كتَّاب إيلاف

وطن الشعارات!

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

اعادني الكاتب والناشط السياسي المصري مدحت قلادة في مقاله الجديد بصحيفة ايلاف الدولية "قساوة وطن" الى حوار اجريته معه في نهاية العقد الاول من القرن الحالي في برنامج "لنتحاور" من فضائية كوردستان حول مسألة التداخل بين الدين والوطن والانتماء في بلداننا، حيث تحول الوطن في ظل مختلف انواع الانظمة الحاكمة (ملكية وجمهورية وديمقراطية ودكتاتورية واسلامية) الى مجرد شعارات ومهرجانات واغاني واناشيد لتمجيد القائد او الحزب او الدين والمذهب، بعيدا عن اي مفهوم للمواطنة التي تنضوي تحتها كل هذه المسميات او الكائنات، فهي بالتالي اصغر منها بكثير، لكنهم اي اصحابها عملوا لسنوات طويلة على تقزيم الوطن واذابته في شخص دكتاتور او في كيان حزب مهما كبر أو صغر لن يتجاوز الا نسبة ضئيلة من مجموع ابناء وبنات الوطن، وتحدثنا في حوارنا عن كيفية اقحام الدين في السياسة وشؤون الدولة وكيف يحق لنظام او حزب او مجموعة فرض تعاليم دين بذاته على مواطني تلك الدولة متعددة المكونات الدينية والمذهبية، وفي ذلك قال الزميل قلادة كيف لنا ان نمزج او نخلط الدين بالنجاسة؟
وحينما سألته عن النجاسة قال الدين قداسة والسياسة نجاسة، فكيف يحدث ذلك، متهما السياسيين في شرقنا بالتعاون مع بعض ممن يسمون انفسهم رجال الدين بممارسة النجاسة ويقصد فيها التحايل والكذب وربما التنافس غير الشريف من اجل الوصول الى السلطة، والوصول الى السلطة في بلداننا تستخدم كل المعاصي من اجل الكرسي، حتى وان كانت عبر ما يسمى بصناديق الاقتراع، وهي بذلك تبتعد كل البعد او تتقاطع بالمطلق مع المرتكزات الاساسية للدين الذي يعتمد أسس قيمية وروحية مقدسة لا يمكن التلاعب في ثوابتها، ومجرد ادخاله أو استخدامه في السياسة كاحزاب او مجموعات سياسية غرضها الوصول الى دفة الحكم هو تدمير لكيان الدولة وتحويلها الى دكتاتورية تحرق الاخضر واليابس، وتشويه للدين ونقائه الروحي، وبالتالي فان هذا النمط من الانظمة التي تُقزم الاوطان وتذيبها في شخص دكتاتور أو في كيان حزب سياسي او مذهب ديني او دين بذاته على حساب المواطنة التي تضم مختلف مكونات المجتمع عرقيا وقوميا ودينيا ومذهبيا، تؤدي الى انماط من القساوة التي تحدث عنها مدحت قلادة في مقاله (قساوة وطن)، تلك القساوة التي انتهت الى جرائم للابادة الجماعية (Genocide) والتطهير العرقي (Ethnic cleansing) كما حصل في كوردستان العراق فيما سٌمي بالانفال وحلبجة، او مثيلاتها التي تعرض لها الايزيديون عبر تاريخهم هم والارمن في كوردستان تركيا والعراق، وفي كل هذه الجرائم تم مزج الدين بالسياسة معتمدين على فتاوى منحرفة او اطلاق اسماء ايات قرآنية على تلك الجرائم، كما في (الانفال) التي استخدمت كعنوان لجرائم تهجير الكورد وتغييب ما يقرب من مائتي الف مواطن مدني ودفنهم احياء في صحراوات جنوب ووسط العراق، وكذا الحال في جرائم منظمة داعش الارهابية ضد الايزيديين في كارثة سنجار عام 2014م التي راح ضحيتها الاف القتلى وسبي آلاف النساء والاطفال باستخدام نصوص دينية في وطن تهيمن عليه احزاب دينية مذهبية لا تقبل الآخر وتتحمل وزر تغييب الاف مؤلفة أخرى من الرجال والشباب دونما محاكمة لا لسبب الا لكونهم من طائفة دينية مغايرة لهم.
اوجاعنا في الوطن لا حصر لها، فقد تبعثر الوطن بين الدين والمذهب والعشيرة والحزب والقرية والشيخ والدكتاتور، واصبحت الوطنية في ظل هذه الكائنات مجرد اغنية او نشيد او شعار اجوف أو سلم لأعتلاء كراسي السلطة ليس الا!

kmkinfo@gmail.com

ما بين النجاسة والقداسة أضاع الاسلام السياسي مفهوم الوطن والدين

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
هل كان صدام محقا
حسن صالح -

عان الشعب العراقي كثيرا من الدكتاتورية ومن قمع صدام للحريات الفردية ونشاط الاحزاب المعارضة واضطهاد معارضيه ولكن بات جليا للجميع بأنه ربما كان محقا في فصل النجاسة عن القداسة في كبحه نشاط الاحزاب الدينية . ولولا تراجعه عن العلمانية عندما ضعفت قبضته في زمام الأمور في العراق بسبب الحصار ولجوئه إلى قيادة الحملة الايمانية واعلاء دور الدين وشيوخ العشائر في العراق لبقي حزب البعث في قيادة العراق إلى الآن ولكن بسبب مزجه النجاسة مع القداسة كما تفضلتم انتهى بنا الحال إلى مانحن عليه الآن وانقسام الشعب إلى تصنيفات مذهبيةومن ناحية أخرى في ظل استمرار حكم الاحزاب الإسلامية لا نستبعد ظهور جماعات اجرامية أخرى شبيهة بداعش أو أكثر أجرما منه وفي الحقيقة نحن الاقليات الدينية في العراق فقدنا الثقة بحكومة ولائها للمذهب وليس للوطن لذلك افراغ الوطن من مكوناته مستمر

وطن الشعارات
. سفيان عباس -

احسنت ، ربما لا اتفق مع الأستاذ مدحت قلادة في شأن مصطلح النجاسة فيما يتعلق بوصفه للسياسة ، فالسياسة مع الدين نعم التي تسمى الإسلام السياسي هذه أسوأ من النجاسة وصفا وتشبيها ، فأن اقحام الدين والمذهب في العمل السياسي قد احدث ضررا بالوحدة الكلية للدين الإسلامي في مجتمع متعدد الديانات والمذاهب والقوميات غير الإسلامية مما أدى الى غياب المواطنة الجامعة لتلك الديانات والمذاهب والقوميات في بوتقتها ، ان السياسة في معناها الآخر التي يمارسها الشرفاء والنبلاء من القادة بعيدة جدا عن ما ذهب اليه الكاتب الكبير الأستاذ مدحت ، وخصوصا حصر الدين السياسي بالإسلام وهذا يعني بالضرورة العنصرية والطائفية وانعدام العدالة الاجتماعية واحترام حقوق الانسان وباقي المكونات من الديانات الاخرى ، هؤلاء ارباب الإسلام السياسي قتلوا روح المواطنة وارتكبوا جرائم القتل والسبي والتهجير القسري والاختفاء القسري والجرائم الإبادة الجماعية معظمهم دفنوا احياءً والفسق والفجور والفساد باسم الإسلام السياسي والوطنية كشعارات زائفة مضللة ، من هنا باتت مقومات المواطنة واسباب ديمومتها في خبر كان ، ان تدمير مبدأ المواطنة بالطريقة التي مارستها حكومات الشرق الأوسط ومعها الإسلام السياسي ، جعلت من مسألة العدالة والتشريعات الدستورية والقانونية الوطنية منها والدولية تتدحرج الى الواد السحيق ، وقد شاهدنا جرائم الجماعات المسلحة من عصابات داعش والميلشيات الإرهابية كيف مارسوا الجرائم الدولية والرذيلة باسم الإسلام ، وباتت الشعارات تمجيد الدكتاتورية والدين والمذهب كأسلوب تربوي للمضلل بهم من جموع الجهلة والسذج بل مؤثرة بشكل فاعل ومؤثر في عقولهم ، عندما استثني دائما نظام الحكم والقادة السياسيين في إقليم كوردستان فأنا على حق لمسوغات عدة على رأسها انهم ليسوا طلاب حكم وجاه وكراسي بل هم أصحاب قضية عادلة مصادرة حقوقها من الأنظمة الدكتاتورية في الشرق الأوسط ، إضافة الى ان التجربة السياسية في إقليم كوردستان كانت تجربة رائدة في شؤون السلطة والحكم وانموذجا يتحذى به من حيث تحقيق العدالة المجتمعية بين مكونات شعب كوردستان دون تمييز أي بمعنى جسدت مبادئ وقيم المواطنة فحسب ، ابداعك متجدد على الدوام اسد كوردستان البار

مقال جد مهم لمن يفقه
ماهين شيخاني -

ما تفضلت به في هذا المقال استاذ كفاح . هو عين الحقيقة في شرقنا الاوسخ مع الاسف الشديد . أقول الأوسخ لأنها كما تفضات حشروا الدين وقداسته في نجاسة السياسيين الذين يستخدمونها في اللحظات التي تخدمهم بفتاوي المشايخ حسب الطلب . لا بد أن نعيش بالسلم والأمان بابتعاد الدين عن السياسة . اي فصل الدين عن السياسة ...مقال جد مهم لمن يفقه .دمتم لقول الصراحة والحقيقة .

