فضاء الرأي

هل يدوم استقرار المعادن الثمينة؟

يفسر دخول صناديق التحوط إلى السوق في وقت مبكر وبأسعار منخفضة سبب تأثر الذهب بتصحيح أقل حدة مقارنة بالفضة
قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

يشهدُ قطاع المعادن الثمينة فترة طويلة من الاستقرار، والتي تمنح المتداولين والمستثمرين الوقت لالتقاط الأنفاس والتكيف مع المستويات المرتفعة الجديدة. فبعد الارتفاع الكبير الذي شهدته الأسعار في وقت سابق من هذا العام، بعد محاولتين فاشلتين لتأسيس دعم فوق 2400 دولار أميركي، كانت معظم عمليات تداول الذهب اليومية، منذ أوائل نيسان (أبريل)، تتراوح ضمن نطاق 2280 إلى 2380 دولار أميركي. وقد شكل توقف بنك الشعب الصيني عن شراء الذهب في أيار (مايو)، وذلك بعد 18 شهراً من الشراء المتواصل، الانتكاسة الأكبر.

ولم تتوقف الصين، وهي أحد العوامل الرئيسية لارتفاع الذهب منذ عام 2022، عن شراء الذهب بشكل نهائي، حيث نرى أنَّ هذا التوقف المؤقت جاء نتيجة تردد البنك بشأن الشراء في ظل أسعار الذهب القياسية الحالية. كما إن الاهتمام المتزايد بشراء الذهب من قبل المستثمرين الأفراد في الصين، وهو أحد العناصر الرئيسية لطلب الذهب المادي، قد جلب هذا النشاط إلى دائرة الضوء بشكل غير مسبوق. ونظراً لهذا التطور، قد يؤدي التباطؤ الأخير في مشتريات البنك المركزي الصيني إلى إطالة فترة استقرار أسعار الذهب. ومع ذلك، ما تزال النظرة المستقبلية لأسعار الذهب إيجابية على المدى الطويل.

وتظل التوقعات إيجابية بما يتعلق بالاستثمار في المعادن مع التركيز المستمر على العوامل الرئيسية التالية:

1. لا تزال المخاطر والأحداث الجيوسياسية سمة رئيسية، على الرغم من أن التأثير الداعم للأسعار حتى الآن كان في الغالب قصير الأجل.

2. الطلب الكبير من المشترين الأفراد في الصين في ظل الرغبة في استثمار الأموال في قطاع يُنظر إليه على أنه محصن نسبياً في ظل اقتصاد يعاني وأزمة في سوق العقارات.

3. استمرار الطلب من البنوك المركزية وسط حالة عدم اليقين الجيوسياسي والسعي للتخلص من هيمنة الدولار، بالإضافة إلى قدرة الذهب على توفير الأمن والاستقرار الذي قد لا توفره الأصول الأخرى. مما يؤكد وجهة نظرنا بأن توقف الصين عن الشراء هو إجراء مؤقت.

4. يؤدي ارتفاع معدلات الدين بالنسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي في الاقتصادات الكبرى، وخاصة في الولايات المتحدة، إلى تغذية المخاوف بشأن جودة الدين. بعبارة أخرى، لا يؤدي ارتفاع عوائد الخزانة بالضرورة إلى نتائج سلبية بالنسبة للذهب حيث أنها تزيد من التركيز على مستويات الديون الإجمالية واستدامتها.

5. يتحول التركيز من التأثير السلبي لتراجع توقعات خفض أسعار الفائدة إلى التأثير الإيجابي لتوقعات استمرار معدلات التضخم المرتفعة.

حافظ الذهب على ثباته خلال مرحلة الاستقرار الأخيرة، متجاوزاً المستويات الفنية الحرجة البالغة 2280 دولار أميركي للأونصة. حيث كان من الممكن أن يؤدي تجاوز هذا المستوى إلى تصفية مراكز الشراء طويلة الأجل من قبل صناديق الاستثمار المُدارة التي تحتفظ حالياً بمراكز شراء كبيرة في سوق العقود الآجلة، والتي تم الدخول فيها بأسعار أقل، تصل إلى ما دون 2200 دولار أميركي للأونصة.

يُعزى جزء كبير من ارتفاع أسعار الذهب الذي شهدناه في شباط (فبراير) وآذار (مارس) إلى الطلب القوي من صناديق الاستثمار المُدارة، مثل صناديق التحوط، وذلك إلى جانب استمرار الطلب الكبير من البنوك المركزية والأفراد في الصين. ولم يضطر هؤلاء المتعاملون، نظراً لدخولهم المبكر في موجة الارتفاع، إلى تعديل مراكزهم حيث حافظت مرحلة التصحيح الحالية على الأسعار فوق المستويات التي كانت ستجبرهم على خفض تعرضهم للذهب.

إقرأ أيضاً: ماذا بعد ارتفاع أسعار الذهب؟

يفسر الدخول المبكر بأسعار منخفضة عدم تعرض أسعار الذهب لتقلبات كبيرة مقارنة بالمعادن الأخرى مثل الفضة والبلاتين والنحاس، حيث انضم المضاربون إلى سوق هذه المعادن في وقت لاحق وبأسعار أعلى، مما جعلهم أكثر عرضة لتصفية صفقات الشراء طويلة الأجل وبالتالي خطر تصحيح أعمق.

لا يزال الطلب من قبل صناديق الاستثمار على الذهب والفضة محدوداً، حيث حافظت على مراكز بيع صافية إلى حد كبير منذ عام 2022، عندما شرعت اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة في حملة رفع أسعار الفائدة الشرسة. وأدى ذلك إلى ارتفاع تكلفة حمل هذه الاستثمارات التي لا توزع عوائد نقدية. كما من المرجح أن يظل الطلب من صناديق الاستثمار المتداولة ضعيفاً حتى يتم خفض أسعار الفائدة وتقليل هذه التكلفة.

إقرأ أيضاً: النحاس يفقد الزخم نتيجة مخاوف تراجع الطلب

يشهد ارتفاع الفضة بنسبة 25 بالمئة الشهر الماضي تراجعاً، ما يعكس مجدداً ارتباط تحركات الفضة بالذهب ولكن بوتيرة أسرع. وعلى الرغم من ارتفاعه بأكثر من 22 بالمئة منذ بداية العام، استفاد المعدن شبه الصناعي من الارتفاع الكبير الذي شهده قطاع المعادن الصناعية، ولا سيما النحاس الذي يشاركه في بعض صفات التحول البيئي. ومع ذلك، تعثر ارتفاع النحاس بمجرد إدراك السوق أن المؤشرات الأساسية الحالية، خاصة في الصين، تشير إلى ضعف الاقتصاد. وأدى التصحيح اللاحق إلى خسائر تبلغ حوالى 3 بالمئة للفضة والنحاس هذا الشهر.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف