أنفال عبدالباسط الكندري، ورقة غياب
قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
&فتح عيناه أخذ ينظر من خلال المرآة إلى أعمق ما يمكن أن يصل إليه في نفسه التي تضم أجزائها في زاوية مظلمة من جسده &ليتأكد من أنه مازال قادراً على أن يجمع شتاته بهدوء , ثم وقف ووضع يده في جيبه أخرج المنديل المطرز بزهرة حمراء صغيرة نامت على طرفه أعوام و لم تكبر , أخذ يشم رائحة العطر المطبوع &لكي يحيي ذاكرته .. دخل نور تلك الصور إلى قلبه فطمئن بأن حبيبته لازالت باقية في مكانها ثم أعاده إلى جيبه و خرج مغلقاً الباب خلفه .
وقف خلف ( الميكروفون ) بكامل هدوءه استعداداً لفتح الستارة مذكراً نفسه بأنه نجم لا بل قد أصبح مجرة كاملة بما حققه , فتحت الستارة فوقف الجمهور لملك المسرح وسيده ثم تعالت دقات قلوب معجباته وفاقتها أصوات المعجبين الهاتفين باسمه , بدأ وصلته الأولى فرد جناحيه وحلق عبر حنجرة ذهبية فتطايرت الأنغام من نوتته تعالت الكفوف التي تتمايل عل لحنه , غزى القلوب واسقط أكبر حصونها عبر القصائد المغناة التي اختارها لجمهوره , لكن تاريخه كرجل كان لا يزال صامداً أمامه , كلما أغمض عينيه خرجت من بين رمشيه وهي تمد يدها نحوه وتنادي عليه ليتبعها , لم يتمكن من الصمود أمام صورتها بشعرها الأسود وعينيه المكحلة فترك صوته وكلماته فوق المسرح وراح يتبعها بروحه وهو يسمع العالم صوته المحب وهو يتغنى ب " لو لم تكوني في حياتي " , كان يتبع صورتها وهو يغني وكانت تزرع له مع كل خطوة زهرة و ضحكة , كانت تركض أمامه بين السنابل التي تتمايل على الجانبين حتى تتعبه بلحاقها تحت الشمس , مرت بذاكرته صورتها وصوت خوفها وهي تسقط نفسها في أحد الحقول لم يتمالك نفسه أمام شكلها الطفولي البريء فابتسم , فرد له شعبه المردد خلفه كلماته .. ابتسامته , أبكاهم و أفرحهم واخرجهم من قاعة الحفل وهم يضمون من تلك الليلة مشاعرهم ويطوقونها بالدفء , وخرج هو بعد أن أسدلت الستارة الكبيرة بصمته محملاً بتلك الذكريات المخبأة خلف قفصه الصدري , راح يسير بعيداً عن أضواء الشهرة و ضوضائها تحت أضواء الشوارع الهادئة وهو يرمي ويبعد بدموعه خطوات النجاح وكلمات الثناء والمديح &وتقبيل المعجبين , أوقفه ذلك السكون الذي دخل على هذه المدينة فراح يلف حول نفسه أين أهلها ؟ لقد أبقوا الصمت و العتب والخلاف خارجاً عند عتبة منزلهم , لكي يأنسون بمشاعرهم وتمتد جسور الود وتبقى حية بمرورهم فوقها كي يتمكنوا من ضمن أحبتهم إل صدورهم , و لتتحول تلك الصدور إلى حقول وبساتين ورد , و يبقى هو وحدة مع التعب على مقعد لا يشغله سوى الفراغ تحت عامود إنارة مكسورة , نظر إليها متأملاً عجزها أمام الحياة فلا النور يملئ صدرها ولا هي قد أزيلت !بكى حبه .. وحدته ونجاحه , بكى صوته الذي يجتمع حوله المحبين &و أبعد عنه حبيبته , تلك التي تأخر عليها وعلى موعده معها لسبب &فني .. , في ذلك اليوم الذي وقف به أمامها وبيده تذكرة السفر التي ستأخذه إلى بلد النجاحات الفنية الكبيرة , وقف أمامها إلى جانب مستقبله وأحلامه طامعاً بتوقيع منها &بالموافقة على ورقة غيابه مدعي أن تلك التذكرة التي بين يديه هي تذكرة حب سوف يصل من خلالها لتحقيق جميع أحلامها , لم يكن كبيراً ليدرك أنه كان جميع أحلامها و أهمها &وأغلاها .. و أن تذكرة الحب تلك ستخلق صوتاً يغرد باسم الحب بقلب يملئه الحنين والشوق إليها .. لكنها كانت قادرة على رؤية ذلك فوقعت له " بمحبوبتك سابقاً " واختارت الواقع ومضى نحوه حلمه , ثم عاد ذات ليلة متأخراً جداً .التعليقات
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف