بين معاداة الكلابِ ومحاباة أصحابها
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
صحيحٌ بأنه من الضروري جداً أن يتسم المرء ببعض المرونة أحياناً، ويكون ممتلكاً روح القدرة على تقبل ما قد يناهض خلفيته الاجتماعية، أو الدينية أو التراثية بوجهٍ عام، وما كان قد تلقفه في بيئته من قبل، وذلك عندما يكون مرغماً على الالتجاء الى مضارب الغرباء الذين قد تتعارض طبيعة حيواتهم مع الكثير من مظاهر الحياة التي كانت قائمة لديه في مضارب بني جلدته، ولكن في أن يتحول المرء الى صدى لأي صوتٍ مهما كان نشازا في العالم، فهنا ربما تكمن علة الفرد الفاقد لأناه كشخص، ومثلبة لدى المفتقد سلفاً للأنا المعبرة عن ثقافة شعبه أو ملته ككل.&
وبما أن في الحروب عادةً ما تكثر الهجرات وتتداخل الملل والثقافات، وقد تتصادم المعارف السابقة للمرء مع العلوم الجديدة أو الطارئة عليه، حيث أن هذا التصادم القيمي قد يدفع بالبعض الى التزمت ورفض كل ما هو مغاير لمشربه الثقافي، أو يكون العكس تماماً هو الحاصل، أي قد يغدو المغترب مجرد كائنٍ تعصف به الأهواء، وتركله الظروف في كل الاتجاهات حتى لا يعود يعرف في أي اتجاهٍ كان.
اذا وفي مقاربتنا لذلك الموضوع ومن باب التنوع والابتعاد عن الجدية المفرطة التي عادةً ما تتسم بها كتابات زمن الحروب، ارتأينا الاستعانة في الخاتمة بنهفة من نهفات الكاتب الأمريكي كوري فورد، الانتفاع من معجمه، وكذلك الاستفادة من الفلسفة الساخرة لبرناردشو وعترته بوجهٍ عام في سياق المقالة ككل، وذلك لكسر الجدية الصارمة التي تتسم بها مدونات فترة الحروب خاصةً تلك المتعلقة بالنقد الاجتماعي، لذا فالمسألة المطروحة برمتها كانت بمثابة مشورةٍ وقائية يقدمها رجلٌ لقرينه الذي كان يوماً ما في دياره من أشد المناوئين لوجود باقي الكائنات الأليفة في عالمه الإنساني، لذا راح القرينُ ومن باب الحرص عليه، يحضه على ضرورة تغيير بوصلته الحالية، علَّهُ ينسجم مع المكان الجديد وأناس المكان أيضاً مشيراً إليه بأن أول ما عليه القيام به كحالة من يضع رجله على عتبة أي منزلٍ جديدٍ سيدخلهُ، هو أن البدء وقبل معرفة الأوادم بالكف عن معاداة الكلابِ، حتى يتقرب قدر المستطاعِ من قلوب من يمتلكون تلك الكائنات، أو بالأحرى من تمتلكهم تلك الفئة التي تقاسم هواء الحياة مع الأوادم، بل ويعمل جاهداً لتلمس رضاهم حتى يكون ممتازاً بنظرهم ونظر أصحابهم، فهو بالنهاية دخيلٌ إلى مضاربهم، وما على الدخيل إلا كسب عطف من آوه وقبلوا به كأي كائنٍ حيٍّ أُعطي له الحق بأن يعيش على متن أو هامش الحياة على مقربةٍ منهم.
وجوهر القصة هو أن أحد الأفرادِ وقبل انتقاله الميمون الى ديار الفلاح والخلاص، كان شديدَ العداء في بلده للكلاب الشاردة والمنزلية على حدٍ سواء، وكان لمجرد أن يشير أحدهم إليه بنعتٍ يُشم منه رائحة الكلبنة حتى يجن جنونه، حيث ظل الرجل ولعقودٍ من الزمان على استعدادٍ دائم عقب سماعه لأي نعتٍ يُقاربه من زريبة الكلاب حتى ينتابه شوق الاغارة وغزو واجهة القائل ولو بعد حين، وذلك من شدة تقززه حتى من ريح الكلمة الحاملة لأي معنى يشير ولو من بعيدٍ الى تلك البهائم المستحقرة بنظره، فإن لم يكن بالتعبير عن غضبه انقضاضاً من خلال اللكم والرفسِ، فعلى الأقل كان يُعبِّر عن مكنونه من خلال إمطار الجو العام باللعنات، أو اكتساحَ ملامح المفوَهِ بأقذر الكلمات، ولكن وبعد أن أغرت الرجل فكرة التنقل الى الضفة الأخرى من عالم النجاة، وتغييّر مكان إقامته بعد أن وهبته الحرب نعمة الهجرة الى تلك المضارب المشتهاة، ومن ثم انتقاله المبارك الى مقاطعاتٍ تقدّر الكلاب أكثر من كل أفراد عائلته، فصارَ مطلوبٌ منه تغيير استراتيجية التعامل لديه، باعتباره الدخيل وطالبَ النجدة منهم، لذا يُراد منهُ التنكر لثقافته السابقة المبنية على كره البهائم ومعاداة الكلاب على وجه الخصوص، كما عليه أن يكون غيره من الآن فصاعداً، حتى يتم قبوله كشخصٍ حضاري من قِبل المكان وناسه، حيث عليه أن يحاول جاهداً إرضاء معشر الكلابِ حتى يُناسب أوادم تلك البلاد، لذلك ومن باب النصح والارشادِ يحثهُ صاحبهُ على إعلان القطيعة مع مورثه المعادي للحواوين، والاسراع بعقد الصلح مع الكلاب حتى يكون إنساناً ممتازاً ومرحباً به هناك، وجاهزاً حتى لقبول فكرة عقد القِران أيضاً على كلبٍ من الكلابِ في قادم الأيام، هذا في حال إذا ما امتلكه هناك في تلك البلاد الجميلة أحدُ الكلاب المنحدرين من سلالة كلبية محترمة.&
لذلك ولضرورة القبول به والانسجام مع المكان وكائناته، عليه بادئ ذي بدء التعرف على أفضل طريقة للتعامل مع تلك الفئة من الكائنات التي تمشي على أربعة، ومن ثم ربما عليه الركون النهائي أو التعويل الأبدي على ما جاء في سياق قصة " كل كلبٍ عليه أن يحظى بإنسان" للكاتب الأمريكي كوري فورد، إذ أن كل كلبٍ لديه الرغبة الكامنة بامتلاكِ انسانٍ ممتاز، وكيف على الانسان عندئذٍ أن يكون عليه سلوكه اليومي عندما يغدو مع المستقبل مملوكاً من قِبل كائنٍ من تلك الكائنات التي كان يستحقرها جداً قبل تغيير المكان والزمان.&
التعليقات
احبها وتحبني. ..
زبير عبدلله -هكدا قال العرب: احبها وتحبني ونااقتها تحببعيري....وهنا في الغرب: احبها وتحبني وكلبتها تحب كلبي..
والان الى الجدية
زبير عبدلله -في احصائية اوروبية, منذ عدة سنوات, ازداد عمر الحيوانان الاليفة في اوروبا, متوسط العمر) ,حوالي ثلاث سنوات ونصف, ويصرف الاوروبيين على حيواناتهم الاليفة, اكثر من اربعة مليارات يورو في السنة, وامتلاك الكلب في اوروبا, بالنسبة للمسلمين هو خروج عن الجلد, قد يرتقي احدهمبتطوره الحضاري فكريا ونمط معيشة قبوله في البيت,لكن بالنسبة لنا مسلمي الشرق, يبقى شيئا غير مقبول, وان يكن جاء في الحديث....دخلت امرأة النار. بسبب حبسها لقطة...القُطة مقبولة في البيت..ويؤكد العلماء فائدتها اكثر من الكلاب حتى انها تحس بالم صاحبها ,وتجلس بالقرب من مكان الالم...في القرية كنا نملك جميع انواع الحيوانات..كلبتنا كانت اسمها حليمة, وحمارتنا كانت اسمها, حلوكى, حلوكى هذه كان والدي بحملها الخضرة من البستان, وتاتي بنفسها الى البيت...هنا في هولندا مركز لجوء للكلاب الشاردة, ولهم سيارات اسعافهمُ, واذا دعيت سيارة اسسعاف للكلاب,وبنفس الوقت للانسان, اسعاف الكلب يستجيب قبل اسعاف الاوادم...عيادات الكلاب لايقل عددا عن عيادات الطب البشري, وتجده في كل زاوية...وعندما زرنا مركزا لبيع الحيواونات الاليفة, كان سعر الانثى اعلى من سعر الذكر, وسالت صاحب المحل, لماذا هذا التمييز العنصري, ضحك وقال: هذه تنجب, اما هذا ياكل فقط, وهكذا في عالم الانسان...وفي القسم الاخر كان حيوان اخر يشبه الجربوع .والروس يسمونه (خمياك) ,كان مكتوب تحته, اصله حلبي...وتمنيت ان اجد بشار الاسد في هيئة زرافة في حديقة الحيوانات...لكن ليس في اوروبا...!
