فضاء الرأي

اليمينية الشعبوية الصاعدة في الغرب

الرئيس الفرنسي إيمانيول ماكرون ورئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني
قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

لقد بدا المشهد في اليوم الثاني والأخير لاجتماعات قمة مجموعة السبع في إيطاليا كلقاء عائلي، إذ تم تبريك المستشار الألماني أولاف شولتس بمناسبة عيد ميلاده، وكانت الأجواء لطیفة.

لم يكن ذلك محض صدفة. فقبل أسبوع واحد فقط، بعثت نتائج الانتخابات البرلمان الأوروبية رسالة واضحة إلى العالم الغربي، مفادها أنَّ هذا الاجتماع في منتجع بورغو ايغنازيا الفاخر في ريف بوليا ووسط بساتين الزيتون، سيكون ربما الأخیر من هذا النوع. وان زعماء أسرة مجموعة السبع سیختلفون في المستقبل. بل وربما سیختلفون کثیراً عما هم علیە الآن. إذ أنَّ انتخاب جاستن ترودو الكندي وشولتس الألماني وجو بايدن الأميركي مشكوك فيه إلى درجة كبيرة ــ من وجهة نظر اليوم!

کانت إحدى الخطوات المهمة لهذه القمة، التي كانت تهدف إلى وضع حلول لقضايا سياسية ملحة، هي وضع حزمة مساعدات قوية لأوكرانيا بكلفة 50 مليار دولار، والتي ينبغي لها أيضاً أن تنجو من أي تغيير محتمل للحكومة على الأقل في واشنطن، وليس من الضروري للبرلمانات المعنية الموافقة عليها.

فلحد الآن، من الصعب الحديث عن السلام في أوروبا، أو بالأحرى عما يُطلق عليه السلام بالمفهوم الروسي أو اتباعه ومعجبيه من المتطرفين والشعبويين، نحو استسلام أوكرانيا لمطالب روسيا البوتينة. لا شك في أن شيئاً من هذا القبيل لا يمثل إلا اغتراباً صادماً للقوانين الدولية ونسياناً للتاريخ. لذا، من الأهمية بمكان أن تفشل محاولة فلاديمير بوتين الرامية للاستيلاء على أراضي دولة أخرى، بل من الضروري أن يتم تعزيز مبدأ حرمة الأراضي، وهو أمر مهم للغاية بالنسبة إلى كل المعاهدات والقوانين الدولية. وبالمناسبة، نفس الموضوع يتعلق بالصراع الإسرائيلي ـ الفلسطيني. وما يخشاه المرء بحق، هو أن يزيد نصر محتمل لبوتين حدوث غزوات جديدة لمعتدين مفترضين. فالصين هي الاخری مرشحة ساخنة لتقوم بغزو تايوان خلال السنوات المقبلة.

كما ذكرنا، کانت لانتخابات البرلمان الأوروبي نتائج واضحة تکمن في خيبة أمل الكثيرين من الوسط وفرح آخرین من المتطرفين. لقد أصبح الاتحاد الأوروبي بعد الانتخابات أكثر اضطراباً من الناحية السياسية، لأنَّ المتطرفین والفاشیین في عدد غير قليل من الدول الأوروبية ظهروا أقوى من السنوات الأربعين الماضية. ففي فرنسا، یمتلك الحزب اليمين ضعف عدد الأصوات التي يتمتع بها حزب الرئيس إيمانويل ماكرون الحاكم. تنجرف البلاد هناك بشدة نحو اليمين. وفي ألمانيا، احتفل حزب البديل من أجل ألمانيا (AfD) بنجاحات باهرة، خاصة في شرق البلاد. ما يلفت النظر في ألمانيا هو الموقف المتصلب والمتعنت لناخبي اليمين المتطرف. فبخلاف العادات السائدة في الانتخابات الغربية، لم تضرّ اليمين المتطرف فضائحه الكثيرة والعديدة أبداً. فالبعض منه، على سبيل المثال، يعمل بشكل أو بآخر لصالح روسيا أو يبث الدعاية للصين أو يوظف جواسيس صينيين. وحتى التقليل من شأن رعب قوات SS النازية أثناء الحرب الكونية الثانية من قبل ماكسيميليان كراه، أبرز المرشحين للحزب، والتي اعتبرتها مارين لوبين "تجاوز الخط الأحمر"، بل وأكثر من ذلك، فإنَّ إدانة بيورن هوكر، أحد أكثر الشخصيات إثارة للجدل في المشهد اليميني، بنشر شعارات نازية، كل هذه الأمور لم تؤدّ إلى تراجع الناخبين عن انتخاب هذا التيار المتطرف. إنَّ القاعدة الانتخابية اليمينية غفرت للحزب كل شيء وليس من المستبعد أن تغفر له كل شيء في المستقبل أيضاً.

إقرأ أيضاً: الاستعلاء و الإشكالية في تفسير التاريخ

فيا ترى هل كان لقاء مجموعة السبع في إيطاليا توديعاً للعالم القديم المألوف؟ العالم الذي كان الدفاع فيه عن التعددية والليبرالية أمراً طبيعياً؟ العالم الذي كان احترام الاتفاقيات الدولية والأنظمة القانونية، على الأقل ما بين الدول، من قبل الأغلبية العظمى للعالم، واردة وطبيعية!

ربما ما يلفت الانتباه هي الكيفية التي حيت بها مضيفة القمة، جيورجيا ميلوني، رئيسة الوزراء الإيطالية اليمينية الشعبوية، الرئيس ماكرون. فهي كانت معززة بالنتائج الجيدة التي أحرزتها في الانتخابات الأوروبية التي ذكرناها، بخلاف ماكرون. ميلوني لم تظهر أثناء الاستقبال استلطافاً رقيقاً وعميقاً، بل ارتسمت ابتسامة قصيرة علی وجهها، من دون أن تزيل البرود عنها. وأغلب الظن أنها تعد الأيام لمعانقة آخرين من نظائرها الحقيقيين، من المتطرفين الشعبويين.

إقرأ أيضاً: حظوظ وعواقب فوز ترامب في الانتخابات القادمة‎

ما رأيناه ونراه في كل من بولندا والمجر عن سياسات الشعبوية اليمينية واضح للعيان. يعمل هذا التيار على تقويض مبدأ الفصل بين السلطات، ويحاول إضعاف المحكمة الدستورية عن طريق مؤيديه، وفي نفس الوقت يقيد التنوع الإعلامي. إذا، هو لیس بحاجة إلى إلغاء الديمقراطية، بل جعلها علی نحو ما، خاضعة لە.

مما لاشك فيه أن عالمنا اليوم، من خلال صعود التيار القومي الشعبوي في الغرب، مقبل على تحولات لن تكون في مصلحة قضايا عديدة خاصة في مجالات الأمن والأمان والحرية، في بقاع كثيرة من العالم.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
اليمينيه الشعبويه فى الغرب
قول على طول -

اليمينيه الشعبويه فى الغرب ..هذا وصف لا يليق لمن يخاف على بلده وأقصد اليمين ووصف الشعبويه واليمين المتطرف هو من اختراع المخبولين والمنافقين والذين ينظرون الى الأمور بنظره عنصريه ..اليمين الغربى هو وطنى بامتياز وبدأ يشعر بالخوف على بلاده وهذا حقه وهذا أضعف الايمان ..هم وطنيون وغيرهم خائن لبلده ..من لا يرى الخطر على الغرب من الهجرات المخبوله ومن خطر هجرة الصلاعمه والمشعوذين فهو أعمى ..أتمنى أن لا تكون صحوة اليمين جاءت متأخره ..هم يريدون كنس بلدهم من الأوباش أتباع الثقافات المتخلفه العنصريه وهذا حقهم ..انتهى .

ربما ،،
بلال -

ربما هناك حكمة الهية من صعود الغربي اليميني المتطرف ، ربما اخلاء المهاجرين من الغرب ، يكون توطئة لعقاب الهي يبيد الغربيين بسبب ما فعلوه بالشعوب في اسيا وأفريقيا وما يفعلونه من ارتكاب المحرمات ومبالغتهم في الفواحش وان ساعة عقابهم عليها في الدنيا قبل عقاب الاخرة ، قد اقتربت ،،

يا رعايا كنيسة الكراهية ،،
حدوقه -

اليمين المسيحي المتطرف لا يفرق بين الشرق اوسطيين ، فكل من هو ليس مسيحي اوروبي خالص ، فهو من ضمن المهاجرين المطلوب طردهم ، وهذا سيشمل الملاحدة والمسيحيين المشارقة والآسيويين والأفارقة والغجر و اللاتينيين ،،

صعود الفاشية مؤشر بحصول الحرب العامة الثالثة في أوروبا ،،
صلاح الدين المصري -

بعيداً عن بذاءات اعباط مصر والمهجر ،الشتامين اللئام ، الذين لم تهذبهم لا وصايا ولا طول اقامة في الغرب ، فإن صعود القومية الفاشية المتمثلة في احزاب أوروبا والغرب عموماً مؤشر على احتمال اشتعال حرب اهلية عامة في أوروبا ، ولو عدنا إلى اسباب الحرب الاهلية العامة الاولى والثانية في أوروبا والتي سميت بالحرب العالمية سنجد ان احد اسبابها. القومية المتطرفة والفاشية ، والتي حصدت ملايين القتلى والجرحى والمعاقين وخراب المدن والبلدان ، ان اسباب الحرب الاهلية في أوروبا كامنة تحت الرماد وهناك ضغائن واحقاد سيعمل اليمين المتطرف على إشعالها بس يخلص من المهاجرين ولنقل بصوت المهاجرين يا رب تولع وتمسك في الشتامين اللئام من رعايا كنيسة الكراهية في المهجر ،،

معظم لاعبي منتخبات أوروبا من ابناء المهاجرين ،،
فؤاد -

بعيدا عن السياسة وقريبا منها. ‏عن أبناء المهاجرين في منتخبات أوروبا.‏تابعت لقطات من المباريات، وفي ذهني هذه القضية على خلفية صعود اليمين المتطرّف.‏نسبة كبيرة من اللاعبين من أبناء المهاجرين. ‏تذكّرت بيت عنترة:‏يُنادونني في السِلمِ يا ابن زبيبةٍ وعند صدامِ الخيْل يا ابنَ الأطايبِ