نواب في البرلمان العراقي ولكنهم يمثلون الأجانب؟!
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
عاث بعض الساسة فساداً في بلاد الرافدين، ولم تسلم مؤسسة من هذا الفساد قط، بما فيها البرلمان، فقد أضحى وكراً لبعض الفاسدين والمخربين والعملاء، ومكاناً آمناً للمرتبطين بالأجندات الخارجية والدوائر الدولية والإقليمية المعادية. لذا كان جل اهتمام البعض داخل قبة البرلمان تشريع القوانين التي تصب في صالح النواب والوزراء وأصحاب الدرجات الخاصة وتمرير الاتفاقيات السياسية المنكوسة، وإهمال مصالح الشعب والوطن والمكونات.
بسبب هذه الامتيازات والإهمال المتعمد لمطالب الجماهير وهموم الشعب، ثارت الجماهير ولأكثر من مرة ضد البرلمان والنواب، بل وطالبوا بإلغائه أو تقليل رواتب وامتيازات النواب وقطع التقاعد عنهم. في إحدى التظاهرات الشعبية دخلت الجماهير إلى قاعة البرلمان وقاموا بضرب بعض النواب.
جاء في الدستور العراقي، المادة (49):
"أولاً: يتكون مجلس النواب من عدد من الأعضاء بنسبة مقعد واحد لكل مائة ألف نسمة من نفوس العراق يمثلون الشعب العراقي بأكمله، يتم انتخابهم بطريق الاقتراع العام السري المباشر، ويراعى تمثيل سائر مكونات الشعب فيه…".
أثارت نتائج التعداد السكاني في العراق العديد من التساؤلات عن كيفية تأثيرها على المشهد السياسي في البلد، الذي من المقرر أن يشهد انتخابات برلمانية في عام 2025، ومن ثم ضرورة إجراء تعديلات على القانون الانتخابي حتى يتناسب مع الواقع الجديد.
إذ أعلن رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، أن عدد سكان البلاد بلغ 45.4 مليون نسمة، بما فيهم الأجانب إلى جانب اللاجئين في العراق. ولا أدري: هل التعداد يخص أهل البلد فحسب أم أنه يشمل الأجانب والغرباء والدخلاء والعمالة الأجنبية واللاجئين؟!
بما أنَّ الدستور العراقي يشترط وجود نائب لكل مئة ألف مواطن كي يمثلهم داخل قبة البرلمان، فإن عدد النواب سيرتفع من 329 نائباً إلى 454 نائباً، وذلك وفقاً للزيادة الحاصلة في النسبة السكانية. النائب الواحد، وبمعية حماياته الشخصية وامتيازاته، يكلف الدولة العراقية مبالغ طائلة، إذ قال القاضي وائل عبد اللطيف "إن النائب وحمايته يتقاضون راتباً مقداره 30 مليون دينار شهرياً".
العجيب أنَّ الأجانب واللاجئين تم احتسابهم في التعداد الأخير، ولنفرض أنهم ثلاثة ملايين نسمة؛ يعني إضافة 30 نائباً، وهذا، لعمري، من العجائب! إذ المفروض أن النائب يمثل المواطن العراقي لا غير. ولا أدري لماذا تم احتساب هؤلاء؟ هل من أجل تجنيسهم فيما بعد وتوطينهم في العراق أم لغاية أخرى؟ في الوقت الذي تتشدد الدول والأنظمة في إجراءات الإقامة فضلاً عن التوطين والتجنيس، بل إن بعض الأنظمة العربية، كالكويت، والأوروبية سحبت الجنسية من كثيرين، تعمل الحكومة على تسهيل دخول الأجانب والاستفادة من خيرات البلد، بل وتقديم كافة التسهيلات، مما انعكس وسينعكس سلباً على سلامة النسيج الاجتماعي والثقافة الوطنية والأوضاع الاقتصادية العامة!
بما أن أعداد العراقيين تزداد سنة بعد أخرى، وامتيازات ورواتب النواب تثقل كاهل الميزانية العامة، وكذلك تقاعدهم، ستكون النتيجة الحتمية لهذا التمدد البرلماني والتغول المالي، الانهيار الاقتصادي والعجز المالي. فلو فرضنا أن النائب يتقاضى في كل دورة برلمانية أكثر من مليون دولار، ولو ضربنا العدد بعدد النواب، لصار الناتج بحدود نصف مليار دولار، ناهيك عن تقاعدهم. في كل دورة يضاف أكثر من 500 شخص إلى التقاعد، فضلاً عن أن تقاعدهم أعلى من موظف خدم الدولة لمدة 40 عاماً.
الطامة الكبرى أن هذه الأعداد الكبيرة حتى قاعة البرلمان الحالية لا تستوعبهم جميعاً، وإن كنت أعلم أن أغلب النواب لا يحضرون جلسات البرلمان، إذ إن وجود البعض وجود تشريفي شكلي وليس حقيقياً فاعلاً.
اعتبر البعض أن التعداد السكاني "لا يمكن اعتماد العدد المعلن فيه والبالغ 45 مليون نسمة في تعداد 2024 لتغيير عدد أعضاء مجلس النواب من 329 إلى 453 نائباً، لأن ما جرى هو تعداد سكاني وليس إحصاء شاملاً، كما ينص الدستور". كما أنَّ المادة 49 من الدستور تعد من المواد القابلة للتعديل، وأن تغيير عدد المقاعد البرلمانية وفقاً للنسبة المعلنة سيكلف الدولة ميزانيات ضخمة، وأنَّ العديد من الدول المستقرة دستورياً أبقت على عدد مقاعد مجلس النواب ثابتاً بغض النظر عن الزيادة السكانية. فما الضير لو أن كل 250 ألف نسمة يمثلهم نائب واحد؟
من جهته، يبيَّن عضو البرلمان العراقي عبد الكريم عبطان، في تصريح صحافي، أن "نتائج التعداد السكاني في العراق لن تؤثر على زيادة مقاعد مجلس النواب في الانتخابات المقبلة لسببين: الأول يتعلق بوجوب تعديل المادة الدستورية من خلال زيادة عدد السكان الممثلين بمقعد نيابي، والسبب الثاني يكمن في أن زيادة المقاعد سيكلف خزينة الدولة مبالغ مالية كبيرة".
قانونياً، يقول الخبير القانوني علي التميمي: "إن تفسير المادة 49 سيحدد آلية العمل في المستقبل، ما إذا ستتم زيادة عدد المقاعد البرلمانية. وبكل الأحوال، فإنَّ انعكاس نتائج التعداد السكاني في العراق وزيادة عدد النواب إلى 450، هو عدد كبير، بالتالي لا بد من تدخل المحكمة الاتحادية وحل هذا الإشكال".