فضاء الرأي

لبنان ضحية حزب الله

ضابط شرطة إسرائيلي يتفحص الآثار التي خلفها قصف مصدره حزب الله على كريات شمونة الحدودية في شمال إسرائيل
قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

هل طبول الحرب تدق في لبنان؟ سؤال يثير قلق ومخاوف الشعب اللبناني من تصعيد حزب الله حدة الصراع مع دولة الاحتلال الإسرائيلي على نطاق واسع، لا في الجنوب فقط، ودلائل ذلك رغبة حزب الله في الانتقام من القوات الإسرائيلية، التي قتلت قائدًا كبيرًا في غارة جوية على جنوب لبنان في وقت متأخر من يوم الثلاثاء الماضي.

مخاوف التصعيد انتابت الشعب اللبناني، خصوصًا بعد رد حزب الله على واقعة مقتل أحد قادته، عندما أطلق وابلاً من الصواريخ على إسرائيل، مستهدفًا القواعد العسكرية ومصانع الأسلحة.

واستفز جيش الاحتلال الإسرائيلي حزب الله ببيان تفصيلي، ذكر فيه أنه ضرب مركز قيادة وسيطرة لحزب الله، مما أسفر عن مقتل القائد الميداني طالب عبد الله وثلاثة مقاتلين آخرين من حزب الله، ووصف البيان عبد الله بأنه أحد كبار قادة حزب الله في جنوب لبنان، وهو ما دفع حزب الله إلى إطلاق نحو 150 صاروخًا على شمال إسرائيل، وأعلن مسؤوليته عن الهجمات على سلسلة من القواعد العسكرية الإسرائيلية.

ضربات حزب الله، المدعوم من إيران، لإسرائيل خلال معظم الأشهر الثمانية الماضية، أجبرت أكثر من 150 ألف شخص على جانبي الحدود على الفرار من منازلهم. لكن كثافة الهجمات زادت هذا الشهر وسط تهديدات من مسؤولين إسرائيليين على أعلى المستويات بمواصلة العمل العسكري. وتستهدف إسرائيل قادة حزب الله بهدف دفع الجماعة إلى شمال نهر الليطاني في لبنان، على أمل منع الهجمات عبر الحدود والسماح في نهاية المطاف للمدنيين الإسرائيليين الذين نزحوا بسبب القتال بالعودة إلى منازلهم.

في الأسبوع الماضي، خلال زيارة إلى شمال إسرائيل بعد وابل من صواريخ حزب الله التي تسببت في حرائق الغابات التي اشتعلت فيها النيران لعدة أيام، أصدر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تهديدًا باتخاذ "عمل مكثف للغاية" من أجل استعادة الأمن في الشمال، وفي علامة على تصاعد الصراع، ضربت إسرائيل هذا الأسبوع عميقًا في لبنان عما كانت عليه منذ بدء الحرب في غزة، مستهدفة منطقة على طول الحدود الشمالية الشرقية للبلاد مع سوريا.

وفي الأسابيع الأخيرة، بدأ حزب الله للمرة الأولى استهداف نظام الدفاع الصاروخي الإسرائيلي المعروف باسم "القبة الحديدية"، استجابة لدعوات حماس لفتح جبهة ثانية بعد يوم من هجومها المميت على إسرائيل، شن حزب الله هجمات على إسرائيل في 8 أكتوبر. وقال زعيم حزب الله، حسن نصر الله، إن جماعته تحاول تثبيت القوات الإسرائيلية على طول الحدود والحد من قدرتها على مهاجمة حماس في غزة.

واعترف حزب الله بأنَّ أكثر من 300 مقاتل قتلوا في الجولة الأخيرة من القتال مع إسرائيل. وتقول الأمم المتحدة إن نحو 80 مدنيًا لبنانيًا قتلوا. وفي إسرائيل، تقول السلطات إن 19 من أفراد الأمن وثمانية مدنيين على الأقل قتلوا، وبينما تستعد إسرائيل لغزو بري محتمل لغزة لتدمير حماس، الجماعة الفلسطينية المسلحة التي تسيطر على القطاع، يتجه كثيرون الآن ليروا الإجراء الذي قد يتخذه حزب الله، الجماعة المسلحة على الحدود الشمالية لإسرائيل. لعقود من الزمن، كان حزب الله قوة مهمة في لبنان، حيث كان يمارس السلطة السياسية والقوة العسكرية، وكل ذلك أثناء الانخراط في مناوشات متبادلة مع عدوه الجنوبي إسرائيل.

ترجع أصول المجموعة إلى غزو بري مختلف شارك فيه الفلسطينيون. في عام 1982، توغلت إسرائيل في جنوب لبنان بهدف سحق منظمة التحرير الفلسطينية، التي استخدم قادتها البلاد كقاعدة. وسرعان ما وجدت إسرائيل نفسها في مواجهة حركة شيعية إسلامية جديدة تأسست لحشد الإرادة الشعبية ضد الاحتلال الإسرائيلي. واتخذ الفصيل المسلح اسم حزب الله، وسرعان ما وجد حليفًا جديدًا في إيران، وعدوًا في الولايات المتحدة، بعد تورطه في التفجير الانتحاري للسفارة الأميركية في بيروت في عام 1983. وانسحبت إسرائيل من لبنان في عام 2000، ولكن تهديد حزب الله ظل قائمًا منذ ذلك الحين.

وفي عام 2006، خاضت الجماعة حربًا دامية استمرت 34 يومًا ودمرت أجزاء من بيروت وأجزاء أخرى من لبنان وسوتها بالأرض بسبب الغارات الجوية الإسرائيلية. ولقي ما لا يقل عن 1109 مواطنين لبنانيين حتفهم، وفقًا لمنظمة هيومن رايتس ووتش، إلى جانب العشرات من الجنود الإسرائيليين ومقاتلي حزب الله.

ولم ترد تقارير فورية عن سقوط ضحايا جراء قصف حزب الله الصاروخي، بحسب الجيش الإسرائيلي، وتبادلت إسرائيل وحماس إطلاق النار منذ أن دفع الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة حزب الله إلى شن هجمات عبر الحدود دعمًا لحماس، لكن شدة هجمات حزب الله تزايدت هذا الشهر. وهدد مسؤولون إسرائيليون على أعلى المستويات بمواصلة العمل العسكري، وتعهد حزب الله بمواصلة قتاله، مما أثار مخاوف جديدة من أن أشهر الصراع المنخفض يمكن أن تتطور إلى حرب أكبر على الحدود الشمالية لإسرائيل.

وفي حديثه خلال تشييع عبد الله في الضاحية الجنوبية لبيروت، تعهد هاشم صفي الدين، زعيم المجلس التنفيذي لحزب الله، بأن الجماعة ستضاعف هجماتها ضد إسرائيل في أعقاب عملية القتل، وأعلن حزب الله مسؤوليته عن هجمات على سلسلة من القواعد العسكرية، بما في ذلك جبل ميرون، وهي منطقة تضم محطة رادار عسكرية تقع على بعد حوالى خمسة أميال جنوب الحدود. كما زعم حزب الله أنه ضرب مصنع أسلحة تابع لشركة بلاسان، وهي شركة مصنعة للمركبات المدرعة التي يستخدمها الجيش.

وجاءت تصريحات وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن مطمئنة، قائلاً إنه يعتقد أن أياً من الطرفين لن يرحب بحرب أكبر، وهناك تفضيل قوي للحل الدبلوماسي، وأن أفضل طريقة لتهدئة التوترات على طول الحدود اللبنانية مع إسرائيل هي وقف إطلاق النار في غزة،

وعندما تأزم الصراع بين إسرائيل وحزب الله، وجهت الولايات المتحدة رسالة، قالت فيها "لا نريد أن نرى صراعًا إقليميًا أوسع نطاقا، ولهذا السبب نريد أن نرى تراجعًا في تصعيد التوترات في المنطقة". وتظهر دائمًا الولايات المتحدة، وكأنها تحاول لعب دور الوسيط والتهدئة، وفي ذات الوقت تدعم الكياني الإسرائيلي، بشكل غير محدود.

ومن يتابع المشهد اللبناني، يرى أن البلاد غارقة في الأزمات السياسية والاقتصادية، وتعاني بشكل كبير من قلة الموارد، والفراغ السياسي لعدم وجود رئيس للجمهورية، بالإضافة إلى سيطرة حزب الله، على غالبية مفاصل الحكم في الدولة، وتدخله بشكل قوي في الصراع بين إسرائيل وحماس، لمساندة حركة المقاومة، بدعم من إيران، ولذلك فإن توسيع الحرب في لبنان، ينذر بكارثة حقيقة، تقضي على ما تبقى من الدولة.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف