ماذا تغيّر .. وماذا لم يتغيّر في فنجان الدم؟

فهد سعود من الرياض: بعد أن توقف مسلسل فنجان الدم العام الماضي، بسبب اعتراضات من عدة قبائل حول الأسماء والشخوص والفترة الزمنية التي يدور حولها العمل، التزمت الجهة المنتجة بإعادة مراجعة كافة الحلقات، والتأكد من عدم وجود ما يمكن أن يتسبب " لاحقا" بخلافات بين القبائل العربية التي يدور حولها العمل.

وبمجرد أن عُرض العمل في رمضان هذا العام، تفاجأ المشاهدون بأن أي تعديل حقيقي لم يجر عليه، فكل القبائل تعرف جيدا من هو " المصوّت بالعشا"، وإلى أي قبيلة ينتمي، كما هو الحال مع " معشي الذيب" والقبيلة التي ينتمي إليها.

ويبدو أن القائمين على العمل يعلمون جيدا أن التعديلات التي جرت، ليست هي التي طالبت بها القبائل، ولذلك اضطروا للتنويه إلى أن العمل قد لا يكون حقيقيا بأن وضعوا عبارة في بداية عرض الحلقة الأولى تقول إن هذا العمل غير حقيقي، وان كانت بعض الشخصيات تتشابه مع شخصيات واقعية .. الخ".

هذه التبريرات بلا شك لم تكن مقنعة كثيراً للمشاهد الذي يعرف جيدا أن البناء الدرامي للعمل، وتسلسل الأحداث في معظمها مرتبط بأحداث حقيقية، وحصلت قبل ما يقارب مائة عام من الآن في بادية الشام والجزيرة العربية.

المشاهد الأولى من المسلسل أثارت حيرة المشاهدين، خصوصا بعد أن وقع المخرج بخطأ فادح حين ردد جمال سليمان" حداه" ضاري بن طواله شيخ قبيلة الأسلم من شمر، "ماني خوياً للردي .. ما دام في البيضة جهد.. لا اعدي عليهم وانتخي ..لعيون مركوز النهد". وهو ما يجعل الحديث عن الشخصيات الوهمية في غير محله، فهذه الحداه قيلت، رغم التعديل الطفيف عليها، حين استبدل كلمة -السوده- بالبيضة، على لسان شخص بعينه، وليست مقولة أو بيتا شعريا متداولاً.

خبراء .. أم أشباح!

ووفق ما طرحته القناة المنتجة، والذي صرح به أيضا جمال سلمان، من أن العمل قد استعان ببعض شيوخ القبائل من الخبراء بالتاريخ، في سبيل مراجعة النص، والتأكد من عدم وجود مغالطات تاريخية فيه، وهو ما جعل شريحة كبيرة من النقاد يتساءلون عن جنسية هؤلاء الخبراء، وعددهم، وأسمائهم، ومنذ أن تم الحديث عنهم وحتى لحظة إعادة إطلاق المسلسل لم يأت احد على ذكر أسمائهم أو التفاصيل والمشاهد التي طالبوا بتعديلها، ما جعل أحد المعلقين يقول ساخرا: "كأننا نتحدث عن أشباح أبتكرهم القائمون على هذا العمل في سبيل ذر الرماد في العيون، حتى لا يتعرض المسلسل للإيقاف من جديد بسبب موضوعه الشائك".

كما أن هذا الحديث يتنافى مع تصريح جمال سليمان ومؤلف العمل عدنان عودة واللذين أكدا أن المسلسل "لا يتناول أي قبيلة بعينها"، ولا يسيء لأي فرد بدوي والدليل على ذلك أن المسلسل "سيعرض كاملا من دون حذف أي مشهد منه". وفق تصريح نشر في جريدة الشروق الإلكتروني.

وبحسب معلومات حصلت عليها " إيلاف" من داخل mbc، فإن التعديلات التي أجريت على العمل، اقتصرت على بعض الجوانب البسيطة في المونتاج، بينما لم يتعرض النص الأصلي المكتوب لأي تعديل أو حذف.

جمال سليمان والإصرار على فتح ملفات قديمة

ويصر جمال سليمان، الذي يجسد شخصية نوري الهزاع، أن يعيد للواجهة قضية منع بث فنجان الدم العام الماضي، متهماً الصحف والمواقع الإلكترونية بأنها هي سبب منعه.

وفي تصريح مستفز للقبائل أكد جمال سليمان في حديث مع إذاعة mbc ، أن فنجان الدم توقف في العام نتيجة تصريحات ومقالات وآراء صدرت من مواقع الكترونية كانت تهدف للصعود على أكتاف هذا المسلسل، دون أن تعرف مضمونه، وأن القبائل المعترضة لم تشاهده حتى، متناسياً أن المسلسل لاقى اعتراضا كبيراً لكونه يسلط الضوء على الحروب والنزاعات القبلية بين أشهر قبائل الجزيرة العربية، التي سبقت تأسيس دول المنطقة قبيل انتهاء الحرب العالمية الثانية.

شمر وعنزة

ويوثق المسلسل سيرة شخصية "مصوت بالعشا" التي اشتهر بها الشيخ تركي بن جدعان بن مهيد من قبيلة عنزة. كما انه تناول قصة "معشي الذيب" التي اشتهر بها مكازي بن سعيد من قبيلة شمر، وهنا اضطر القائمون على العمل أن يستبدلوا قبيلتي " عنزة" و"شمر" بقبيلتي " المعيوف" و" المزايدة"، خوفا من إثارة أبناء القبائل المذكورة، ومنعا للجدل المتوقع.

وفي العام الماضي، ناشد عدد من شيوخ القبائل مسؤولي mbc من أجل وقف بث المسلسل، كون السياق العام له يتحدث عن قبيلتي عنزة وشمر وهو ما اعتبروه يتضمن معلومات غير دقيقة عن تلك الحقبة التي تدور أحداث مسلسل فيها، وهي بداية القرن التاسع عشر، حين كان العثمانيون يبسطون سيطرتهم على معظم البلاد العربية، فيما كانت الصراعات دائرةً على جبهتين: الجبهة الأولى تجمع القبائل العربية من جهة والعثمانيين من الجهة الأخرى، والثانية تجمع بعض القبائل العربية في مواجهة بعضها.