دائما متألق في اختيار المواضيع المميزة دمت لنا ذخرا استاذي الفاضل
Ahmed goran -

دائما متألق في اختيار المواضيع المميزة دمت لنا وفقكم الله ورعاكم ودمتم لكوردستان

مقال ثمين
ابو تارا -

ولهذا السبب العراق والمنطقه فى تراجع وتخلف وفوضى واضطراب منذ عقود ولازال الحبل على الجرار تحية للكاتب على مقاله وتحليله الصائب والدقيق

التلون حسب المصلحة
يوسف سرحوكى -

أكثرالذين أستلموا دفة الحكم بعد 2003 ولحد الان كانوا مرتزقة أبان حكم صدام حسين للعراق وهؤلاء كانوا يتلونون بشتى الألوان الكاذبة وبصبغات ذات وتر حساس بل وأكثرها وأقواها حساسية (صبغة القومية تارة والمذهبية تارة أخرى)ليرسموا صورة في منتهى الجمال تغدوها العز والكرامة والفخر أمام قائدهم ليسترزقوا من الحرام وبالحرام وعندما أكتشفت أكاذيبهم عبر الاستخبارات القائد برز لهم انيابه المفترسة فهرب من استطاع الهرب الى الخارج كلجوء سياسي ومن هناك زادت نفاقهم وأصباغهم السياسية والأعلامية المتنوعة بالاكاذيب وأسترزاقهم ثانية على حساب الغير حتى أصبحوا سماسرة التفرقة بين أبناء الوطن الواحد بعد 2003 حيث أختاروا ثانية الوترين الاكثر حساسية (المذهبية والعرقية)فبدل البناء والتقدم والنهضة العمرانية والتي وعدوه لشعبهم المغلوب على أمره حل الدمار بنفسية شعبهم قبل الدمار لبيوتهم ومنازلهم وأماكن سكناهم حيث دب القتل بين صفوف أبناء الوطن الواحد وعلى الهوية وقتل الهوية نفسها والتشرد والحرمان والخوف وأنعدام الخدمات وأدخال تصارع الحضارات والمصالح الاقليمية الى أرضهم المعطاءة بالتسامح والاخاء والمحبة فأمست اسم الوطن كابوسا يأرق أهله ماعاد له معنى وطعم ولون لهم وهاهم الساسة والاعلاميون كالمعتاد يظهرون ويبرزون عضلاتهم النفاقية من جديد وكرههم الدفين للكورد وحسدهم للتقدم والرفاهية في الاقليم التي حصلت بجهود قيادتها الحكيمة وابناء شعبها المتمدن بالانسانية والتعامل مع الغير بانفتاح وتسامح وقبول الاخر وعدم نكران احد وحقوقه عرقيا ودينيا ومذهبيا فعجلة التقدم مازالة مستمرة وستستمر رغم أنوف الحاقدين في الداخل والخارج (ولن يصح الا الصحيح )). تحياتي لك

الدين أداة تبرير لما لا يبرر
محمد سيف المفتي -

بداية شكرا على مقالك الرائع وبالفعل الدين اداة عمل والمهنيين هم رجال الدين ورب العمل هم السياسيين. لننظر الى سلوكيات الحزب الاسلامة والاحزاب الاسلامية لندرك تماما كيف يتم استخدام اسم الله . اختلف معك بالراي بخصوص حلبچة لا اجد المسوغ الديني بل اجد يد النظام الديكتاتوري تقع الشعب

الشجاعة كرم
خالد علوكة -

مفهوم السياسة لااخلاق لها قد تكون في الحكم والسلطة ولكن عندما تكون صاحب قضية عادلة فانك لابد ان تعفوا حتى على اعدائك في سبيل شعبك . وبللا مجاملة هذا حصل في الاقليم عندما عفى القادة الكورد عن حتى اعدائهم وجلسوا معهم كمال قال البيشمركة مسعود البارزاني في كتابه الاخير (للتاريخ) بينما في بغداد حدث العكس في الانتقام والحساب العسير مما زاد الطين بله ووقع الشعب في جرم حكم آخر.