بدلا من الطلاسم
فول على طول -سيدنا الكاتب فى مقالة الفائت كان يحدثنا عن خوفة على المؤمنين الفارين من جحيم الايمان الى بلاد الكفر .يخاف عليهم من التنصير بالطبع ولكن السيد الكاتب لم يوجة نصائحة الى بلاد المؤمنين لاستيعاب اخوتهم فى الايمان الفارين الى بلاد الكفار . وفى هذا المقال يطلب من المؤمنين الهاربين من بلاد الايمان بمجاراة الكفار وعدم معاداة الكلاب التى هى نجسة وكروهه حسب النصوص المقدسة التى لا يعتريها التحريف ولا أعرف لماذا كراهية مخلوقات طبيعية وتكمتاز بالوفاء واللة هو خالقها ..ما علينا . الذى لا يقولة أى مؤمن أن الخلفية الاجتماعية والتراثية والدينية للذين امنوا هى كراهية كل شئ بدءا من البشر المخالفين لهم فى العقيدة مرورا بالكلاب وخاصة السوداء ولا أعرف لماذا ؟ عموما يا سيدنا الكاتب فان المؤمن غير قابل للتعديل أو الأنسنة - أى يصبح انسانا طبيعيا - طالما بقى فى الدين الأعلى ..ونكرر لكم النصيحة عليكم بسحب المؤمنين من بلاد الكفار واستيعابهم فى بلاد الايمان للحفاظ على خلفيتهم التراثية والاجتماعية والدينية حتى لا يكرهوا على مجاملة الكلاب ..وكلمة الكلاب ربما الكاتب يقصد أهل الكفر وليس الكلاب الحقيقية .. واللة أعلم . أتعشم أن أجد لديكم بعضا من النخوة والمروءة والشجاعة وسحبل المؤمنين الى بلاد الايمان ..جزاكم اللة خيرا .
عجب
ماجد ع محمد -اولا الكاتب يختار الزاوية التي يريدها ويحاول طعن الانسان الشرقي نفسه من خلالها وليس الغربي الذي لا يعنيني من أمره شيئاً اي والكاتب يتناول الذي يدعي الغربنة ولا عداوة بين الكاتب والغرب مطلقاً، انما هو يحاول ان يهز الشرقي المنافق والذي يعيش تناقضاته الجمه ويعاني الانفصام في الشخصية بين الانبهار بكل ما هو غربي وممارسة ما يعاكسه في بيته ومع اسرته، ثانيا الكاتب ليس من دعاة الدين ولا يرى في الاديان كلها الا ثقافات الشعوب لا اكثر، ولكن على ما يبدو بأنكم تعودتم على ان لا تقراوا او تستسيغوا لكل ما يناهض تصوراتكم .
الى ماجد ع محمد
فول على طول -أولا تحياتى وشكرا على تعليقك وتواصلك مع القراء - اذا كنت أنت الكاتب وليس شخص ينتحل اسمك - وأنا أتفق معك تماما فى ازدواجية الانسان الشرقى وهذا ما نحاربة وننتقدة دائما ..فعلا الانسان الشرقى يظهر أشياء عكس قناعاتة تماما وعكس أفعالة تماما ..الانسان الشرقى يخاف من انتقاد الناس لة ولا يخاف من اللة ولذلك مجتمعاتنا منافقة كلها ..يهتم بالشكل ولا يهتم بالجوهر . القارئ لا يعرف ما فى عقلك أى ما فى عقل الكاتب ولكن يفهم بطريقتة ويفهم المقال من زوايا أخرى ربما تختلف تماما عما تقصدة وهذا حق للقارئ كما هو حق للكاتب . تحياتى مرة أخرى وأكرر للجميع أنا لا يعنينى ديانة أى انسان بالمرة ولكن يعنينى الانسان بالدرجة الأولى والأخيرة ..أنا أنتقد أى نصوص عدائية والانسان عندى هو المقدس وليس الأديان . البشر سواسية وهذا ايمانى وعقيدتى وهى فوق الأديان .
al hakika
nabilof -قوم كالدبب ماذا يصنع ألأدبحمير حملت ذهب هنيئا لمن ركب