فضاء الرأي

طريق التغيير السياسي في إيران

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

عند إجراء عملية مراجعة للتعامل الدولي مع النظام القائم في إيران منذ 44 عاماً، ثمة العديد من المحطات التي يجب التوقف عندها واستذکارها، من أجل فهم التصورات الخاطئة التي کان المجتمع الدولي يبني عليها آمالاً، لکن من دون أي نتيجة. کمثال على ذلك، وبعد أن کان التعويل على حدوث إصلاح إيجابي من داخل النظام الإيراني، صار أنصار هذا الاعتقاد والتصور قلة تتجه إلى الندرة، بعد أن افتضحت حقيقة النظام، وعرف العالم معدنه الحقيقي، وکيف أنَّ کافة أجنحته وتياراته متشابهة إلى حد التطابق في الخط العام وفي المبدأ. من هنا، فإن خيار التغيير من داخل النظام قد صار في حکم المنتهي وغير الممکن، والأنظار کلها تتجه نحو خيارات أخرى.

لقد اتضح أن النظام الحاکم في إيران، ومن خلال تجربة ممتدة لأكثر من أربعة عقود، لا يعتبر مصدراً للمشاکل والأزمات للشعب الإيراني وحده، وإنما لكل شعوب المنطقة والعالم أيضاً. والأنکى من ذلك أنه کلما بقي واستمر في الحکم، فإن مساوءه تزداد وأضراره تتخطى الحدود المعقولة. لذلك، فإن الحديث عن التغيير في إيران صار حديثاً مهماً وملحاً يطرح بقوة، وصار يعني الجميع دونما استثناء، لأنَّ خطر النظام وتهديده يقعان على الجميع.

لکن أي تغيير يجب أن يحدث في إيران؟ يجب أن يأخذ التغيير في الاعتبار، من دون شك، مصالح الشعب الإيراني وعلاقة إيران بالمنطقة والعالم، ومساهمتها الإيجابية المرتقبة في حفظ السلام والأمن والاستقرار في المنطقة، وهذه الشروط ليست مجتمعة ولا يمكن ضمانها إلا من جانب جهة في المعارضة الوطنية الإيرانية تؤمن بذلك وتدرجه في برامجها السياسية بکل وضوح وتعلن عن التمسك به والعمل من أجله. وبهذا الصدد، فإنَّ المقاومة الايرانية تمتلك تاريخاً حافلاً في المواجهة ضد هذا النظام، وتُعرف في الأوساط والمحافل الدولية بمواقفها السياسية الصريحة بخصوص إيران الغد، التي يجب أن يعمها الإيمان بالآخر وبالتعايش السلمي بين الشعوب ورفض التطرف والارهاب. وهذه الجهة أو الطرف الإيراني يمکن التعويل عليه في إيران ما بعد النظام الحالي.

المنطقة والعالم بإمکانهما أن يلعبا دوراً مٶثراً ومهماً في الإسراع بعملية التغيير الجذري في إيران، أولاً من خلال تأييد نضال الشعب الايراني ودعم الانتفاضة الايرانية من أجل الحرية والديمقراطية، وثانياً من خلال الکف عن التواصل مع هذا النظام الذي صار واضحاً، وبالأدلة الملموسة، أنه يعادي المنطقة والعالم ويشکل بٶرة لتصدير التطرف الديني والارهاب، ولا أمل في إصلاحه أو جعله معتدلاً کما يتمنى البعض ويطمح عبثاً ومن دون طائل. واتخاذ مثل هذا الموقف سوف يساعد کثيراً في غلق الأبواب التي يستمد منها النظام القوة للديمومة والاستمرار.

إنَّ النظام الإيراني، إذ يواجه اليوم ظروفاً وأوضاعاً بالغة السلبية، يجب الاعتراف أنه لولا النضال المستمر والمتواصل للشعب الإيراني، ولولا التضحيات الکبيرة التي قدمها، ولولا ما قاساه طوال العقود الماضية، لما کان بإمکان العالم أن يعرف هذا النظام ويکشفه على حقيقته. وإن المقاومة الايرانية، إذ تشير إلى مساوئ وسلبيات النظام وإلى إنتهاکاته وجرائمه ومجازره، فإنها ترسم دائماً طريق الخلاص والحرية بإسقاط هذا النظام واعتماد خارطة طريق نحو إعادة بناء إيران ما بعد هذا النظام، وهو الطريق الصحيح والأمثل من أجل التغيير السياسي المناسب والمطلوب داخلياً وخارجياً.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف