في عامها الحادي عشر وبحضور فني مكثف
"الدوخلة".. قصة حاضرة الشرقية السعودية وأدبياتها
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
أصبح مهرجان "الدوخلة" على ساحل القطيف شرق السعودية مقصداً للسياح والزوار من مختلف مناطق السعودية وخارجها مع مرور 11 عاماً على انطلاقته إذ يستقطب أكثر من ربع مليون زائر سنوياً.
وحظي "الدوخلة 11" بدعم من إمارة المنطقة الشرقية ومن الهيئة العليا للسياحة والآثار وكذلك أمانة الشرقية، وأصبح من المهرجانات الجاذبة على مستوى المملكة التي يزورها ويستفيد منها الكثير، حيث باتت تعكس تاريخ وحضارة وعراقة المنطقة، إضافة للعديد من الأمور التوعوية التي ينظمها المهرجان.
وشهد المهرجان تطوراً ملحوظا في مختلف الجوانب الفنية والجمالية في ابتكار الأفكار ومشاركة الفعاليات والجهات الرسمية والأهلية.
ويسعى القائمون على المهرجان من بين أهدافهم لتعزيز الهوية والانتماء الوطني من خلال البرامج الفنية والترفيهية الهادفة كالمسرح والرسم والنحت على الرمال وغيرها.
وشمل المهرجان هذا العام العديد من الفعاليات الأصيلة والمبتكرة ومنها: القرية التراثية، التراث البحري، الحرف اليدوية، المقهى الشعبي، المعارض الفنية، الأسر المنتجة، مشروعي الصغير، الخيمة الثقافية، المسرح الخليجي والمحلي، معرض القرآن الكريم، معرض السلامة المنزلية، خيمة السلامة المرورية، الخيمة الصحية، قرية الألعاب الترفيهية، المرسم الحر، النحت على الرمال.
وحمل "الدوخلة 11" والذي يقام على مساحة 50 ألف متر مربع في رسالته إرساء مفاهيم تطبيقية للتوعية والتنمية البشرية في المجالات الثقافية، والاجتماعية، والصحية والمهنية من خلال الفعاليات والبرامج المختلفة التي تنظم أثناء المهرجان ويسعى المهرجان للاحتفاء بالعيد بشكل جماعي منظم واستذكار الموروث الشعبي "الدوخلة" على مستوى الخليج العربي.
غرفة العروس ومجلس النوخذة يجذبان الزوار
وجذب كل من غرفة العروس ومجلس النوخذة زوار المهرجان إذ يحكيان صورة من ماضي المنطقة الثري حيث صممت غرفة عروس تقليدية محاكاة لما اشتهرت بها المنطقة قديما والتي تماثل الواقع الحقيقي للظروف التي ترافق العروس في ليلة دخلتها، وتعتمد في جزء كبير منها على المستوى المعيشي للعريس، من خلال وضع السرير ذي الطراز القديم والصندوق المبيت، وسلة الملابس والمرايا بأنواعها الهندية والطاووسية والمزخرفة بالآيات القرآنية، والعطور والبشتختة، والقماش الملون لتزيين الغرفة.
وضمت الغرفة اللوازم القديمة للعروس، كالقماش الملون الذي كان يستخدم لتزيين الغرفة، والساعة القديمة، وسلة الملابس التي يوضع بها المهر، والراديو القديم الذي لم يكن يستطيع الحصول عليه إلا الأثرياء آنذاك.
700 قطعة قرآنية و62 مخطوطة أثرية
ولفت هذا العام وجود معرض قرآني ضم أكثر من 700 قطعة قرآنية، منها 62 مخطوطة أثرية يصل عمر بعضها إلى مئات السنين، بالإضافة إلى منسوخات قرآنية من بعض الدول الإسلامية، وتتضمن المصحف التركي الذي انتشر في فترة الدولة العثمانية وسيطرتها على العالم الإسلامي إضافة للمصحف الإيراني الذي يتميز بأوراقه المعطرة الذي يدوم عطره لسنوات وغيرها من المصاحف المختلفة الاشكال والاحجام.
وعرض في المعرض خوذة وسيف ودرع إسلامية محفورة عليها آيات قرآنية يصل عمرها لمائة وخمسين عاماً بالإضافة إلى العديد من الآثار الإسلامية المترافقة مع المعرض، كما احتوى على عدد من الآثار من أشرطة التسجيل التي تحفظ أجزاء من القرآن الكريم إضافة إلى بعض اللوحات الزجاجية ذات الزخرفة الإسلامية.
500 تحفة أثرية تحكي تاريخ المنطقة
وحكى معرض التحف لزوار الدوخلة حكايات الماضي ودخول التكنولوجيا عليه مرورا بمراحل التطور فيه حيث ضم المعرض قرابة 500 قطعة متنوعة قديمة من التحف والانتيكات تحكي حقبا تاريخية مختلفة، ويعود بعض القطع في المتحف إلى العشرينيات والثلاثينيات من القرن الماضي بالإضافة إلى بعض ”لدلال“ القديمة وانواع مختلفة من المذياع والتي يعود بعضها إلى الاربعينيات، فضلا عن العديد من القطع الأخرى.
"الخبابان" مرآة التراث البحري للخليج
وتميز المهرجان بركن التراث البحري &"الخبابان&" في القرية التراثية حيث ضم صورا لأشهر نواخذة وبحارة القطيف الأوائل والذين يمثلون جزءا من السيرة البحرية الخليجية، وتأتي تسمية المكان إشارة الى المنطقة البحرية الشهيرة &"الخبابان&"، التي تشتهر بوفرة صيد الأسماك في الخليج، وعرضت في الموقع صورا لأشهر 50 شخصية متعددة المهن، بالإضافة إلى السيرة الذاتية المختصرة لكل منهم، إضافةً لتسليط الضوء على حياتهم الشخصية، كما يقدم الركن تعريفا للمهن البحرية قديما وفي مقدمها النوخدة وهو قائد السفينة والمسؤول الأول عنها، و”المجدمي“، و”الغواص“ الذي يغوص أعماق البحر من أجل استخراج المحار.
جدارية بطول 14 مترا للـ"يونيسف"
وقدمت في المهرجان جدارية لليونيسف بطول 14 مترا وارتفاع مترين و40 سم للتشكيلي حافظ المؤمن وتحمل صرخات الأطفال التي تستجدي عناق الأمل مجددًا والعيش بحياة كريمة سعيدة بعيدًا عن الحروب واستعرضت في الرسالة المقدمة لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة بتقنية الإيربرش في ساحة المهرجان ضمن أحد أنشطة الخيمة الفنية.
وشارك في مهرجان الدوخلة 11 العديد من الجهات والفعاليات حيث خصصت لكل فعالية خيمة خاصة بها من بينها خيمة مشروعي الصغير التابع لمركز وعي للاستشارات التربوية والتعليمية حيث بلغ عدد المشاركين في البرنامج التدريبي بحسب ما أوضحت لـ"إيلاف" سارة عويشير من إعلام المركز والذي تم تنفيذه بالتعاون مع لجنة التنمية في سنابس خلال الشهر الماضي 83 مشاركا من الجنسين وتتراوح أعمارهم من 10 -18 سنة وتم اختيار ”51“منهم للمشاركة في خيمة المشروع.
امتزاج الفن بالموسيقى في الخيمة الفنية
وشهدت الخيمتان الثقافية والفنية ولاتزال طوال ليالي المهرجان ندوات وأمسيات شعرية وفنية وثقافية ونقدية بمشاركة العديد من الكتاب والشعراء والفنانين من المنطقة والخليج ويمتزج فيها الفن بأنواعه بالموسيقى بالإضافة للمعرض الفني الدائم كما ويتبادل من خلالهما فنانو المنطقة الخبرات والثقافة أصيلها وحديثها مع فناني المنطقة والخليج عموماً.
النحت على الرمال
جسد النحات عبد الهادي الفرحان الأول على مستوى السعودية في النحت على الرمال عدة لوحات فنية في المهرجان ومنها لوحة وطنية من خلال مجسم لـ&"شعار السعودية&" والذي نحته احتفاءً باليوم الوطني واستغرق العمل عليه يومين بالإضافة لنحته للوحات كرتونية وفنية أخرى.
وقدمت الشركة السعودية للكهرباء من خلال خيمة السلامة المنزلية التوعية بوسائل السلامة داخل المنزل والطرق الآمنة لتوصيل الكهرباء من خلال تجهيز منزل نموذجي لمحاكاة الواقع وتقديم التوعية في أقرب صورة ويشاركهم ذلك فريق تطوعي من 22 شخصاً لتقديم زوايا أخرى عن طرق ووسائل السلامة داخل المنزل، كما يشارك مستشفى القطيف المركزي في العديد من الأركان التوعوية والصحية والتثقيفية من خلال الخيمة الصحية.
زوار من مختلف المناطق
التقت عدسة "إيلاف" أثناء تجوالها في المهرجان الناشط الحقوقي وعضو برنامج الأمان الأسري مخلف الشمري حيث جال كما ذكر لنا في عدد الفعاليات والمعارض داخل المهرجان ومنها القرية التراثية وخيمة السلامة المرورية وخيمة مشروعي الصغير وصالة الفنون التشكيلية، وعبّر الشمري عن إعجابه بما رآه في المهرجان من فعاليات وأنشطة مختلفة ومتجددة وما احتوته تلك الفعاليات من أفكار وإبداعات تطوعية شبابية متنوعة.
ووجه الناشط الشمري شكره وتقديره للعاملين والقائمين على المهرجان لما لمسه من جهود حيث قال: للقائمين على المهرجان من الشباب والشابات اقول لهم شكراً لهذه الجهود وكل عام وأنتم بخير والحقوقي الشمري من الداعين للتعايش السلمي بين أبناء الوطن الواحد ومن دعاة نبذ العنف وله الكثير من المشاركات في الصالونات الثقافية.
يذكر أن اسم المهرجان "الدوخلة" مأخوذ من عادة تراثية وترتبط بعيد الأضحى عند الخليجيين ويطلق على إناء من خوص النخل يملأ بقليل من التراب والسماد ويتم زراعة البذور فيه مع بداية مغادرة أقارب الأهالي لأداء فريضة الحج قديماً, وفي المعجم هي "سفيفة من خوص يوضع فيها التمر والرطب" وتسمى في بعض دول الخليج بـ الحيّة بيّة، واستخدمت في الماضي لتسلية الأطفال الذين سافر آباؤهم لأداء فريضة الحج، حيث يقومون بوضع السماد والتراب فيها وزراعة بعض البذور سريعة النمو، ثم يبدأ الأطفال بريّها والاعتناء بها حتى ينبت الزرع ويترعرع وكان الأطفال يتباهون في ما بينهم بجمال الزرع ونضارته.