لقاء إيلاف الأسبوعي د. سيد القمني (1/3): أنا ابن هزيمة 1967 التي كانت نقطة تحول في حياتي
قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
&
ذهبت للقاء د. سيد القمني وأنا أتذكر رحلة المفكرين الليبراليين التنويريين، ابتداء من الشيخ علي عبد الرازق وكتابه"الإسلام وأصول الحكم" في سنة 1925، إلى طه حسين وكتابه "في الشعر الجاهلي" سنة 1926،مروراً بمحاكمة د. فرج فوده والحكم عليه بالإعدام، مروراً بقضية د. نصر حامد أبو زيد، ووصولاً إلى طعن كاتبنا العالمي الكبير نجيب محفوظ من أجل روايته "أولاد حارتنا"، انتهاء بدكتور سيد القمني وكتابه"رب الزمان"، تذكرت كيف أن دعاة العقلانية الاعتزالية يضطهدون، فلقد استنكر علماء الأزهر شجاعة وجرأة د. نصر حامد أبو زيد في البحث العلمي فشنوا عليه حملتهم الشعواء والتي انتهت بالحكم الظالم بالردة والتفريق بينه وبين زوجته ايتهال يونس، وتذكرت شجاعة موقف د. سيد القمني وهو يقف أمامهم في المحكمة ويسفه آرائهم ويخرج بالبراءة& لكتابه "رب الزمان"منتصراً للعقل ولحرية التفكير. وتذكرت رد د. محمد عمارة& على كتاب د. سيد القمني في لقاء مع إذاعة لندن قال فيه:" إن مشروعه الفكري خارج الاجتهاد لأنه يطعن في صحيح الثوابت والعقائد التي تجمع الأمة مما يستفز مشاعر المسلمين وأن هذا الاستفزاز يحدث في مناخ عالمي يتخذ من الإسلام عدواً". وتذكرت أيضاً كيف غضب دعاة غلق العقول ودعاة الفكر الرجعي لبراءة د. سيد لأنه تطاول في كتابه علي شيخين من شيوخهم هما الشيخ محمد الغزالي رمز الهزيمة النكراء في محاكمة د. فرج فوده، وتذكرت أنه أفتي بأن أي مسلم يمكنه تنفيذ حدود الله بيديه، أي أنها دعوة لأي مسلم مهووس ليقتل وهو مرتاح البال والضمير، وتذكرت الشيخ الدكتور عبد الصبور شاهين، المسؤول الأول عن الحكم الظالم علي د. نصر حامد أبو زيد والذي قال عنه د. سيد:" أنه مستشار بيوت هبش الأموال" لأنه كان يعمل مستشاراً للبنوك الإسلامية التي نهبت أموال الغلابى والمساكين باسم الإسلام. وتعجبت من هالة القداسة التي يحيط بها شيوخ الأزهر أنفسهم، فهم فوق النقد وأي تجريح لهم هو تجريح للإسلام، ونحن لا نعرف أن العصمة ليست إلا لله وللرسول، ثم تذكرت أيضاً رد الكاتب الإسلامي فهمي هويدي على الكتاب في الأهرام حيث قال:" إن هذا الكلام لا يقال على الملأ لأن إشراك العامة في مثل هذه الأمور يثير الفتن" لأنه يريد أن يوصل للناس ما يريد هو إيصاله بما يخدم مصالحه، أما غير ذلك فيجب مناقشته في غرف مغلقه، فتعجبت لهذه الانتهازية الشديدة في التعامل مع نصوص الدين. وخرجت من لقاء داعية الانفتاح والاجتهاد بعد أن ترك في نفسي أثرا كبيراً لمرضه الذي يعاني منه، أسأل الله أن يمد في عمره وأن يعطيه الصحة والعافية ليتم مشروعه الفكري الذي هو بصدد إعداده.&&&
&
* متى وأين ولد سيد القمني؟
ولدت فى 13 / 3 / 1947 بمدينة الواسطى من أعمال محافظة بنى سويف أول محافظات صعيد مصر.
&
*&كيف كانت طفولة سيد القمني؟
- نشأت في بيت كبير متيسر الحال وإلى الثراء أقرب، تضم الأسرة عدداً كبيراً من الأفراد وكثيراً من الخدم والضيوف بشكل يومي، مما جعلني رغم هذه الكثرة أشعر بالوحدة، لأنني لم أكن محل اهتمام مع مشاغل الجميع بهذا البيت المفتوح للجميع. الأب أزهري اشتغل بالتجارة وحقق نجاحاً وضعه في الصف الأمامي بالبلدة، وحقق تعويضه عن الأزهر بجلسات كبيرة في بيته للاستماع إلى القرآن وطرح التفاسير والاختلاف حولها فكان البيت نادياً دينياً خاصة في شهر رمضان حيث يستمر السهر حتى الفجر.
لذلك اصطبغت النشأة بالإسلام في بيت شديد التدين لكنه أيضاً شديد التسامح لاعتناق الأب آراء الشيخ محمد عبده وفكره مع التزامه القوى بالإسلام وإثبات أزهريته بارتداء الزي المشيخي التقليدي. لكن الطفولة عموماً لم تكن سعيدة لملازمتي للمرض مبكراً، ولوعى أصابني بما يمكن تسميته "الاكتئاب الوطني". في صباي بدأت الأمور تتحول إلى النقيض ومع تخرجي من الجامعة كان علي أن أحمل أعباء هذه الأسرة الكبيرة. تخرجت من قسم الفلسفة بعين شمس و سافرت إلي الخارج لأتمكن من استكمال دراساتي العليا وتعليم أشقائي وشقيقاتي وعدت إلى الوطن في 1985 بقرار التفرغ التام والكامل للعمل الفكري.
&
* ما هي العوامل التي أثرت في فكر سيد القمني؟
- أنا ابن الهزيمة مثل كثيرين لازالت وطأتها عليهم عظيمة من 1967وحتى الآن، وكانت الفاصلة في فكري وحياتي ودافعاً للبحث عن أسباب الهزيمة، وهنا انصرفت عن قراءة الإبداع كالروايات العالمية أو المسرح أو القصص أو الشعر إلى قراءة البحوث العلمية والفكرية خاصة ما تعلق منها بالأديان، وانكببت بالذات على مكتبة الدين الإسلامي الهائلة من علوم أصول إلى الفقه إلى الفلسفات إلى علم الكلام إلى علوم القرآن عند مختلف الفرق. لكنني لم أضع بحسباني أن أكون كاتباً مشاركاً إلا متأخراً في عام 1985. وقد تبنيت الطرح القومي مع موقفي النقدي من الإسلام والخطاب الإسلامي حتى حدث احتلال الكويت وما تلاه، لأهتم قليلاً بالقراءة السياسية حيث اهتزت قناعتي القومية أو بالتحديد العروبية المصبوغة بنماذج كالناصرية، لأتحول إلى الليبرالية مبدأ وعقيدة كنموذج أمثل لخلاص الوطن.
&
* ما هي الكتب التي أثرت في فكرك؟
- أثر في فكري كتابان أساسيان قرأتهما وأنا طالب بليسانس الفلسفة جامعة عين شمس، الأول هو "اسبينوزا" للدكتور الجليل فؤاد زكريا، والثانى هو "نحو آفاق أوسع" للمرحومة العظيمة أبكار السقاف التي هي بحاجة إلى رد الاعتبار والتقدير لهذا العمل تحديداً. ثم كتاب ثالث قرأته متأخراً كان سبباً في اهتمامي بالأساطير هو كتاب الباحث المحترم الأستاذ فراس السواح "مغامرة العقل الأولى"، إضافة إلى مجموعة كتب البحث العلمي التي درستها في التمهيد للماجستير وكان لها فضل الضبط العلمي الدقيق فيما كتب من أعمال.
&
*ما هي آخر مؤلفاتك؟
- كتاب (ابن لادن.. شكرا !!) وهو في المطبعة الآن.
&
*ما هي الأفكار الأساسية في مشروعك الفكري؟
- أنا أكثر تواضعاً من الزعم بامتلاك مشروع فكرى متكامل المواصفات مترابط الخطوات، وإذا وجدت عبارة مشروع فكرى على أغلفة كتبي الخلفية فإنها تكون ضمن كلمة الناشر الذي يكتب ما يراه دون تدخل من جانبي. لكن يمكن إيجاز الخطوط التي تسير فيها محاور أعمالي وشاغلي بشأنها وأهدافها التي أرجوها منها.
&
* ما الذي يشغل فكر سيد القمني؟
- إن شاغلي الأساسي هو تخلف وطني وهزيمته الحضارية الفادحة، ومن ثم فإن أي بحث أقوم به يكمن وراءه الكشف عن مجهول أو شبه مجهول، أو قصد نقدي لفكرة أو مفهوم أو رؤية خاطئة تساهم في تخلفنا أو تحجب عنا رؤية ما نحن فيه مقارنة بالأمم الراقية. وقد ارتسمت دراساتي بهذا الصدد عدة خطوط. من بينها إعادة قراءة السيرة النبوية بمنهج سوسيوتاريخي يربط النص المقدس بواقع الدعوة وهو يتغير ويتطور ليقيم دولته السياسية، وذلك كما في كتابي "الإسلاميات".
&
* ما هي الخطوط التي ينبني عليها فكرك؟
- هناك خط قصد إلى دراسة جذور الأساطير، ومنابعها، والظروف التاريخية التي صيغت فيها أو من أجلها، ومقاصدها وكيف وصلت إلى الديانات الكبرى الشرق أوسطية وضمنها الإسلام لتصبح مقدسات، وذلك كما في كتاب "الأسطورة والتراث"، وكتاب "قصة الخلق". ثم خط يعمد مباشرة إلى نقد الحاضر العربي على مختلف مستوياته للكشف عن الأخطاء في الفهم أو في النظرية أو في التطبيق أو في القوانين أو في السياسات، وأصول هذه الأخطاء في خطنا النظري دينياً. وكيفية التخلص من تلك الأخطاء دون إساءة للدين ولا خسارة للدنيا، وذلك كما في كتاب "طالفاشيون والوطن" وكتاب "ابن لادن شكرا " ثم خط يهتم بهذا جميعه لكنه مساحة متعتي الخاصة، بالبحث عن حل لمشكلات غير محلولة& في التاريخ، أو الكشف عن غموض مستغلق، بمنهج أشرك فيه القارئ معي في البحث وراء خيوط الغامض وحل المشكل، وأحمله معي بعض المشقة لتكوين كواد جديدة عبر هذه& المتعة العلمية التي هي تدريب على البحث العلمي واعتياد على منهجه، ويمثل هذا الخط كتاب "النبي موسى وآخر أيام تل العمارنة" هذا كله إضافة إلى خط الاهتمام بقضية فلسطين واليهود كما في كتاب "الإسرائيليات".
&
الحلقة الثانية
الحلقة الثالثة
&
التعليقات
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف