أجرى الحوار قيس قاسم
&
&
* توزعت اهتماماتك بين التصوير الفوتوغرافي والسينمائي وأشتغلت خلال السنوات الأخيرة في مؤسسات غربية الى جانب تصويرك لعدد من الافلام السينمائية، من كل هذا التراكم العملي هل بمقدورك تقديم تصور عام عن مستقبل السينما العراقية؟
- هذا سؤال صعب، ولا يمكنني الاجابه عليه بسبب صدمتي بالمتغير الجديد الذي شهده العراق. نحن نعيش الأن تحت صدمة الأشياء المتغيرة. التغير الذي جرى في العراق ما كنا نتمنى ان يتم بالشكل الذي تم فيه. ولكني هنا أوكد ان العراق ليس أول بلد في العالم عانى من الديكتاتورية. ولذلك من المهم، في تقديري الشخصي، الإستعانة بتجارب الشعوب الأخرى ودراستها فهذا سيساعدنا كثيرا. وبسبب من دراستي في هنغاريا فأنا ميال للاستفادة من تجربتها في هذا المجال. كل الفنون بحاجة الى |
دعم وأسناد مادي. والسينما العراقية نفسها بحاجة الى دعم الدولة العراقية، وذلك عبر انشاء صناديق دعم قومي للسينما، كما هو الحال في المغرب وتونس. من خبرتي ومن خلال وجودي في المنفى قرابة ربع قرن توصلت الى نتيجة مفادها: نحن العراقيين شعب بدون ذاكرة بصرية. نفتقر الى الذاكرة البصرية، فالصورة عندنا ممنوعة. أتذكر عندما عملت متطوعا في صحيفة "طريق الشعب" وذهبت في احدى المرات لتصوير معرض بغداد الدولي، فوجئت باستجواب رجال الأمن لي، بعدها منعوني من التصوير بحجة أني أصور عوائل في المعرض وهذا غير مسموح. نحن باختصار نفتقد الى الصورة المتحركة والثابتة، ولذلك علينا العودة ثانية لخلق الصورة ومفهومها. نؤسس جمعيات ونوادي مهتمة براعية هذا الفن، فخلال السنوات العشرين الأخيرة لم تظهر سينما عراقية حقيقة، عدا أفلام قليلة بائسة، وهنا لابد من العودة الى الكلاسيكيات. وتجربة ايطاليا بعد الحرب العالمية الثانية (الواقعية الجديدة) مثال جيد يمكن للمرء العودة اليها ودراستها. أي العمل على خلق ثورة سينمائية تعتمد على وفرة انتاجية وتأهيل كوادر شبابية متسحلة بعدة العمل السينمائي. فبسعر دبابة واحدة يمكنك شراء مئة كاميرا.
* شخصيا، هل لديك رغبة في عمل شيء عن العراق؟
- لدي رغبات، وليس رغبة واحدة. ولكن الصفعة الأخيرة التي تلقينها ضيعت علينا الوطن نفسه. فاليوم علي تقديم أوراقي الى الجندي الامريكي. هذا الوضع أفتر حماسي وجعلني أبتعد قليلا عن المشهد العراقي الحالي. لا أخفيك، يعجبني الذهاب الى وطني وعمل أشياء كثيرة فيه، كنت أحلم في تحققها، فأنا صديق الكاميرا. عندي رغبة جامحة للذهاب الى العراق وأخذ صور فوتوغرافية لمساحات وموضوعات وفيره فيه، كما فعلت في كردستان عندما ذهبت اليها قبل سنوات. ولكن أعيد عليك نفس الكلام، ان الأمر في هذة اللحظة ليس بيدي بل بيد الجندي الامريكي.
- لدي رغبات، وليس رغبة واحدة. ولكن الصفعة الأخيرة التي تلقينها ضيعت علينا الوطن نفسه. فاليوم علي تقديم أوراقي الى الجندي الامريكي. هذا الوضع أفتر حماسي وجعلني أبتعد قليلا عن المشهد العراقي الحالي. لا أخفيك، يعجبني الذهاب الى وطني وعمل أشياء كثيرة فيه، كنت أحلم في تحققها، فأنا صديق الكاميرا. عندي رغبة جامحة للذهاب الى العراق وأخذ صور فوتوغرافية لمساحات وموضوعات وفيره فيه، كما فعلت في كردستان عندما ذهبت اليها قبل سنوات. ولكن أعيد عليك نفس الكلام، ان الأمر في هذة اللحظة ليس بيدي بل بيد الجندي الامريكي.
&
* تعمل منذ سنوات في لندن، تراكمت لديك خلالها خبرة ومعرفة بالاتجاهات السينمائية الحديثة، أي نوع من السينما يناسب الوضع العراقي بكل تعقيداته الحالية؟
- كل الأشكال، دون تفضيل نوع على أخر. المهم هو الشغل، الانتاج. للأسف التقي بسينمائيين لا يتحدثون سوى عن مشاريع سينمائية تكلف ملايين الدولارات، هذا التوجه لا يخدم سينمتنا المستقبلية. المهم بالنسبة الي العمل وبأقل الامكانيات، فأجمل الأفلام التي شاهدتها وأحببتها صورت بكاميرات بسيطة (في اتش ايس)، المهم مرة أخرى العمل والعمل وفق الامكانيات ودون تباطؤ.
- كل الأشكال، دون تفضيل نوع على أخر. المهم هو الشغل، الانتاج. للأسف التقي بسينمائيين لا يتحدثون سوى عن مشاريع سينمائية تكلف ملايين الدولارات، هذا التوجه لا يخدم سينمتنا المستقبلية. المهم بالنسبة الي العمل وبأقل الامكانيات، فأجمل الأفلام التي شاهدتها وأحببتها صورت بكاميرات بسيطة (في اتش ايس)، المهم مرة أخرى العمل والعمل وفق الامكانيات ودون تباطؤ.
&
* هل هناك حقا امكانية ، بشرية وفنية لتحيق أفلام تتمتع بنفس بساطة الفيلم الايطالي وقوته؟
- نعم، لدينا كفاءات. وخير مثال فرقة (الناجين) المسرحية التي ظهرت من بين أنقاض الواقع العراقي. في كردستان هناك حركة سينمائية جيدة. تجربة فيلم "جيان" الذي توليت |
تصويره تدعم فكرتي، فقد ذهبنا بمبلغ بسيط وأنجزنا شيئا معقولا وفق امكانيات المنطقة. العراق، وهذا ليس تبجحا، بلد يمتلك كل المقومات البشرية والفنية القادرة على الابداع.
&
* ولكن ثمة انقطاع بينك وبين السينما العراقية وهناك شبه توقف في هذة السينما نفسها؟
- رغم ابتعادي الجغرافي عن العراق لم أشعر بأي انقطاع بيني وبينه. كل أعمالي كانت عن العراق، فالعراق كان حاضرا دوما. لكن لابد من الاعتراف ان كل الأعمال والنشاطات السينمائية كانت مغطاة بغطاء فردي، وبعيدة جدا عما يمكن تسميته اتجاه أو كتلة عمل سينمائي.
- رغم ابتعادي الجغرافي عن العراق لم أشعر بأي انقطاع بيني وبينه. كل أعمالي كانت عن العراق، فالعراق كان حاضرا دوما. لكن لابد من الاعتراف ان كل الأعمال والنشاطات السينمائية كانت مغطاة بغطاء فردي، وبعيدة جدا عما يمكن تسميته اتجاه أو كتلة عمل سينمائي.
&
* وماذا عن مرحلة اليوم؟
- نحن نعيش اليوم مرحلة انتقالية وسيظهر بيننا قادة أنتقاليين، وأفكار انتقالية وأفلام انتقالية. أعتقد ان أهم الأفلام ستكون التسجيلية، لأنها ستسجل وتوثق ما دار في هذا البلد. ان العمل التوثيقي سيشكل وينشط الذاكرة الصورية لشعبنا أولا وسيساعد على اختمار الأفكار السينمائية الممكنة التحقيق ثانيا.
- نحن نعيش اليوم مرحلة انتقالية وسيظهر بيننا قادة أنتقاليين، وأفكار انتقالية وأفلام انتقالية. أعتقد ان أهم الأفلام ستكون التسجيلية، لأنها ستسجل وتوثق ما دار في هذا البلد. ان العمل التوثيقي سيشكل وينشط الذاكرة الصورية لشعبنا أولا وسيساعد على اختمار الأفكار السينمائية الممكنة التحقيق ثانيا.
&
* ماذا تقصد بالثانية.. وأنت تدعو الى العمل دون تباطؤ؟
-& في ذهني مشروع عمل فيلم يعتمد على قصة للكاتب العراقي محمد خضير أسمها "قطارات ليلية"، المشكلة أنني غير قادر على تنفيذ هذا العمل وتصويره سوى في بغداد وفي محطتها وقطاراتها، بسحرها، هذا ما أقصده بفترة اختمار الفكرة السينمائية.
-& في ذهني مشروع عمل فيلم يعتمد على قصة للكاتب العراقي محمد خضير أسمها "قطارات ليلية"، المشكلة أنني غير قادر على تنفيذ هذا العمل وتصويره سوى في بغداد وفي محطتها وقطاراتها، بسحرها، هذا ما أقصده بفترة اختمار الفكرة السينمائية.
&
* ماذا عن تجربتك الشخصية في المنفى، ألا ترغب في تسجيلها؟
- كما ذكرت، الهم العراقي كان معي في كل مكان. لقد صورت كثيرا وتجمعت لدي كمية من الصور، أعتبرها بمثابة أرشيف فني خاص. من الأشياء التي أفكر بانجازها هي البحث عن قبر أبي المفقود منذ أربعين عاما. فوالدي أعدم في عام 63 والأن أريد حمل كاميرتي والبدأ بالبحث عن مثواه. لقد منعني الخوف طيلة هذة السنوات من تنفيذ هذا العمل، فلأشهر قريبة فقط كنت أخشى الاتصال بأهلي تلفونيا. سأجرب |
العمل بهذة الفكرة وقد لا أوفق في العثور على قبره ولكن ربما قد يخرج شيئا جميلا من هذة الفانتازيا والعجائبية العراقية يكفي لتحقيق فيلم جيد.
&
* هذا مشروع مستقبلي ماذا عن المشاريع الحالية؟
- أعمل فيلما وثائقيا عن الفنان خليل شوقي. صورت أكثر من خمسين ساعة خام، أخذت مني ثلاثة سنوات عمل، ولكني تأخرت بمنتجته لأسباب تعود الى قلقي الدائم في المنفى. اليوم أشعر ان أبواب الحرية أنفتحت لذلك كرست كل جهدي لإتمامه و استطيع القول أنه في مرحلته النهائية.
- أعمل فيلما وثائقيا عن الفنان خليل شوقي. صورت أكثر من خمسين ساعة خام، أخذت مني ثلاثة سنوات عمل، ولكني تأخرت بمنتجته لأسباب تعود الى قلقي الدائم في المنفى. اليوم أشعر ان أبواب الحرية أنفتحت لذلك كرست كل جهدي لإتمامه و استطيع القول أنه في مرحلته النهائية.
&
التعليقات