استراتيجيات "داعش" واستراتيجياتنا (1ــــ 2)
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
&
قرأت مؤخراً تقريراً نشرته صحيفة "الحياة" اللندنية" حول دور العامل النفسي في تجنيد العناصر الارهابية في تنظيم "داعش"، ووجدت في هذا التقرير ما يؤيد وجهة نظري القائلة بأن تنظيم "داعش"ليس تنظيماً عشوائياً أو يعتمد على الشق العاطفي والديني في الترويج لأفكاره واستقطاب عناصره من دول العالم كافة، بل يعتمد على دراسات نفسية معمقة في التغرير بالشباب والمراهقين على وجه التحديد. حيث أكدت الدراسات العلمية أن التنظيم يستغل حاجة الانسان إلى وجود هدف ومعنى لحياته، ثم يسعى التنظيم لملئ هذا الفراغ النفسي بالغ الأثر والتأثير في حياة الفرد، فيقدم المغريات الكافية لإحساس العناصر المستهدفة أو المرشحة للانخراط في صفوفه بالاشباع الذاتي، لاسيما لجهة الايهام بكونهم سيتحولون إلى "أصحاب رسالة" ونخب قيادية تسعى لتحقيق أهداف طموحة مثل محاربة الشر والسعي لبناء دولة الخلافة وغير ذلك من شعارات براقة تجذب بالتأكيد شرائح كثير ممن يشعرون بضعف دورهم في الحياة أو ضعف الانتماء إلى مجتمعاتهم ودولهم، ومن يعانون التهميش والاقصاء وغير ذلك من أعراض كارثية لا تنتبه كثير من الدول والمجتمعات إلى أخطارها.
ومن فهم ودراسة تكتيكات واستراتيجيات التجنيد والاستقطاب التي يطبقها تنظيم "داعش" نجد بالفعل أن التنظيم يخترق شرائح اجتماعية مهمة، فلم يعد كالأجيال السابقة من تنظيمات الارهاب يعتمد على شرائح مجتمعية معينة يستقطبها عبر الدعاية العاطفية المباشرة والخطاب الديني الحماسي والتعبوي، بل طور "داعش" آليات الاستقطاب والتجنيد وتخلى عن النمط التقليدي، الأمر الذي يفسر تعدد الطبقات الاجتماعية المنخرطة في التنظيم وتعدد الجنسيات والمستويات التعليمية، فلم يعد الارهابي، كما كان شائعاً، في فترات سابقة، يأتي من طبقات مجتمعية معينة أو من مستويات تعليمية وثقافية محددة، بل اتسعت دائرة "العضوية الارهابية" لتشمل طوائف وشرائح جديدة بفضل استراتيجيات داعش وإجادة المختصين بداخله لتقنيات التواصل الاجتماعي الحديثة في التخاطب والتواصل مع شرائح المجتمع كافة.
تكتيكات التجنيد والاستقطاب التي يطبقها "داعش" تبدو بالنسبة لي أقرب إلى تكتيكات جماعة الاخوان المسلمين الارهابية منذ بداياتها في العقد الثالث من القرن العشرين، حيث كانت الجماعة ولا تزال تعتمد أساليب تربوية معمقة في الاقناع والاستقطاب ثم ضمان الطاعة العمياء وطمس الهويات الشخصية وصهرها في إطار الجماعة واستغلال حاجة الأعضاء المختارين إلى الانتماء لجماعة أو كيان يوفر لهم الاحساس بالذات ويشبع هذه الرغبة النفسية القوية لديهم. والفارق بين تكتيكات الاخوان المسلمين و"داعش" ربما يكمن في تطور الفكر الداعشي ومرونته بدرجة كبيرة
لاستيعاب متغيرات العصر تقنياً وعلمياً والاستفادة منها في حشد الأتباع والمؤيدين والمتعاطفين، وبناء عالم افتراضي واسع يمارس التنظيم من خلاله عمله في الحشد والتجنيد. وهو أمر يختلف عن الأسلوب التقليدي في الحشد والتجنيد والاستقطاب الذي كانت ولا تزال جماعة الاخوان المسلمين الارهابية تمارسه، وهذا الفارق عائد بالاساس إلى اختلاف نمط القيادة بين الجماعتين الارهابيتين، فالاخوان جماعة متبلدة غارقة في الماضي متمسكة بتراثها ولا تمارس نقد الذات أو التجديد الفقهي والتنظيمي، في حين أن تنظيم "داعش" الارهابي قد انطلق من متغيرات الواقع واستغل مفرداته جيداً، ويمارس مهمته الاجرامية في الحشد والتجنيد عبر الانترنت تحديداً من خلال عناصر تلقت تعليماً جيداً، بل إن معظم هذه العناصر قد تلقت تعليمها في الغرب، ومن ثم يبدو الفارق هائل بين جيل داعش والأجيال السابقة من الارهاب والارهابيين.
هذه النوعية من الدراسات النفسية غائبة عن عالمنا العربي والاسلامي، الذي يكاد يدور في فلك تجديد الخطاب الديني والدفع باتجاه القاء المسؤولية على العامل الديني والنصوص الدينية في نشر الارهاب، في حين أن المسألة تبدو أعقد من ذلك بكثير. فرغم أن الجهود العلمية الجادة المبذولة على صعيد تجديد الخطاب والفقه الديني تبدو محدودة أو معدومة إن صح التعبير، ورغم أهمية أي جهود جادة قد تبذل على هذا الصعيد بالفعل، فإن ذلك لا ينفي أن هناك جوانب غائبة تماماً في التعامل مع ظاهرة التطرف والارهاب، وفي مقدمتها الدراسات النفسية المعمقة، التي
يمكن أن تضىء لنا جوانب مغايرة من المشهد الارهابي المتفاقم.
تقول الدراسات النفسية الغربية في هذا الشأن أن تنظيم "داعش" يستغل بقوة حاجة الشباب إلى ما يعرف ب"الاغلاق المعرفي"، وحاجة الفرد إلى الابتعاد عن حالة عدم اليقين في كل ما يخص حياته ومستقبله، ويربط علماء النفس بين هذه الحالة وبين التطرف والارهاب، حيث يستغلها الارهابيون بكثافة دعائية مفرطة لتقديم ردود واجابات قاطعة تسهم في إبعاد الفرد عن حالة عدم اليقين، التي تجلب له التوتر والقلق والاكتئاب، ورغم أن هذه الدعاية مضللة وكاذبة وكارثية على مستقبل الفرد، ولكنها توفر له حلولاً وقتية تسهم في هروبه من حالات التوتر والقلق المدمرة.
هذه الدراسات النفسية الغربية تشير في مضمونها بشكل غير مباشر إلى إشكاليات حقيقية في كثير من مجتمعاتنا العربية والاسلامية، ومن ذلك التربية والتنشئة الاجتماعية القائمة على الأمر والطاعة في الأسرة والمدرسة من دون بناء شخصية مستقلة قادرة على التفكير النقدي والحوار والنقاش، وهي التربية التي توفر شخصيات لديها قابلية عالية للتجنيد والاستقطاب الارهابي، وهذه الإشكالية تحديداً قد تكون مرتبطة ببيئات محددة ولا تفسر نجاح التنظيم في استقطاب عناصر من مجتمعات مغايرة في الغرب. هناك أيضاً إشارات علمية تفسر فاعلية الاستقطاب الارهابي في الغرب منها ضعف الانتماء والتهميش والاق
التعليقات
أسئلة للكاتب
فول على طول -تحية للكاتب أولا وبعد : ملخص المقال أن الاخوان المسلمين والدواعش وأمثالهم جماعات ارهابية ..وان سبب الدعوشة هو خطأ فى التربية فى المجتمعات الاسلامية أو الخواء النفسي فى المجتمعات الاسلامية ..انتهى الملخص ونحن نسأل الكاتب : لماذا كل الارهابيين مسلمون بغض النظر عن جنسياتهم وألوانهم ولسانهم ؟ هل الشباب المسلم فقط يعانى من الخواء النفسي أو الخطأ فى التربية ..؟ ألا يوجد شباب مسيحى - مثلا - نشأ وتربى على نفس الثقافة فى البلاد الاسلامية ...؟ لماذا لم نرى منهم دواعش مسيحيين مثلا أو حتى بهائيين ..أو ملاحدة وما أكثرهم فى مجتمعاتنا الان ولا داعى أن ننكر ذلك ؟ هل قرأت أدبيات الاخوان المسلمين وما كتبة منظرهم حسن البنا أو سيد قطب ؟ هل تختلف فى مضمونها عما جاء فى كتب السيرة ..؟ هل تعرف ماذا يدرس فى الأزهر وما يماثلة فى جميع أنحاء العالم ...؟ أؤكد لك أنها نفس كتب التراث ونفس كتب الاخوان المسلمين ونفس كتب داعش ..مثال بسيط كتاب " الاقناع فى حل ألفاظ أبى شجاع للثانوى الأزهرى " فهو يجيز أكل لحم الزوجة وأكل لحم تارك الصلاة وأكل لحم المرتد والكافر أيضا بشرط أن تؤكل دون طبخ أو شى - من شواء - وذلك احتراما لحرمة الميت - الجملة الأخيرة ليست من عندى ولا تهكم منى ولك أن تفسرها كما يحلو لك - وهذا مجرد مثال بسيط . هل تعرف أن جماعة الاخوان المسلمين انشئت عام 1928 ولم نسمع أنها جماعة ارهابية الا بعد الخلاف على السلطة حديثا ..هل لم تكن ارهابية قبل ذلك وفجأة تم اكتشاف هذا الحدث الخطير ؟ ومن يمول الاخوان ..؟ هل تعرف أن أغلب الأزهريين اخوان ..وأغلب الارهابيين من خريجى الأزهر ...هل كل هؤلاء لا يفهمون الاسلام الصحيح ؟ هل تعرف أن جامعة الأزهر تم الاعتداء عليها بواسطة طلاب الأزهر ؟ هل رأيت ميليشيات الأزهر فى عهد حسنى مبارك والذى أفرج عنهم بحجة الحفاظ على مستقبلهم ..؟ مرة تقولون أن الدعوشة بسبب الفهم الخاطئ للدين ..ومرة لأنهم يعانون من الفقر ..ومرة بسبب تربيتهم ..لقد نفذ رصيدكم من المصداقية . تدورون وتدورون حول السبب الرئيسي للدعوشة ولا تجرؤون على قول الصدق ولذلك لن تشفوا من أمراضكم . الشئ الوحيد الذى يجمع الدواعش والاخوان والجهاديين من كل نوع معروف ...انتهى .
انظمة داعشية أشد فتكاً
بعيدا عن هذيان الأرثوذكسي -بعيدا. عن هذيان الكنسيين نقول ما مارسته الأنظمة العربية المستبدة وتمارسه لا شيء مقارنة بممارسات داعش المدانة والمرفوضة لكن تعالوا إحصائيا. نرى كم قتلت الأنظمة العربية الداعشية من البشر في مصر على الأقل عشرة ألاف قتيل وأكثر من أربعون الف معتقل وخلفهم بالطبع آلاف الأسر تعاني بعد سجن الأب وحصار الجمعيات الخيرية وفي سوريا اكثر من مليون قتيل والاف الجرحى والمعاقين وملايين المهجرين داخل سوريا وخارجها وفي العراق يتعرض المكون السني الى حرب تطهير عرقي حقيقية على يد الحكومة الطائفية العميلة ، فهل أنتم منصفون في طرحكم هل أنتم عادلون او منافقون متواطئون
زومبيات المخابرات
علي البصري -داعش مافية العصر الاسلامية المصنوعة بدقة ودراسة مخابراتية البداية العراق سجن بوكا 25 ضابط من ضياط مخابرات صدام الهدف الاول سورية بشار وصولا الى لبنان حزب الله ثم العراق لتحجيم نفوذ ايران والهدف الثالث ليبيا تحطيم وتمزيق البلد (تقسيم)والرابع اليمن محاربة الحوتين المحسوبين على ايران ،الاهداف تاجيج الشرخ الطائفي وجعل السنة يحاربون الشيعة وتقزيم النفوذ الايراني ،يبدو ان داعش بعد انتشاره السريع والمذهل وسقوط الموصل خرج من السيطرة وهو لايحتاج من انشاءه واصبح خطر قاتل لانه بذور صالحة للزراعة في بيئة ملائمة ،تلاحقت الضربات لتحجيمه دون انهائه لاكمال الاهداف الاساسية التي لازالت قائمة وارجاعه للحدود المطلوبة .