"علّام" الجسر الرقمي الذي يربط السعودية بالعالم والعراق بالمستقبل
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
الإقتداء هو الإعتراف بالحكمة في عصر تسعى الدول لإستغلال الحسد الحميد كعامل تحفيزي للتقدم في كل المجالات، كي تستطيع الدولة الوقوف بالصف الأول عند التقاط صورة تذكارية لأسرة الدول المتقدمة في العالم. ففي ظل التقدم التكنولوجي السريع الذي لا ينفك من استيعاب فكرة ناصعة تم تطبيقها، تأتي أختها الأنضج، وبما أن الأفكار الحالية قائمة على التطوير بواسطة تسخير الأسطورة الرقمية "الذكاء الإصطناعي" يمثل الإعلان الأخير الصادر عن الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (SDAIA) بشأن إدراج نموذج "علاّم" الخاص بها على منصة Watsonx التابعة لشركة IBM، لحظة محورية في عالم الذكاء الاصطناعي، وخاصة بالنسبة للعالم الناطق باللغة العربية. يعتبر نموذج "علاّم" أحد النماذج التوليدية الرائدة للغة العربية على مستوى العالم، ولا يمثل طفرة تكنولوجية فحسب، بل من المُفترض أن يمثل أيضًا منارة لإلهام الدول "العربية" المجاورة والأقليمية، بما في ذلك العراق.
يمثل نموذج "علاّم"، الذي تم الكشف عنه خلال مؤتمر IBM Think 2024 في بوسطن بالولايات المتحدة الأميركية، بمثابة شهادة على الخطوات الكبيرة التي قطعتها المملكة العربية السعودية في مجال الذكاء الاصطناعي. تم تصميم هذا النموذج التوليدي لفهم وإنشاء النص العربي بدقة وطلاقة ملحوظة، مما يسد فجوة كبيرة في القدرات اللغوية للذكاء الاصطناعي. من خلال دمجها في منصة Watsonx، حيث يتمتع "علاّم" بموقع يمكنه من إحداث ثورة في مختلف القطاعات، بدءًا من التعليم والرعاية الصحية وحتى الأعمال والحوكمة، من خلال توفير حلول متقدمة تعتمد على الذكاء الاصطناعي والمجالات ذات صلة.
بالنسبة إلى العراق، فإنَّ ظهور نموذج "علام" يؤكد الحاجة الملحة إلى إعطاء الأولوية للذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا ضمن أجندته التنموية. يقف العراق، بتراثه الثقافي الغني وأهميته التاريخية، على مفترق طرق حيث أن تبني التكنولوجيا الحديثة يمكن أن يدفعه نحو النمو والاستقرار غير المسبوقين. ولتحقيق هذه الغاية فإنَّ اتباع نهج متعدد الأوجه يشكل ضرورة أساسية، ويشمل تطوير البنية الأساسية، وتنمية المواهب، وإنشاء مؤسسات قوية.
يعتمد المستقبل التكنولوجي المستدام للعراق على رأسماله البشري. ولا بد من إصلاح أنظمة التعليم كونها اللبنة الأساسية بحيث تشمل مناهج شاملة تركز على العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، على اقل تقدير، تدخل اساسيات الذكاء الإصناعي ضمن منهج مادة الحاسوب في المدارس والذي اُعطيَت الدرجة الثانية او الثالثة من الأهمية كما درس الرياضة والتربية الفنية المهملان - إلا مارحم ربي - وعدم اعتماد تلك الدروس كمواد اساسية في التعليم واجتياز الإمتحانات، مما جُعِلَت وكأنها دروس "عالة" على بقية المواد الدراسية والدارسين. كذلك ينبغي للجامعات أن تقدم برامج متخصصة مواكِبة للتطور والمستوى البحثي العالمي في مجال الذكاء الاصطناعي، علوم البيانات، التعلم الآلي، التعلم العميق والشبكات العصبية، مع التركيز بشكل خاص على التدريب العملي وتقييم تلك البحوث من قبل مختصين. بالإضافة إلى ذلك، فإن تعزيز الشراكات مع المؤسسات التعليمية الدولية يمكن أن توفر للطلاب والمهنيين العراقيين إمكانية الوصول إلى المعرفة المتطورة وفرص البحث.
يمكن لبرامج المنح الدراسية التي تهدف إلى إرسال الطلاب العراقيين الواعدين والموظفين إلى الخارج لإجراء دراسات متقدمة في الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا أن تكون مفيدة أيضًا خاصة ان تم ابتعاثهم الى دول متقدمة تكون الغاية الأولى من الإبتعاث هي المجيء بأفكار جديدة تطويرية للبلد لا لغرض المخصصات الوظيفية، فعند إكمالهم الدراسة، يمكن لهؤلاء الأفراد قيادة المشاريع المبتكرة والمساهمة في التقدم التكنولوجي في البلاد لا ان يُركَنوا على رفوف الإهمال ويُعاد الموظف الى موقع عمل مخالف لإختصاصه لتندثر معلوماته من غير مواكبة وممارسة حقيقية.
تعتبر رحلة العراق نحو التقدم التكنولوجي أمراً محورياً لنموه واستقراره في الجانبين المدني والعسكري بتفرعاتهما، حيث اتخذت البلاد بالفعل خطوات نحو التحول الرقمي، بدءاً من خلال مبادرات مثل ورش العمل الوطنية التي نظمتها الإسكوا وهيأة الإعلام والاتصال العراقية (CMC) لمناقشة التحول الحكومي الرقمي وتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي ناهيك عن الإجراءات المتخذة من قبل وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في ظل المؤتمرات التي ننتظر مخرجاتها وتلك الإجراءات على الأرض. ومع ذلك، هناك حاجة ملحة لتسريع هذه الجهود وتوحيدها واحتضان إمكانات الذكاء الاصطناعي وغيره من التقنيات الناشئة بشكل كامل، فتجربة تعيين وزير دولة للذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي وتطبيقات العمل عن بُعد في دولة الإمارات العربية المتحدة منذ 2017 أحدَث ثورة تقدميه يتحدث عنها القاصي والداني من خلال الوزير وفريقه الحرفي المحترف في التطوير والإدارة الرقمية على مستوى البلاد، فالعراق ليس بقاصر على انتقاء الكفاءات لتقوم بذات المقام، لذلك نطمح ترقية الهيئة الاستشارية للذكاء الإصطناعي إلى وزارة تدخل في جميع المفاصل مؤلفة من أفراد يتمتعون بخبرة حقيقية غير قائمة على المحسوبية، فعمليات الاختيار على أساس الجدارة، والحوكمة الشفافة، والتطوير المهني المستمر هي عوامل أساسية لتنمية كادر من القادة القادرين على توجيه العراق نحو مستقبل تقوده التكنولوجيا، وليس ذلك بحلم على حكومة محمد شيَّاع السوداني القائمة على الإرتقاء بالواقع الخدمي والبنى التحتية للبلد والنهوض بالبلد وجعله في الصفوف المتقدمة أمناً وعلماً واقتصاداً.