فضاء الرأي

سقوط الأسد يمهد لنهاية حكم الملالي

إيران وسوريا على أعتاب التغيير

الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان يلقي خطاباً أمام سفراء أجانب بمناسبة ذكرى الثورة
قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

في يوم السبت الثامن من شباط (فبراير) 2025، سيجتمع الآلاف من الإيرانيين في باريس، في حدث يحمل رمزية كبيرة في مسار نضالهم المستمر من أجل الحرية والعدالة. يهدف هذا التجمع إلى التعبير عن مطلبهم العادل بتغيير النظام الحاكم في إيران، ويعكس دعمهم القوي للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية (NCRI)، الذي يُعتبر البديل الديمقراطي الوحيد للنظام الإيراني القائم.

تأتي هذه الاحتجاجات في وقت حاسم من تاريخ المنطقة، حيث يتعرض النظام الايراني لضغوط متزايدة من مختلف الجوانب. مع انهيار النظام السوري بشكل مفاجئ بعد سقوط بشار الأسد، وبدء التراجع الملحوظ في نفوذ إيران في الشرق الأوسط، بات النظام الإيراني في أضعف حالاته وأصبح أكثر هشاشة من أي وقت مضى. منذ عدة عقود، كانت إيران تستخدم استراتيجية حروب الوكالة للتمدد في المنطقة، لكن السنوات الأخيرة أثبتت أن هذه الاستراتيجية قد وصلت إلى نهايتها. على الرغم من أن النظام الإيراني قد بذل كل جهوده لمحاربة الثورات الشعبية في العديد من الدول، إلا أن التأثيرات المترتبة على سقوط بشار الأسد كشفت عواقب هذه السياسات الفاشلة.

في السنوات الأخيرة، أدت الانتفاضات الوطنية والانكسارات الكبيرة في الاستراتيجية الإقليمية للنظام الإيراني &- والتي بلغت ذروتها بسقوط بشار الأسد في سوريا &- إلى وضع النظام في أضعف حالاته وأكثرها ضعفًا. يعتقد العديد من الإيرانيين أنه بعد الأسد، دقّت الأجراس لسقوط دكتاتورية الملالي في إيران. رداً علی هذا الواقع زاد النظام من القمع داخل إیران و سارع في سباقه نحو الأسلحة النووية في محاولة يائسة لاحتواء الانتفاضات الوشيكة.

هذه التغييرات السياسية والعسكرية في المنطقة تجعل النظام الإيراني في موقف صعب للغاية. وبالتالي، لم يجد النظام أمامه سوى المزيد من القمع والتضييق على الحريات في الداخل، حيث يحاول منع أي شكل من أشكال الانتفاضات الشعبية، التي قد تعصف به وتؤدي إلى انهياره. لكن القمع لا يمكن أن يكون حلاً دائماً، إذ يزداد رفض الشعب الإيراني له مع مرور الوقت، وينتقل الشعور بالاستياء إلى شكل من أشكال التعبير عن الرغبة في التغيير.

وفي هذا السياق، يسعى النظام الإيراني في الوقت نفسه إلى تسريع برنامجه النووي، على أمل أن يصبح قوياً بما فيه الكفاية ليحافظ على وجوده. لكن العالم أصبح أكثر يقظة بشأن هذه الجهود، بينما الشعب الإيراني يشهد على فساد النظام وتهديداته المستمرة للأمن الدولي. في وقتٍ تشهد فيه سوريا انهيار أحد حلفاء إيران الرئيسيين، يصبح سقوط حكم الملالي في طهران أكثر احتمالاً، ويؤكد أن نهايته أمر لا مفر منه.

إقرأ أيضاً: العراق يسعى لنزع سلاح الميليشيات المدعومة من إيران

يشارك في هذا الحدث في باريس ممثلون عن جمعيات إيرانية مختلفة من جميع أنحاء فرنسا. يحمل هؤلاء الأفراد رسائل متعددة ولكنهم جميعاً يتفقون على رفض أي شكل من أشكال الدكتاتورية، سواء كان النظام الشاهنشاهي السابق أو النظام الديني الحالي. هؤلاء المشاركون يرون أن مستقبل إيران لا يمكن أن يتحقق إلا عبر دولة ديمقراطية تحترم حقوق الإنسان وتحقق العدالة الاجتماعية لجميع أفراد الشعب الإيراني.

إن هذا الحدث في باريس ليس مجرد تظاهرة عابرة، بل هو علامة فارقة في تاريخ النضال الإيراني ضد الظلم. إنها دعوة لفتح صفحة جديدة، تبتعد عن التسلط والتسلطية التي دامت طويلاً، وتسعى لتحقيق ديمقراطية حقيقية في إيران. تساند هذه الحركة القوى الدولية التي تدعو إلى حقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم، وتحث على تبني سياسات تضمن الاستقرار والسلام بعيداً عن الديكتاتورية.

إقرأ أيضاً: كيف ستتعامل الإدارة السورية مع تهريب الأسلحة الإيرانية لحزب الله؟

في الختام، يظهر هذا التجمع في باريس أن الإيرانيين لن يتوقفوا عن السعي إلى تغيير النظام الذي قيدهم عقوداً طويلة. إنها دعوة للإيمان بإمكانية تحقيق التغيير في إيران، وهي رسالة إلى كل من يعتقد أن الحرية والعدالة هي حقوق إنسانية لا يمكن أن يُحرم منها أي شعب. ومع استمرار القمع في الداخل، يتزايد الأمل بأن المستقبل يحمل لإيران واقعاً جديداً، خالٍ من القمع والتسلط، نحو مستقبل ديمقراطي ومشرق.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف