فضاء الرأي

الممر الآمن والتهجير ومحو الوجود الفلسطيني

حصلت إسرائيل على موافقة مشروطة من الولايات المتحدة على عمليتها العسكرية المخطط لها
قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

لا يُنظر إلى فكرة "الممر الآمن" على أنها لفتة للمساعدة الإنسانية أو التسهيلات، بل كآلية لإدامة الظلم ومحو الوجود الفلسطيني من وطنه، وكجزء من جهد منهجي خبيث لتفتيت الأراضي الفلسطينية والسيطرة عليها، بما يزيد من ترسيخ الاحتلال الإسرائيلي وحرمان الفلسطينيين من حقوقهم كافة.

إنَّ فكرة أن النزوح والدمار والقتل يمكن اعتبارها مقبولة عندما يتم تغطيتها بلغة الإنسانية والقانون الدولي تتحدى المفاهيم التقليدية للحرب والعدالة، وهذا نفاق متأصل في التعاطي مع القضية الفلسطينية، حيث تتلاعب الدول الكبرى بالأطر القانونية والخطاب لتبرير أفعالها، بغض النظر عن التكلفة البشرية.

في ضوء السياق المقدم، يبدو أن دعوة الرئيس الأميركي جو بايدن لإنشاء ممر آمن قبل أي عملية عسكرية في رفح قد تساعد بالفعل في تسهيل عملية التهجير، وتتضمن اعترافاً ضمنياً بأنَّ القوة النارية والتدميرية ستكون أقوى مما قامت به قوات الاحتلال في الشمال والوسط.

كذلك، فإنَّ تأكيدات بايدن لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأنَّ الهدف المشترك المتمثل في هزيمة حماس وضمان الأمن على المدى الطويل لإسرائيل يظل أولوية متبادلة، يؤكد الشراكة المستمرة بين الولايات المتحدة وإسرائيل، وهنا لا بد من لفت الانتباه إلى قرارات محكمة العدل الدولية باعتبارها آلية مهمة لمحاسبة الدول على دعمها الأعمال الإسرائيلية، إذ أنَّ أحكام محكمة العدل الدولية أداة حيوية لضمان مساءلة المتورطين في أعمال قد تساهم في انتهاكات حقوق الإنسان أو الفظائع.

إقرأ أيضاً: النفاق الدولي بين احتضان أوكرانيا وتجريم المقاومة الفلسطينية

في التطورات الأخيرة، حصلت إسرائيل على موافقة مشروطة من الولايات المتحدة على عمليتها العسكرية المخطط لها، وشددت الولايات المتحدة، على وجه الخصوص، على أهمية فرض قيود على العملية، ودعت إلى وضع حد زمني محدد ونطاق جغرافي محدد بعناية، ويهدف هذا النهج الاستراتيجي إلى منع تكرار الجرائم التي أثارت استنكاراً وإدانة دولية.

ويعكس الموقف الأميركي حساسية تجاه التداعيات المحتملة للعمليات العسكرية، خصوصاً في ظل الصور المثيرة للقلق التي يتم تداولها على منصات الإعلام، فهناك قلق واضح داخل الدوائر الأميركية حول تأثير مثل هذه الصور على الرأي العام، خصوصاً بعد الأحكام الأخيرة التي أصدرتها محكمة العدل الدولية. وبالرغم من هذه المخاوف، فإنَّ موقف واشنطن لا يعارض هجوم رفح بشكل صريح، بل يركز بدلاً من ذلك على ضمان تنفيذ أي عمل عسكري ضمن معايير تقلل من التداعيات الإنسانية وتخفف من خطر المزيد من التصعيد.

إقرأ أيضاً: قرارات تاريخية رائعة وملزمة

في الوقت ذاته، فإنَّ أهداف إسرائيل في العملية تتجاوز مجرد المشاركة العسكرية، مع التركيز بشكل أساسي على تعزيز الحصار على قطاع غزة، وهذا يعكس الأهداف الاستراتيجية الأوسع لإسرائيل المتمثلة في فرض سيطرتها على القطاع.

وأقول في الختام إنَّ الممر الآمن جريمة تذكرنا بالصدمات والمظالم المستمرة التي لا تزال تحدد معالم الظلم الذي يمارس على الفلسطينيين.

ويذكرني هذا بما قاله أحد المسؤولين الغربيين: اقتلوهم ولكن دون عنف، وأميتوهم جوعاً ولكن بحنان، ودمروا كل ما هو لهم لحماية مستقبلهم من المتطرفين فيهم.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
العدو يدفع أثمانا باهظة ومؤلمة،، يتألمون كما تتألمون وترجون من الله مالا يرجون ،،
باسل -

كمين خانيونس ودلالاته.‏هكذا أوردت "إسرائيل اليوم" الخبر بالنص:‏"من هذه المنطقة (خانيونس) خرج الإرهابيون ليرتكبوا مجزرة": المتحدث باسم جيشهم قال: "أثمان الحرب باهظة ومؤلمة، كل فضاء هو عالم بحد ذاته".‏قصة تكرّرت مرارا، وتنسف هُراء "النصر المطلق" الذي يتبجّح به نتنياهو. وكلمة هُراء هنا استخدمها غير واحد من محللي "الكيان" نفسه.‏لا نصر أبدا ما دام هنا رجال يواصلون القتال، ولو بما تيسّر. ‏هل استسلمت الضفة الغربية بعد 3 عقود من مساعي فرض الاستسلام عليها؛ بيد العدو، وعبر سياسات سلطة العار في آن؟! ‏غزاة أشقياء، لا يدركون أيّ شعب يواجهون، وأي مصير لا بد أن ينتهوا إليه، مع أن بعضهم يدرك ذلك تمام الإدراك.