ثقافات

إيلاف تقرأ لكم في أحدث الإصدارات العالمية

أسرار التعليم خلطة يتقاسم العالم خططها

-
قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
للنبوغ.. أسرار تعليم خاصة

تقول دراسات إن التعليم الأكاديمي ينتظر، فربما مرّ من دون أن يستوعبه الأطفال، وهو يعوق اكتسابهم مهارات اجتماعية وحب التعلم. هذا سر من أسرار كثيرة تكشفها لوسي كريهان في كتابها "كليفير لاندز".

إيلاف: شهدت الفترة الممتدة من عام 2000 إلى عام 2002 مشاركة نحو ثلث مليون صبي وصبية في سن الخامسة عشرة من 43 بلدًا في اختبارات متماثلة بالرياضيات والأدب والعلوم، وكانت نتائج الفاعلية الأولى لبرنامج تقييم الطلاب الدولي سارة في بلدان تفوق أطفالها في الاختبارات، مثل كندا وفنلندا واليابان، لكن لمن تخلفوا عن أقرانهم أدت نتائج البرنامج إلى الشعور بالأزمة.

وتساءلت مجلة دير شبيغل "هل الطلبة الألمان أغبياء؟". يشارك مراهقون من 72 بلدًا أو منطقة في التقييم الحديث الذي يجري كل ثلاث سنوات، وتُعلن نتائج التقييم في 6 ديسمبر من كل عام.

أسباب خاصة

لبرنامج تقييم الطلاب الدولي خصومه، فبعضهم يشكك في منهجيته، وبعضهم الآخر يشكو من اختزال الغاية من المدرسة إلى النجاح في الامتحانات، وفريق ثالث من المنتقدين يضيف أن صانعي السياسة الذين يسعون إلى تقليد البلدان ذات الأداء العالي يغفلون الأسباب الثقافية الفريدة وراء النجاح.

يشكل هذا السجال خلفية ما تسميه لوسي كريهان "سنة الفجوة في النبوغ" في كتابها "كليفير لاندز: أسرار نجاح قوى التعليم الخارقة في العالم" Clever lands: The Secrets Behind the Success of the World’s Education Superpowers (منشورات أنباوند؛ 304 صفحات).

كانت كريهان، التي تعمل مدرسة علوم في لندن، قرأت عن بلدان نال طلابها في برنامج تقييم الطلاب الدولي علامات أعلى من طلاب انكلترا، وأرادت أن ترى مدارس هذه البلدان عن قرب. فمارست مهنة التعليم في كندا وفنلندا واليابان وسنغافورة وشنغهاي.ويروي كتابها الأول قصة رحلتها هذه.

في كل محطة من محطات كريهان تكتشف أسبابًا خاصة لنتائج طلابها. فمدارس فنلندا كانت مستودع اعتزاز وطني في سنوات السيطرة السويدية أو الروسية، وما زال التدريس مهمة محترمة ومرغوبة جدًا. وفي هلسنكي يزيد عدد الطلاب الذين يتقدمون للدراسة في كلية التربية عشر مرات على عدد المقاعد المتوافرة.

خطأ فادح
في عموم شرق آسيا، تجد مؤلفة الكتاب ثقافة تحتفي بالمثابرة والمجهود. ففي الصين، تمدح الشهادات المدرسية مثابرة الطالب، وليس ذكاءه، كما في أميركا. وفي سنغافورة، تنتشر الدروس الإضافية، حتى إن أولياء أمور الطلاب يستعينون بأساتذة يدفعون لهم أجورًا كي يساعدوا أطفالهم بدروس خاصة على النجاح في امتحان القبول في أفضل معاهد التعليم.

وفي اليابان، يمسك بعض الأمهات عن تناول وجباتهن الغذائية المفضلة خلال امتحانات أطفالهن القاسية تعبيرًا عن المشاركة في التضحية.

لكن النظر إلى نجاح المتفوقين على أنه نتيجة الثقافة وحدها "خطأ فادح"، كما تكتب كريهان. فالسياسة التعليمية أيضًا لها تأثيرها والمتلكئون عن ركب المتفوقين يستطيع اللحاق بتغيير طرق التعليم.

الدروس الخصوصية ظاهرة منتشرة في سنغافورة

تلاحظ كريهان أن الأطفال في البلدان ذات الأداء المتفوق لا يبدأون المدرسة قبل سن السادسة أو السابعة في الأقل. وباستثناء سنغافورة، فإن البلدان كلها التي زارتها تنتظر حتى يكون أطفالها في منتصف سنوات المراهقة، قبل أن توجّه البعض نحو مواصلة تعليمهم في مسارات أقل أكاديمية. ويُمنح المعلمون فترة كافية للتدريب والتطبيق يتلقون خلالها آراء وتعليقات من أقرانهم.

مثير للجدل
قام مؤلفون آخرون بجولات على مدارس مختلفة، عملوا فيها فترات قصيرة. وتتابع أماندا ريبلي في كتابها "أذكى أطفال العالم" The Smartest Kids in the World) 2003) برنامج التبادل الطلابي الأميركي في فنلندا وبولندا وكوريا الجنوبية.

يغطي كتابها ما يغطيه كتاب كريهان، لكن عمل هذه الأخيرة يتميّز بربطه العمل التقريري بالبحث الميداني، وهي توضح أن دراسات أظهرت أن العمل الأكاديمي يمكن أن ينتظر، لأنه يمكن أن يمر من دون أن يستوعبه الأطفال، ويعوق في الوقت نفسه اكتسابهم مهارات اجتماعية وحب التعلم.

تبيّن كريهان أن المدارس يمكن أن تؤخّر عملية الاختيار من دون إلحاق ضرر بالأطفال الأكثر ذكاء، لسببين: أولًا، الذكاء ليس شيئًا ثابتًا، والبطيئون في البداية يمكن أن يلحقوا بالآخرين إلى حد ما في الأقل؛ وثانيًا، للتوقعات أهميتها، فبتأخير عملية الاختيار تقول البلدان ذات الأداء المتفوق لجميع الطلاب إنهم يستطيعون أن يبلغوا مستويات عالية.

على رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، التي تريد زيادة عدد المدارس التي تنتقي أذكى الأطفال في سن الحادية عشرة، أن تأخذ علمًا بذلك.

الكثير مما يُكتب عن التعليم مثير للجدل، وليس مشفوعًا بمعلومات صحيحة، لكن كتاب كريهان ليس هذا ولا ذاك، بل هو عمل متوازن رصين، يعترف بحدود البحث، ولا يمجّد النُظم المدرسية، التي تضع أعباء نفسية ثقيلة على عاتق الطلبة. لكن كتابها دفاع قوي عن الفكرة القائلة إن هناك الكثير مما يمكن تعلمه من طرق التعليم في بلدان أخرى.&


&

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف