إشكالية الثقافة والسياسة في المجتمع العربي
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
&
عندما ندرس التغير الاجتماعي في العالم، نجد أن هناك ثباتا في معظم الدول المتقدمة على نوع التفكير والثقافة السائدة منذ قرون، ولكننا في العالم العربي لا نثبت على حال، فنحن نتأرجح كثيرا بين المعتقدات والقناعات والتيارات الفكرية، وتتداخل السياسة كثيرا مع الثقافة السائدة، وتتغير الثقافة حسب التغيرات السياسية، وهذا أمر غير مألوف، فالأصل أن الثقافة هي التي تحدد المسار السياسي وليس العكس. إذ أن المجتمعات تمر في مرحلة الطفولة الثقافية وتنمو وعندما تنضج وتبلغ سن الرشد الثقافي، تحدد مسارها وتثبت عليه، فما بالنا نتلون حسب التأثيرات السياسية ولا يثبت تفكيرنا على حال وثقافتنا هلامية لا شكل لها وكل يوم في حال؟
ما كنت أحسب أننا سنصل إلى هذا الحد، فقد كنا نظن أننا وصلنا آماد بعيدة، وأنجزنا الكثير، وكان ذلك في عنفوان الشباب حيث كنا نختلف آيدولوجيا ونتجادل ونظن أنه بالمثابرة والعمل، سنجد لنا مكانا على الأرض، وفجأة انتشروا، بلحاهم وجلبابيهم، وأشهروا عصيهم فرجعنا إلى الخلف واختبأنا، كان ذلك ردا على الثورة الإسلامية في ايران، واستجابة لإيعازات أمريكية، فصار الذي كنا نكلمه بعفوية وبراءة، يرمقنا بنظرات وضيعة، فهرعنا إلى الجلابيب، ونحن نعلم، على الرغم من صغر السن والغرارة، أن التغيرات حدثت فجأة وبفعل فاعل، ليصبح العام خاصا، والموضوعي شخصيا، حتى تغيرت طريقة لباسنا وحديثا وأكلنا وشربنا. وصار الرجل يتعرض لنقد أصدقائه إذا كانت ابنته أو أخته سافرات أو كان أخوه يسمع أغاني أم كلثوم. ثم تبخرت الأحلام، ونضممنا إلى القطيع.
وقعت أحداث الحادي عشر من سبتمبر، فصدرت التعليمات بضرورة مسح البرمجة السابقة وإطلاق الحريات و "حوار الحضارات والأديان" فبدأت الحكومات تضيق الخناق على الإسلاميين، فتراجعوا قليلا "تكتيكيا" وصرنا نرى ما لم نكن نراه من قبل من سفور وأغان وأفلام وانترنت ومقاهي واختلاط بين الجنسين. فصار المجتمع هجينا لا يسير على هدى سوى هدي أمريكا ورغباتها، أما من كان يبعد في التفكير، فانتهى به المطاف إلى حالة من الضياع، بسبب المتناقضات والتغيرات السريعة، التي تحدث دون أن يكون لهذا المسكين رأي أو موقف، وقد اختار الكثير من الشباب الهجرة للنجاة من هذا التلاعب وبحثا عن السلام والمصالحة من النفس.
ثم قررت أمريكا إعادة رسم خريطة المنطقة، وبدأت باحتلال العراق وتابعت إلى بقية الدول العربية، فشرعت الأبواب للجهاديين السنة والميليشيات الشيعية، وانقلب الصراع إلى صراع طائفي، يفتك بالمئات يوميا، وبرمجت الشعوب من جديد، فانقسموا إلى قسمين: سني وشيعي، ولا تزال آلة الموت تعرك الناس وتجهز عليهم. وأينما اتجهت الأنظار فثمة من ينوح ويتفجع على موتاه.
إذن، نحن لم نصل بعد إلى قرار حول ماهية الثقافة التي نريدها، ونسير حسب التوجيهات الخارجية، فمرة نؤمر بالتشدد الديني، ومرة نؤمر بالتسامح ومرة نؤمر بالدفاع عن الطائفة وقتل الطائفة الأخرى، ونحن الحالة الوحيدة في الكون التي ترتبط فيها الثقافة السائدة بالمصالح السياسية الخارجية، لذا تبقى في حالة تقلب
وصراع مستمرين. بينما كل شعوب الأرض ترسخ الثقافة أولا ومن ثم تتحرك لرسم مسارها السياسي، ومهما تغير المسار السياسي، تبقى الثقافة ثابتة، وحتى لو تغيرت فلا يستغرق الأمر وقتا طويلا لعودتها إلى الاستقرار. فقد انتقلت دول من المعسكر الشيوعي إلى الرأسمالي، لكنها ما لبثت أن استقرت وتفرغت للعمل والبناء. أما نحن، فننتقل من ثقافة إلى أخرى حسب محركات خارجية، وأكاد أجزم اليوم أنه إذا غيرت أمريكا رأيها وارتأت ضرورة إعادة البلاد إلى نظام إقطاعي فإننا سنسارع لتنفيذ رغبتها ونقتتل إلى ما شاء الله.
أهي علة فينا؟ وأين يكمن الخلل؟ فقد طال أمد الصراع ونحن غير قادرين على الثبات على رؤية مشتركة حول ماذا نريد أن نكون. فقد غيرنا لوننا من حقبة لأخرى، واتسعت الفجوة بين الآباء والأبناء، فلم يعد بمقدور الأب أن يوجه ابنه إلى مسار فكري معين، لأن الابن تغيرت برمجته واستقى أفكارا مختلفة، صحيح أن هناك فجوة بين الأجيال لكن ما بين الأجيال في بلادنا ليس مجرد فجوة بل هي قطيعة، وعلى الآباء أن يتابعوا الأخبار وما يحدث في أمريكا لكي يعرفوا كيف يفكر أبناؤهم، وما هي التوجهات العامة في المجتمع وإلى أين يتجه مؤشر الثقافة المطلوبة في تلك المرحلة.
التعليقات
انها الفوضى الهلاكة
خلفها أمريكا لا ريب -الفوضى الهلاكة التي تعود جذورها الى ماقبل مائة عام، عندما جرى توقيع إبرام صفقة سرية بين بريطانيا وفرنسا كانت مسؤولة عن إغراق الشرق الأوسط في قرن من إراقة الدماء. قام اثنان من المفاوضين الاستعماريين، «مارك سايكس» و«فرانسوا جورج بيكو»، بالموافقة على تقسيم الشرق الأوسط بين بلدانهما من أجل تأمين السيطرة الأوروبية على أراضي الدولة العثمانية التي انهارت مع نهاية الحرب العالمية الأولى. تم تنحية وعود تقرير المصير التي تم منحها للشعوب العربية من قبل البريطانيين من أجل الحصول على المساعدة في هزيمة الأتراك جانبا بشكل كبير. وبدلا من الحصول على التحرر الوطني فإن كل ما حدث هو تغيير الحرس الإمبراطوري.وقد كان الغدر وحشيا. قامت بريطانيا وفرنسا بتقسيم الشرق الأوسط بينهما من خلال رسم خط في الرمال على الخريطة بين عكا على ساحل البحر المتوسط وكركوك في شمال العراق. سيكون كل شيء إلى الشمال من هذا الخط من نصيب الفرنسيين بينما يخضع جنوبه للسيطرة البريطانية. حصلت فرنسا على سوريا ولبنان، في حين قامت بريطانيا بالسيطرة على العراق وشرق الأردن وأعطت فلسطين وطناً قومياً ليهود اوروبا ؟ ليقمعوا السكان الأصليين وقد ورثت امريكا هذه التركة ودعمت الانظمة العربية الوظيفية أسقطت حكومات لم تعجبها واتت بحكومات على غير رضا شعوبها وختمتها بغزو العراق بالفوضى الهلاكة وادخلت مكوناته في أتون حرب طائفية لا تبقي ولا تذر مما أدى الى مقتل الالاف ونزوح الالاف الى اوروبا وغيرها هرباً من الجحيم ان ما يحصل في المنطقة من حرائق ومآس مسئولة عنه امريكا بلاشك .
اشكالية المثقفين المؤمنين
فول على طول -كنت أتوقع من عنوان المقال أن أجد حلا لاشكالية الثقافة عند العرب أو الذين امنوا جميعا - حسب عنوان المقال - ولكن كالعادة وجدت هروب من الكاتبة الى مواضيع أخرى ليس لها علاقة بالثقافة التى يتعاطاها الذين امنوا ...الكاتبة وكالعادة جنحت الى أن امريكا هى السبب فى كل مصائب الذين امنوا . ..أى وجدت التبرير وهو أن الاخرين هم السبب . ثقافتكم ثابتة وحسبما جاءت فى الدين الأعلى وهى : تناكحوا وتناسلوا واقتلوا كل البشر المختلفين عنكم حتى فى المذهب ...انتهى . هذة الثقافة لا تتغير بالسياسة ولا دخل للسياسة بها ..فهى ثابتة فى اللوح المحفوظ ..والجلباب والنقاب واللحية الخ الخ من ثوابت الدين - وما أدراكم ما الثوابت - ولا تتغير بالسياسة ..كل ما فى الأمر أن الصحوة الاسلامية بدأت بعد البترول وظهر الدين الأعلى على حقيقتة كما نراة الان . والخصام بين الشيعة والسنة منذ بدء الدعوة وقبل وجود أمريكا بقرون طويلة ..وامريكا تركت العراق من زمان ولم تحتلة كما تدعون ..ماذا فعلتم ببعضكم البعض فى العراق ..؟ أو غير العراق ..؟ ماذا يحدث الان فى البحرين أو السعودية أو سوريا أو اليمن ..او ليبيا او نيجيريا او او .؟ هل امريكا احتلت هذة الدول أيضا ؟ سيدتى العلة فيكم وما وكفاكم هروب وواجهوا أنفسكم وكفاكم كذب على أنفسكم وعلى أبنائكم . اينما حل الدين الأعلى حل الارهاب وهذة هى الحقيقة التى تعرفونها ولكن ينقصكم الشجاعة للاعتراف بذلك ...الاسلام دين الخوف ..تخاف أن تنتقدة وأنت فية وتخاف أن تخرج منة لأن السيف مسلط على رقابكم .
الخبير الاقتصادي
والبروفسور فول ! -زيادة السكان هي من عوامل ومحركات النمو الاقتصادي.. أسأل ألمانيا وكندا واستراليا؟