أخبار خاصة

استنساخ تجربة حزب الله بغزة

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

استنساخ تجربة غزة في لبنان إسرائيلياً
استنساخ تجربة حزب في غزة فلسطينياً

جنبلاط : لبنان دخل المجهول

طائرة قطرية لكسر الحصار الاسرائيلي على لبنان

موقع دبكا الإسرائيلي : حزب الله فكك شبكتين للموساد

بيريز: على اسرائيل تغيير مفاهيمها العسكرية

بلال خبيز، بيروت: لو ان مراقباً محايداً يعتمد مقاييس الربح والخسارة في أي حرب بين دولتين، لبدا حزب الله في هذه الحرب خاسراً لا يجارى، فهو دخل الحرب سيداً مطلقاً على منطقة الجنوب وخرج منها مطارداً، في معنى من المعاني، وتحولت المنطقة التي كان يسود فيها من دون منازع إلى منطقة تعج بجيوش العالم، فضلاً عن عودة الاحتلال البري في بضعة مواقع من الجنوب والاحتلال الجوي والبحري الذي ما زالت مفاعيله تضرب الاقتصاد والامن اللبنانيين وتهدد البلد برمته. لكن حزب الله انتصر على اسرائيل إذا ما نظرنا إلى الانتصار من زاوية أخرى. الزاوية التي يريد حزب الله ان يقيس الناس عليها انتصاره هي زاوية تاريخ الهزائم والفشل العربيين في الصراع العربي الإسرائيلي، وبعدسة هذا المنظار يمكن الحديث عن نصر يؤسس لاحتمالات مستقبلية قد تحدث تغييرات جوهرية في مسار الصراع العربي - الإسرائيلي.

خلاصة القول ان حزب الله انتصر في المستقبل، لكنه هزم في الحاضر. وان البلد الذي يستند حزب الله إلى جمهوره في قتاله وحربه وسلمه هو الآن خاسر ويناضل جاهداً لضبط التدهور المستمر في الخسارة جراء الاحتلال الجوي والبحري الإسرائيلي الذي ما زال قائماً حتى هذه اللحظة، وما زالت الصعوبات تحف بإمكان زواله اوتخفيف حدته في القريب العاجل من كل جهة.

تأسيساً على نصر حزب الله المستقبلي يفترض الحزب وحلفاؤه في لبنان ان المهمة المقبلة التي تقع على عاتق البلد تتلخص في تغيير على مستوى السلطة التنفيذية تمهيداً لأسر السلطة التشريعية في ما بعد في قمقم المقاومة المستقبلية، التي تعتمد حل الصراع العربي - الإسرائيلي وفق النظرية التي يعتنقها حزب الله وحلفاؤه والتي اثبتت جدواها في الميدان. على الصعيد الفلسطيني لم تلبث هذه النظرية ان احتلت حيزاً واسعاً من المناقشات والأعمال الميدانية على نحو مباشر، مما يعني ان فصائل المقاومة الفلسطينية ستجد في القريب العاجل حجة قاطعة لتلقي الدعم الإيراني تمهيداً لاستنساخ تجربة حزب الله في جنوب لبنان، خصوصاً ان الوضع الميداني والمعيشي والسياسي في الاراضي الفلسطينية المحتلة وفي غزة لا يشير إلى احتمال انفراجات من اي نوع كالتي يمكن ان يفكر ويأمل فيها اللبنانيون، وتالياً ليس لدى الفلسطينيين ما يخسرونه ما داموا يعانون اصلاً من احتلال جوي وبحري وبري في مجمل اراضيهم، وهي النتيجة عينها التي وصل إليها لبنان بعد هذه الحرب الضروس. وتشير المعلومات الواردة من داخل الأراضي المحتلة إلى أن التحضيرات لاستنساخ تجربة حزب الله جارية على قدم وساق، مما يعني ان صعوبة الدولة الفلسطينية واستعصاء اسرائيل على تقديم الحلول المرضية للفلسطينيين وفق متطلبات الحد الادنى الفلسطيني تجعل من امر استنساخ هذه التجربة خياراً يكاد يكون وحيداً امام الفلسطينيين.

في لبنان يختلف الأمر جوهرياً، فمشروع المقاومة المستقبلي يصطدم بعقبات من كل نوع ولون، فالاحتلال الجوي والبحري طارئ وموقت أقله حتى الآن، والمساعي لرفع هذا الحصار تتجاوز لبنان إلى العالم العربي واوروبا على نحو لا شك فيه. فضلاً عن هذا كله يريد اللبنانيون جميعاً ان تكون هذه الحرب عثرة او زلزالاً اصاب بلدهم ويريدون ان يعيدوا اعمار ما تهدم وبناء ما انفكت لحمته وعراه، بافتراض ان هذه الحرب كانت حدثاً طارئاً ولن تتكرر مرة أخرى، وفي هذا السياق يبدو كلام السيد وليد جنبلاط رئيس اللقاء الوطني الديمقراطي عن احتمال تكرار هذه التجربة كل سنتين او ثلاث بالغ الخطورة على مستقبل اللبنانيين الذين يطلبون الأمن والسلم والخلاص من الاحتلالات جميعاً، الامر الذي يجعل البلد مرة اخرى في عداد البلاد المستقرة والطامحة إلى تقدم اقتصادي واجتماعي وسياسي سلمي. لكن استمرار الحصار على النحو الذي تفرضه اسرائيل ويشدد عليه جون بولتون المندوب الاميركي لدى مجلس الأمن، قد يجعل من الامل اللبناني في تحقيق تقدم على هذا الصعيد ومحاصرة الدعوات التي تريد لبنان مثلاً في المقاومة والصمود وبلداً مقاوماً بوصفه يفتتح عصراً جديداً من النضال العربي - الإسلامي ضد اسرائيل والمشاريع الاميركية في المنطقة مما يجعل المجتمع مجتمع مقاومة والشعب شعب المقاومة كما يصر حزب الله على تسمية المجتمع والشعب.

لا شك ان اعتناق مثل هذا الخيار وتأكيده على المستوى اللبناني يجعل من لبنان رهينة مرة اخرى في اقتصاده واجتماعه وامنه وسلمه وسياسته لتطورات الصراع العربي - الإسرائيلي ونجاح الاستنساخ في غير منطقة من العالم العربي. وفي انتظار مثل هذا النجاح في غير منطقة من العالم العربي ودول الطوق تحديداً، يستمر لبنان بلداً معطلاً لا مكان فيه للأمل.

معضلة هذه التجربة الحقيقية انها تضع سورية بوصفها بلداً من بلدان الطوق على محك التجربة. وحيث ان تجربة حزب الله اثبتت ان شرط نجاح هذه المقاومة الأول يتحدد بدفع العدو الإسٍرائيلي للاعتداء والاحتلال، فإن الدول المعنية باستنساخ هذه التجربة لا تتجاوز عدد اصابع اليد الواحدة ولا تستطيع اسرائيل ان تعبر حدود دول الطوق إلى الداخل العربي او الإسلامي. مما يعني حكماً ان ايران الممول والصانع والداعم ستبقى في منأى عن اي خطر من هذا النوع، ويدفع بسورية دفعاً لاستنساخ التجربة مما يجعلها، شأنها شأن لبنان، ثغراً من الثغور المرابطة على حدود الأراضي الفلسطينية المحتلة.

لبنان يعيش هذه اللحظة في انعدام وزن بسبب توازن القوى الداخلية الهش والتوازن الهش الخارجي الذي يجعل منه ثغراً من ثغور السياسات الدولية على اكثر من صعيد وجهة. من جهة نحن امام توجه اسرائيلي - اميركي يريد توظيف لبنان بوصفه ثغراً من ثغور الدفاع عن سياسته، ومن جهة ثانية تحالف سوري - ايراني يريد ان يهزم الأميركيين واسرائيل على الشرفة قبل وصول الجيش الإسرائيلي إلى صالون البيت. وفي الحالين ليس ثمة ما يدعو إلى التفاؤل والاستبشار خيراً.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف