مدير أعمال الطريقي في المنفى، السيد فريد جنبلاط لـ"إيلاف":إنهم لا يستطيعون إخراج الطريقي من بيروت، إنما استغلوا سفره فمنعوه من الدخول، فانتفض كمال جنبلاط!!
قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
نعم لم يستمر العمل في المكتب الاستشاري، لأن الطريقي نفسهُ هو المكتب !!
حاوره في لبنان محمد السف: حينما تدع بيروتَ خلفك وتتجه جنوباً، البحرُ يمينك والجبلُ شمالك، فإنما أنت تسيرُ في منعرجٍ فنيٍ أبدَعه وارتضاهُ للبنان خالقُها، الذي جمّلها وصبّ في ناسِها من روحهِ ألقاً، هذا الطريقُ الفنيُ الإبداعيُ سيقودك حتماً إلى دور "آل جنبلاط" القابعة على قمة الجبل في شموخٍ وكبرياءٍ، بما تمثله هذه الأسرة، وبما لها من ثقلٍ تاريخي وسياسي، وما لعبته من أدوارٍ عبرَ قرون، في تاريخ المنطقة عامةً ولبنان خاصةً، منذُ علي باشا جنبلاط، الثائر في حلب على السلطة العثمانية وإلى اليوم، و"الموقف" يتوالد وتتوارثه الأجيال، الذين ما كان آخرهم المناضل اللبناني الشهير "كمال جنبلاط" رئيس الحزب الاشتراكي التقدمي، والوزير في أكثر من حكومة لبنانية.
هنا، كان لـ"إيلاف" حوارات مطولة مع "آل جنبلاط" الشاهدين على تاريخ الشيخ عبدالله الطريقي، سيّما تاريخ النصف الثاني من عمره، حينَ صاهرهم وتزوج إحدى كريماتهم، فقد كان لي أن التقي بالسيدة مها جنبلاط، أرملة الشيخ عبدالله الطريقي، في حديثٍ مفصّل عن حياته، كما التقيتُ بأخيها الأستاذ فريد جنبلاط، الذي عمل مع الطريقي، في بيروت وغيرها من البلاد العربية، في المكتب الاستشاري للبترول والغاز، وعمل معه في إصدار مجلة "البترول والغاز العربي" و "نفط العرب".
هذه الحوارات، هي الأولى من نوعها مع آل جنبلاط، لتتريخ وتتبع وتوثيق سيرة الشيخ الطريقي، وتنشر "إيلاف" في هذه الحلقة الحوار الذي دار مع الأستاذ فريد جنبلاط، وفي الحلقة القادمة ننشر الحوار الذي أجريناه مع السيدة مها جنبلاط.
ولد السيد فريد جنبلاط في شباط 1935م ويحمل شهادة الماجستير في الإدارة العامة، من الجامعة الأمريكية في بيروت، يتحدث الإنكليزية والفرنسية، عمل في بداية
في منزله في لبنان استقبلني الأستاذ فريد جنبلاط، فكان لي معه هذا الحوار، الذي حضره الأستاذ مالك جنبلاط والأستاذ رامي حمدان والسيدة مها جنبلاط والسيدة حرم السيد فريد جنبلاط:
&
&
- متى كان اللقاء الأول مع الشيخ عبد الله الطريقي؟
بدأ اللقاء الأول مع الشيخ عبد الله الطريقي رحمة الله عليه، في أواسط الستينات، بين 1964 و 1966 فقد حضرتُ عدة محاضرات له في عدد من الجامعات والنوادي الثقافية في لبنان، كذلك حضرتُ مؤتمراً في الجزائر وآخر في دبي، عندما كنتُ أعمل هناك في الثمانينات، كان هو فيها الأبرز بين المتكلمين، وكانت تدور جميعها حول النفط والغاز ومدى أهميتهما كمصادر أساسية للطاقة، وكمصادر رئيسية للثروة العربية التي يجب أن تستخدم، كما كان دائماً يشير وينصح، لتنمية الطاقات البشرية العربية بالدرجة الأولى وكي تستثمر ثانياً في مجالات الزراعة والصناعة والثقافة في بلادها أولاً ومن ثم في تلك الدول العربية التي هي بحاجة إليها لتنمية وتطوير مجتمعاتها واقتصادياتها ومواردها وبالتالي من أجل إنسان عربي أفضل.
&وقد أعجبتُ بهذا الإنسان الصادق المؤمن والواعي وهذا "الفارس" الثائر الأصيل الذي كان يكافح ويناضل من أجل وطنه ومن أجل أمته، من أجل حق الأمة العربية في الحياة والتقدم والتطور، ومن أجل إنسانية أفضل، وكان هذا هو الهدف الأسمى للشيخ عبد الله الطريقي من هذه المحاضرات، والندوات، والمؤتمرات والكتابات والمقالات بالإضافة إلى نشر المعرفة في مجال اختصاصه ونشر أفكاره القومية العربية وتعميم الثقافة البترولية لخلق وعي نفطي حقيقي عند جميع الشعوب والحكومات على جميع الأصعدة والمستويات لتحقيق أهدافه المنشودة بكل أبعادها الوطنية، والثقافية، والاقتصادية والسياسية.
&
ما ملابسات تعرف الشيخ الطريقي إلى آل جنبلاط الكرام؟
&تعرف الشيخ عبد الله الطريقي إلى آل جنبلاط عن طريق معرفته بالشهيد كمال جنبلاط وأفكار ومبادئ كمال جنبلاط. وقد كان كمال جنبلاط معجباً بهذا الرجل العربي المناضل الشهم وبخياراته وطروحاته الفكرية والعلمية وبجرأته في قول الحقيقة دفاعاً عن ثروات وحقوق وطنه وأمته. كانت هناك ولا شك مبادئ وأفكار وآراء مشتركة فيما بينهما، مثل الديموقراطية السياسية، والحرية الإنسانية، والعدالة الإجتماعية والحضارة العربية ولأسس الوحدة العربية.
&
وهل كان الشيخ عبدالله الطريقي معجباً بكمال جنبلاط ؟!!
نعم، كان الشيخ عبد الله الطريقي معجباً بكمال جنبلاط وبثقافته الواسعة وبآرائه التقدمية وأفكاره ومبادئه وبأخلاقياته ونضاله المستمر في سبيل رفعة بلاده وأمته. وقد اجتمع الرجلان الكبيران عدة مرات وتناقشا وتحاورا وتدارسا وقيّما جميع الأمور والمسائل والمواضيع التي تعود إلى أمتهم وشعوبهم ونهضتها. وقد حضرتُ احدَ المؤتمرات التي دعا إليها كمال جنبلاط في بيروت. وكان الشيخ عبد الله الطريقي المحاضر الأول فيها وكان اللقاء بينهما مؤثراً ورائعاً وأحدثت أفكارهما النيرة زلزالاً بين الجماهير. ومن ثمّ تعرف على شقيقتي في بيتنا وكنا دائماً معاً وعرض عليها أن تعمل في مكتبه في بيروت كي تساعده في جمع المعلومات وإعداد التقارير والدراسات الإحصائية، بعد أن لمس لديها روحاً وطنية وقومية ومعرفة وقدرة على ذلك وكان هذا في عام 1966 وكان الشيخ عبد الله الطريقي صديقاً حميماً لزوجها الأستاذ فؤاد النجار، قبل زواج الشيخ عبد الله الطريقي من شقيقتي، عندما كان يعمل في السعودية في مجال التجارة وكان الشيخ عبد الله مديراً في وزارة البترول في حينه وأما المرحوم فؤاد الذي قضى بحادث طائرة الشرق الأوسط في الخبر كان من أشد المعجبين بالشيخ عبد الله الطريقي وكان يقدره ويحترمه كثيراً.
&
برأيكم ما الصفات المشتركة التي تجمعُ بين الرجلين ؟!
&هنا تفضل الأستاذ مالك جنبلاط، الذي حضرَ الحوار، وعلّق قائلاً: أن هناك صفات مثلى مشتركة بين الرجلين، هي: كبرياء النفس المتسمة بتواضع خلقي صادق وترفع عن المادة بل نبذها في جميع التصرفات الاجتماعية والسياسية، والصراحة المطلقة قولاً وفعلاً والجرأة التي تحلى بها، والتلاقي في وجهات النظر السياسية المحلية وأبعادها العربية.
&هذه هي باختصار الصفات المثلى المشتركة التي تحلى بها هذان الرجلان الكبيران والتي اتضحت لتخلّد إسمهما كرجلين عظيمين تجاوزا الأنانية الفردية ودخل اسمهما صفحات التاريخ.
&
أستاذ فريد: نعرف أنكم عملتم مع الشيخ الطريقي في مكتبه الاستشاري، كيف تصف طبيعة العمل معه؟
&لقد عملتُ مع الشيخ عبد الله الطريقي في مكتبه الاستشاري في بيروت بين عامي 1971 و 1974 وقد أوكل إلىّ القيام ببعض الدراسات التنظيمية لشركات نفط عربية وأناطَ بي بعض المهمات الإدارية والمالية والمسؤوليات العامة، كان العمل مع الشيخ عبد الله الطريقي متعة، فيه نكهة نضالية فريدة وروح عربية خالصة ونفحة افتخار وكرامة فجعلني أشعر ولأول مرة في حياتي أني أعمل لما فيه مصلحة وطني وأمتي العربية وأساهم ولو بجزء قليل فيما يود هو أن يحققه من أفكار وآراء وأهداف وأعمال تعود بالخير على أمته وشعوبها. كنت فخوراً بأنني أعمل مع هذا "الفارس الشهم" المؤمن بدينه وأمته وبالحضارة الإنسانية. لقد منحني هذه الفرصة النادرة بكل طيبة خاطر لأن أكون شريكاً له متواضعاً في عطائه الكبير وعمله المبدع. لم أشعر بهذا الفخر وبمثل هذا الشعور المرهف بالاعتزاز والرفعة من قبل ولا من بعد عملي معه مشاركاً إياه في نضاله وكفاحه حتى النفس الأخير. كما منحني ثقته الغالية ففوضني بأن أتولى جميع أعماله الإدارية والمالية وأن أكون وكيلاً له في بيروت والقاهرة، وازداد إعجابي به واحترامي لشخصه عندما رأيته كيف يعامل أطفال شقيقتي مهى بمحبة ورأفة ودلال ورحمة ومودة وتفانٍ وكيف أوصلهم بعطائه الكريم إلى أعلى درجات العلم والمعرفة وكان لهم المثل الأعلى.
&
ما المهام التي كان يضطلع بها المكتب؟!
&المهام الذي كان يضطلع بها المكتب هي كالآتي:
-&إعداد الدراسات البترولية من جميع جوانبها وتشعباتها.
-&إعداد الدراسات المالية، والمحاسبية العائدة لشؤون النفط بمختلف مراحله.
-&إعداد دراسات علمية بشأن تكلفة عملية التنقيب عن البترول، واستخراجه وتسعيره وتسويقه ونقله وتكريره وبيعه في السوق.
-&تقديم الإستشارات النفطية لحكومات الدول العربية وشركات النفط الوطنية.
-&إعداد وإقامة مؤتمرات وندوات موضوعها البترول العربي وشؤونه وشجونه لتثقيف الجمهور العربي وتوعية المسؤولين العرب.
-&إعداد الدراسات التنظيمية الخاصة بشركات النفط الوطنية في بعض البلاد العربية.
-&تحضير وإلقاء المحاضرات لنشر الوعي النفطي على جميع المستويات الخاصة والعامة.
-&إصدار مجلة نفط العرب للعرب لنشر الوعي البترولي لدى الشعوب العربية.
&
برأيكم لماذا لم يستمر العمل بالمكتب، بعد رحيل الشيخ الطريقي؟!
أما لماذا لم يستمر العمل في المكتب بعد رحيل الشيخ الطريقي، فالسبب واضح، المكتب هو الشيخ عبد الله الطريقي، فمع احترامي وتقديري الكبير للكفاءات والخبرات التي كانت تعمل معه وتساعده من وقت إلى آخر في مهامه لم تكن باستطاعتها فردياً أو جماعياً أن تحمل نفس الرسالة وتتحمل نفس العبء بنفس الروح وبنفس الاندفاع وبنفس المعنى والبعد الأخلاقي والنضالي. فالشيخ عبدالله هو رسالة بحد ذاته وهو معجزة عصره وزمانه.
&
كيف تصف رحلة عمل عبد الله الطريقي بعد الوزارة، وتنقله في العواصم العربية؟
&بعد تركه للوزارة وتحرره من مهامه الرسمية قرر أن يعمل بحرية واستقلالية في مجال اختصاصه وأن يُنشأ مكتباً له استشارياً في بيروت وأن يصدر مجلة متخصصة في شؤون النفط والغاز. وبعد أن أسس هذا المكتب بدأت شركات النفط العربية الخاصة ووزارات الحكومات العربية المعنية تتصل به وتطلب منه تقديم المشورة في مختلف الجوانب الفنية والإدارية والمالية والاقتصادية والقانونية، والسياسية للبترول العربي كما تطلب منه تقديم دراسات تفصيلية وعلمية بشأنها، ووقعت معه عقوداً تحدد فيها حاجاتها ومتطلباتها. وهكذا أصبح هذا الخبير العالمي مستشاراً لعدد من شركات النفط العربية ولبعض الحكومات العربية. منها لبنان، وسوريا والأردن والعراق والكويت وأبو ظبي واليمن ومصر وليبيا والجزائر.
&وكان في نفس الوقت يقوم بزيارة دول أجنبية مثل الشيلي، وفنزويلا والمكسيك على ما أذكر لمتابعة قضايا النفط والاضطلاع على آخر المستجدات فيما يتعلق بمؤسسة أوبك ودورها الهام التي ساهم هو بالتحديد في إنشاءها.
&
وهل كانت جهوده وأعماله تلقى القبول لدى الدول والشركات؟!
&نعم، كانت جهوده وأعماله وأفكاره وآرائه محل تقدير وإعجاب المسؤولين لدى الدول والشركات. وكان الشيخ عبد الله يتنقل من بلد إلى آخر حيث تدعو الحاجة منطلقاً من بيروت أو من حيث كان مكتبه فيما بعد. وبعد أن مُنع من دخول بيروت قرر أن يفتح له مكتباً في القاهرة ليقوم بنفس المهام والأعمال التي كان يقوم بها مكتبه في بيروت وقد كلفني بهذه المهمة وزودني بتوجيهاته ونصائحه وعرفني إلى أصدقاء له هناك منهم اللواء عبد الفتاح رحمة لمساعدتي في بعض الأمور لتسهيل مهمتي. وقد أسسنا المكتب والحمد لله وبدأنا العمل.
&
يُقال أنكم واجهتم صعوبة في إصدار المجلة من القاهرة، كيف تغلبتم على تلك العوائق واستمر صدور المجلة ؟!
&بعد أن واجهنا صعوبة في طباعة مجلة نفط العرب للعرب في القاهرة قررنا أن نصدرها من بيروت وقد أوكل إليّ هذا الأمر فكنت أقضي 15 يوماً في القاهرة و 15 يوماً في بيروت حيث كنت أشرف على طباعتها ومراجعتها وأقوم فيما بعد بإرسالها بواسطة البريد إلى جميع المشتركين في جميع البلدان العربية والأجنبية وحتى لمن لم يشترك بها إذ كانت هذه المجلة بالنسبة له رسالة وليست عملية تجارية. وبعد القاهرة انتقل الشيخ عبد الله إلى الكويت وأسّس مكتباً له هناك. ومن الكويت عاد إلى الرياض في عهد المرحوم جلالة الملك خالد بن عبد العزيز الذي كان قد أصدر عفواً عاماً عن جميع السعوديين المبعدين وكانت فرحته بالعودة إلى وطنه بعد طول غياب ومعاناة لا توصف وقد أسس لنفسه مكتباً في الرياض واستمر في عمله ونشاطه.
&
متى صدر العدد الأول من مجلة "البترول والغاز العربي" وكم صدر منها حتى توقفت؟
صدر العدد الأول من مجلة البترول والغاز العربي في أكتوبر(تشرين الأول) عام1965م واستمرت في الصدور حتى سبتمبر أيلول 1969م ثم غيّر الشيخ عبدالله الطريقي اسم المجلة إلى مجلة "نفط العرب للعرب" واستمرت في الصدور حتى سبتمبر أيلول 1978م.
&
تنقل الشيخ الطريقي في عدد من العواصم العربية، برأيكم أي العواصم كانت أقرب إلى قلبه؟
&بعد الرياض وحنينه الدائم إليها، القاهرة بلا شك. لأنه حلّ بها عام 1933 طالباً للعلم حيث أكمل دراسته الثانوية والجامعية وأمضى أيام صباه هناك وله صداقات عزيزة وعديدة في القاهرة.
&
مَن هم أبرز أصدقاء الطريقي وأقربهم إلى قلبه؟
&هذا سؤال يصعب الجواب عليه، إذ أن الشيخ عبد الله الطريقي كان عادلاً في محبته وصداقاته فلا يميز واحداً عن الآخر وأعرف منهم الدكتور نايل بركات عميد كلية العلوم في جامعة عين شمس، والمهندس عمر وهبي خبير زراعي باليونيسكو، والمهندس محمود عمر، الذي دعاه الشيخ إلى الرياض لإقامة مبنى وزارة البترول، وهؤلاء هم رفاق الطفولة والصبا، كذلك الدكتور خير الدين حسيب وهو وزير عراقي سابق، والأستاذ أديب الجادر وهو أيضاً وزير عراقي سابق، والمناضل جاسم القطامي النائب السابق في دولة الكويت، وكانوا ولا يزالوا جميعهم له أوفياء.
&
يقال أن الطريقي طلب منه مغادرة لبنان! ما ملابسات هذا الطلب وإلى أين غادر؟
&لم يطلب من الشيخ عبد الله الطريقي مغادرة لبنان فلم يكن "باستطاعتهم" إبعاده من لبنان وهو موجود في لبنان وله الكثيرون من المحبين والمريدين والمؤيدين، ليكن هذا الأمر واضحاً!!
&
إذا كيف غادر لبنان ؟!!
&لقد استغلوا فرصة غيابه عن بيروت في الخارج، حيث ذهب وشقيقتي إلى أمريكا أولاً لحضور حفلة في احدى جامعات بوسطن، لإلقاء كلمة ومن ثم إلى الجزائر لتقديم دراسة كلف بها. فقاموا بممارسة ضغوطاً كبيرة خارجية صادرة عن دولة عربية على مسؤولين "كبار" في لبنان لإصدار قرار منعه من الدخول إلى لبنان، وكان هذا في أواخر شهر أكتوبر 1970 على ما أذكر، لأنهم كانوا محرجين أمام شعوبهم فقد فضح الطريقي تصرفاتهم بمقدرات الدولة ومواردها الطبيعية، كما كانت الشركات البترولية العالمية تخاف على مصالحها في الدول العربية من أفكاره وآرائه التحررية في هذا المجال بعد أن عمّم "الشيخ الشاب الثائر" الوعي بين الشعوب العربية فبدأت هذه الشعوب تتساءل وتنتقد وترفع صوتها عالياً مطالبةً بعودة الحقوق إلى أصحابها الأصليين.
&
كيف كانت ردة فعل الوزير كمال جنبلاط ؟!!
&حينما أُخبرت بهذا القرار الخاطئ والمجحف بحق أشرف الرجال وأفضلهم معرفة وإيماناً. ذهبت باكراً صباح اليوم التالي إلى المختارة وأخبرت الشهيد كمال جنبلاط بما حصل. ففوجئ بالأمر وقال هذا خطأ كبير يرتكبه المسؤولون، وهذا عيب بحق لبنان، هذا جهل وهذا غباء، وردد هذه مراراً ثم أضاف هل يعقل أن يمنع إنسان مؤمن ومكافح ومثقف مثل عبد الله الطريقي من الدخول إلى لبنان، هل يعقل أن يُخنق صوت المعرفة الحقة وصوت ضمير الشعوب. أين هي الحرية التي ناضلنا من أجلها وحققناها إلى حدٍٍٍ ما في لبنان؟ هل بدأ عصر التقهقر والعودة إلى الماضي، إلى عصور الجهل والجاهلية، ونهض وطلب مني أن أتصل بمكتب رئيس الجمهورية في حينه "سليمان فرنجية" وإعلام المسؤول بالقصر بأن كمال جنبلاط يود التحدث إليه بشأن هام ففعلت، وتكلم كمال جنبلاط لمدة عشرين دقيقة ونيف مبيناً للرئيس خطورة هذا القرار على لبنان وعلى الحرية في لبنان، مدافعاً عن الشيخ عبد الله الطريقي مشيداً بمناقبه وعلمه وأخلاقه وإيمانه وبكل مبادئه وأعماله وذلك بكل موضوعية ودقة وصدق. كنت أسمع هذا من جانب واحد وأتخيل "الرد بين السطور" وردود فعل كمال جنبلاط. كنت أستمع والدموع في عيني، ولكن لم يكن بإمكان "الرئيس" أن يغضب ذوي الشأن في تلك الدولة العربية، وضع كمال جنبلاط الهاتف بعصبية والتفت إليّ قائلاً بإنفعال: إنهم لا يدركون أبعاد عملهم، على كل سأعمل على إلغاء هذا القرار. فشكرته على تفهمه وموقفه الشهم، وقد ملأ الحزن قلبي ولكنني لم أيأس وعدت إلى بيروت من المختارة وهاتفت الشيخ عبد الله إلى الجزائر وأخبرته بما حصل. وقلت له بأنني أنوي عقد مؤتمر صحفي لتوضيح ما جرى. فرفض قائلاً: هذا أمر يخصني شخصياً ولا أريدك أن تتورط بهذا الموضوع مطلقاً، ومن ثم صمّم أخي مالك على مقابلة الرئيس فرنجية وكان على صلة طيبة به محاولاً إقناعه بضرورة العودة عن هذا القرار وقد زودته أنا بأعداد من نفط العرب لدحض التهمة السخيفة كسبب لهذا المنع.
&
وهل توصلتم إلى نتيجة في هذا الشأن ؟!!
لم يكن بالإمكان الوصول إلى نتيجة إيجابية.
&
على الرغم من قومية الطريقي العروبية وإعجابه بشخص الرئيس عبد الناصر، برأيكم ما الذي جعله يتخذ من بيروت مقراً له بعد ترك الوزارة دون القاهرة؟
&الذي جعله يتخذ من بيروت مقراً له بعد تركه الوزارة دون القاهرة، على الرغم من قوميته العربية التي لا غبار عليها وإعجابه بشخص الرئيس عبد الناصر، هي نظرته الموضوعية وتطلعاته إلى حاجاته الفكرية والثقافية وإلى المناخ الفكري والحضاري، الذي يريد أن ينطلق منه لنشر رسالته الفكرية والبترولية، التي كانت تتمتع بها بيروت في حينه، ولمعرفته الدقيقة بما توفره بيروت من خدمات ضرورية مختلفة لمكتبه وعمله الاستشاري وإلى مناخ الحرية وسهولة ممارسة الرأي الحر والجو الثقافي والعلمي العام الذي كان سائداً حينئذ في تلك الحقبة من تاريخ لبنان وإلى توفر الكفاءات والخبرات العربية التي كانت موجودة في لبنان أو التي كان يسهل انتقالها من بلادها وعملها في لبنان والتي يمكنه الاستعانة بها عند الضرورة وبكل يسر.
&
في الأخير، مالذي تود قوله ؟!!
أود أن أشكر صاحب فكرة نشر حلقات موضوعية عن مولد الشيخ عبدالله الطريقي ونشأته وصباه ورحلته الطويلة في طلب العلم ومراحل حياته العملية والنضالية والتثقيفية بمناسبة الذكرى الخامسة لرحيله، كما أود أن أعبّر عن امتناني?وتقديري لكل من?ساهم في إبداء رأيه وملاحظاته في هذا المجال ولكل من عمل في إخراج وتدوين سيرته الذاتية الحافلة بالتضحية والعطاء، كذلك أود أن أسجل تقديري لجهود الأستاذ محمد السيف واهتمامه الصادق بتسجيل المعلومات والحقائق التي حصل عليها من مختلف المصادر بدقة وأمانة وصدق ضمن الإمكان.&
&
سيرة الشيخ عبدالله الطريقي
&
آراء في الشيخ
من أوائل العاملين مع الطريقي بإدارة الزيت ثم وزارة البترول، طاشكندي لـ"إيلاف":
الذي يجمعُ بين الطريقي وزكي يماني هو التعالي والغرور!!
&
صحِبَ الطريقي ستين عاماً،
البروفسور عمر وهبي لـ"إيلاف":
كان الطريقي طباخاً ماهراً، وحصل على أعلى رتبة بالكشافة!
&
مدير أعمال الطريقي في المنفى
السيد فريد جنبلاط لـ"إيلاف":
إنهم لا يستطيعون إخراج الطريقي من بيروت، إنما استغلوا سفره فمنعوه من الدخول، فانتفض كمال جنبلاط!!
&
&
saif@elaph.com&
التعليقات
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف