لبنان: شبح الاغتيالات يعود
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
الضابط الناجي اعتقل "جنرالات لحود الأربعة"
لبنان: شبح الاغتيالات يعود
مصادر وزير النقل اللبناني لإيلاف: هذه قصة القطرية
مطالبة بتحقيق بشان القنابل الاسرائيلية التي استخدمت في لبنان
قدرات حزب الله في التجسس تثير حيرة إسرائيل
بيرتس يحث سوريا على التفاوض وأولمرت يهددها
عاطف مجدلاني: نتوقع الاغتيالات
تنديد بارسال قوات تركية الى لبنان وبرلين
بدء اعتصام النواب السوريين تضامنا مع اللبنانيين
إيلي الحاج من بيروت: تبين اليوم أن هواجس رئيس" اللقاء الديمقراطي" من عودة الإغتيالات إلى لبنان في محلها. فعند العاشرة قبل الظهر انفجرت عبوة موجهة لدى مرور نائب رئيس فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي ورئيس مكتب مكافحة الإرهاب المقدم غسان شحادة بسيارته على طريق الرميلة- علمان، لكنه نجا. وهي المرة الأولى التي يظهر فيها أسلوب التفجير لأسباب تتعلق بالسياسة في لبنان منذ اغتيال النائب والصحافي جبران تويني في 12 كانون الأول(ديسمبر) 2005. وتكتسب هذه الجريمة التي أوقعت أربعة قتلى من مرافقي المسؤول الأمني وعدداً من جرحى دلالتها الخطرة من عنصرين، الأول من هو الرجل المستهدف ، والثاني الظروف التي وقعت فيها محاولة اغتياله.فالمقدم شحادة ورد اسمه مراراً كمحقق رئيس من الجانب اللبناني في جريمة اغتيال رئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري ورفاقه، وكان مساعداً أساسياً على ما عُرف عنه لرئيس لجنة التحقيق الدولية السابق في الجريمة ديتليف ميليس زوده بمعلومات جمّة ثمينة، وهو من اعتقل الضباط الأمنيين الأربعة الذين يعرفون ب"جنرالات لحود"، أي أقرب القريبين إلى رئيس الجمهورية إميل لحود وكانوا أركان" الأجهزة الأمنية" التي حكمت لبنان في "حقبة الوصاية" من 1990 إلى 2005 بالتعاون مع الاستخبارات السورية وتحت أنظارها.
بعد "ثورة الأرز" ربيع السنة الماضية تسلمت "قوى 14 آذار(مارس)" أو الأكثرية الحكومة برئاسة فؤاد السنيورة وكان من أولى القضايا التي تصدت لإعادتها إلى طبيعتها قضية الأجهزة الأمنية، فرجع كل منها إلى مجاله الطبيعي . استخبارات الجيش لأمن المؤسسة العسكرية ومكافحة عمليات تجسس العدو الإسرائيلي، الأمن العام لشؤون الأجانب والجوازات، والأمن الداخلي لضبط الوضع الأمني الداخلي وملاحقة الجرائم ومكافحة الإرهاب. ويوماً بعد يوم بنى فرع المعلومات في هذا الجهاز، ، وكذلك مكتب مكافحة الإرهاب، سمعة جيدة جعلته موضع ثقة دولية كبيرة. والواقع أن فرع المعلومات بدأ جمع معلوماته من الصفر، لأن شبكات جهاز الأمن العام ومعلوماته اختفت مع سجن مديره العام السابق اللواء جميل السيد، وهي أصلاً كانت موجهة لتعمل في خدمة سياسة عهد الوصاية السابق.
وفي تحليل ظروف محاولة الاغتيال اليوم تبرز واقعة أن فرع المعلومات تعرض لحملات سياسية عنيفة، خصوصاً من حلفاء للنظام السوري دأبواعلى التشكيك به واتهامه بتسخير عمله لخدمة "قوى 14 آذار(مارس)" واضطهاد خصومها ووضعهم تحت المراقبة. لكن شيئاً من ذلك لم يثبت . وكان فرع المعلومات يخرج كل مرة سليماً من حقل رماية الاتهامات في اتجاهه، مبرراً عمله . وآخر مرة كانت عندما أعلن توقيف شخص في بيروت كان يضع مخططاً مع آخرين لتفجير أنفاق في نيويورك وأخضع للمراقبة على مدى أشهر ، وبما أنه كان يتردد إلى أمكنة تتبع لمعارضين من أنصار النظام السوري ورموزه ، اعتقدوا أنهم موضوعون تحت المراقبة الأمنية لأسباب أمنية. في السياق نفسه ارتفعت أصوات في دوائر إسلامية متشددة تتهم الفرع باللجوء إلى الشدة في التحقيقات مع أعضاء التنظيمات التي تتوسل العنف أو تتهم بتدبير أعمال إرهابية، على غرار الذين أوقفوا قبل أشهر في بعض أنحاء بيروت للاشتباه بتخزينهم السلاح، أو لمشاركتهم في أحداث الشغب التي وقعت في الأشرفية في 5 شباط(يناير) الماضي .
ووقعت جريمة محاولة اغتيال المقدم شحادة مع بدء العد العكسي لصدور التقرير الفصلي لرئيس لجنة التحقيق الدولية سيرج براميرتز، الذي كان موعده منتصف هذا الشهر ويتردد أنه أرجئ إلى نهاية الشهر لئلا يتزامن مع تقرير الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان حول تنفيذ القرار 1701، رغبة من القاضي البلجيكي في الفصل بين مساري القضيتين لئلا تلقي إحداهما ظلالاً سياسية على عمله.
والمرجح أن يكون تقرير براميرتز مفصلياً في مجال تشكيل المحكمة الدولية المختلطة ، أو ذات الطابع الدولي، والتي ستكلف محاكمة الذين سيُتهمون باغتيال الرئيس الحريري ورفاقه.
ويقول مسؤولون أمنيون في بيروت إن شخصيات رسمية وسياسية لبنانية وقادة أمنيين اتخذوا إجراءات احترازية لحماية أنفسهم منذ أعلن الرئيس السوري بشار الأسد في خطابه الأخير أن الأكثرية الحاكمة في لبنان لن تبقى طويلاً، متهماً إياها بأنها "نتاج إسرائيلي"، الأمر الذي فسرته مراجع لبنانية "إهدار دم"، خصوصاً أن الرئيس السوري تحدث مراراً عن إمكان تنفيذ تنظيم "القاعدة" أعمالاً إرهابية في لبنان، محذراً من اندلاع فتنة فيه على غرار ما يجري في العراق.
وقد يكون من ضمن الإجراءات الاحترازية هذه لجوء المقدم شحادة إلى استبدال السيارة التي يستقلها عادة. فبدل "الباثفايندر" السوداء استقل أخرى مماثلة بيضاء كانت تسير في المقدمة على مسافة 50 متراً. وقد اعتقد القتلة الذين ضغطوا على زر تفجير العبوة الموجهة الموضوعة بين صخور فوق الطريق أنه كان في السيارة السوداء التي قتل فيها أربعة من مرافقيه. وكانت العبوة وفق المحققين مسمارية لتقتل ركاب السيارة دون فرصة نجاة.
وهكذا يمكن بسهولة اتهام النظام السوري الذي "يبشر" حلفاؤه اللبنانيون بضربة قاضية على رئيس الحكومة السنيورة وأركان "14 آذار(مارس)" لا تترك لهم مجالاً لأخذ حقائبهم، ولكن يمكن أيضاً اتهام "القاعدة" على ما ذهب إليه مسبقاً وتمهيداً الرئيس الأسد، لتضيع الآثار حتى تخميناً. والخوف كل الخوف أن يكون جنبلاط على حق في كل هواجسه، فتكر سلسلة قتل مأسوية على الطريقة التي أعقبت محاولة اغتيال الوزير مروان حمادة في نوفمبر 2004. في هذه الحال تتبرر الدعوة إلى اللبنانيين ليحموا برموش عيونهم رئيس الحكومة فؤاد السنيورة، لئلا يسيطر جنون الداخل وجنون الخارج على بلادهم من جديد.