فضاء الرأي

غزة محرومة من السحور وموائدها خالية من الفطور

رجال يسيرون بين خرائب غزة بعد قصف إسرائيلي في 16 آذار (مارس) 2024
قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

إنه اليوم السابع من شهر رمضان الفضيل، المتمم لليوم الـ163 للعدوان الإسرائيلي الهمجي المتواصل على قطاع غزة، وما زالت آلته الوحشية، الأميركية الدولية، في ظل شهر الصيام المعظم، كما في الأشهر الخمسة التي مضت، تقتل وتدمر، وتفتك وتخرب، وتحرق وتهدم، ولا تراعي حرمةً لشعبٍ أو احتراماً لدين، ولا تقديساً لشعائر أو تقديراً لطقوسٍ وعبادات.

بينما تقف دول العالم وحكوماته متفرجةً على ما يقوم به الجيش الصهيوني الذي سلحوه ودربوه، وأهلوه ومكنوه، وما زالوا يمدونه بالذخيرة والسلاح، ويزودونه بالآليات والطائرات، ويرسلون له المساعدات بالسفن وأسراب الطائرات، وهم يعلمون أن القتل الذي يمارسه جيشهم، إنما يتم بسلاحهم وبعلمهم وبأمرٍ من قادتهم.

استجاب الفلسطينيون في قطاع غزة، بالرغم من المحنة القاسية والحرب الضروس، والقتل المستشري والعدوان الهمجي، لنداء الله عز وجل في كتابه الكريم، وقد حل شهره الفضيل "فمن شهد منكم الشهر فليصمه"، وقد شهدوه ورأوا هلاله وهم تحت الحصار فصاموا، ولكنهم صاموا عن الطعام غير الموجود، وامتنعوا عن الشراب الذي ليس إلا الماء على ندرته وقلته، وعجزوا عن شراء ما يحتاجونه من أسواقهم المدمرة ومحالهم التجارية التي باتت خاوية، فلا شيء بقي فيها ولا جديد بسبب الحصار يدخل إليها.

لكنهم أصروا على تعظيم شعائر الله عز وجل، صياماً وصلاةً، بالرغم من أجسادهم النحيلة التي أصابها الوهن، وأضناها الحصار وأوجعها ألم الفقد وحر القتل، فصاموا نهارهم، وأقاموا الليل وأدوا صلاة التراويح في بقايا المساجد المدمرة، التي لم يعد فيها صحنٌ ولا فناء، ولا منبرٌ ولا محراب، ولا مئذنة ولا مذياع.

في غزة التي يسكنها اليوم أكثر من مليوني فلسطيني، يصوم أطفالها الصغار وشيوخها الكبار، ونساؤها الحوامل وجرحى العدوان، والمصابون بالأمراض المستعصية والأوبئة التي سببها الحصار والعدوان، وغيرهم ممن نجوا من نيران القصف ولهيب الغارات، إلا أن عصف الحصار قد طالهم، وناب الجوع قد قرصهم، فأصابهم ما أصاب أهلهم من الجوع والحرمان، فغدوا جميعاً في مركب الجوع القاتل، وباستيل الحصار المذل، يصومون النهار وهم يعلمون أنهم لن يجدوا شيئاً يفطرون عليه في المساء، كما لم يجدوا شيئاً يتسحرون عليه قبل الإمساك، ورغم ذلك فإنهم يصرون على الصيام، ويعتقدون كما أنه شهر القرآن فإنه شهر الانتصارات، وشهر الفتوحات والمعجزات، وأن الله عز وجل لن يتركهم في شهره الفضيل فريسةً لعدوهم، يستفرد بهم ويقتلهم، ويستقوي عليهم ويعذبهم.

إقرأ أيضاً: العملية البرية في رفح: ضوابطٌ ومحاذيرٌ

الفلسطينيون عامةً وأهل قطاع غزة خاصةً، مشهودٌ لهم بالجود والعطاء، والكرم والسخاء، ويعرفهم أهلهم ويشهد لهم ضيوفهم بأنهم كرامٌ كما الندى، وأسخياء كما الريح المرسلة، ويغدقون على ضيوفهم كما السحب المثقلة، ولا يخشون من كرمٍ فقراً ولا إملاقاً، ولا يترددون في إتلاف أموالهم وتقديم أفضل ما عندهم ليرضى ضيفهم، ويسعد زائرهم، ويهنأ من نزل عندهم، وهم في شهر رمضان أكثر جوداً وكرماً، وأوسع عطاءً وسخاءً، ويعلم الغريب والقريب أن موائدهم عامرة، وبيوتهم زاخرة، وأنهم يتبادلون أطباق الطعام ويتزاورون ليلاً حتى وقت السحور.

في غزة اعتاد أهلها على نصب الموائد العامة وإقامة المآدب في الشوارع والطرقات، وفي الحدائق والساحات، وفي المدارس والمساجد، فيرتادها من يريد، ويتناول فيها طعام الإفطار الغني والفقير، والغريب والمقيم، فلا يشعر ساكنها بفقرٍ أو حاجةٍ، ولا يشكو زائرها من غربةٍ أو وحدةٍ، فكل سكان غزة هم أهله ومضيفوه، بيوتهم له مفتوحة، وقلوبهم به مرحبة، فهو كما يقولون عنه، ضيف الرحمن ساقه الله عز وجل إليهم أجراً، ليكون لهم يوم القيامة ذخراً.

إقرأ أيضاً: عودٌ بعد غياب واستئنافٌ على أعتاب النصر

اليوم غزة أيها المسلمون جائعة فقيرة، كسيرةٌ معدمة، تشكو وتعاني، وتقاسي وتتألم، وهي في أمس الحاجة إلى لقمة العيش وكسرة الخبز وشربة الماء، فقد حرمها العدو الإسرائيلي وحلفاؤهم من الغرب وإخوانهم من العرب وغيرهم، كل أسباب العيش الكريم والحياة الحرة الآمنة المستقرة، فجففوا مياههم وخربوا زروعهم وحرقوا بيوتهم، وقتلوا رجالهم، ووأدوا أطفالهم، ولم يستثنوا من القتل نساءهم وحتى الأجنة في بطون أمهاتهم، والخدج في محاضنهم، وما زالت آلة قتلهم تعمل، وجيش كيانهم يعتدي ويقتل.

أيها المسلمون ويا أيها العرب، ويا أحرار العالم ودعاة الإنسانية في كل مكانٍ، لا تنسوا اليوم غزة وأهلها في معاناتها، ولا تتركوها وحدها تواجه مصيرها، وكونوا معها بسيوفكم قبل ألسنتكم، وبمالكم قبل دعائكم، وبحراككم قبل استنكاركم، واعلموا أن أهلها ولو بقوا وحدهم، فإنهم لن يتخلوا عن واجبهم، ولن يلقوا البندقية من على أكتافهم، ولن ينفضوا من حول مقاومتهم، فهي عزتهم وشامتهم، وهي التي رفعت رايتهم وأحيت قضيتهم، وهي التي ستستعيد مجدهم وستحرر أرضهم، وهي من قبل ومن بعد تنافح عن دينكم، وتحمي قدسكم، وتقاتل من أجل الأقصى والمسرى وكذلك الأسرى.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لا تلوموا الفلسطيني ان هو أسرف في الانتقام
رشاد -

‏خلال محاكمة أدولف إيخمان النازي في القدس المحتلة سنة ١٩٦١ وذلك بعد خطفه وتهريبه من الأرجنتين قدم المدعي العام التهم الموجه إليه والتي أدت إلى إعدامه وذر رماده في البحر. ‏كان مما قدمه المدعي العام من أوراق القضية قوله: إن الشعب اليهودي تعرض للمذابح والقسوة في كل البلاد على مدار التاريخ! ‏محامي الدفاع عن إيخمان تساءل خلال الدفاع عنه: ما هي طبيعة هذا الشعب الذي يجد نفسه عرضة للقتل والإيذاء على مدار التاريخ وفي كل مكان!؟ ألا يوجد احتمال أن يكون هذا الشعب مسؤول عما يلحق به، وأنه هو من يستفز الشعوب لهذا الفعل!؟ ‏أصيب الحضور بالذهول من هذا الأمر.‏ اليوم عندما يناقش بعض المسلمين خصوم الإسلام يذكرون فعل النبي صلى الله عليه وسلم في بني قريظة ويعزلون هذا الفعل عن جريمة بني قريظة. ‏( الخيانة والتواطؤ مع المشركين ضد المسلمين وهم اهل كتاب واتباع نبي كريم ) ولو حدث للصهاينة وذاقوا بعضا من البأس .. أكان هذا غير عادل وقد فعلوا بالناس أكثر من ذلك!؟

السنوار يمسك بتلابيب نتنياهو وبايدن؟!
سامر -

مسؤول سابق في الموساد: ‏"السنوار يمسك بنا من رقابنا". الرئيس الأمريكي جو بايدن: حل الدولتين هو الطريق الوحيد لتحقيق السلام والأمن الدائمين! ‏هناك حاجة ملحة لزيادة المساعدات إلى غزة والتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وإعادة المحتجزين !! ‏ماذا تنتظر يا رئيس الدولة العظمى !!!!! ‏⁧‫

الخلاصه
قول على طول -

حبذا لو نقرأ نداء واحداً لأشاوس حماس، يسألهم أين أنتم ولماذا فعلتم ذلك بأهل غزه وهل تعرفون عواقب ما فعلتم ولماذا تختفون حتى الان والى متى؟ العالم كله يعرف أن حماس منظمه ارهابيه ولن تعود تحكم ولن يسمح لها بذلك؟ ولو يملكون ذره من الصدق والشجاعه يعلنون التخلى طواعية عن الحكم ويتركون غزه وناسها ويضعون اسرائيل فى موقف محرج أمام العالم كله وساعتها فقط سوف ينال الفلسطينيون تشجيع العالم كله والوقوف بجانبهم ..ما عدا ذلك كله تهريج ..انتهى