ثقافات

مات شابا لكنه عاش كبيرا وما يزال

معرض شامل لاعمال جورجوني ومن عاصره

-
قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
&لماذا يموت بعض المبدعين صغارا؟ هذا سؤال يتكرر على الدوام دون ان يجد احد اجابة وافية له. ويكون السؤال اكثر الحاحا عندما يتعلق الامر بمبدع من الطراز الاول مثل جورجيو باربالي دا كاستيلفرانكو، المعروف باسم جورجوني.&ولأن هذا الرسام الباهر مات شابا وهو في الثانية والثلاثين من العمر بعد اصابته بمرض الطاعون ولأن ما ترك من لوحات إما ضاع او اصابه التلف او اختفى لسبب او لآخر اضطرت الاكاديمية الملكية الى عرض ما تبقى من لوحاته والتي يقل عددها عن اصابع اليد في اطار معرض اكثر شمولية منحته عنوان "عصر جورجوني". &&اول رومانسييقول المؤرخون إن جورجوني (1477-1510) كان اول من استخدم الفكر الرومانسي في تاريخ الفن الغربي ليجعل الرائي يتيه في جو من الأشعار والأحزان والتأمل والغموض وغيرها من المشاعر الانسانية العميقة، حتى ان بعض لوحاته تروي قصصا وتشرح افكارا، حسب قول عدد من نقاد الفن.كان جورجوني الفنان الألمع بين رسامي جيله الذين انجبتهم مدينة فينيسيا الفن والجمال وتزامن ظهورهم معه او قبله او بعده بفترة قصيرة خلال العقد الاول من القرن السادس عشر مثل تيتيان الذي كان يصغره بعشرة اعوام.عرف جورجوني بشخصية متميزة كارزمية تمكنت من جذب كل من قابله وعاصره وتحدث اليه. وعرف ايضا بأنه كان عاشقا عظيما وعازف ناي موهوبا قادرا على أن يسحر كل من حوله.&ويقول مؤرخون إن جورجوني كان افضل من اقترن اسمه باسم جمهورية سيرينيسيما في فينيسيا وأفضل من ساهم في بناء سمعتها باعتبارها مدينة ابداع وفكر وثقافة لتكون من اشهر المدن في العالم كما اشتهرت بعدها باريس في بداية القرن الماضي ونيويورك في ستيناته.&ولكن الغريب هو أن كل هذه الشهرة والسمعة والعطاء قامت على عدد قليل جدا من اعماله اضافة الى عدد اقل من الوثائق المتعلقة به وهو ما يتركنا امام شخصية اشبه ما تكون بالاسطورية والغامضة تقريبا رغم كل ما تركت من اثر في تاريخ الفن والابداع.&يضم المعرض 7 لوحات أكد خبراء انها من انتاجه اضافة الى 9 اخريات يعتقد انها له وهو ما يعني ان هذا المعرض يعرض كل اعماله. ولكن، ولأن هذه الاعمال قليلة ضم لها القائمون على المعرض لوحات معاصريه مع هدف آخر هو إعطاء صورة أوضح عن تأثيره في فن زمانه. &
لوحة رجل شابنرى في القاعة الاولى خمس لوحات بورتريه تبدو الوانها غامقة وداكنة بعض الشئ. ويعتقد الزائر بأن لوحته التي تحمل عنوان "بورتريه رجل شاب" تشبه لوحة رسمها استاذه جيوفاني بيليني ويمكن رؤيتها معلقة على الجدار المقابل.&ولكن التدقيق في اللوحتين يجعلنا ندرك ما الفرق بين الاثنتين لأن عيني شاب بيليني تبدوان ساهيتين تقريبا فيما نلمس في عيني شاب جورجوني حياة متجلية عبر مشاعر حزن وضياع عميقة ومؤلمة لا يمكن تجاهلها على الاطلاق.&وفي القاعة التالية نشاهد مجموعة من لوحات البورتريه ايضا لشباب آخرين يبدون وكأنهم يصارعون للخروج من اماكنهم في اتجاه الناظر، &احدهم له شعر أحمر بلون الدم ينظر اليك بتحد واضح والآخر يبدو حزينا فيما ترتسم ابتسامة ساخرة تقريبا على وجه خادم يقف خلفه. وهناك شاب آخر يحمل ملامح مصرية ينظر في اتجاه الارض ويبدو وكأنه في حالة تأمل وتفكير عميقين.والى جانب هذه اللوحات نرى بورتريهات اخرى تمثل شبابا كل منهم يعرض حالة من الحالات رسمها عدة فنانين منهم تيتيان وسيباستيانو ديل بيومبو وما نلاحظ فيها انها تعبر عن شئ من الانثوية الى جانب الشكل الذكوري فيها إذ يبدو كل الشباب مثل مخنثين وهو ما يكشف عن صراع كان يدور في ذلك الزمان بين المياسة والصرامة.&لا احد يعرف من رسم بعض هذه اللوحات وقد لا يعرف ذلك احد على الاطلاق لكنها كلها تعود الى العقد الاول من القرن السادس عشر وتحمل كلها لمسة جورجوني وضربة ريشته ولكن المعرض لم يركز على مسألة عدم معرفة من اصحاب هذه اللوحات قدر تركيزه على تأثير جورجوني على فناني عصره وكأنه هو نفسه من كان يمسك بيدهم وهم يرسمون لوحاتهم.&الغروباحدى لوحات جورجوني المهمة هي لوحة الغروب والتي قدمها المعرض باعتبارها واسطة العقد في اعماله بالوانها البنية في الجزء الاسفل منها مع لون كرستالي ازرق يظهر في الافق مصحوبا بلمسة بسيطة تشير الى شمس غائبة علما ان فترة الغروب كانت المفضلة لدى جورجوني لكونها، وحسب ما نقل عنه، تمثل مرحلة تحول عظيمة. ونشاهد في اسفل اللوحة ايضا شابين غير واضحي الملامح تماما ربما يمثل احدهما السامري الصالح فيما يقول خبراء الا اهمية لهذه التفاصيل لان ما يأخذه الرائي من جورجوني هو الانطباع العام والفكرة الرئيسية في اللوحة. &
لوحات دينيةوفي اوسع قاعة في المعرض نشاهد لوحات دينية ونذهل لرؤية السيدة العذراء مثل جوهرة تجلس وسط قديسين ومحبين بريشة بيليني ثم نشاهد عملا رائعا آخر لفنان ظهر خلال السنوات الاخيرة من عمر جورجوني وهو تيتيان الذي كان صديقه لفترة ثم كان تحت حمايته لفترة اخرى قبل ان يتحول الى اشد منافس له. &&احدى لوحات تيتيان التي تعود الى بداية ظهوره كفنان هي لوحة الزانية في الانجيل والتي تشبه الى حد بعيد ما رسمه جورجوني وهو ما يؤشر للاثر الذي تركه الاخير على فناني عصره. واضافة الى ذلك يمكن مشاهدة لوحات اخرى لفنانين ثانويين مثل جيوفاني كارياني الذي يقدمه المعرض على انه "أنا" جورجوني بعد التحوير.&وفي آخر قاعات المعرض نشاهد احدى اهم اللوحات التي تركها لنا جورجوني وهي لوحة المرأة العجوز.&وأخيرا تجدر الاشارة الى ان جورجوني كان من نتاج مدينة عظيمة هي فينيسيا لانها قدمت للعالم، عدا جورجوني وبيليني وتينيان، عبقريات فنية رائعة مثل ديل بيومبو ولورينزو لوتو وبالما فيتشيو واخرين اضافة الى فنانين اقل اهمية وتاثيرا مثل كارياني وجيرولامو رومانينو، غير ان زائر المعرض لا يخرج إلا بانطباع واحد وهو ان جورجوني كان سيدهم كلهم على الاطلاق وبلا منازع& &

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف