لقاء إيلاف الأسبوعي السينما العراقية كما يراها مخرجان ومصور سينمائي (1) قاسم حول: التكامل بين كفاءات الداخل والخارج سيعطي دفعة قوية لتطور السينما العراقية
قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
&
&
*&لك خبرة سينمائية طويلة داخل الوطن وخارجه، شكلت دون شك قاعدة تؤهلك لتقييم السينما العراقية، نحن بصدد حوارات موسعه حول مستقبلها، كيف تراه أنت؟
- منذ السبعينات وعندما كنت رئيسا لرابطة الكتاب والصحفيين والفنانين العراقيين في المنفى دعوت كل الفنانين والاعلاميين وكل المعنيين في المجالات الأخرى مثل الصحة والتربية والتعليم الى ايجاد صيغ لمؤسساتهم وشكل ثقافتهم وعلومهم القادمة، بحيث عندما يذهبون في أي لحظة تغيير مفاجئة، ان لا يتعرضوا لحالة ارتباك. بل تكون مشروعاتهم ورؤيتهم جاهزة ليقدمها كلا في مجال اختصاصه، وان يعدو صيغة
&
*ولكنها جهة داعمة أيضا؟
- &الكثير من الدول تضع في قوانيها بنودا لدعم الثقافة دعما غير مشروط،. فكل دولة تدرس امكانياتها وتقرر شكل الدعم المناسب. فمثلا واحدة تقول: أوفر لكل مخرج ثلاث فرص، أي أدعم ثلاث من أفلامه، كما فعلت هلينا ماركوري في اليونان وخاتمي في ايران عندما كان وزيرا للثقافة. اذا كان المخرج موهوبا، فخلال هذة الفرص الثلاثة، يستطيع ان يركز أقدامة، ليصبح بعدها شخصا قادرا على انتاج الأفلام. أما اذا فشل في تجربته، فعليه الاعتماد على نفسه من خلال البحث عن دعم أخر ومن جهات أخرى. هذة صيغة عمل دعم وزارة الثقافة، أما شكل الهيكيلية، فتنبع من اشراك ذوي الاختصاص أولا. في العراق اليوم قوى تحالف وقد تتشكل حكومة عراقية وطنية ينبغي عليهم العودة الينا، يسألوننا عن الكيفية التي نراها مناسبة لوضع نظم وزارة الثقافة وليس الاعلام.
&
* كيف، بتفاصيل أكثر؟
-&نضع اشتراطات، ففي مجال الصحافة مثلا لا يجوز لشخص عديم المعارف الأكاديمية وقليل الممارسة المهنية أو في تاريخيه الشخصي تسلكات خيانة وطنية أوسارق لأموال الشعب ان يتولي مسؤلية هذة المؤسسات. فاذا تولى شخص بمثل هذة المواصفات مسؤلية مؤسسة ثقافية من المحتمل ان يعمم الخيانة لتتحول الصحافه على يده الى " صحافة حج" كالتي يصدرها بعض باعة الدجاج الفاسد في مصر، عندما كانوا يذهبون الى اليونان ويصدروا هناك جرائد من أجل التغطية على جرائمهم، مقدمين ايها كنوع من الزكاة الثقافية، يريدون بها التستر على ذنوبهم بفعل ثقافي ملفق. ولذلك نرى اليوم بعد سقوط النظام ظهور الكثير من المؤسسات الاعلامية والتلفزنوية أكثر العاملين فيها هم من المطلوبين، هؤلاء يمارسون نفس "الحج الثقافي" ، وهذا لا يجوز. هنا ينبغي على المسؤلين العودة لنا لنقترح عليهم شكل النظام الثقافي والاعلامي الذي نريده لعراقنا.
