لقاء إيلاف الأسبوعي الشاعر والدبلوماسي ارشد توفيق
قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
&
يتحدث الشاعر والدبلوماسي العراقي ارشد توفيق عن رحلته الادبية والسياسية والحزبية والدبلوماسية التي بدأت في خمسينات القرن الماضي عاش خلالها تجارب غنية عبر سنوات شكلت ملامح الادب العراقي الحديث ومعها السلطة والحزب والدولة والتي اوصلت اوضاع العراق الى ماهي عليه الان.
يشير الى ان واقع الادب العراقي مشوش الان ويضيف ان انتماءه لحزب البعث جاء صدفة تاثرا باصدقاء المراهقة ويؤكد انه خلال فترة مسؤولياته الاعلامية والدبلوماسية الخارجية سلم عطايا سلطة بغداد لصحفيين وادباء وزعماء احزاب ورؤساء وزارات عبر مظاريف كانت ملاى بالدولارات لمجرد انها تريد ان تسترضي او تبحث عن تأييد.
وعن عيوب الاعلام السابق يرى انها نابعة من عيوب النظام نفسه ويقول انه لايوجد اعلام عراقي بالمعنى الدقيق للكلمة حاليا ويضيف ان الاعلام العراقي غير الماجور لم يولد بعد وهو في مخاضه العسير.. ويصف تجربته في الوسط الكردي اواخر الستينات بانها غنية وتحدث عن علاقته بالزعيم الكردي الراحل الملا مصطفى البارزاني.
ويصف الرئيس الكوبي كاسترو بانه رجل متواضع وذكي ويؤكد ان رئيس المخابرات الاسبق رافع دحام مجول الناصري الذي كانت تربطه به صداقة لم يمت بشكل طبيعي كما اعلن النظام السابق وانما قتل.. واشار الى ان استقالته من وظيفته سفيرا في اسبانيا عام 1991 جاءت وليدة تراكمات بدات عام 1970 لان الحزب لم يعد حزبا والدولة لم تعد دولة.. بعد ان تم اختزال الكل في العائلة الحاكمة وكلابها.
يضيف ارشد توفيق ان الكثير من عيوب النظام السابق موجودة الان.. وان اعلام المعارضة ادى دورا كبيرا في توعية العراقيين وكشف جرائم نظام صدام حسين.. وانه عندما زار بغداد مؤخرا تألم لانه رأى دبابات الاحتلال وكان يتمنى ان تكون هناك حكومة عراقية ترحب بالمناضلين العائدين لكن لا احد يرحب باحد وكأن العراق لم يعد وطنا بل غنيمة.
عن اقامته في مدينة ليدز البريطانية حاليا يقول انها لم تكن اختيارا وانما صدفة ويشير الى ان جميع افراد العائلة يعملون لكي يستطيعوا ان يعيشوا ويؤكد "لست بحاجة الى شيء حاليا على الاقل". وفيما يلي الحلقة الأولى من لقائنا مع ارشد توفيق:
&
* كيف ومتى كانت البدايات مع الشعر والادب وطبيعة البيئة الثقافية التي كونت تجربتك الادبية فيها؟
في اقصى الذاكرة يلوح لي المنزل الاول متواضعا في كل شيء وغنيا بشيء واحد: كتب تملآ الرفوف ومخطوطات تقبع في صندوق اخضر قديم.. الكتب لاخوي اللذين يكبراني والمخطوطات لجدي.
ومى ان تعلمت القراءة غادرت الكتب المدرسية الى كتب الرفوف وكنت احدث المعلمين عنها.. كتب تبدأ بالف ليلة وليلة وسيف بن ذي يزن ومطبوعات " كتابي " المصرية والهلال الى كتب البؤساء والام وكوخ العم توم والروايات العالمية المترجمة انذاك ودواوين الشعر العربي قديمه وحديثه.
لم يكن هناك مسرح او تلفزيون وكان الكتاب النافذة الوحيدة التي نطل منها على عوالم غريبة.
في المرحلة المتوسطة قرأت انشودة المطر للسياب وكانت معبرا الى الشعر الحديث العربي والمترجم.. وكنا نعتقد ان على الكاتب ان يقرأ النقد والفلسفة وكان سارتر وكولن ولسون علامات بارزة فيما ورد الينا من ترجمات في الستينات..
الغربة والضياع والقلق الوجودي كانت سمات النتاج الادبي انذاك واظنه استمر طويلا ولا يزال..
&
ايهما كان دافعا للاخر لديك، العمل السياسي ام النتاج الادبي، وهل تاثر احدهما بالاخر؟
لم تكن هناك اي علاقة بين العمل السياسي والنتاج الادبي وحتى نكسة الخامس من حزيران عام 1967 التي اصبحت الموضوع الاول انذاك.. فكانت هما شخصيا اكثر منها هما او التزاما سياسيا.. لقد كانت الكلمة لدي وما تزال اقدس من اي عمل سياسي.. كانت شيئا يسكن الاعالي وليس الارض.
كنت اكن احتراما خاصا لنتاج كتاب انشقوا عن احزابهم او اتهموا بذلك لان وعيهم بالحرية كان اكبر من الدائرة الضيقة للحزب.. مثل بوسترناك وارنست فيشر وغارودي في كتاباته الاولى.
&
رغم اصدارك مجموعتين شعريتين مبكرتين تبدوعلاقتك بالشعر مرتبكة ومتردده على صعيد النشر والانتاج.
&كتبت قصائد بعد مجموعتي الشعرية الثانية الا انني لم انشرها في ديوان وقد ساهم العمل الوظيفي في ابتعادي عنها.. كما انني لااريد ان اكون عضوا في جوقة كبيرة.. الصمت احيانا ليس سكونا بل امتناع عن الكلام.
&
ظهرت تجربتك الشعرية وسط موجة عارمة من ادب الستينات، وقد كتبت الشعر الحديث مبكرا في سياق موجة شعراء تلك المرحلة، من منهم كان اقرب الى تجربتك وماهو انطباعك عن تلك الفترة ومالذي حققته مرحلة الستينات في تاريخ الشعر العراقي؟
لازلت اعتقد ان مرحلة الستينات كانت من اغنى المراحل الشعرية واشير بشكل خاص الى مجلة الاداب البيروتية التي بدأت نشر قصائدي فيها والتيار الادبي الذي كانت تمثله تلك المجلة.. ونظرا لظروف النشر في الوطن العربي ومشاكل التوزيع فان نشر قصيدة في مجلة الاداب كان اهم من اصدار ديوان شعر لايوزع الا بشكل محدود.
&
ماهو فهمك الحالي للشعر بوجه عام والكتابة الادبية بعد رحلتك السياسية والثقافية هذه؟
تغير فهمي للشعر بعد تلك الرحلة كما تسميها: احيانا ارى ان القصيدة العربية تجربة لغوية دون روح وذاكرة.. واجدها حيانا اخرى متكلفة او اشبه بالقاء كلمة في جمع.
لقد رايت مدنا وبحارا وتوقا في قصائد كثيرة.. ورايت ذلك في الحياة ايضا.. ايهما اجمل ؟ اذا كان لي ان اجيب فان البحار والمدن التي رايتها كانت اجمل واعمق بكثير.. بل اكتشفت ايضا اننا نكتب الشعر بلغة لا نعيشها.. نكتب بالفصحى ونمارس حياتنا بالعامية.. الم يكن الاجدر بنا ان نكتب بالعامية طالما اننا نستخدمها ونحسها اكثر ؟
كان هذا الكلام خطيرا في مرحلة ما او شعوبيا.. لكن الاخرين يكتبون بلغتهم التي يعيشونها ونحن نكتب بالعربية الفصحى.. هذا راي فيه الكثير من التفاصيل ويمكن تفنيده بسهولة ايضا.. علما انه تعرض كثيرا الى نقد لاذع.. والفكرة نفسها كنت ضدها تماما قبل اطلاعي على تجارب اخرى.
&
عملت في الاعلام والثقافة العراقية مسؤولا وكاتبا خلال فترة السبعينات، وقد شهدت تلك الفترة ظهور مجلات وصحف ثقافية وسياسية عديدة، كيف تنظر الى واقع الثقافة العراقية انذاك ومالذي اعتراها بعد ذلك؟ لاسيما وانك اشرفت مباشرة على تاسيس مجلة الطليعة الادبية الشهيرة التي تعنى بادب الشباب واشرفت على مجلة الاديب المعاصر وغيرها، هل ترى ان تلك التجربة نجحت وكيف؟
في السبعينات كانت هناك اهتمامات ثقافية صرفة.. وكان هناك فصل تام بين ماهو ثقافي وما هو اعلامي.. مجلة الاقلام على سبيل المثال كان لها انتشارها العربي واحترامها لانها كانت معنية بالادب.. قصيدة وقصة ونقدا ومواضيع اخرى.. اما مجلة المورد فكانت تعني بالتراث.. وهكذا.
اما الطليعة الادبية فقد كنت مؤسسها وكانت تعنى بادب الشباب وتضيف مساحة مهمة في نشر هذا الادب ولم تكن تابعة لوزارة الاعلام الا مؤخرا.. واعتقد ان تلك التجربة كانت رائدة ومن المفيد دراستها وتطويرها لانها حاجة دائمة.
مجلة اتحاد الادباء العراقيين الادب المعاصر لم اكن مشرفا عليها بل كنت سكرتير التحرير فيها.. وهي مجلة لها وزنها واختصاصها الادبي المحض.
ومن اجل التوضيح: لم تكن تلك المجلات تحوي على قصائد مديح او مواضيع اعلامية بل كانت مجلات مختصة حتى نهاية السبعينات على الاقل.
&
هل كان لحياتك في اسبانيا ودول امريكا اللاتينية تاثير على تجربتك الثقافية؟
عندما اتحدث عن تجربتي الثقافية في اسبانيا وامريكا اللاتينية اتذكر اول ما اتذكر انني عدت لقراءة لوركا باللغة الاسبانية بعد ان كنت قد قراته مترجما.. انني قرات " مائة عام من العزلة " باللغة الاسبانية ولم اقراها باللغة العربية.. اعتقد ان اللغة الاسبانية منحتني سماء اخرى ومكنتني من الدخول في عالم مختلف دون دليل سياحي وبعيدا عن خيانة المترجمين.
الامر الاهم من ذلك ان عملي في اسبانيا وامريكا اللاتينية هو جزء مهم من العمر المحدود.. انني لم اعمل هناك فقط بل عشت سنوات وان عناقيد التجربة اخذت حصتها من الزمن.
&
في روايتك الاخيرة (نصف السماء) كنت تتحدث عن كل تفاصيل حياتك وحياة من عشت معهم بوصفها حربا طويلة؟ هل يمكن القول ان العام في حياتك همش الخاص من تفاصيل وعلاقات ومواقف بحيث لم تعد سوى جزء من حرب استمرت ثلاثين عاما كما تشير في الرواية؟
انا اختلف معك في قراءة "نصف السماء" فانا اراها شخصية جدا وان العام فيها يمر عبر ذاكرة انسان فرد.. انها لسيت وثائقية كما انها ليست سردا تاريخيا.. انني كتبت وانا تحت مطر سماء الذاكرة ليس الا..
&نعم هناك وقائع فيها لم انسجها من الخيال.. وقائع بسيطة احيانا.. لو قلت للانكليزي اننا ننام صيفا على سطوح منازلنا لتعجب من ذلك واستغرب من مهارتنا في ذلك وعدم انزلاقنا !
اما الحرب التي استمرت ثلاثين عاما فهي تبدأ في الاول من ايلول عام 1961 بدء الحركة الكردية وحسبت انها انتهت عام 1991.
&
هل يمكن اعتبار "نصف السماء" من ادب المنفى، وهل كان يمكن استعادة الذكريات التي وردت فيها بصورة مختلفة لو لم يحدث لديك التحول السياسي الذي حدث؟
انا لا استطيع تصنيف روايتي على انها ادب منفى.. كل ما استطيع قوله انني كتبتها بحرية تامة كوني خارج العراق.. واتمنى ان يكتب الادباء العراقيون داخل بلادهم هكذا لزوال السبب.
اما عن التحول السياسي كما ذكرت فانا الكاتب لم اتحول.. كل ما حصل انني استطعت ان اكتب دون رقيب.. لو كنت في العراق مثلا لما استطعت كتابة ذلك وهو لايتعلق بي فقط.
&
أي علاقة يمكن ان تنشأ بين ادب المنفى وادب الداخل، بعد رحيل الديكتاتورية؟
.... ادب المنفى.. مادمت تصر على هذه التسمية سيدخل العراق وقد بدأ ذلك فعلا وسيقرأ العراقيون ما كتبه ادباؤهم بحرية خارج العراق.. وسيكتب الادباء ممن لم يغادر العراق بشكل مختلف بعيدا عن مقص الرقابة وسيف الجلاد.
&
كيف تنظر الى واقع الادب في العراق الان وهل يمكن ان يحدث تحول جدي في نمط الانتاج الادبي والثقافي العراقي؟
.... الواقع مشوش حاليا والرؤية غائمة وهذا ينسحب على الادب في العراق بطبيعة الحال.. غير ان الغيوم تنتج في المستقبل حقولها الشاسعة طالما ان الابداع يملك رؤيته وطريقه.
الحلقة الثانية
الحلقة الثالثة
&
التعليقات
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف