كتاب مغاربة يتحفظون وآخرون يدافعون عن المحكمين
المغرب خارج القائمة القصيرة لجائزة البوكر العربية
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
الرباط: خلت القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية (بوكر)، التي أعلن عنها أول من أمس، من تمثيلية مغربية في سباق الفوز بهذه الجائزة، مقابل حضور ست روايات من مصر والسعودية والكويت وليبيا والعراق ولبنان.
المسكوت عنه
وجاء اختيار الروايات الست، حسب الكاتبة الفلسطينية سحر خليفة، رئيسة لجنة التحكيم، "لما تتميز به من جماليات شكلية من حيث البناء الفني وتطوير الشخصيات وطرح مواضيع حساسة جريئة اجتماعياً تنبش المسكوت عنه وأخرى تتناول أزمات الوضع العربي المعقد كما تحتفي بالجوانب المضيئة من التراث العربي".
وضمّت اللائحة القصيرة روايات "زرايب العبيد" لليبية نجوى بن شتوان، و"مقتل بائع الكتب" للعراقي سعد محمد رحيم، و"أولاد الغيتو - اسمي آدم" للبناني إلياس خوري، و"في غرفة العنكبوت" للمصري محمد عبد النبي، و"موت صغير" للسعودي محمد حسن علوان، و"السبيليات" للكويتي إسماعيل فهد إسماعيل.
وفضلاً عن رئيستها، ضمّت لجنة التحكيم، في عضويتها، الأكاديمية الليبية فاطمة الحاجي والمترجم الفلسطيني صالح علماني والمترجمة اليونانية صوفيا فاسالو والروائية والأكاديمية المصرية سحر الموجي.
تحفظات
ولم يرق خلو القائمة القصيرة من إحدى الروايتين المغربيتين ("المغاربة" لعبد الكريم جويطي و"هوت ماروك" لياسين عدنان) اللتين كانتا ضمن اللائحة الطويلة، التي أعلن عنها في وقت سابق، لعدد من المتتبعين والكتاب المغاربة.
وكتب الباحث والناقد شرف الدين ماجدولين، على صفحته بـ"فيسبوك"، مختصراً حالة عدم الرضا، المعبر عنه من قبل عدد من الكتاب المغاربة: "أخرج لأول مرة عن واجب التحفظ الذي ألزمت به نفسي منذ شروعي في عضوية لجان تحكيم جوائز مختلفة، وهو التعليق على عمل لجان أخرى وانتقاد أدائها، وذلك لثلاثة اعتبارات أساسية تهم عمل لجنة جائزة البوكر للرواية العربية لهذه السنة، أولها يتعلق بإعلان أسماء أعضاء لجنة التحكيم منذ كُشف النقاب عن قائمة الروايات المنتقاة في اللائحة الطويلة، مع ما في هذا الإعلان من تعريض لأعضاء اللجنة لضغوط لا حصر لها تربك مبدأ الحياد، وثانيها إخلال تلك اللجنة بواجب التحفظ حين أشهرت بعض مضامين مداولاتها وانحيازاتها لأطراف متعددة قبل أن تشهر رئيستها بشكل مفاجئ اللائحة القصيرة في صفحتها على الفيسبوك، علما أنها لا تملك أن تعلن نتيجة مداولاتها قبل اعتمادها من قبل مؤسسة البوكر ونشرها في الموقع الرسمي للجائزة، وثالث هذه التحفظات وهو شخصي جداً يتعلق بنص رواية "المغاربة" لعبد الكريم جويطي، التي لم أتمثل إسقاطها إلا بوصفه شططاً ظاهراً، ومحصلة لخلو اللجنة ذاتها من عارفين حقيقيين بفن الرواية".
حظوظ
وتفاعلت الشاعرة إيمان الخطابي، متفقة "جملة وتفصيلاً" مع وجهة نظر ماجدولين، فيما كتب الناقد والروائي ابراهيم الحجري:(" المغاربة" عمل روائي قمة في الصنعة والأداء ... أما الجوائز فهي حظوظ).
أما جويطي، صاحب "المغاربة"، فكتب، بدوره، متفاعلاً مع وجهة نظر ماجدولين: "ممتن لك أيها النبيل، أعتز بشهادتك في حق رواية "المغاربة" ... والجوائز الفعلية ينالها الكاتب من القراء".
حق المحكمين
من جهته، اختار ياسين عدنان، صاحب "هوت ماروك"، موقفاً منتصراً لما اعتبره "حقّ المحكّمين أن تكون لهم اختياراتهم الجمالية، وأن يبلوروا في مداولاتهم مزاجاً عاماً ينحو بخياراتهم في الفرز والانتقاء نحو هذا الاتجاه أو ذاك"، حيث كتب، على صفحته بـ"فيسبوك": "الجائزةُ محرّضٌ حقيقيٌّ على القراءة. إنّها سبّابةٌ نحتاج منها أن تشير إلى الأعمال الجدّيّة في مناخ أدبي يختلط فيه الحابل بالنابل، وتتكالب فيه رداءة أحوال النشر مع رداءة شروط المتابعة والتلقّي، ليلتبس الأمر في المحصّلة على القارئ العام الذي -ومع توالي الخيبات- قد ينتهي به المطاف إلى العزوف عن القراءة. لذا ربّما على الكُتّاب أن يتعاملوا معها بحساسيّة أقلّ، ببعض النسبية، وبروحٍ رياضيّةٍ أيضًاً. فنحن هنا في مقام الأدب، حيث الذائقة الفنيّة والحساسية الأدبيّة ومزاج التلقّي جزءٌ لا يتجزّأ من عملية التقييم. ومن حقّ المحكّمين أن تكون لهم اختياراتهم الجمالية، وأن يبلوروا في مداولاتهم مزاجاً عاماً ينحو بخياراتهم في الفرز والانتقاء نحو هذا الاتجاه أو ذاك. علينا أن نحترم الأمر ونتعامل معه دونما مبالغة أو إفراط".
جدل صحي
وزاد عدنان قائلاً: "على الصعيد الشّخصيّ، لا أعرفُ أيًّا من أعضاء لجنة التحكيم لجائزة البوكر هذه السنة. باستثناء لقاءٍ خاطفٍ جمعني بالروائية والناقدة سحر الموجي ذات ملتقى. لكنّني أنزّههم عن الانحياز مثلًا ضدّ بلدٍ بعينه، كما رأى بعض المتفَسْبِكين من الأصدقاء الذين اعتبروا غياب "هوت ماروك" و"المغاربة" عن اللائحة موقفًا من المغرب. ويكفي أن اللائحة الطويلة لم تضمَّ أيَّ فلسطينيٍّ رغم أن رئيستها فلسطينية".
ورأى عدنان أن "الجدل المرافق للجائزة ربما كان دليل صحة وعافية. إنه يُؤكّد الانخراط الجماعي في عملية التقييم التي تختلف حتمًا حسب اختلاف مرجعيات القرّاء ومستويات القراءة. كما أنه يعطي صدى أكبر للأعمال الروائية موضوع التقييم. سواءٌ حالفَتْها القوائم أَمْ لا. فحتى المعترضون على اختيارات لجنة التحكيم، تجدهم يدافعون عن اختياراتٍ فنيّةٍ أخرى ما كان لهم أن يتبنّوها تلقائيًّا وبشكلٍ حاسمٍ خارج دينامية الجائزة. كما أنّهم وَهُمْ ينتصرون لعنوانٍ ما، لا يُلغون العناوين الأخرى بالضرورة. ففي ساحة الأدب متّسعٌ للجميع. وهذا كله من مصلحة القارئ في النهاية، لأنه الحكم الأول والأخير".
محبة لازمة
وأخيراً، يختم عدنان، "أهنّئ الأدباء الذين تمّ اختيار أعمالهم ضمن القائمة القصيرة، وبعضُهم أصدقاء أعزّاء، سأقرأ رواياتهم بالتأكيد، كما سأقرأ بعض روايات اللائحة الطويلة التي وصلَتْني عنها أصداء طيّبة. وهناك أعمال ظلّت بعيدة عن الجوائز وحساباتها سأقرأها بالمحبة اللازمة وأنبِّهُ لها كما اعتدْتُ أن أفعل. فالأصل هو القراءة والتّحريض عليها. أمّا الذين لا يقرَأون أصلًا لا الأعمال التي "فازت" بجوائز ولا تلك التي "أخفقت"، ويكتفون من الموضوع كلّه بالاصطياد في الماء العكر، مسفّهين أحلام الفائزين تارةً ومتشفّين فيمن لم تحالفهم قوائم اللجان، فهم جزءٌ من انحطاطٍ شاملٍ إذا كان لـ"هوت ماروك" من فضْلٍ، فهو أنها حاولَتْ رَصْده وتحليله".