من أنتم؟ تقصد مثقفي الخارج؟
&ما يحدث الأن هي الفوضى بعينها. عندنا اليوم ثلاثة ألاف شخص موجود في الخارج، أغلبيتهم مبدعين في مجال السينما وبقية الفنون والأداب. الذين ذهبوا الى العراق لا يتجاوز عددهم عدد أصابع اليد الواحدة، أما الأغلبية فيراقبون المشهد. لقد طلب مني الذهاب الى بغداد وكان جوابي على هذا
الطلب التالي: إذا لبيت هذة الدعوة فسأرتبط بجهة من الجهات. صحيح ان البنتاغون و السي آي أي، يسمون هذة الدعوات والدورات بأسماء مؤسسات مدنية تشرف على اقامة دورات قصيرة للراغبين بالعمل معهم، بعدها يوظفونهم مقابل رواتب عالية تبلغ ألاف من الدولارات شهريا، لذلك كان جوابي على دعوتهم بلا. وعدت الى السينمائيين وقلت لهم، اذا أردنا الذهاب فيجب ان نعود سوية، نتخذ الموقف المشترك ونتحمل مسؤليته، هذا هو موقفي وتصوري.
&
* هل تعتقد ان هذا العمل الذي قاموا به الآخرون ممكن دون وجود استعدادت وتهيئة مسبقه؟
- الذي أعرفه ان الامريكان كانوا يخططون من زمن بعيد، نجحوا خلالها تكوين صلات مع بعض العراقيين وقاموا بتنظيم دورات لهم لمدة تتراوح بين ثلاث وسته أشهر، كتبوا معهم بعدها عقودا قابلة للتجديد بأموال كبيرة. هذا بحد ذاته خلق لدينا شكوكا مشروعة، فالشخص المهتم بالاعلام، لا يمكن ان يظهر فجأة بل لا بد من توفره على معارف وثقافة ذاتية طويلة تؤهله للعمل. أما الدورات القصيرة فلا تصنع اعلاميا ومن هنا تبرز الشكوك بدلالاتها وبمشبوهيتها السياسية.
أنت تقول ان من ذهب وبعد تلقيه دورات قصيرة هو شخص مشكوك فيه، وأنتم الباقون في الخارج لا تتحركون وتكتفون بأبداء المخاوف فقط، ألا تخشى ان القضية ستبقى بهذة الحدود في حالة عدم مبادرة المثقفين في الخارج بعمل منظم وفعال يوفر نوعا جديدا من التوازن؟
&قبل مدة وفي مقابلة تلفزيونية قلت فيها أني "هربت" من العراق، واليوم أقول لك نفس الكلام، بالرغم من كل الأسباب القاهرة التي دفعتني الى ذلك، فقد كنت محكوما بالاعدام وكان الهروب هو فرصتي الوحيدة للنجاة بنفسي من هذا الحكم.. أقول هربت بمعنى من المعاني . والذين بقوا في الداخل، سواء من الذين رمزوا في كتاباتهم وأفلامهم أوصمتوا، أو الذين تنازلوا بصيغة او بأخرى تحت وطئة ضغط سياسي أو قمعي واقتصادي، فهم بمعنى من المعاني صمدوا. وأنا بمعنى من المعاني هربت. هناك عدد كبير من المثقفين العراقيين هم أصحاب الشأن الأول، هم الذين عاشوا وعرفوا المشكلة وتطورها وعرفوا البنية والاشكالات التقنية والاجتماعية والسياسية وتحملوا المر، هؤلاء لهم الأولية في القرار. اذا قبل هؤلاء أعتذاري فسوف أذهب وأقدم كل ما أملك من امكانيات متواضعة. العراق وطني وأريده. لكن السؤال لو ذهبت الأن الى العراق فسأدق باب من؟ باب بريمر لأقول له، أنا اسمي قاسم حول وأشرح له خبرتي الطويلة في السينما. المؤكد أنه سيرسلني الى الشخص الذي يعرفه وتدرب عنده. الأن كل شيء مهدم، وهذة هي المشكلة، الآلية غير قابلة للحركة وغير مساعدة، ورغم ذلك لو جاءت قوى التحالف وحاورتني فأنا مستعد للحوار، مستعد لوضع تصوري الواضح جدا في وطني. اذا رفضوني فلن أذهب وأحمل بندقية في وجوههم. الامريكان في صراع مع العراقيين ولا نعرف الى أين سينتهي. أما الاعلام وصالات العروض السينمائية فهي متأرجحة بين تجاذب القوى السياسية. فرجل الدين يريد منع السينما ومنع لصق صورة فتاة على علبة الحلويات! والامريكان يقولون: نحن لا تهمنا السينما الأن! وأتسائل هل حقا انهم غير قادرين على تنشيط السينما وهم أول من حرك الصورة عام 1889، وأنشاوا هوليوود والعمل السينمائي العظيم. وباعلامهم أسقطوا المنظومة الاشتراكية دون إطلاق رصاصة واحدة. هل حقا هم غير قادرين على ان تنظيم العملية الاعلامية، أم هو فعل مقصود لاشاعة الفوضى. لو كانت هناك عملية اعلامية منظمة وهيكيلية جاهزة واكبت العملية العسكرية لقل عدد الضحايا والخراب كذلك.
&
* قلت انك وبعض الفنانيين الأخرين قررتم الذهاب سوية في حالة اتخاذكم قرار العودة، أسال هل هذة المجموعة لها هيكيلية تنظيمية، وبرنامج واضح، أم انها مبادرات شخصية؟
- انها ليست توجهات شخصية، لقد وضعت تصور للاعلام ورسمت هيكلية له وأدرجت لائحة بالاحتياجات التقنية وسبل تنظيم الأرشفة الى ما لذلك من تفاصيل. وأصدرت بيانا تضمن موقفا من العملية الاعلامية وزعته على أصدقائي. ودعوت الى عقد اجتماع، بعد اطلاعهم علية، لتحديد تصور واضح لمستقبل السينما العراقية. ربما بهذة الطريقة نتمكن من توصيل موقفنا الى الامريكيين. كذلك نريد اسماع صوتنا الى القوى السياسية العراقية، والتي هي الأخرى صارت جزءا من الخلل. فخلال كل مؤتمراتهم لم يقرؤا في افتتاحها قصيدة واحدة ولم يعرضوا فيلما، ولم يكن بينهم مثقفا واحد. لقد مثلوا الطوائف والاتجاهات السياسية وغيبوا الثقافة.
&
*إذن ما العمل، ما هي الخطوات التي ينبغي للسينمائيين العراقيين القيام بها في هذة المرحلة؟
- هذا السؤال العملي في تصوري يقود الى الجواب العملي الصحيح. الأن وبغياب التنسيق السينمائي بيننا وبين الحركة الوطنية والامريكان، علينا أن نشتغل سينما. نذهب الى العراق ونصور الأشياء التي لم تصور. نصورنا من وجهة نظرنا. هناك حقائق كثيرة جدا ينبغي علينا تسجيلها، حتى لو على مستوى التسجيل وجمع المواد الخام. علينا مسح الحقائق أولا، وهذا ما ساقوم به. أرسلت شخصا الى العراق وسأقوم لاحقا بتصوير منطقة الأهوار المجففة. ثانيا، وفي خضم الصراع السياسي من الصعب عمل فيلم روائي داخل العراق، لذلك لا بد من استغلال وجودنا في الخارج لتأمين تقنيات عالية متوفرة في اوربا، بهذة الطريقة نكون قد جمعنا بين حرارة الصورة في الداخل وقوة التقنية في الخارج. كما يمكننا عمل نوعا من الأفلام الروائية التي لا يشكل المشهد المحلي/الواقعي العنصر الأساس فيها. يمكننا "دوكرة" الواقع، والاستعاضة عنه بواقع شبيه. فليس ضروريا الذهاب الى شارع الرشيد في بغداد نفسها لتصويره، يمكنني ايجاد حل بصري لهذة المشكلة. ثالثا، على السينمائيين في الخارج اختيار بعض الموضوعات وكتابة سيناريوهات روائية عنها، حتى يكون لنا نحن الفنانين في الخارج صوتا يمكننا اسماعه عبر المهرجانات العالمية وكذلك استغلال تواجدنا في التلفزيونات والفضائيات العربية.
&
* هل هذا الطموح قابل للتحقيق؟
- أعتقد انه ممكن التحقيق في مجال الفيلم الوثائقي. أنا لست ميالا لانتاج أفلاما ذات منحى ميلودرامي، مليئة بالحزن والبكاء، بالرغم من كل المأساة التي عاشها العراق. علينا ملامستها فقط كحقيقة تقودنا الى شيء أخر. أما ان نضعها كهدف نهائي فلا يصح، علينا أنتاج كوميديا مرة، راقية، تسخر من الواقع المر وتجسده. لذلك كتبت سيناريو بهذا الاتجاه أسمه "المغني" عن عيد ميلاد صدام حسين. يوم تأخر المغني عن موعد حضوره فغضب صدام منه وقال "لا أريد أن أرى وجهه". فما كان من حراسه سوى اجبار المغني على الغناء ووجهه الى الحائط.
&
* هل تشكلت في الخارج كادرات سينمائية جيدة يمكن ان ترفد العراق بخبراتها؟
- الغريب، ان أبناء الكثير من العراقيين في الخارج أتجهوا الى تعلم التقنية. وعندنا اليوم عددا كبيرا من المشتغلين في القنوات التلفزيونية في الخارج وخاصة في الفضائيات العربية. هذة كوادر مهمة يحتاج اليها العراق لأن الكثير من الفنانيين العراقيين قد غيبوا عن التقنية الحديثة. التكامل بين كفاءات الداخل والخارج سيعطي دفعة قوية لتطور السينما العراقية مستقبلا.
&
* ولكنها خبرات محصورة بالفيديو، هل سيتسم الانتاج العراقي مسقبلا بهذا الطابع؟
- السينما فن صعب المران، هي مادة ثابته، هي مادة سيلولودية، فيها فيكسر، وحامض. هذة العناصر ليست الكترونية، أي ليست قابلة للتجزئة ولذلك ظلت السينما محافظة. التطور الذي حدث فيها بطيء جدا. ولكن في الآونة الأخيرة ظهرت أجهزة كثيرة ساعدت على تزاوج السينما والفيديو فظهر (السبيرت). اليوم يمكن للمخرج وضع فيلمه في السبيرت واجراء أي تغيير يريده ثم اعادته كفيلم عادي. عكس التلفزيون فهو الكترون، مغناطيس يمكن تفكيكه، فيسهل عملية تحريك الكادر وتغيره. يمكن نقل الليل الى نهار وبالعكس. أما في السينما فهذة الامكانية محدودة وتأخذ وقتا طويلا لأي عملية تغيير الكتروني. ورغم ذلك فان التصوير الديجيتال يوفر امكانية عمل فيلم محول من هذا الشكل الى الشكل السينمي، لذلك لا أجد مشكلة في ذلك، بل يمكننا، وفق الوضع الحالي الشحيح، المزاوجة بين هذين النوعين من التقنية.
&
* سمعت انك بصدد أكمال فيلمك "الأهوار" الذي أنجزته قبل تجفيفها، ما هي طبيعة هذا المشروع؟
- تعرف ان صدام قد جفف هذة المنطقة المائية الساحرة الجمال، إيغالا في حقده وكرهه لسكانها. هذة المنطقة صورتها وخرجت بفيلم أسميته "الأهوار". بعد سنوات قام صدام حسين بتسميم الأهوار ومن ثم جففها من مياهها، بعد أن سفر أهاليها الى الحدود الايرانية. هذة المنطقة الساحرة الجمال والشاسعة جدا جفت وبدأت تأثر سلبا على البيئة. الوحيد الذي صورها سينمائيا هو أنا. الأن بدأت الأمم المتحدة بتشكيل لجان خاصة لإعادتها، وكجزء من هذا النشاط العلمي والحضاري طلبتا (الأمم المتحدة) و(ناشيونال جوغرافيك) مشاهدة فيلمي. بعدها طلبت الأخيرة مني كتابة سيناريو جديد عن الأهوار يعتمد على المواد الخام المصورة والعودة الى تاريخ الأهوار، من خلال إعادة تمثيل الواقع. كما طلبت الامم المتحدة مني الذهاب الى هناك وتصويرها جافة، وسيتم التنسيق بين الجهتين لأنجاز هذا العمل قريبا.
(2) قيس الزبيدي: لأول مرة في تاريخ بلد عربي تتوفر فرصة إنشاء سينما منفتحة كونيا
(3) قتيبة الجنابي: علينا خلق ثورة سينمائية تعتمد على وفرة الانتاج وتأهيل الشباب
&
ثقافة إيلاف
&janabi@elaph.com
&
التعليقات
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف