ثقافات

فريدريش شيلر: القفاز

-
قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
&1.
في حديقةِ الوحوش،جلسَ المَلكُ "فرانسوا"وقد عِيلَ صبرُه؛توقًا لبدءِ المَلهاة الدامية:تاجٌ جليلٌمن نبلاءِ المملكةِأحاقَ بِهِ،وفي الشُّرفةِ السَّامقة،باقاتٌ من السَّيداتِ الحَسناواتنسَّقَتْها بعنايةٍ لا نظير لهايدُ الجَمالِ.
2.
بإيماءةٍ طفيفةٍمن الإصبعِ الملكيَّة،فغرتْ البوابةُ على الفورِشدقَها الرحيب؛فدلفَ إلى الساحةِ عبرهاأسدٌ مَهيبٌ يتبخترُفي خطواتٍ متمهلةٍ،وفي صمتٍيُجيلُ جَمرَ ناظريه،ويتئاءبُ ضَجْرًامُرجرِجًا لِبدَتَه،ثمَّ بعد حينٍ يُقعيباسطًا قوائمه.
3.
مُجَّددًا،بإيماءةٍ طفيفةٍمِن الإصبعِ الملكيَّة،فغرتْ بوابةٌ أخرىشدقَها الرحيب؛فإذ بنَمِرٍ يمرقُ عبرهابوثبةٍ خاطفةٍ مسعورةوحالما يُبصرُ الأسدَيُطلقُ صوبه نَهيمًا هادرًاوذيلُه يتلوَّى كأفعىيسحقها صقيعُ الرهبةِ،يجولُ بمحاذاةِ الأسدِفي حذرٍ وتوجُّسبلسانٍ يتدلَّى،ثُمَّ يزمجرُ مغيظًاويتمدَّدُ مُتذمِّرًابجانبِهِ.
4.
مُجدَّدًا،بإيماءةٍ من الملك،تنفتحُ بوابتان أُخريان؛فيندفعُ عبرهما فهدانفي آنلا شغفَ لهما إلا القتال،يقفزان بجسارةٍ ضاريةعلى النَمِر؛فيقبضُ على كليهمابجُهُومةِ مخالبِهِ الوطيدة،حينها ينهضُ الأسدُوزئيرُه يصمُّ الآذان؛فيُصيبُ الخَرسُجميعَ المتقاتلين:يرقدون في دائرةٍخامدين متأهبينكقططٍ مقيتةٍ،لا يخفقُ في أحشائهاغيرُ شهوةٍ لافحةٍللدمِ المسفوح.
5.
بغتةً،من الشُّرفةِ السَّامقةيسقطُ قفازٌ،من يدٍ فاتنة إلى الساحةِ،ويستقرُّ بين الأسدِ والنَمِر:بالضبطِ،في منتصف المسافة بينهما.
تَلتفِتُ الآنسةُ "كونيجوند"نحوَ الفارس "دولورج"وفي عينيها التماعةٌ ساخرة،وبصوتٍ مشوبٍ بالمُمازحةتخاطبُه قائلةً:"يا سيدي الفارس،إذا كان عشقُكَ ليلاهبًا بين ضلوعِكَكما أقسمتَ مرارًا وتكرارًا،فأرجو أن تجلبَ ليقفازي من هنالك"
في اختلاجةِ جَفنٍ،يقفزُ الفارسُ ويهبطُبخُطًى رسيخةٍ،إلى معقل الوحوشِ الرهيب،ويلتقطُ القفازَ مِن بينهابأناملِهِ الباسلة،التي لا رجفةَ فيها.
6.
الفرسانُ المغاوير،والسيداتُ النبيلات،جميعُهم يتابعونَ مغامرتَهالطائشة بهلعٍ وذُهُول.
ها هو الفارسُ يعودُبالقفازِ ظافرًا هادئًا،ومِن حولِهِ كُلُّ لسانٍيلهجُ بالثناءِ عليه،ويصدحُ مُستهامًابتمجيدِ شجاعته الباهرة.
في هذي الأثناءتستقبله الجميلةُ "كونيجوند"بابتسامةٍ راضيةٍ مرضيةوبعينين داهقتين بوَلهٍ وتحنانتشفَّان عن وعودٍ شتىبمسراتٍ وشيكةٍ سخية،لكنَّ الفارسَيرمي القفازَ في وجهِهاغيرَ مكترثٍ قائلًا:"يا سيدتي،لا أبتغي منكِ شكرًا"وسرعانَ ما يغادرهادونما تواني.&

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف