فضاء الرأي

الديمقراطي الكوردستاني.. الاستمرار على المسيرة والثبات على النهج

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

تمر علينا هذه الأيام ذكرى انعطافة كبرى في مسيرة حركة التحرر الكردستاني وصفحة ناصعة في التاريخ الكردي المعاصر، وهي الذكرى الـ 78 لتأسيس الحزب الديمقراطي الكردستاني على يد الأب الروحي مصطفى بارزاني ورفاقه المناضلين من الرعيل الأول.

لم يكن تشكيل الحزب، كما يدعي البعض، ردة فعل على الإحباط الذي خيم على الأمة الكردستانية بعد انهيار جمهورية كردستان في مهاباد بفعل مؤامرة إقليمية ودولية، وإنما جاء بعد دراسة مستفيضة لمتطلبات مرحلة ما بعد الجمهورية، وتداعيات الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي السابق التي ألقت بظلالها على مجمل الأوضاع والأحداث الإقليمية والدولية.

حدد الحزب منذ أن عقد مؤتمره الأول في بغداد في 16 آب (أغسطس) 1946 أهدافه العامة واستراتيجيته طويلة الأمد في الدفاع عن القضية القومية وتحقيق الديمقراطية للعراق والحكم الذاتي لشعب كردستان عبر النضال السلمي والحوار الحضاري البناء مع الدولة المركزية، ونبذ العنف بوصفه وسيلة لنيل أهدافه. والنقطة المهمة التي لابد من الإشارة إليها هي أن الكفاح المسلح الذي اتخذه الحزب كأداة للردع كان مفروضًا عليه من الطرف الآخر، ولم يبادر الحزب على مدى عقود من النضال باللجوء إلى السلاح إلا للدفاع عن النفس.

كما حدد الحزب في المؤتمر الأول موقفه من الحركات السياسية في أجزاء كردستان الأخرى، مؤكدًا ضرورة التواصل والتحاور والتشاور المستمر لاتخاذ القرارات المصيرية في كل جزء من الوطن المقسم وفق اتفاقية سايكس بيكو (1916) ووفقًا لظروف كل جزء نظرًا لحساسية القضية وضرورات التعامل مع الأنظمة في المنطقة التي تختلف مع بعضها وتتفق معًا لقمع الشعب الكردي ووأد تطلعاته المشروعة في بناء كيانه في المنطقة.

وعلى مستوى المنطقة والعالم، حدد الحزب مواقفه الثابتة في نشر روح التآخي والتعايش السلمي بين الشعوب والدفاع عن نضالها وقضاياها العادلة في الشرق الأوسط والعالم، لا سيما موقفه الثابت من قضية الشعب الفلسطيني ببناء دولته المستقلة على أرضه.

ووفقًا لمتطلبات كل مرحلة، جدد الحزب أساليبه النضالية وأدواته لنيل أهدافه النبيلة. فبعد أن حدد أولوياته وأهدافه في المؤتمر الأول لغرض تحقيق الديمقراطية للعراق والحكم الذاتي لكردستان، استمر الحزب على نهجه مع تغيير أسلوب النضال بعد انتهاء الحرب الباردة وانهيار الاتحاد السوفيتي وظهور قوى عالمية جديدة لمنافسة الولايات المتحدة، حيث اتخذ قراره بعد انتصار الانتفاضة الشعبية في ربيع عام 1990 بتشكيل أول برلمان وحكومة إقليمية والتعامل مع الحكومة العراقية على أساس النظام الفدرالي بقرار من قبل برلمان كردستان الذي يمثل صوت المجتمع الكردستاني.

إقرأ أيضاً: إقليم كوردستان وتأثيره على الأوضاع في تركيا وإيران

وبعد سقوط النظام الدكتاتوري ومشاركة الحزب في العملية السياسية، كان له إسهام فاعل في كتابة الدستور وبناء مؤسسات الدولة من خلال مشاركته في مجلس النواب والحكومة من أجل بناء مؤسسات حكومية جديدة قادرة على إدارة دفة الأمور وتحقيق الحرية والعدالة الاجتماعية وتوزيع ثروة البلاد على الجميع بشكل عادل. لكن هذه الإرادة الوطنية للحزب جوبهت بشكل سلبي من بعض القوى السياسية المتنفذة في الحكومة والبرلمان، وحاولوا بشتى السبل تحجيم دور الحزب في العملية السياسية نظرًا لأهميته في حسم أهم الملفات والقضايا الشائكة التي واجهت العراق بعد سقوط الدكتاتورية.

لذلك، واجه الحزب خلال السنوات الأخيرة تحديات كبيرة على مستوى كردستان والعراق والمنطقة. لكن كل تلك التحديات لم تحقق أهدافها الشريرة، بل زادت من قوة وصلابة وصمود وعزيمة الجماهير الكردستانية والالتفاف أكثر من السابق حول الحزب الديمقراطي الكردستاني، بصفته الممثل والصوت الحقيقي لهم والمدافع عن حقوقهم ومصالحهم دون المساومة عليها مقابل امتيازات معينة كما فعل الآخرون.

إقرأ أيضاً: أهداف محاولات نسف النظام الفدرالي في العراق

ونحن على أعتاب انتخابات برلمانية في إقليم كردستان، يمكن تسميتها بالمصيرية للحزب بسبب تكالب القوى المحلية والإقليمية عليه ومحاولاتها اليائسة لتحجيم دوره وانحسار قوته الجماهيرية، ينبغي للجماهير الكردستانية الواعية وجماهير الحزب على وجه الخصوص أن يكونوا بمستوى المسؤولية والوقوف بوجه التحديات الكبيرة بإرادة قوية وعزيمة كردستانية، وذلك بالمشاركة الفاعلة في الانتخابات المقبلة والتصويت لمرشحي حزبنا الديمقراطي الكردستاني وحصد أكبر عدد من المقاعد البرلمانية ودق المسمار الأخير في نعش من يراهن على تراجع جماهير الحزب وأصواته في انتخابات تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف