصدة اللصوص والفاسدين من نهب المال العام دون مسائلة أو حساب. وهم بالإضافة للشرفاء من المثقفين والفنانين والإعلاميين والناشطين المدنيين جمهور مستقل عن لوثة الأحزاب السياسية المتنفذة، الأمر الذي يؤكد أكثر فأكثر، مصداقية مطالبها الشعبية العاجلة ومشروعيتها.
العنصر الرابع والأهمّ من حيث الدلالة، هو الطابع الوطني العامّ للتظاهرات ورفضها للشعارات والصور والرموز الخاصة والجزئية، والتفافها كمجموع تحت العلم العراقي رمزا وراية موحّدة للعراقيين والعراقيات جميعا، وكلّما استمرت التظاهرات في زخمها المتواصل ازدادت لحمة العراقيين وتمسّكهم بالفكرة الوطنية التي لا ولم ولن تجهض أبدا بالرغم من كلّ الرهانات الخاسرة على ضمورها.
لا تزال الآمال معقودة على القوى المحلّية لتصحيح الأوضاع وتعديل مساراتها من الداخل، ولاشكّ إطلاقا بصعوبة المهام والملفّات الشائكة والمتعدّدة في مكتب رئيس الوزراء حيدر العبادي، ولكن ليس أمامه الآن سوى علاج المرض وليس تسكين الألم. العبادي لم يعد وحده في المعركة الحاسمة حول الهوية والسيادة وما تبقّى من عراق، لم يعد وحده بعد موقفه الجرئ من قاسم سليماني رمز الهيمنة الإيرانية على القرار السياسي العراقي. لم يعد وحده بعد الآن، لأنّ من أصبحوا معه هم أكثر وأكبر وأعلى صوتا وإرادة من كلّ أحزاب الدنيا.
باريس

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
متابعة ناقصة
حسين -

المظاهرات في العراق ، حق مشروع ، اجازها الدستورواقرها قانون حرية الراي العراقي. وخروجها في وسط وجنوب العراق كان لاسباب معروفة لم تكن مخفية وكانت الصحافة العراقية والشارع العراقي يتحدث عن وجود خلل في ادارة الدولة من فساد وسوء ادارة ومحسوبية ومحاصصة ، بل كان يطالب بضرورة اصلاح الخلل ولكن حرارة الصيف وعجز توفير الطاقة الكهربائية عجل في امر خروجها. كما ان عدم خروج تظاهرات في محافظات ، الانبار وصلاح الدين ونينوي ، لانها مغتصبة من قبل الارهاب و حرب تحريرها من قبل الجيش والشرطة ورجال العشائر والحشد الشعبي. كما ان محافظات كردستان، غير معنية بالامر رغم المشاكل الموجودة فيها من فساد وسوء ادارة ، ولكن لا نقص في الكهرباء ولكن تفشي البطالة،وتردي الوضع الاقتصادي نتيجة الخلافات مع الحكومة المركزية ،والخلافات العميقة بين القوى الكردية المسيطرة على مركز القرار، وعدم وجود نظام ديمقراطي حقيقي يسمح بخروج المظاهرات ، وحرية الراي والصحافة

تعليق
ن ف -

ما قام به العراقيين في شباط عام 2011 لا يمكن إدراجه تحت أي مسمى، إذ تمت التهيئة والحشد لتلك التظاهرة من قبل المثقفين العراقيين في الصحف الإلكترونية والورقية لعدة أسابيع وطبعت على مجموعة من التيشيرتات عبارة أنا عراقي. ولقد فشلت تلك التظاهرة لسببين: الأول، إن المتظاهرين خرجوا وفي جيب كل منهم علبة سجائر وفي يد كل واحد منهم سبحة وبعد ثلاث ساعات تفرّق الحشد، فمنهم من ذهب إلى بيته ومنهم من ذهب أقرب مطعم كباب في الباب الشرقي. أما السبب الثاني لفشلها هو أنّ البعض اشتهى أن يحصل في العراق مثل ما حصل في مصر وتونس. فحدد حتى تاريخ ومكان التظاهر!! ومن دواعي السخرية أنهم اختاروا يوم 25 من دون أيام الله (ربما تيمناً بـ 25 يوليو). لا يوجد وجه شبه بين ما يحصل اليوم وما حصل بالأمس.

تعليق 2
ن ف -

إذا هناك مَن هو أكثر اطلاعاً مني في الشأن العراقي فليجيبني على هذا السؤآل: هل كان للمرجعية في النجف دور في العملية السياسية في العراق (2003- 2015) أم لا؟ بعبارة أخرى، هل حظي حزب الدعوة الحاكم بمباركة المرجعية أم لا؟ لقد ورد في مقالة الكاتب الرائع الاستاذ عبد الرحمن أن ((المرجعية تدعم مطالب المتظاهرين المشروعة بما فيها مطلب الدولة المدنية!)).. أقول، هل يُعقل أن تدعوا مؤسسة دينية بإقامة دولة مدنية؟ النظام الثيوفراطي يعني حكم رجال الدين، أما الدولة المدنية فتعني فصل الدين عن الدولة. والدولة المدنية تعني العلمانية (بفتح العين). ولعلّ أرقى ما توصل إليه الوعي السياسي لدى الفرد العراقي هو العَلمانية الديكتاتورية والثيوقراطية الإستبدادية التي سرعان ما تحولت إلى نظام مافيوزي. إذا كانت المرجعية الرشيدة تعاني من عسرة في فهم المصطلحات السياسية فالأجدر أن يقتصر دورها على جمع الخُمس وصرفه في غير محلّه. الدولة المدنية لا تنشأ في مجتمع قبلي. والديموقراطية لا تتحقّق إلا في مجتمع مدني. وقد قلت هذا، فالشيء الذي يدعوا إلى التفاؤل اليوم هو أن ما يحصل في العراق دليل على أن شعبنا أدرك أن الحكومة لا تمثله بل تمثّل حزباً عنصرياً يقوم بدعم ميليشيات تمارس البلطجة ضد شعبنا منذ عام 2003 وحتى هذه اللحظة. عاش شعبنا.

هل تنفع هذه المظاهرات ؟ نتمنى ذلك
واحد يائس -

هناك تفسيرات و استنتاجات قلما خرج بها او توصل لها الكتاب والمعلقون العراقيين حول مظاهرات العراقيين الجديدة ضد الفسا التي تحدث في العراق في هذه الأيام حيث ويمكن اعتبار هذه المظاهرات بمثابة ثورة شعب فاسد على إفرازاته الفاسدة انها ثورة العراقيين على انفسهم وعلى قيمهم الفاسدة ومفاهيمهم البالية ومعاييرهم المنحرفة و التي على ضوئها انتخبوا هؤلاء الأشخاص ليكونوا ممثلين عنهم في البرلمان ،فالأناء ينضح بما فيه و يا عراقيين المشكلة فيكم و ليست في هؤلاء الأشخاص هؤلاء البرلمانيين لم يهبطوا من السماء انتم الذين انتخبوهم و انتم استمريتم بإنتخابهم بالرغم من معرفتكم بفسادهم و لصوصيتهم انتخبتموهم ليس على أساس الكفاءة بل على اساس العشيرة و المذهب ، يعني لسان حال الشعب العراقي يقول ان يكون المالكي او مشعان الجبوري نائبي هذا لصا ليس مشكله بل يدل على شطارة نائبهم و يستطيع ان يكسب من هذه الشركة ال،مفتوحة للسرقة /في العراق الأولوية عند الانتخاب هي للعشيرة ثم للمذهب و اخر شيء يفكر فيه العراقي عندما ينتخب ممثله هو وطنية هذا الرجل و تفانيه و كفاءته و إخلاصه انه ينتخب ممثله على مبدأ انصر أخاك ظالما او مظلوما و على مبدأ أنا و اخي على ابن عمي و أنا و ابن عمي على الغريب و حتى لو كان الغريب اكثر استحقاقا و اكثر نزاهة و اكثر كفاءة فلن ينتخبه العراقي و ينتخب بدلا منه ابن عشيرته ثم ابن مذهبه حتى لو كان فاسدا و غير كفوءا و تتجلى هذه الحقيقة في انتخاب مشعان الحبوري و المالكي و بقية الشلة بالرغم من معرفة الناس الذين انتخبوهم حق المعرفة بفسادهم ، انها ثورة شعب فاسد ضد إفرازاته و ضد قيمه المريضة و لكن هل سيفلح الشعب العراقي؟ هل يمكن ان ينتخب برلمان جديد بدون الاعتماد على المشاعر المذهبية الدينية و العشائرية ؟ صعب جدا الا اذا تخلص من قيمه المريضة البالية و الاستقطاب العشائري؟ هل سيكون النواب و الحكام المقبلين أفضل من هؤلاء ؟ الكفي ذلك فكما ذهب صدام و جاء من هم اسوء منه

الله يعين الشعب والعبادي
باسم زنكنه -

ستكون مهمه العبادى فى اصلاح البلد صعبه جدا ان لم تكن مستحيله--فالدوله العراقيه مسيطر عليها من مافيات قويه لها امكانات ماديه هائله واذرع عسكريه اقوى من الجيش --ان مهمه العبادى تشبه مهمه بوتين فى روسيا فى بدايه سلطته---ان المتضررين من الاصلاح وعلى راسهم المالكى سيعملون على عرقله هذه الاصلاحات بكل مااوتوا من قوه ومكر وقد صرح المالكى ان هناك مؤامره لتهميش الحشد الشعبى (وله اربع فصائل مسلحه تحت امرته) وقبل ايام هددت ميليشياته الشركات الاجنبيه العامله فى مجال النفط فى محافظه البصره بالرحيل بحجه عدم تشغيلها للعراقيين - ان ايران ستضع العراقيل للعبادى امام تنفيذ خطته الاصلاحيه .فمن زاويه اقتصاديه فان ايران ستخسر عشرات المليارات من الدولارات سنويا وهى قيمه مستوردات العراق من البضائع الايرانيه حيث الرقم الرسمى للمستوردات يبلغ اكثر من ثلاثه عشر مليار دولار سنويا واعتقد انه اكبر بكثير من هذا الرقم وايران بأمس الحاجه للعمله الصعبه وهى فى طريقها للخروج من الحصار الاقتصادى, لقد بدأت اولى خطوات ايران فى الوقوف امام العبادى واصلاحته من خلال تحريك ميليشيات تابعه لها واعتراض عمل الشركات النفطيه الاجنبيه فى البصره بحجه عدم تشغيلها للعراقيين. ان عراق قوى ومتعافى لن يكون ذا فائده كبيره للدول التى استغلت الفوضى العراقيه وانهيار القطاعات الاقتصاديه وحولته الى سوق استهلاكيه تدر على هذه الدول عشرات المليارات من الدولارات سنويا وفى مقدمه الدول المستفيده ايران وتركيا.انا اعتقد ان العبادى سيكون معرضا للاغتيال وقديكون اخر رئيس وزراء لدوله اسمها العراق.

الأستقالة من حزب الدعوة !
عراقي -

هو البرهان الوحيد للعبادي لأثبات وطنيته !!؟..

سقطت اوراق ساسة العراق !!
علي البصري -

12 عاما لم نرى غير السلب والنهب والقتل ولا ادري ماذا ننتظر من هؤلاء الفاسدين ؟؟عليهم مغادرة الساحة ودون تردد لان الثمن سيكون غاليا ولن يتغير شيئا في المعادلة ،العراق في حاجة ماسة لوجوه جديدة بدلا من هذه الوجوه الكالحة فاوراق هؤلاء سقطت الى غير رجعة فعلى من وردت اسماؤهم على السنة المتظاهرين الهروب بجلودهم وعلى قيادة الشيعة والعبادي الاتيان بوجوه جيدة اليوم وليس غدا لان مضيعة الوقت تولد الانفجار فلا امل يرتجى نهائيا ،ان التمسك بهذه الوجوه خطر عظيم وشرا مستطير فهل يدرك زعماء الشيعة ذلك ،ثم هل عقمت الدنيا الا هؤلاء المكروهين والمنبوذين ،عجلوا خلصونا منهم بتغير المسار والاتجاه ليس سطحيا وهامشيا بل جذريا ومسيطرا عليه احسن من انفلات الامور وتداعي الدولة .