بريطانيا والاتحاد الاوروبي من الاتحاد الى الانفصال
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
&
يبدو ان هنالك تهويلا مبالغا فيه حول تاثير انفصال بريطانيا عن الاتحاد الاوروبي على بريطانيا ذاتها وعلى الاتحاد الاوربي على مختلف النواحي لكننا في بحث بسيط حول عضوية بريطانيا في الاتحاد نجد انها كانت تملك بالواقع عضوية شرف بدليل انها لم تنضم الى منطقة اليورو ولم توقع على عدة معاهدات ومنها اتفاقية شنجن.
كما انها لا تملك الكلمة العليا على قرارات الاتحاد الذي بات تحت تاثير المانيا الاقوى اقتصاديا وفرنسا فبقت بريطانيا على الهامش تلعب سياسة قدم هنا وقدم هناك لا هي في كامل عضوية الاتحاد ولا هي خارجه كما لعبت دورا يصب بمصلحة سياسات الولايات المتحدة في التاثير على قرارات واحوال الاتحاد الاوربي وهي منسجمة اكثر مع التوجهات الامريكية فهي تطمع بالمميزات الاقتصادية في الاتحاد دون عضوية مسؤلة ورغم بعض الاضرار فان وجودها قد يكون ثقلا رفعته بخروجها عن كاهل الاتحاد.
نعم قد يتبادل الى الاذهان ان تداعيات سلبية على الاقتصادين البريطاني والاوربي قد تحصل فبريطانيا ثاني اقوى اقتصاد اوروبي بعد المانيا والخامس عالميا وقد بلغت صادرات بريطانيا الى اوربا ٢٢٣ مليار جنيه استرليني بنسبة ٤٤% من صادراتها وهي خالية من التعرفة الجمركية فلا احد يعرف كيف ستكون العلاقة التجارية الجديدة مع اوربا وهل ستفرض ضرائب على الصادرات ناهيك عن ان لندن ثاني مركز مالي عالمي بعد نيوييورك حيث تتمركز فيها المراكز الرئيسة لكبريات الشركات متعددة الجنسيات التي تنطلق عملياتها من لندن باتجاه اوربا اما الان فبدء الكلام بانسحابها الى مدن اوربية اخرى كبرلين وباريس وبروكسل وفرانكفورت بديلا عن لندن التي ماعادت ضمن الاتحاد الاوربي وبالتالي ستفقد بريطانيا العديد من رؤس الاموال والوضائف المهمة. هذا وسيتضرر قطاع العقارات في بريطانيا ايضا.
كما ان الاتحاد الاوربي سيكون مجبرا على عدم الانفتاح بشكل سلس على بريطانيا ولن يمنحها مميزات كما كانت فيه كي لايترك انطباعا ايجابية في اذهان الدول الاعضاء الاخرى بان عملية الانفصال امر اعتيادي ويمر مر الكرام فالخروج له اثمان تختلف عن الدخول وعلى الرغم من ضغوط الشركات العالمية التي سيتعرض لها الاتحاد لتطبيع العلاقة الاقتصادية مع بريطانيا. ولن تكون علاقة بريطانيا بالاتحاد كما هي علاقتة بسويسرا لان الاخيرة لم تكن بالاتحاد اصلا. لذا طالب الاتحاد الاوربي بريطانيا بالاسراع باجراءات الخروج منه كاول رد فعل.
هناك ٤ قضايا رئيسة فرقت بين بريطانيا والاتحاد الاوربي وهي&السيادة :حيث رفضت بريطانيا وحدة التكامل السياسي ورأت ان حل المشاكل لاينطوي بالضرورة تحت مضلة الاتحاد فيما يجب منح البرلمانات صلاحيات برفض ما لايناسبها&الاقتصاد والعملة: ارادت بريطانيا ضمانات لتعددية العملة لرفع مسؤليتها عن اغاثة الدول الاعضاء ذات الازمات الاقتصادية والاحتفاظ باقتصادها القوي خارج منطقة اليورو&القدرة التنافسية: طالبت بريطانيا بتقليل البيروقراطية وزيادة القدرة التنافسية في الاتحاد، وتسهيل الاتفاقيات التجارية مع خارج الاتحاد، وتوسعة السوق المشتركة بلا قيود&الهجرة داخل الاتحاد الاوروبي: اردات بريطانيا الحد من الهجرة داخل الاتحاد الأوروبي و فرض قيود قانونية تعسرعلى المهاجرين الحصول على معونات الضمان الاجتماعي الا بعد مضي ٤ سنوات في العمل داخل حدود المملكة غير ان باقي الاعضاء يعتقدون ان هذا يخل بمبدأ حرية تنقل اليد العاملة في الاتحاد الاوروبي وهي تمييز بين المواطنين لكن الاحصائيات تتحدث عن اكثر من ٤٠٠ الف مهاجر من دول الاتحاد يعمل في بريطانيا يكلفون ميزانية الضمان الاجتماعي 5 مليار جنيه استرليني اغلبهم من بولونيا رومانيا وبلغاريا و يعملون باجور زهيدة معتمدين على المساعدات الممنوحة من الضمان الاجتماعي فبات الامر ثقلا على البريطانيين حتى من ذوي الخلفية الاجنبية لاسيما بعد الازمة الاقتصادية ٢٠٠٨. لكن كاميرون توصل اخيرا الى صفقة في عدة امور أهمها أن لا يحصل المهاجر الأوروبي إلى بريطانيا على مساعدة حكومية إلا بعد أن يعمل 4 سنين على الأراضي البريطانية، ويساهم في النظام الضريبي. ولاتتحمل بريطانيا مسؤولية إنقاذ الاقتصادات المتعثرة في منطقة اليورو.
اذن فلماذا الخروج الا لان النزعة اليمينية ازدادت وستنعكس اشكالها على بقية دول الاتحاد الذي يعاني من تزايد نسبة التيارات اليمينية المتطرفة وان موضوع الهجرة او الاقتصاد هي حجج تم ترويجها اعلاميا لكسب الانفصال الذي لن يسلم منه دعاته ونحن نشاهد تحركات الانفصال في اسكتلندا وايرلندا وجبل طارق عن بريطانيا ذاتها.
عموما وبعد ان حصل الانفصال كامر واقع وبعد تجاوز خبر الصدمة فان الامور ستعود الى الهدوء تدريجيا وان الاوربيين كديمقراطيين سيحترمون هذا الاختيار مهما كان وستبدء مرحلة جديدة من الشراكة بين اوربا وبريطانيا فكلاهما تجمعهمها المصالح وان فرقتهما قضية الاتحاد فكما ذكرنا فان بريطانيا لم تكن عضوا جوهريا ولن يتاثر الاتحاد بخروجها وان رافق الامر ضرر هنا او هناك فربما ما حدث كان افضل لكلاهما.
&
jebouri@hotmail.se